مغالطات قضية الغمر والتلاعب بالمنطق

جلال مرعي

في خضم الحديث القديم والمستمر عن الغمر بدلالاته ومآلاته، تطفو على السطح حجج خاطئة تقوض فحوى القضية وتخرجها عن مسارها الحقيقي، عبر ربطها بمسائل صدامات قومية ونزاعات طائفية. وهو ابعد ما يكون عن هذا كله، باعتبار القضية هي قضية استرداد لحق مسلوب، بثبوتيات ومواثيق وصكوك، وهذا ما يجيزه القانون والاعراف، ويستوجب على من يرى في نفسه دوافع انسانية، الوقوف بجانب الحق لا ضده، والتمعن بود واخلاق، في مساوئ وانعكاسات تلك القضية التعسفية، التي كانت ولازالت لها بالغ الاثر والخطورة على المتضررين، لا لترسيخ الباطل في سوريا التي نفضت عنها غبار الطاغية والسنوات العجاف.

ولتسليط الضوء على هذه القضية من جانب اخر، فان قانون الاستملاك لعام 1974، الى جانب قوانين اخرى مثل قانون الاصلاح الزراعي، قد استخدم كأداة قانونية ضمن مشروع “الحزام العربي” الذي نفذ في محافظة الحسكة. هذا المشروع تضمن الاستيلاء على اراض زراعية يملكها اكراد وتوزيعها على عرب الغمر الذين تم نقلهم من مناطق اخرى مثل الرقة، حيث استخدم قانون الاصلاح الزراعي لتحديد سقف الملكية ومصادرة ما يزيد عنه، مما مهد لنقل ملكية تلك الاراضي الى الدولة، ثم توزيعها لاحقا على المستفيدين الجدد.

وقد تمت هذه الاجراءات في ظل حالة الطوارئ المفروضة منذ عام 1963، والتي منحت السلطات صلاحيات واسعة في الاستيلاء على الممتلكات دون رقابة قضائية فعالة. وبالتالي، فان الاراضي التي وزعت على عرب الغمر كانت في جزء كبير منها اراض تمت مصادرتها بموجب قوانين مثل قانون الاستملاك لعام 1974، والقانون نفسه كانت له غايات ومآرب سياسية مقيتة.

كما ان هذه القضية الجوهرية منسية، تتجاهلها ادارة المنطقة بطرق عبثية، تلك القضية التي ساهمت في تهجير الاف العائلات الكردية، واثرت سلبا على كراماتهم من خلال افقار اجيالهم لسنوات طويلة، عبر خطط خبيثة من النظام السابق كانت تسعى الى استهداف الهوية الكردية وعائلاتها المتجذرة في هذه الارض.

ان القضايا الانسانية لا تتجزأ، ولنتحدث بواقعية، اذ كما نطالب الفصائل التركية بالتوقف عن سرقة واستغلال ممتلكات اهالي سري كاني وعفرين، يجب علينا ان نعمل على اعادة الحقوق لاصحابها في منطقة الجزيرة ايضا. فقد عانى اهل هذه الاراضي ما يكفي من الويلات.

اما مسألة التعويض، فهي تتعلق بالدستور السوري الجديد وما ستسفر عنه القوانين ذات الصلة، ولا ينبغي ان تكون هناك مشكلة في ادارة هذا الملف.

ومن المعلوم ان اليوم تمر الذكرى الواحدة والخمسون لهذا المشروع المستمر في نخر الجسم الكردي المتهالك، من سلسلة المشاريع التي طبقت عليه من قبل النظام البائد، املين العمل بمسؤولية وتعقل لايجاد المخرج المناسب ليعود الحق لنصابه وينصف هذه القضية.

شارك المقال :

2 1 vote
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…