صلاح بدرالدين
مازالت القضية الوطنية السورية بما هي مسألة الخلاص من الاستبداد وانتزاع الحرية والكرامة واجراء التغيير الديموقراطي السلمي واعادة بناء الدولة التعددية على أسس حديثة كمهام رهن فعل وانجاز الانتفاضة الثورية المندلعة منذ أكثر من ستة أشهر تعيش في دائرة الأخطار والتحديات ليس من عمليات ارهاب الدولة التسلطية المنظم من قتل وتدمير واختطاف وتهجير فحسب بل من مخاطروتهديدات الردة المضادة داخل صفوف ” المعارضة ” أيضا وانتفاضة شعب سوريا ليست استثناء من هذه الظاهرة الارتدادية وألغامها الموقوتة القابلة للتفجير أية لحظة والتي نشهد تتابع فصولها في تجارب انتفاضات وثورات تونس ومصر وليبيا
وتشكل جماعات الاسلام السياسي الى جانب بقايا تشكيلات الأنظمة المنهارة أدواتها الرئيسية ووقودها في الآن ذاته ومن هذه الزاوية يمكن قراءة الدعوة العاجلة لقيادة حركة الاخوان السورية لبعض المعارضين السوريين في الخارج للمشاركة في ” الطاولة المستديرة ” اليوم الاثنين في احد فنادق استانبول ولكون الموضوع يمس القضية السورية في هذه الظروف الشديدة الدقة والخطورة التي تمر بها انتفاضة شعبنا الثورية في مختلف مناطق ومدن وبلدات الوطن وفي مرحلة تتطلب المزيد من المكاشفة والوضوح بين أطراف الصف ” المعارض ” بالخارج لتحقيق الحد الأدنى من التفاهم والاتحاد على أسس سليمة لخدمة الانتفاضة وتحقيق هدفها الرئيسي في اسقاط نظام الأسد والاستجابة في الوقت ذاته لشعار الجمعة الفائتة ( وحدة المعارضة ) انطلاقا من كل ذلك نرى مايلي :
أولا – ازاء دعوة قيادة الاخوان السوريين هذه من المفيد العودة قليلا الى أجواء ماقبل أكثر من اسبوعين بقليل عندما ظهرت ردود فعل استباقية محمومة على اعلان أنقرة ( أواخر آب ) في تشكيل ” المجلس الوطني الانتقالي ” الذي جاء من تنسيقيات الداخل تجلت في تحركات غير معهودة في استانبول والدوحة والقاهرة كل محوريشد الحبل الى جهته وبان للمراقب وكأن الجميع اتفقوا ضمنا وصراحة بما فيهم التيار ” المعارض ” القريب من السلطة والمناوىء لدعوة اسقاط النظام وبحسب المقدمات والنتائج على طي صفحة اعلان أنقرة بل دفنه .
ثانيا – في تلك الأجواء الملبدة والتي أريد لها المزيد من الضبابية وخلط الأوراق امعانا في المضي نحو التقليل من شأن المعارضة السورية وعجزها عن توحيد صفوفها وبالتالي التأثير السلبي على الانتفاضة ومعنويات الشباب بادرنا كمجموعة من مجلس أنقرة ومن القاهرة بطرح مبادرة وحدوية لجمع ( أنقرة واستانبول والدوحة ) في تشكيلة متوازنة جديدة واحدة وبرنامج سياسي متوافق عليه وقمنا بالتفاوض مع الأطراف والتيارات والشخصيات بضمنها مجموعة السيد – عبيدة نحاس – الاخوانية وهي الطرف الأساسي في صنع مجلس استانبول وممثلو قيادة الاخوان السوريين – الشرعية – الذين تميز موقفهم الشفوي بالمراوغة وتفاوت أداؤهم بين المناورة والوعود المضللة المجاملة ولسنا وحدنا خرجنا بهذا الانطباع بل سبقنا الى ذلك بعض مشاركي الدوحة وفي تصريحات وكتابات الدكتور برهان غليون بالذات .
