وجهة نظر في المعارضة والثورة السورية

محمد سعيد آلوجي

أظن بأن شعبنا لم يعد بحاجة إلى أن يضيع المزيد من وقته في البحث عن طرق لملمة أشلاء المعارضة السورية الكلاسيكية التي ما زالت تبحث لها عن موطئ قدم ما بين السلطة بكل ساديتها، وثوارنا بكل تضحياتهم.

ودم شهداء شعبنا لا ينقطع عن النزف في شوارع مدننا وقرانا المختلفة.

لا سيما بعد أن تمخض اجتماعهم الأخير المنعقد بتاريخ 17.09.2011 على مقربة من دمشق عن إطلاقه للاءاته الثلاثة الملغومة بإيحاءات وإملاءات مختلفة تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية السورية التي لم تكلف نفسها أي جهد لتعكر عليهم صفوهم.

بل تركتهم يتبادلوا الآراء حول ما يجري في سوريا من مسيرات وإعتصامات سلمية من قبل مواطنينا، وما يقابلها خارج أسوار تلك المزرعة البائسة من تصد لهم من قبل نفس تلك الأجهزة الأمنية بالضرب والاعتقال والقتل العشوائي مستخدمة لذلك كل أنواع الأسلحة المختلفة.
لعل ما كان يجرى في تلك المزرعة من مباحثات وتبادل للآراء وسط صمت أجهزة الأمن السورية التي لم نعهدها أن وقفت متفرجةً في مثل تلك الحالات إلا استثناءً، ولمصلحة النظام فقط.

“مع احترامي الشديد لمناضلين مخلصين ممن شاركوا في ذلك الاجتماع كأمثال ميشل كيلو وعارف دليلة وآخرين” ممن أمضوا أياماً عصيبة من حياتهم في معتقلات النظام الرهيبة بسب آرائهم المناوئة له، ولا أعتبر إشراكهم ضمن ذلك الاجتماع إلا لإضفاء نوع من الشرعية عليه وسط إملاءات مختلفة من الداعين الحقيقيين لعقده أم من بعض من المتنفذين فيه من المواليين المنخرطين ضمن صفوف ما بقيت تسمى بالمعارضة السورية.

وقد سبق لبعضهم أن استقال من قيادة إعلان دمشق لمجرد شعورهم بجدية تحول الإعلان إلى المطالبة بتحرير الشعب السوري وتوجهه نحو توسيع تنظيمه على مساحة سوريا.

ليسارع الأمن بعدها إلى زج كامل قيادة الإعلان في معتقلاته موعزاً لمواليه تسلم قيادة الإعلان بالنيابة عن رئيسه.

؟…
لم نعهد وقوف الأمن البعثي متفرجاً في مثل تلك الحالات.

إلا في ظروف استثنائية وحساسة جداً.

سواءً بقصد التخفيف من غضب الشارع السوري أو لتمرير مخططاته الدنيئة.

كما جرى أثناء عهد الأسد الأب.

عندما جرى الإيعاز لغوار الطوشي بأن يطلق مسرحياته التي ألهى بها شارعنا السوري لسنين طويلة.

“كما في حمام الهنا، وكاس يا وطن”.
 
وبذلك فلا أعتقد أن شعبنا السوري ما زال بحاجة إلى أن يضيع المزيد من وقته الثمين كي يتعرف على حقيقة ودوافع ما كان يجري في تلك المزرعة ليحدد موقفه من تلك المعارضة الاسمية.

التي كان يوحي إلينا كل دلائل وإيماءات اجتماعهم إلى عدم نزاهة ما كان قد أعد له لعقد ذلك الاجتماع.

من دون أن يبذل أي منا عناء في التمعن بقراءة بيان اجتماعهم النهائي، أو يضيع وقتاً في انتظار ما قد يدلي به بعض من أعضاءه المنظمين أو المؤسسين لمجلسه “الموقر” المنعقد تحت أنظار الأمن الذي كان يُذيق في الوقت نفسه من الويلات لأبناء شبعنا مما تهز لها الأبدان خارج أسوار تلك المزرعة.

في كل مناطق وطننا المنكوب.؟؟.

وقد لا نختلف كثيراً على ما كان يوحي به ذلك الاجتماع من حقائق نذكر منها:
1.

اطمئنان السلطات السورية سلفاً إلى ما سيسفر عنه تداولات ذاك الاجتماع من قرارات وبيانات لا تضر كثيراً بسمعة النظام، وإلا لكنا شاهدنا تدخلاً أمنياً فظاً لمنعهم من عقد اجتماعهم، واعتقال الكثيرين منهم..

