د. غليون !! أهو اعتذار أم تأكيد لموقف ؟

الدكتور عبد الحكيم بشار

في عنوان أطلق عليه السيد غليون (تصويب واعتذار) بتاريخ 28/10/2011 يقول : (أثار حديث بثته قناة دوتشه فيله الألمانية سجل قبل أكثر من شهر ، رد فعل عنيف من قبل الكثير من أخوتي الأكراد الذين يعرفون موقفي تماماً من حقوق الشعب الكردي وقضيته العادلة ، وإني أعتذر للأخوة الأكراد عما شعروا به من غبن نتيجة هذا الحديث ، وأجدد تأكيدي على موقفي الثابت الذي يعتبر الشعب الكردي جزءاً من الشعب السوري له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات ، وإنه يعيش في سورية على أرضه وأرض أجداده ، ولا يمكن أن ينظر إليه كلاجئ أو مهاجر) .
ثم يستطرد السيد غليون قائلاً : وتعيين هوية البلد لا علاقة له بالاعتراف بالحقوق المتساوية ، وهذا ما يجعل العالم كله ينظر إلى سوريا كبلد عربي عضو في الجامعة العربية) .
بداية أقول للسيد الدكتور برهان غليون: كنت معجباً جداً بمواقفك في المؤتمر الكردي الذي عقد في باريس في 1/12/2005 ولكن يبدو أن المسؤولية تغير الإنسان ، فهناك تغيير جذري في موقفك حيال العديد من القضايا ومنها هوية سوريا والتي بات (أي موقفك) ينسجم تماماً مع مواقف القوى الشمولية (أعني الأخوان المسلمين والبعث والناصريين) وليس كمفكر ليبرالي ، فالسيد البيانوني وأولئك اعتمدوا على أغلبية سكان سوريا كقومية ودين واعتبروا أن سوريا قطر عربي وإسلامي ، أترى وأنت المفكر تنطلق من نفس القاعدة ونفس المعطيات والمقاييس ؟ فإذا كانت الأغلبية هي المقياس وبذلك يجب أن تعتبر سوريا قطراً عربياً إسلامياً لأن أغلبية السكان هم مسلمون وبالتالي فإن باقي القوميات يجب أن تتصرف كمهاجرين فإما القبول أو الانصهار أو الخروج من البلد ، ألم تفكر بسويسرا وهو بلد متعدد القوميات وتشكل القومية الألمانية حوالي 70% وهذا يعني أن سويسرا يجب أن تكون بلداً ألمانياً ، ثم إن اعتبارك سوريا بلداً عربياً ألا يعني ومهما حاولت التفسير والتأويل إضفاء طابع عنصري على البلد وإنكارحقوق جميع المكونات الأخرى .
إن قولك أن الكرد في سوريا يعيشون على أراض أجدادهم وهذا يعني إقرار موضوعي بحقيقة لم يعد بالإمكان إنكارها ، ولكن كيف يمكن القول بأن الكرد يعيشون على أرضهم وهم ليسوا عرباً وبالتالي سوريا تشكلت من العرب والكرد وكل يعيش على أرضه التاريخية وضمن الكيان السوري ، ألا يعني قولك سوريا بلد عربي إنكاراً لحقيقة أن الكرد يعيشون على أرضهم ؟ يجب أن نفرق بين سوريا كدولة عربية وسوريا دولة عضو في الجامعة العربية .
أيها المفكر الكبير أتمنى أن لا تغرنك المناصب ولا الموقف المعادي للنظام بالوقوع في نفس المفاهيم التي ساقها النظام لعقود من الزمن واعتبر سوريا بلداً عربياً وكل من يعيش عليها ليس أمامه سوى الانصهار ؟
نتمنى أن تبقى المفكر الذي نعرفك ونحترمك ونجلك لا السياسي الذي يطرح من الأفكار التي تصب في المحصلة في خانة الشمولية والشوفينية والتمييز ، ولا يهمنا إن كان الشخص بعثياً أو في أي تنظيم أو تيار ، ما يهمنا هو رفضنا للشمولية بكافة تعبيراتها وتجلياتها ، نتمنى أن تبقى المفكر الهادئ الرزين لا السياسي الذي بدأت أوراقه تتساقط منذ اللحظة الأولى .
نتمنى أن يكون منطلقك السياسي هو أفكارك النيرة لا إرضاء لجهات أو تيارات تعتقد أنها قادرة على إحداث التغيير في سوريا وأي تغيير ؟

30/10/2011

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…