خالد جميل محمد
تبريرُ عملٍ ما هو تزكيتُه وذِكْـرُ الأسبابِ التي تُبيحُه وتسوّغه، فضلاً عن إيجازه وإيجاد المخارج له بحسب منطق العقل أو بحسب العاطفة، بالتوافق مع الواقع أو دون ذلك.
أمّا أن يكون ذلك ثقافة سائدة ومعتمَدةً فإنه يعني غالباً سوءَ ربطٍ بين الأسباب والنتائج أو بين العوامل وما يتأثر بها.
فعلى صعيد المجتمع الكردي يُرى أن هذا الضرب من السلوك يهيمن على ذهنية شريحة واسعة من هذا المجتمع، وخاصة في المجال السياسي حيث صار التبرير أمراً متوقَّعاً في كل موقف، كما صار واحداً من معوِّقات البحث الموضوعي والتحليل الدقيق، بل أدّى إلى إحلال الحالة المزاجية محلّ الحالة العقلية، وإحلال الأحكام الارتجالية محلّ الأحكام العلمية الموضوعية الناتجة عن التدبّر المنطقي والتخطيط والتفكير السليمين.
أمّا أن يكون ذلك ثقافة سائدة ومعتمَدةً فإنه يعني غالباً سوءَ ربطٍ بين الأسباب والنتائج أو بين العوامل وما يتأثر بها.
فعلى صعيد المجتمع الكردي يُرى أن هذا الضرب من السلوك يهيمن على ذهنية شريحة واسعة من هذا المجتمع، وخاصة في المجال السياسي حيث صار التبرير أمراً متوقَّعاً في كل موقف، كما صار واحداً من معوِّقات البحث الموضوعي والتحليل الدقيق، بل أدّى إلى إحلال الحالة المزاجية محلّ الحالة العقلية، وإحلال الأحكام الارتجالية محلّ الأحكام العلمية الموضوعية الناتجة عن التدبّر المنطقي والتخطيط والتفكير السليمين.
يتمثل التبرير في المجال السياسي الحزبي في غربي كردستان في المساعي الحثيثة لإيجاد المخارج لكل عمل مهما كان خاطئاً، فعندما يحدث انشقاق في تنظيم ما يبدأ أنصار كلٍّ من طرفي الانشقاق بالبحث عمّا يُبعد التهمة عن مرتكبي الخطيئة والمتسببين الحقيقيين فيها، إضافة إلى الاجتهاد في تشويه صورة الآخر المختلف الذي يظهر من ينافح عنه أيضاً بمبررات تُـبْـعِدُ عنه التهمة وتلصقها بالآخر، دون أن يعترف أيٌّ من الطرفين بأي خطأ من جانبه.
وعندما يستأنف الطرفان وحدتهما يعود أنصار كل منهما إلى تبرير ذلك أيضاً، وهكذا دواليك في حالةٍ عصيّة على الوصف بمعزل عن إضفاء الصبغة المَـرَضية عليها، تَـنـمُّ عن عِلّة في شخصية أصحاب تلك المواقف التهليلية المقتصرة على التصفيق للخطأ والصواب دون تمييز بينهما، بل يمكن الادعاء بأن مثل هذا التبرير كان عاملاً مشجعاً للانشقاقات المتتالية التي أحدثت تكاثراً في جسد الحركة السياسية الكردية في غربي كردستان بصورة لا يقبلها منطق العقل.
يتبنى أحد التنظيمات الكردية الكفاح المسلح والعنف نهجاً له فيباشر أنصارُه التهويلَ لهذا النهج دون تردّد أو حرَج أو نقاش، بل يبحثون عن جميع الآليات والسبل التي يفرضون فيها صواب هذا التوجه، وينتقل المتكلمون منهم إلى التنظيرات والاجتهادات الغريبة والعجيبة في مجال التسويغ لهذا النهج الذي يرون أنه الصوابُ بعينِه، بل يصل بهم الأمر إلى تخوين المختلفين عنهم في توجههم هذا.