ثالثا – نعتقد وحسب قراءتنا لتتالي الأحداث وتقييمنا للمواقف السياسية أن مجموعات – الاسلام السياسي – وأطرافا أخرى قريبة من السلطة السورية اشتركت مباشرة أو بصورة غير مباشرة في الالتفاف على اعلان أنقرة لأسباب عديدة ومن أبرزها أن الاعلان استند الى شرعية الانتفاضة بالداخل وتبنى أهداف الانتفاضة وشعارها الرئيسي ( اسقاط النظام ) وأن مجلس أنقرة لم يضم سوى 5% من جماعات الاسلام السياسي في حين أن محور الدوحة ضم متحاورين من جماعات مرضية عنها في دمشق ومجلس استانبول المعلن تسيطر عليه الأغلبية الاسلامية .
رابعا – ماجرى بعد ذلك أن جماعات الاسلام السياسي بزعامة قيادة الاخوان السوريين اتفقت فيما بينها – هذا اذا كانت مختلفة أصلا – وتم اخراج هذا السيناريو الجديد المسمى با – الطاولة المستديرة – بتنسيق مباشر مع الأوساط التركية المعنية بالملف السوري وهي معروفة لدى الجميع مؤسسات وأجندة وذلك من أجل اظهار – الاخوان – قوة أساسية تحمي حمى المعارضة السورية والطرف المنقذ لسفينة المعارضة من الغرق والتلميح أنه لامعارضة سورية من دون القيادة الاخوانية بعد فشل وعجز التيارات الديموقراطية والليبرالية والشخصيات الوطنية كما يزعمون .
خامسا – استئناسا بدروس التجارب التونسية والمصرية وتاليا الليبية على ضوء دور جماعات الاسلام السياسي السلبي فيها وتحولها الى مصدر رئيسي للثورة المضادة حتى قبل اكتمال حلقات الانتصار ( الصراع على اقتطاع الكعكة قبل اخراجها من الفرن ) بحسب تعبير المرشح لتشكيل أول حكومة ليبية بعد انتصار الثورة – محمود جبريل – نرى أن الانتفاضة الثورية السورية وأطراف المعارضة الوطنية الملتفة حولها بالداخل والخارج تتعرض الآن الى أسوأ عملية احتيال تهدف الى تبديل الوجه الحقيقي الديموقراطي السلمي الناصع للحركة الثورية السورية وتلوينه زورا بالصبغة الأصولية الاسلامية الفاقعة وتهديد وحدة الانتفاضة باستفزاز حوالي نصف المجتمع السوري من الكرد والقوميات الأخرى والأطياف الدينية غير المسلمة والمذاهب غير السنية وهي محاولة تهدف الى ضرب الانتفاضة في الصميم وحصرها من دون حلفاء اقليميا ودوليا وتقديم خدمة كبرى الى النظام الاستبدادي .
سادسا – لسنا ندعو هنا الى اقصاء حركة الاخوان السورية بل نقر بوجودها كتنظيم سياسي في الخارج ولانرفض التعامل معها ولكن بحسب حجمها الحقيقي الذي لايؤهلها موضوعيا وسياسيا وثقافيا لتبوء موقع قيادة المعارضة السورية لافي الداخل ولافي الخارج ولايسمح له بأن يستولي على مركز الاستقطاب حتى بدعم واسناد النظام التركي أو ادارة لا الطاولات المستديرة ولا المستطيلة ولا السداسية الأضلاع والاخوان السورييون ليسوا الطرف المناسب لجمع وتوحيد المعارضة السورية في الخارج لأسباب كثيرة لامجال لذكرها في هذه العجالة .
