هواجس الموسم

غسان جان كير

الأُفق المُمتد بحقول القمح والشعير والعدس والحمص واليانسون والكزبرة و الكمون ..

, يُقابله أُفقٌ ضبابي , يتمثّل في كيفية تصريف هذه المواسم .
كما المُدن المُجاورة , تبدو عامودا كخلية نمل في الحركة , الحصاد قد بدأ , لكنه طال دهوراً ثقيلة الوطء على مَن لا دخل له سوى الارض , التي كانت بواراً لسنينٍ عجاف , تركت أصحابها تحت همّ الديون و المرابين .

التفكير بعقلية ( الربح و الخسارة ) , كان يستدعي ألّا يتمادى المزارعون في طمر قروشهم البيضاء على شكل بذور في التراب , فتحبس السماء المطر ليتوقّف نماء هذه البذور , غير أن ارتباطهم بالأرض , و المسؤولية الأخلاقية بعدم حرمان الارض من البذور , وقبل هذا كله , الأمل القوي برحمة السماء , دفع المزارعين هذه السنة ايضاً للزراعة .
وحد الله يعلم كيف تدبّر الناس أمر المازوت اللازم من أجل فلاحة الارض , في وقتٍ كانت محافظة الحسكة مُحاصرة من قِبل الحكومة والعصابات المسلحة معاً , التي تفهم من هذه الثورة على أنها الفرصة لنهب مخازن الحبوب والمال العام , وقت ذاك , وصل سعر لتر المازوت في السوق السوداء الى ( 175 ) , وزُرعت الأرض بذوراً ممزوجة بالأمل , أردفتها السماء بالغيث الوفير , فكانت مواسم خير طال انتظارها .


هاجس تصريف المنتوجات الزراعية , يُبرره لا مُبالاة الحكومة , التي ركّزت جُلّ طاقاتها في حربها على الشعب, دفاعاً عن نظام فقد شرعيته , فجيشها مُنهمك في حربه مع الجيش الحر في القصير والغوطة , ولا تستطيع الحكومة حماية أكثر من ستة مراكز لاستلام الحبوب من أصل ( 37 ) مركزاً موزعاً على كامل محافظة الحسكة , ولا مُبالاتها ايضاً في تأمين أكياس الخيش المُقدّرة ب ثلاثة عشر مليوناً , ولم يتم سوى تأمين مليونين يُباع قسمٌ منه في السوق السوداء .
حيال هذه اللامبالاة الحكومية , وعدم مقدرة هذه المراكز الست على استيعاب كامل المحاصيل , علماً أنّ الكثير من المراكز السبع والثلاثون , كانت بؤراً للفساد بسبب الضغط عليها في المواسم المتوسطة الانتاج , حيال هذا التقاعس , لا يجد الكثير المزارعين سوى أن يُخزّنوا انتاجهم في بيوتهم , أما البقية فهم عرضة لمساومات السماسرة .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…