هارون محمد وزمرته الفاشية والصيحات المنكرة

عبد الرحمن آلوجي

يزداد النكير في الآونة الأخيرة على الكورد مع بروز تطبيق بنود الدستور العراقي المتعلق بقانون الفيدرالية المستفتى عليه , والذي أقر من خلال غالبية العراقيين عربا و كوردا وثوريين وتركمانا , وسنة وشيعة , وسائر ملونات ومكونات الشعب العراقي , التي لاقت الهوان والعبودية والإبادة الجماعية , جراء أنظمة مركزية دكتاتورية متعاقبة منذ ثمانين عاما , لتجد أثر التربية الصارمة والأحادية الجانب , في أعمق أعماقها , وبخاصة في الجانب الذي خسر الرهان على معركة البقاء في ظل نظام شمولي , لا يكاد يعترف بالرأي الآخر , ولا يكاد يصغي إلى ما يخالف وجهة النظر العنصرية المتسلطة (القومجية) والتي لا تستطيع مع ما حشد لها طوال عقود من وسائل التوجيه والإعلام والثقافة أن ترى للآخرين رأيا , أو تسمع لهم صوتا أو تدرك لهم فكرا

فهم ماضون في غيهم يرفضون ويسحقون ويبيدون كل من يقف في وجه أمجادهم الواهمة , وعروشهم المتهاوية التي بنيت على جماجم الآخرين , وصيغت من هياكل المقابر الجماعية , وأدير نخب سهراتهم بكؤوس مترعة من دماء الأرامل والأيامى والمشردين في الآفاق .
هؤلاء يضيرهم أن يجدوا انفتاحا على الثقافة العالمية , والفكر الجديد , والنمط الحر من التداول والتحاور والتوازن , لبناء حياة ديمقراطية عادلة , تنطلق من الإنسان الحر الذي يحترم إنسانيته , ويهبها للآخرين صيغة حضارية ومدنية جديدة , تنفتح على القانون الدولي , تقرؤه بنهم وعمق وتفهم نصوصه , وترقى إلى تطبيق شرعة حقوق الإنسان , والتوافق مع المواثيق الدولية التي تعزز حرية الفكر , وتضع أسسه , وتنطلق من قواعده لبناء حياة عريضة تتسم أول ما تتسم به , إعلاء لشأن الكرامة الإنسانية وتقديرا لخلافته في الأرض , عمارة وإصلاحا وبناء لكل معالم الحياة , ومجالاتها وميادينها في ظل منهج علمي متكامل , ينطلق من الثروة الإنسانية الهائلة في ميادين المعرفة وقفزاتها وتطوراتها , والتكنولوجيا والتقنية المعلوماتية وميادين العلوم التطبيقية والفضاء والبيئة والسكان , في ظل قانون دولي مقارن , يجعل من الأرضية الجديدة منطلقا لبناء حضارة الإنسان تراثا ومعاصرة , بما يجعل الدفع الجديد نحو الارتقاء والسمو من أبرز هذه السمات وأكثرها إضاءة لمعالم الشخصية الإنسانية الجديدة , التي تعلو فوق العنصريات البغيضة , والنظريات العرقية الهزيلة والمتهافتة , والتي سخرت لها أجندة ووسائل وتقنيات وأبواق دعائية خاوية من كل مضمون , مما يجعل من أمثال هارون محمد ومصطفى بكري وعبدالباري عطوان وسليم مطر ومحمد الخزاعي …..