سابعا – حتى لو اعتبر البعض مسألة المكان الجغرافي أمرا شكليا الا أننا نرى أن تركيا لم تعد المكان الأمثل لاجتماعات معارضات الخارج لأسباب عديدة وأن مصر بشعبه وثواره ومجتمعه المدني وفي ظل انتصار ثورته المجيدة يفتح ذراعيه للمعارضة السورية دائما وأبدا ثم أن أي مشروع من أجل عقد المؤتمرات والمجالس والمشاورات يجب وبالضرورة أن تسبقه قيام لجان تحضيرية مشتركة منظمة ومنسقة حتى لايشعر أحدا بأنه مسير رهن اشارة من يريد اقامة الولائم هنا وهناك .
ثامنا – في الختام نقترح العودة الى اطار ” المجلس الوطني الانتقالي ” المعلن من أنقرة في آخر آب خيارا بديلا كمنطلق شرعي وقاعدة عامة بشرط أن يتم تطويره وتعديله وتوسيعه عبر لجنة تحضيرية مشتركة بين جميع المحاور والأطياف والتيارات السياسية وبذلك يمكن تحقيق خطوة على طريق وحدة المعارضة لدعم واسناد انتفاضتنا الثورية الباسلة .
أولا – ازاء دعوة قيادة الاخوان السوريين هذه من المفيد العودة قليلا الى أجواء ماقبل أكثر من اسبوعين بقليل عندما ظهرت ردود فعل استباقية محمومة على اعلان أنقرة ( أواخر آب ) في تشكيل ” المجلس الوطني الانتقالي ” الذي جاء من تنسيقيات الداخل تجلت في تحركات غير معهودة في استانبول والدوحة والقاهرة كل محوريشد الحبل الى جهته وبان للمراقب وكأن الجميع اتفقوا ضمنا وصراحة بما فيهم التيار ” المعارض ” القريب من السلطة والمناوىء لدعوة اسقاط النظام وبحسب المقدمات والنتائج على طي صفحة اعلان أنقرة بل دفنه .
ثانيا – في تلك الأجواء الملبدة والتي أريد لها المزيد من الضبابية وخلط الأوراق امعانا في المضي نحو التقليل من شأن المعارضة السورية وعجزها عن توحيد صفوفها وبالتالي التأثير السلبي على الانتفاضة ومعنويات الشباب بادرنا كمجموعة من مجلس أنقرة ومن القاهرة بطرح مبادرة وحدوية لجمع ( أنقرة واستانبول والدوحة ) في تشكيلة متوازنة جديدة واحدة وبرنامج سياسي متوافق عليه وقمنا بالتفاوض مع الأطراف والتيارات والشخصيات بضمنها مجموعة السيد – عبيدة نحاس – الاخوانية وهي الطرف الأساسي في صنع مجلس استانبول وممثلو قيادة الاخوان السوريين – الشرعية – الذين تميز موقفهم الشفوي بالمراوغة وتفاوت أداؤهم بين المناورة والوعود المضللة المجاملة ولسنا وحدنا خرجنا بهذا الانطباع بل سبقنا الى ذلك بعض مشاركي الدوحة وفي تصريحات وكتابات الدكتور برهان غليون بالذات .
ثالثا – نعتقد وحسب قراءتنا لتتالي الأحداث وتقييمنا للمواقف السياسية أن مجموعات – الاسلام السياسي – وأطرافا أخرى قريبة من السلطة السورية اشتركت مباشرة أو بصورة غير مباشرة في الالتفاف على اعلان أنقرة لأسباب عديدة ومن أبرزها أن الاعلان استند الى شرعية الانتفاضة بالداخل وتبنى أهداف الانتفاضة وشعارها الرئيسي ( اسقاط النظام ) وأن مجلس أنقرة لم يضم سوى 5% من جماعات الاسلام السياسي في حين أن محور الدوحة ضم متحاورين من جماعات مرضية عنها في دمشق ومجلس استانبول المعلن تسيطر عليه الأغلبية الاسلامية .
