((التحرش السياسي))

خالد جميل محمد

التحرُّش بالكائن هو التعرُّضُ المتعمَّد له لتهييجه وإثارته، بهدف توريطه في أمر أو مشكلة أو قضية ما، ويظهر في مجالات كثيرة، وعلى مستويات متعددة وأنواع مختلفة، وقد يكون باللفظ أو يكون بالسلوك أو بالسلاح أو بالإعلام.

ومن صوره التحرش السياسي الذي عَـهِـدَهُ السوريون طويلاً في زمن الأسدين الدامي والكيماوي، عندما كان عنصر الأمن يستجرّ المواطن إلى موقف (الكفر بالرئيس!) ثم (الاستغفار!) بعد أن يكون الأمر قد بلغ حدود اتهامه “بالخيانة الوطنية العظمى”! و”التقليل من هيبة الدولة”! و”العمل على اقتطاع جزء من الوطن لإلحاقه بدولة أجنبية”! وغيرها.
ومن صور التحرّش السياسي أيضاً أنّ مدرب الفتوة كان يلطّش الكلام البذيء بحق الطلاب وأخواتهم وأمهاتهم لاستجرار الجريء منهم إلى فخ الردّ فالفصل فالتحقيق الأمني بتهمة “تحريض الطلاب على التظاهر ضد النظام”!.

و”شتم درس التدريب العسكري، بمعنى شتم الرئيس”! ولا يحتاج السوريون إلى تعداد حلقات التحرّش اللامتناهية خلال نصف قرن من الزمن، وكان آخر صور التحرش السياسي بالشعب السوري ما لجأ إليه النظام من أسلوب العنف في مواجهة الثورة الحالية التي ستنتهي بإسقاطه دافعاً ثمن انحرافه الخلقي والإنساني والسلوكي والسياسي، وبذلك يكون التحرّش في بدايته علامةَ ادّعاءِ التفوق والقوة، ثم لا يلبث أن يتحول أخيراً إلى بلاء يتعذر على صاحبه التخلصُ من لوازمه ونتائجه وعواقبه وأعمال ماضيه.

حدث الأمر نفسه عند اللبنانيين عندما أخذ حزب الله يتحرّش بإسرائيل لتهييجها وإثارة غضبها الذي صبّته ناراً حامية على الشعب الذي لم يهنأ منذ وجد هذا الحزب على أرضه لإقلاقه وتعكير صفو حياته.

وأما صور تحرّش حزب الله فقد تمثلت في الاعتداء على اللبنانيين، وفرض القيود على حياتهم، وإفلات عصابات الاغتيال والجريمة والاختطاف والغدر والنفاق لإحداث القلق والرهبة والذعر في الشارع اللبناني، وإقامة الحواجز لعرقلة تحرك اللبنانيين، ومنع اللبنانيين من العمل السياسي الحرّ، والعمل الدؤوب من أجل إبقاء الدولة مفككة، فضلاً عن تهديد المختلفين معه، ووضع قوائم بأسماء الخارجين عن قانون الحزب ومقاييسه ومعاييره! والاستيلاء على المساعدات الدولية التي كانت تأتي للشعب اللبناني بسبب العنتريات الفاشلة والطيش المؤذي وسلوكات الزعران من بلطجيته وشبيحته وعناصره وكتائبه التي جعلت بعض اللبنانيين يفضلون مجيء إسرائيل وكل دول الاحتلال والاستعمار إلى بلدهم على بقاء حزب الله بعنجهيته وغروره على رأسهم.

وهذا يعني أن التحرش له مخاطر كثيرة قد تصل بالناس المتضررين إلى كُــرْهِ انتمائهم إلى الوطن أو الأمة!! والأخطر هو أن يكون التحرش السياسي متستراً باسم الوطن والوطنية والدفاع عن الشعب، وبشعارات تهز الجبال هَــزّا وتَــبُــزّ العِدا بَـــزّا!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…