تماماً كما كان يتعامل الأمن مع المتظاهرين المسالمين في شوارع مدننا المختلفة.

لا سيما، وأن المشاركين في الاجتماع كانوا على علم ودراية تامة بأخلاقيات ومعاملة الأجهزة الأمنية السورية المختلفة بسبب تعرض العديد منهم إلى الاعتقال والإهانة من قبلها.

هذا من جهة.
ومن جهة أخرى حصول المتنفذين فيه على ضوء أخضر من السلطات السورية لعقد ذلك الاجتماع على أنه سوف يمر بأمن وسلام، وإلا لما تجرؤوا على تحمل مسؤولية وضع كل ذلك العدد من المجتمعين فريسة سهلة لينقض عليهم تلك الأجهزة الأمنية، وهو ما كان سيتسبب في تعريتهم وعزلهم نهائياً عن ما بقيت تسمى بالمعارضة السورية.
2.

أن الأجهزة الأمنية كانت تعلم جيداً بأن مثل ذلك الاجتماع لا بد أن يساهم في تحسين صورة النظام أمام الرأي العام ولو إلى حين.

ولسوف يضع بين يديه مادة إعلامية دسمة على أنه يقبل بالرأي الآخر.

في ظل تعرضه إلى العقوبات المتوالية عليه من المجتمع الدولي..
3.

ومما يتبادر إلى ذهننا بأن السلطات كانت على دراية باللاءات الثلاثة التي سوف يتخذها المنظمون كشعارات لاجتماعهم من دون أن يستطيع أي منهم أن يدافع عنها عملياً وبصيغها المعومة بما فيهم معظم القيمين على الأحزاب المشاركة فيه لكونهم قد أصبحوا منذ وقت طويل يفتقرون إلى إرادة النضال العملي ضد السلطات لأسباب متعددة.

ناهيك إلى أنهم قد أصبحوا معزولين عن شارعهم المنتفض في وجه النظام والمطالب بإسقاطه، وكلنا يعلم بأن النظام قد اتخذ من تلك الشعارات مادة دعائية لإدامة حكمه بها.

حتى وإن كانت كل تصرفاته تنفي تبنيه لها..
4.

كما أن اجتماعهم في كل الأحوال كان يوحي إلينا بأن السلطات كانت على دراية تامة بأنه لا بد أن يوفر لها في كل الأحوال فرصة فريدة للتعرف على حقيقة بعض من المعارضين الحقيقيين من الذين قد يغامروا بالانضمام إلى ذلك الاجتماع، أو أنها سوف تكتشف ما قد تطور إليه إرادة المقاومة لدى آخرين بعد كل هذه المدة التي تكون قد مرت على ثورة شعبنا..

وبناء على كل ما أوردناه نرى بأنه بات يتعين على ثوارنا الأشاوس أن يسارعوا إلى توحيد صفوف تنسيقيات ثورتنا المباركة في أقرب فرصة ممكنه بدلاً من أن يضيعوا وقتهم الثمين في الدعوة إلى توحيد صفوف تلك المعارضة الكلاسيكية التي لم تعد موجودة إلا بالاسم ومنذ وقت طويل، والتي باتت متمثلة في أشخاص معدودين ومحددين فقط… سوى الكثير من المستقلين الذين يناضلون كجنود مجهولين في الداخل والخارج للذود عن حياض ثورتنا.

إضافة إلى كل تلك اللجان التي باتت تشترك في تنظيم تقاريرها للدفاع عن حقوق الإنسان السوري وغيرها من لجان التي باتت معروفة بتفانيها في الدفاع عن حراكنا الشعبي بكل ما له وما عليه…

كما ونرى بأنه بات يتعين على كل تنسيقيات أن تسارع إلى اختيار هيئاتها المسؤولة، وتحديد من يمثلها بكل ما للكلمة من معان وأن تسارع جميعها إلى.

1.

الدخول في اجتماعات مستمرة دون أي تباطؤ ليشكلوا لثورتنا مجلساً عاماً لقيادة الثورة السورية في الداخل السوري.

“وليكن تحت أي اسم يتفقون عليه “.

بطرق أمنة تضمن لهم سلامتهم ولو كان ذلك عن طريق الاتصالات الإلكترونية المختلفة التي باتت أكثر أماناً للجميع.
2.

أن يتفق المجلس العام لقيادة الثورة على تحديد نوعية نظام الحكم الديمقراطي المنشود لسوريا لما بعد الثورة والذي يضمن حقوق كل المواطنين السوريين دستورياً وبالتساوي.