رابعا – ماجرى بعد ذلك أن جماعات الاسلام السياسي بزعامة قيادة الاخوان السوريين اتفقت فيما بينها – هذا اذا كانت مختلفة أصلا – وتم اخراج هذا السيناريو الجديد المسمى با – الطاولة المستديرة – بتنسيق مباشر مع الأوساط التركية المعنية بالملف السوري وهي معروفة لدى الجميع مؤسسات وأجندة وذلك من أجل اظهار – الاخوان – قوة أساسية تحمي حمى المعارضة السورية والطرف المنقذ لسفينة المعارضة من الغرق والتلميح أنه لامعارضة سورية من دون القيادة الاخوانية بعد فشل وعجز التيارات الديموقراطية والليبرالية والشخصيات الوطنية كما يزعمون .
خامسا – استئناسا بدروس التجارب التونسية والمصرية وتاليا الليبية على ضوء دور جماعات الاسلام السياسي السلبي فيها وتحولها الى مصدر رئيسي للثورة المضادة حتى قبل اكتمال حلقات الانتصار ( الصراع على اقتطاع الكعكة قبل اخراجها من الفرن ) بحسب تعبير المرشح لتشكيل أول حكومة ليبية بعد انتصار الثورة – محمود جبريل – نرى أن الانتفاضة الثورية السورية وأطراف المعارضة الوطنية الملتفة حولها بالداخل والخارج تتعرض الآن الى أسوأ عملية احتيال تهدف الى تبديل الوجه الحقيقي الديموقراطي السلمي الناصع للحركة الثورية السورية وتلوينه زورا بالصبغة الأصولية الاسلامية الفاقعة وتهديد وحدة الانتفاضة باستفزاز حوالي نصف المجتمع السوري من الكرد والقوميات الأخرى والأطياف الدينية غير المسلمة والمذاهب غير السنية وهي محاولة تهدف الى ضرب الانتفاضة في الصميم وحصرها من دون حلفاء اقليميا ودوليا وتقديم خدمة كبرى الى النظام الاستبدادي .
سادسا – لسنا ندعو هنا الى اقصاء حركة الاخوان السورية بل نقر بوجودها كتنظيم سياسي في الخارج ولانرفض التعامل معها ولكن بحسب حجمها الحقيقي الذي لايؤهلها موضوعيا وسياسيا وثقافيا لتبوء موقع قيادة المعارضة السورية لافي الداخل ولافي الخارج ولايسمح له بأن يستولي على مركز الاستقطاب حتى بدعم واسناد النظام التركي أو ادارة لا الطاولات المستديرة ولا المستطيلة ولا السداسية الأضلاع والاخوان السورييون ليسوا الطرف المناسب لجمع وتوحيد المعارضة السورية في الخارج لأسباب كثيرة لامجال لذكرها في هذه العجالة .
سابعا – حتى لو اعتبر البعض مسألة المكان الجغرافي أمرا شكليا الا أننا نرى أن تركيا لم تعد المكان الأمثل لاجتماعات معارضات الخارج لأسباب عديدة وأن مصر بشعبه وثواره ومجتمعه المدني وفي ظل انتصار ثورته المجيدة يفتح ذراعيه للمعارضة السورية دائما وأبدا ثم أن أي مشروع من أجل عقد المؤتمرات والمجالس والمشاورات يجب وبالضرورة أن تسبقه قيام لجان تحضيرية مشتركة منظمة ومنسقة حتى لايشعر أحدا بأنه مسير رهن اشارة من يريد اقامة الولائم هنا وهناك .
ثامنا – في الختام نقترح العودة الى اطار ” المجلس الوطني الانتقالي ” المعلن من أنقرة في آخر آب خيارا بديلا كمنطلق شرعي وقاعدة عامة بشرط أن يتم تطويره وتعديله وتوسيعه عبر لجنة تحضيرية مشتركة بين جميع المحاور والأطياف والتيارات السياسية وبذلك يمكن تحقيق خطوة على طريق وحدة المعارضة لدعم واسناد انتفاضتنا الثورية الباسلة .