حملتَ حلمك ورحلت.. إلى روح مشعل تمو

صبري رسول

صاعقاً كقوة مجهولة كان النبأُ اللعينُ، كضربةٍ برقٍ لا يستطيع المرءُ تكذيبه نزل الخبر ثقيلاً قاسياً، فحجم الخبر جاء كحجم الشخصية التي تمّت تصفيتها.
كنْتَ متوقّداً على المدى العاري، على الزّمني العاري، المشتعل دوماً بك وبآمالك، كنتَ متوقّداً بكلماتٍ وخطاباتٍ تخرج من القلب، لتطفئ ظمأك الروحي والقومي والوطني، وتروي ظمأ الآخرين القومي والوطني.

قدمتَ نفسَك مشروع العمل القومي والوطني، لتسخّر نفسك وطاقاتك من أجل ذاك المشروع، ومهما كان حجم الاختلاف وارداً يبقى حجم القاسم المشترك أكبر، من أجل هذا بكى الكثيرون بمختلف انتماءاتهم ألماً على شبابك، وعلى رحيلك مبكّراً، على يد الغدر، التي أرادت إسكات صوتك، ووأْدِ مشروعك من أجل مستقبل شعبك الكردي ومن أجل كلّ سوريا.
جميلٌ أن يستشهد الإنسان من أجل مبادئه، والأجمل أن يترك وراءه إرثاً نضالياً، ومحبةًً تتغلغل في عمق الروح لدى الآخر، ويخلّدَ اسمه في ثنايا قلوب النّاس، فإذا اغتالتك يدٌ جبانة لتُسكِتَ صوتك، فهل هي قادرة على إسكات صوت محبتك لدى النّاس؟ فإذا محتْكَ قوّةٌ ظالمة من الوجود، فهل هي قادرة على محوِ بصمتك في نفوسهم؟
كيف يصبُّ الإنسانُ وابل الرّصاص على إنسانٍ يطلب الحرية له وللآخر؟؟؟ وأيّ قلبٍ يمتلك كلّ هذا الحقد والظلام ليقوم بهذا العمل الظلامي القاتم والحالك؟؟

الحياة جميلة يا عزيزي، وحلوة، لكن الأجمل يبقى ما يتركه الإنسان من أجل هذه الحياة، فلم تبخل يوماً من أجل تلك الحياة التي أردْتَها زاهيةً لأجيال قادمة في بلادك، وناضلتَ في سبيلها متوهّجاً متحمّساً ليبقى الوطنُ متّسعاً لكلّ أبنائه، لكلّ هذا حملتَ حلمكَ ورحت.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…