لكنْ عندما تعود قيادة هذا التنظيم نفسه إلى إعلان الكفاح السياسي السلمي والتخلي عن النهج السابق الذي يرونه خاطئاً أو غيرَ مُــجْــدٍ أو غيرَ مناسبٍ فيباشر أولئك الأنصارُ أنفسُهم نشرَ رسالة التبشير بالنهج الجديد الذي ينافحون عنه من جديد بطريقة تجعل الآخرين أيضاً في خانة التُّهمة، وأمّا المتكلمون منهم فيأخذون على عاتقهم إيجاد التنظيرات والاجتهادات الجديدة التي تناسب الموقف لجعل النهج الجديد صراطاً مستقيماً يُكفَّر منه لا يسير عليه! بل يجدونه ابتكاراً تعجز عقول الآخرين عن استيعابه وفهم أوجه العبقرية فيه.
يتربّع زعيم سياسي على عرش القيادة الأبدية سنوات طويلة في تنظيمه فيظهر مَن يسوّغ له ذلك ويأتي بما يُجيز له تلك الأبدية، بل يحارب من يعترض على أحقية ذلك الزعيم بالأبدية بحجة عدم وجود أشخاص يتمتعون بصفات جماله وجلاله وكماله وأهليَّته، وبحجة الكفاءات الخارقة التي يمتلكها القائد المذكور ويفتقر إليها الآخرون ممن يتوجب عليهم انتظار قَـدَر الموت حتى يُــزَحزِحَ ذلك الزعيم عن منصبه في تلك الحالة الصنمية المذهِلة!.
لكنْ عندما يعلن هذا الزعيمُ نفسُه (بمعجزة إلهية قلّما تتحقق!) أن القيادة الأبدية لا تُجدي ولا بد من التغيير، يسارع أولئك الأنصار أنفسُهم إلى تبنّي ما توصل إليه الزعيم مؤخَّراً ليردّدوا العبارة الجديدة التي قد تأخذ طابعاً قُدسيّاً يجعل مَنْ كانوا يرفضون تلك الأبدية أصلاً في موضع الشبهة أيضاً، ويكون الإبداع الأخير للزعيم سُورة من السُّوَر التي لا يطالها الباطل، بل قد يكون التعلق / التملّق بالزعيم البديل مبرراً جديداً لمحاربة سلفه الراحل، وهكذا على دَيْــدَن الانتقال من تبرير إلى تبرير.
تعلن قيادة سياسية أن جهةً ما هي جهة رجعية وعميلة ومتآمرة على القضية، فيظهر من يقدم المبررات لهذا الموقف، وبعد فترة تعود القيادة نفسها وتعلن أن تلك الجهةَ (المتآمرة) نفسَها وفيّة مخلصة وحليفة، حتى يعود أصحابُ تلك المبررات أنفسُهم ليرددوا كلمات القيادة دون تفكر أو مقارنة بين موقفيهم سابقاً ولاحقاً.
وبعدها قد تتغير الأحوال فيحصل خلافُ ذلك فتحدث الفرقة بين الطرفين حتى يعود المبرِّرون من جديد إلى تسويغ تخوين الآخر وتنزيه الرفاق في متوالية لا نهاية لها حتى الآن.
وعندما يستأنف الطرفان وحدتهما يعود أنصار كل منهما إلى تبرير ذلك أيضاً، وهكذا دواليك في حالةٍ عصيّة على الوصف بمعزل عن إضفاء الصبغة المَـرَضية عليها، تَـنـمُّ عن عِلّة في شخصية أصحاب تلك المواقف التهليلية المقتصرة على التصفيق للخطأ والصواب دون تمييز بينهما، بل يمكن الادعاء بأن مثل هذا التبرير كان عاملاً مشجعاً للانشقاقات المتتالية التي أحدثت تكاثراً في جسد الحركة السياسية الكردية في غربي كردستان بصورة لا يقبلها منطق العقل.
يتبنى أحد التنظيمات الكردية الكفاح المسلح والعنف نهجاً له فيباشر أنصارُه التهويلَ لهذا النهج دون تردّد أو حرَج أو نقاش، بل يبحثون عن جميع الآليات والسبل التي يفرضون فيها صواب هذا التوجه، وينتقل المتكلمون منهم إلى التنظيرات والاجتهادات الغريبة والعجيبة في مجال التسويغ لهذا النهج الذي يرون أنه الصوابُ بعينِه، بل يصل بهم الأمر إلى تخوين المختلفين عنهم في توجههم هذا.