بغض النظر عن العرق أو اللون، أو الدين..
3.

أن يصدر المجلس دعوة صريحة وواضحة لكل من يجد في نفسه أن يقدم شيئاً مفيداً للثورة وممن يحسب نفسه على المعارضة السورية.

من كتاب ومثقفين وإعلاميين وسياسيين.

ووو وأن يسارعوا إلى الانضمام إلى التنسيقيات السورية القريبة منهم كأفراد دون قيد أو شرط ليساهموا في حراكها الشعبي وكما تقتضيه المصلحة العامة، وأن تفتح كل التنسيقيات مجال العمل والمساعدة للجميع ليعملوا ضمن تشكيلاتها المختلفة وبكل طاقاتهم وخبراتهم.

فثورتنا بحاجة ماسة إلى دعم كل الفئات الشعبية وبأشكاله وصوره المختلفة.
4.

.

أن ينتخب المجلس العام مجلساً تنفيذياً مصغراً من أشخاص محددين.

ليمثلوا كل محافظات سوريا.

على أن يبقوا قيد اجتماع دائم لإدارة ثورتهم ..
5.

أن يحدد المجلس العام أهداف الثورة السورية القريبة منها والبعيدة، ورؤيتها للعلاقات السورية العامة مع دول الجوار والعالم، ومن كل المعاهدات السورية التي سبق أن أقرتها الحكومات السورية المختلفة ووقعت عليها.
6.

أن يطلب المجلس العام من المعارضة الخارجية أن يسارعوا إلى اختيار أعداداً كافية من بينهم في أماكن تواجدهم في دول الاغتراب ممن يستطيعوا أن يعملوا كسفراء حقيقيين للثورة السورية بعد إقرارهم بأهدافها ورؤيتها المستقبلية للعلاقات الإقليمية والدولية ومعاهداتها..

ووو…

عاشت ثورتنا الشعبية المباركة
ليسقط نظام القمع الأسدية.
المجد والخلود لشهداء شبعنا.

محمد سعيد آلوجي

مدير موقع كردستانا بنختي الإلكتروني

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين نحن في حراك ” بزاف ” أصحاب مشروع سياسي قومي ووطني في غاية الوضوح طرحناه للمناقشة منذ اكثر من تسعة أعوام ، وبناء على مخرجات اكثر من تسعين اجتماع للجان تنسيق الحراك، وأربعة لقاءات تشاورية افتراضية واسعة ، ومئات الاتصالات الفردية مع أصحاب الشأن ، تم تعديل المشروع لمرات أربعة ، وتقويم الوسائل ، والمبادرات نحو الأفضل ،…

أحمد خليف أطلق المركز السوري الاستشاري موقعه الإلكتروني الجديد عبر الرابط sy-cc.net، ليكون منصة تفاعلية تهدف إلى جمع الخبرات والكفاءات السورية داخل الوطن وخارجه. هذه الخطوة تمثل تطوراً مهماً في مسار الجهود المبذولة لإعادة بناء سوريا، من خلال تسهيل التعاون بين الخبراء وأصحاب المشاريع، وتعزيز دورهم في دفع عجلة التنمية. ما هو المركز السوري الاستشاري؟ في ظل التحديات…

خالد ابراهيم إذا كنت صادقًا في حديثك عن محاربة الإرهاب وإنهاء حزب العمال الكردستاني، فلماذا لا تتجه مباشرة إلى قنديل؟ إلى هناك، في قلب الجبال، حيث يتمركز التنظيم وتُنسج خططه؟ لماذا لا تواجههم في معاقلهم بدلًا من أن تصبّ نيرانك على قرى ومدن مليئة بالأبرياء؟ لماذا تهاجم شعبًا أعزل، وتحاول تدمير هويته، في حين أن جذور المشكلة واضحة وتعرفها جيدًا؟…

عبدالحميد جمو منذ طفولتي وأنا أخاف النوم، أخاف الظلمة والظلال، كل شيء أسود يرعبني. صوت المياه يثير قلقي، الحفر والبنايات العالية، الرجال طوال القامة حالقي الرؤوس بنظارات سوداء يدفعونني للاختباء. ببساطة، كل تراكمات الطفولة بقيت تلاحقني كظل ثقيل. ما يزيد معاناتي أن الكوابيس لا تفارقني، خصوصًا ذاك الجاثوم الذي يجلس على صدري، يحبس أنفاسي ويفقدني القدرة على الحركة تمامًا. أجد…