إلخ ومدرستهم الفاشية التي غذاها محمد طلب هلال ونسج شبكتها أمثال إسماعيل العرفي وزمرته ممن أضروا بكل ما هو عروبي , في رؤية استعلائية من قبيل :
1-  القبول بشرف الانتماء إلى الأمة العربية , كأن هذا القبول منحة أو هبة يمنحها هؤلاء للآخرين , كأنهم يدركون أن معظم الناطقين بالعربية ليسوا عربا منذ بداية هذا النور الذي طرحه القرآن الكريم رحمة للعالمين , وجعل اختلاف الناس في الألوان والأجناس آية من آيات الله , ليجعلوا من هذا البيان المشرق دليلا على عصبيتهم الفجة واستعلائهم البغيض , ورؤية الآخرين أقزاما يمكن أن تصهر وتذاب في بوتقة الأمة العربية كما يدعون , وهم في أعماقهم يشكون حمى الاستعراب , وهستيريا الذهاب إلى العروبية القومجية …
2-  استنكار كل ما يعاكس نظرتهم الاحتوائية , وفكرهم التذويبي , ودعوتهم المنكرة إلى رفض الآخرين , والمتجلي في التشنيع والتنكير على كل ما يتعارض مع هذا الاحتواء ,  سواء تجلى ذلك في إنكار أي حق للأمم والأقوام التي ساهمت في بناء الحضارة الإسلامية ( من كورد وترك وفرس وأفغان وأمازيغ ….) , وما يتبع هذا الحق من تقنين وتسوية تعترف بثقافات الشعوب وحضاراتهم وتجليات ذلك في الوضوح القومي والشخصية الإنسانية لهذه الأمم التي ساهمت بوضوح في تسطير أول رقم في الحضارة الإنسانية كما فعل الكورد في التاريخ وهو ما أكده علماء الآثار والأنتروبولوجيا حيث يؤكد هؤلاء هذا المنطق العلمي بالأدلة وثوابت الرقم والأوابد .
3-  في عظمة الغرور وعنجهية الفكر القومي الاستعلائي ينكر هارون محمد في قناة المستقلة أي وجود للأمة الكوردية , معبرا عن سعار داخلي يتعطش إلى الحقد والكراهية معبرا عن زمرته الخائبة وهي تتطلع إلى المزيد من الإرهاب وسفك الدماء بمركب نفسي يشكو الاستواء والاستقرار , ويروم التعبير عن تراكمات وعقد مركبة هي ثمرة تلك المدرسة الفاشية التي غذيت على مدى قرون بكل ألوان البغضاء والكره الداخلي المقيت والسوداوية المقهورة داخليا , ليدرك مع زمرته مدى الفجوة العميقة بينه وبين الرؤية الإنسانية التي أشاعتها الحضارة الإسلامية التي انطلقت أول ما انطلقت على يد أبي الأنبياء إبراهيم الخليل ومن قبله نوح عليه السلام من بلاد الهوريين , ومن أعماق الجودي وأور ولكش , لتكون هذه الرسالة المتجسدة في خاتم الأنبياء من ذرية إبراهيم , مصدر هداية وإشراق , لا مبعث كراهية وقتل وسفح , ودعوة معلنة لكل قيم الإرهاب , والتي يأبى الكورد أن يكونوا من صناعها أو المشاركين فيها أو الناعقين في أبواقها كما تفعل هذه الزمرة التي تأبى أن ترى النور في عراق جديد , وقيم جديدة تأخذ بيد الإنسان المنهار تحت ضربات الفاشية والدكتاتورية وآثامها المضرجة بالدماء شرقا وغربا وشمالا وجنوبا , ليعم الأمن والسلام والاستقرار والمدنية أنحاء العالم ,  ويرفع الإنسان شأو العلم والمعرفة , ويدحر كل أسباب التناحر والتباغض والعقد الممجوجة والمستندة إلى سعار داخلي قاتل .
4-  الغرق في البؤس الفكري وخواء الرؤية وضحالة المفهوم القومي البدائي والهفافة وركاكة الموقف والذي يتبدى في الضجيج الفارغ وعنتريات طواحين الهواء في صرعة دونكيشوتية خاوية لا تكاد تتماسك مع الأوهام والأضاليل التي بات هذا الدعي يتمسك بها كمن أشفى على الغرق متعلقا بقشة أو نبتة سطحية يحاول إنقاذ ما تبقى من رمق وهو يغرغر غرغرته الأخيرة لندعو هؤلاء إلى المراجعة والصحوة , الكف عن الزعير والزعيق وألوان السباب والشتم لتاريخ الأمم والشعوب ليراجعوا حصيلة موقفهم المتهافت والمتهاوي .

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…