لكنْ عندما تعود قيادة هذا التنظيم نفسه إلى إعلان الكفاح السياسي السلمي والتخلي عن النهج السابق الذي يرونه خاطئاً أو غيرَ مُــجْــدٍ أو غيرَ مناسبٍ فيباشر أولئك الأنصارُ أنفسُهم نشرَ رسالة التبشير بالنهج الجديد الذي ينافحون عنه من جديد بطريقة تجعل الآخرين أيضاً في خانة التُّهمة، وأمّا المتكلمون منهم فيأخذون على عاتقهم إيجاد التنظيرات والاجتهادات الجديدة التي تناسب الموقف لجعل النهج الجديد صراطاً مستقيماً يُكفَّر منه لا يسير عليه! بل يجدونه ابتكاراً تعجز عقول الآخرين عن استيعابه وفهم أوجه العبقرية فيه.
يتربّع زعيم سياسي على عرش القيادة الأبدية سنوات طويلة في تنظيمه فيظهر مَن يسوّغ له ذلك ويأتي بما يُجيز له تلك الأبدية، بل يحارب من يعترض على أحقية ذلك الزعيم بالأبدية بحجة عدم وجود أشخاص يتمتعون بصفات جماله وجلاله وكماله وأهليَّته، وبحجة الكفاءات الخارقة التي يمتلكها القائد المذكور ويفتقر إليها الآخرون ممن يتوجب عليهم انتظار قَـدَر الموت حتى يُــزَحزِحَ ذلك الزعيم عن منصبه في تلك الحالة الصنمية المذهِلة!.
لكنْ عندما يعلن هذا الزعيمُ نفسُه (بمعجزة إلهية قلّما تتحقق!) أن القيادة الأبدية لا تُجدي ولا بد من التغيير، يسارع أولئك الأنصار أنفسُهم إلى تبنّي ما توصل إليه الزعيم مؤخَّراً ليردّدوا العبارة الجديدة التي قد تأخذ طابعاً قُدسيّاً يجعل مَنْ كانوا يرفضون تلك الأبدية أصلاً في موضع الشبهة أيضاً، ويكون الإبداع الأخير للزعيم سُورة من السُّوَر التي لا يطالها الباطل، بل قد يكون التعلق / التملّق بالزعيم البديل مبرراً جديداً لمحاربة سلفه الراحل، وهكذا على دَيْــدَن الانتقال من تبرير إلى تبرير.
تعلن قيادة سياسية أن جهةً ما هي جهة رجعية وعميلة ومتآمرة على القضية، فيظهر من يقدم المبررات لهذا الموقف، وبعد فترة تعود القيادة نفسها وتعلن أن تلك الجهةَ (المتآمرة) نفسَها وفيّة مخلصة وحليفة، حتى يعود أصحابُ تلك المبررات أنفسُهم ليرددوا كلمات القيادة دون تفكر أو مقارنة بين موقفيهم سابقاً ولاحقاً.
وبعدها قد تتغير الأحوال فيحصل خلافُ ذلك فتحدث الفرقة بين الطرفين حتى يعود المبرِّرون من جديد إلى تسويغ تخوين الآخر وتنزيه الرفاق في متوالية لا نهاية لها حتى الآن.
إن مجتمعاً تسوده ثقافة التبرير بهذه الصورة المَرضية لَــــهو مجتمع مريضٌ يحتاج إلى تضافر جهود الغيارى عليه حتى يعالَج بعيداً عن المزاجية والمنطلقات العاطفية والمصالح السياسية والأنانية والحقد والكراهية، واعتماداً على الفكر السليم والبحث العلمي القائم على منطق العقل وقوانينه، ومناهج البحث العلمي التي لم تجد لها أيَّ تشجيع أو دعم أو مكان أو تقدير في مجتمع غربي كردستان نتيجة عوامل كثيرة، من أهمها هيمنة العقلية الاستبدادية والأخلاق الأنانية لمعظم قيادات الحركة الكردية السياسية وممارسة التسلط والقمع والعنف بمختلف أصنافه وأشكاله، إضافة إلى هيمنة ثقافة التبرير التي يمكن أن تضاف إلى قائمة معوِّقات تطوّر وتطوير المجتمع والعقل الكرديين في غربي كردستان.