وثيقة مكة ……وماذا بعد؟؟؟

حسن يوسف

جاءت وثيقة مكة في إطار تحرك سعودي للعب دور في العراق ، بعد أن بقيت معظم الدول العربية متفرجة أو مشجعة لإراقة الدم العراقي والذي بات لا يحتمل أكثر من ذلك ،بالإضافة إلى دور سعودية الديني وبما يمثله من معنى لدى المسلمين وبخاصة السنة
منهم،وطبعاً برز هذا الدور بعد توسع النفوذ الإيراني في العراق وبخاصة في الجنوب وما يشكله من خطر على مكانة السعودية في منطقة الخليج العربي ،وتحالف إيران الاستراتيجي مع جارة العراق سورية ووجود أجندة خاصة بها في التعامل مع الملف العراقي ،وبخاصة في المناطق السنية القريبة من الحدود السورية أو ألما يسمى بـ (المثلث السني ) وتسمية العمليات التي تجري في هذه المنطقة بالمقاومة العراقية

كل هذا جعل من السعودية ومعها مصر والأردن أن يتحركوا باتجاه العراق قبل أن يتوسع الأمر لتشمل دولهم أو أن تفلت زمام الأمور أكثر من ذي قبل وبهذا تكون السعودية بدأت الخطوة التي طال انتظارها في شأن العراقي ،وبخاصة بعد أن ظهرت هذه الوثيقة للعلن ليس فقط بما يمثله للمسلمين والعرب في العراق فقط ،وإنما بما يمثله للشعب العراقي بكافة أطيافه الأثنية والدينية وبخاصة في الفقرة الثالثة  التي ركزت على دور العبادة ليظهر للجميع بأن الدين الإسلامي هو دين التسامح والتي جاء فيها ((ا:
 لدور العبادة حرمة.

وهي تشمل المساجد والحسينيات وأماكن عبادة غير المسلمين.

فلا يجوز الاعتداء عليها أو مصادرتها أو اتخاذها ملاذا للأعمال المخالفة للشرع ويجب أن تبقى هذه الأماكن في أيدي أصحابها وأن يعاد إليهم ما اغتصب منها وذلك كله عملا بالقاعدة الفقهية المسلمة عند المذاهب كافة أن ” الأوقاف على ما اشترطه أصحابها ” وأن ” شرط الواقف كنص الشارع “وقاعدة أن ” المعروف عرفا كالمشروط شرطا”)) هذه الفقرة تقطع الطريق على الكثير من التدخلات في الشأن العراقي ،كماأن الفقرتين الرابعة والخامسة منها تنص ((رابعا: إن الجرائم المرتكبة على الهوية المذهبية كما يحدث في العراق هي من الفساد في الأرض الذي نهى الله عنه وحرمه في قوله تعالى ” وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ” وليس اعتناق مذهب، أيا ما كان، مسوغا للقتل أو العدوان ولو ارتكب بعض أتباعه ما يوجب عقابه إذ ” ولا تزر وازرة أخرى “.

أخرى “.
 خامسا: يجب الابتعاد عن إثارة الحساسيات والفوارق المذهبية والعرقية والجغرافية واللغوية ، كما يجب الامتناع عن التنابز بالألقاب وإطلاق الصفات المسيئة من كل  طرف على غيره، فقد وصف القرآن الكريم مثل هذه التصرفات بأنها فسوق قال تعال لاتلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعدالايمان )) هذه الفقرات جعل من هذه وثيقة عراقية خالصة ولو أنها وقعت في مكة المكرمة ولكنها لصالح المؤمنين جميعاً في العراق (سواء أكانواعرباًأوكرداً أوكلدو أشوررين أوتركماناً ) ولكن هل يختفي العنف في العراق ،وتصبح العراق بكاملها منطقة آمنة مثل كوردستان ويلتفت العراقيين للتنمية والبناء وتصبح الكوراث من جزءًمن الذكرى ؟ أظن هذا صعب المنال في القريب المنظور وذلك لعدة أسباب منها: 1- عدم حضور المرجع الشيعي الشاب مقتدى الصدر أوحتى ممثل عنه,ولكنه صرح في مؤتمره الصحفي يوم الأربعاء الفائت قائلاً: لماذا لا يعقد هذه المؤتمر في العراق ؟ ونحن مع ما يفعله الجيران ن لخير الشعب العراقي وهذا يدل بشكل أو أخر بأن السيد مقتدى الصدر غير راضي بوجود دور سعودي في العراق ،والسيد مقتدى الصدر لم يحدد السعودية كجارة لفعل الخير للشعب العراقي ،كما أن أنصار السيد مقتدى الصدر كانوا يقاتلون في العمارة للسيطرة عليها بعد حادثة الاغتيال التي وقعت لأحد قادة قوات الشرطة العراقية مما يجعل احتمال إلتزامه بهذه الوثيقة ظعيفاً2- أما عن الإرهابيين مثل جيِش أنصار السنة والفصائل الإرهابية الأخرى فبرأيي :هؤلاء هم بقايا النظام السا بق وتحالفوا مع تنظيم القاعدة وبتمويل خارجي  ويلعبون على وتري القومية العربية والطائفية ليرجعوا بالعراق إلى عهده البائد أو إلى ما يشبه نظام طلبان في أفغانستان وهذا ما يجعل هذه العمليات الإرهابية تستمر لفترة أخرى إلى أن تلتزم الفصائل السياسية المسلحة بهذه الوثيقة ويوقعوا على المصالحة الوطنية التي أطلقها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي  .
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…