عزت الشابندر والدفاع عن نظام الشبيحة السوري

علي صالح ميراني

من الامور التي تضع المرء في حيرة في امره، الموقف العراقي الرسمي والشعبي ازاء الاحداث التي تشهدها سوريا، ودخول ثورتها الجليلة شهرها السابع، فمع ان الدولتين جاراتان ولهما حدود مشتركة طويلة، وكل منهما مكون من القوميتين العربية والكوردية بالدرجة الاساس، نكاد لا نلمس اي موقف عراقي واضح فيما يجري في الجارة الغربية سوريا، وتزداد رقع الحيرة وتتوسع، اذا علمنا ان العراقيين لا يخفون سرا انهم يناصرون النظام السوري كلما سنحت الفرصة على الاقل اعلاميا، ولا تصدر من جهتهم اي صوت معارض بخصوص ما تشهده شوارع سوريا من الدم المسفوك بوحشية والمسفوح ببرودة.
ولعل الذي يربك المتتبع لهذا الموقف اللاموقف، هو علو نبرة الانات العراقية وجملة اتهامات ساستها المتكررة في وقت سابق غير بعيد ،عن قيام النظام  السوري بتسليح الارهابيين وتسهيل دخولهم الى الاراضي العراقية عبر شبكة معقدة من المعابر والمهربين وتمولهم سوريا، لا بل ان الامر وصل في مراحل زمنية ان العراقيين هددوا السوريين انهم اذا لم يقوفوا من حملاتهم ، سيبادرون الى الشيء نفسه، واكثر من هذا كثيرا ما اشارت الحكومة العراقية الى ان مجازر مروعة حدثت في العراق ، كانت صناعة سورية بامتياز مثل مجزرة الاربعاء الدامي في العاصمة بغداد.
وبالرغم من كل ذلك، نستطيع القول ان النظام السوري نجح في معادلة ترويض الساسة العراقيين الى حدود فاقت التوقعات، فهو امسك بتلابيب ساسة الجنوب من اليد الايرانية، وقبض على ناصية ساسة الوسط من بوابة الارث البعثي المشترك والذي لا يزال احد توائمه قباضا على جمرة الحكم السوري ، بل انه نجح نجاحا باهرا في تحويل العاصمة دمشق الى مسرح للعراقيين الذين ساءهم فقدان البعث لمركزه في العاصمة بغداد، وهذا بكل تاكيد السبب الرئيس الذي يقف وراء الصمت العراقي الرسمي والشعبي المثير للدهشة.
وكان التصريح الذي ادلى به احد مقربي رئيس الوزراء العراقي المالكي ـ وما اكثر مقربيه ومستشاريه ـ وهو محمد الموسوي لاحدى جرائد الامريكية الذائعة الصيت، ان الاخير كان قد بعث برسائل الى الرئيس السوري يطلب فيها منه الاستقالة وان فكرة الحزب الواحد اصبحت من مستحيلات السياسة الواقعية، شيئا غير مالوف ، وجحرة رميت في قلب مياه راكدة، وطفرة مميزة في الموقف العراقي شبه الرسمي، الا ان الحيرة لم تدم بظهور العضو البرلماني العراقي من كتلة دولة القانون التي يتراسها المالكي نفسه قبل قليل على قناة الجزيرة، وقوله ان التصريح زور وان الحكومة العراقية مع قافلة الاصلاح البشارية.
لقد بدا الشابندر، وكانه يتكلم في فضاء اللافضاء، واقواله من صنف اللاقوال، حيث اسهب في وصف اصلاحات النظام السوري وبالطبع لم ينس التعرج والتاكيد على الاسطوانة الممزقة والمعطوبة في ان سوريا تتعرض الى مؤامرة يشترك فيها كل العالم بانسه وحيواناته وجنه، وان دول عالمية واقليمية وعربية ليس لها شغل شاغل الا في كيفية تشويه صورة رمز الامة العربية.
واكثر من هذا، تمادى الشابندر في تحليلاته وراوغ ومرر، والتف على سؤال الاعلامية الجزراوية بطريقة سمجة وفجة ومضحكة ،عندما سالته : اليس من المفروض ان لا تدعموا نظاما بعثيا كنتم تقولون انكم ضحية فكره؟ فكان جوابه الشافي غير المعافي،  انهم في عراق الجديد لا ينظرون الى المشكلات من زاوية واحدة كما يفعل الاخرون، بل ينظرون اليها من عدة زوايا، لانهم في العراق يملكون بالطبع عدة عيون في رؤوسهم! عين للكهرباء المقطوعة، واخرى للفساد المستشري، وواحدة للامن المنفلت .
ان خروج سياسي عراقي من المفترض انه عانى من ظلم واقع، ودفاعه عن نظام بعثي في سوريا، هو  شيء يدعونا الى القول، ان حدود الشعور بقهر الشعوب والدم تتوقف عند اسوار وحجارة طائفتي مأواي وليست مملكة الحرية،  وايديولوجيتي البعثية هي موطني، وليست صرخات امهات ثكالى!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…