ديـــار ســـليمان
ثمة منطقة نائية في أقصى جنوب قامشلو تسمى جنوب الرد.
لا أعرف بالتحديد سـر التسمية، ربما لأن هناك واديـآ أو خطآ وهميآ يسمى الرد يفصل بين المنطقة المطرية في الشمال حيث المدينة وأبنائها وبين المنطقة القليلة الأمطار في جنوبه حيث مساحات شاسعة تنتصب من مسافة لأخرى عدة بيوت تأخذ تسمية قرية، هذا من ناحية الجغرافيا، أما من النواحي الأخرى فثمة فروقات جوهرية هي بإختصار الفروق بين الحيـاة المدنية بكل صخبها وضجيجها وبين الحياة البدوية بكل رتابتها وروتينها.
فجنـوب الرد إذآ هو بعبارة أخرى (سـيبيريا) السـورية التي تلتف بالجفاف والسراب بدلآ من البرد والصقيع الذي يميز سيبريا الروسية مع كون الإثنتين مأوى (للمغضوب عليهم الضالين عن صراط المستقيم).
ثمة منطقة نائية في أقصى جنوب قامشلو تسمى جنوب الرد.
لا أعرف بالتحديد سـر التسمية، ربما لأن هناك واديـآ أو خطآ وهميآ يسمى الرد يفصل بين المنطقة المطرية في الشمال حيث المدينة وأبنائها وبين المنطقة القليلة الأمطار في جنوبه حيث مساحات شاسعة تنتصب من مسافة لأخرى عدة بيوت تأخذ تسمية قرية، هذا من ناحية الجغرافيا، أما من النواحي الأخرى فثمة فروقات جوهرية هي بإختصار الفروق بين الحيـاة المدنية بكل صخبها وضجيجها وبين الحياة البدوية بكل رتابتها وروتينها.
فجنـوب الرد إذآ هو بعبارة أخرى (سـيبيريا) السـورية التي تلتف بالجفاف والسراب بدلآ من البرد والصقيع الذي يميز سيبريا الروسية مع كون الإثنتين مأوى (للمغضوب عليهم الضالين عن صراط المستقيم).
هذا وقد أصاب مفهوم جنوب الرد الكثير من الخصخصة والتحول، فبعد أن كانت التسمية تشير الى مكان محدد بذاته لا يخفى على أحد، كأن يسأل أحد ما معلمآ عن المدرسة التي يقوم بالتعليم فيها فيجيب (جنوب الرد) فيعلم السائل أن المعلم هو أحد المنفيين (بنـاءً على مقتضيات المصلحة العامة) الى الجنوب وهذه العبارة هي شكل من أشكال الوشـم المحفور على جبين صاحبه والذي يشعره بأنه من الدرجة الثانية فما دون، وهنا يشعر السائل بالشفقة ويدور في ذهنه شريط سينمائي بدءآ من صعود (المعلم) في صحن السيارة بين الجنوبيين وأسمالهم ومواشيهم وأكياسهم وقد أنهكه التفكير في البيت الترابي المسـمى مدرسة وكيفية حصوله على الماء والغذاء والإنارة مع عدم نسيان مأسـاة قضاء الحاجة!
أصبحت كل الجهات جنوب الرد، وأصبح جنوب الرد في كل الإتجاهات كخطوط الطول والعرض والإرتفاع! أي الى مـا وراء الشمس أيضآ إذا ما أقتضت المصلحة العامة، كما أصبح لكل مواطن خط للـرد، لـرده الى جادة الصواب، يخرج المواطن من بيته صباحآ ولا يعلم إذا ما كان سيعود إليه في نهاية النهار أم سينتقل الى إحدى جهات الرد، إذ لا يكاد يمر يوم إلا ويكون هناك منفيـون جدد، وكله بناءً على مقتضيات المصلحة العامة.
تلقيت مؤخرآ خبرآ من الأستاذ محمد غانم ومفاده أنه بناءً على مقتضيات المصلحة العامة تم نقله من مدرسة جميلة بوحيرد في الرقة حيث يعمل الى المجمع التربوي في قرية معدان على بعد 70 كم، مع تفصيلات أخرى عن قدمه الوظيفي الذي يزيد على الأربع والثلاثين عامآ والساعتين والنصف يوميآ اللتان سيستغرقهما الذهاب والأياب الى (جنـوب رده) والمائتي ليرة أجرة الطريق يوميآ، ومع أن الغانم سـمى القرار (إعدام وظيفي)، ومع الإحترام لمقتضيات المصلحة العامة والتي هي هنا رفـد خزينة الدولة يوميآ بمائتي ليرة سورية من (فائـض) راتب السيد غانم، إلا أن لي في المسألة رأي آخر وهو أنه محاولة لفرملة المعلم ومنعه من (أن يكون رسـولا) لشـعبه، وتحجيمه كـ(ألف بائجـي) فقط مثله مثل شيخ الكتاب.
لكن ماذا عن معلمينـا وموظفينـا الكورد وقـرارات نقلهم، الحقيقة يبدو الأمر وكأنه عقوبة جماعية ومحاولة تهجير في الوقت ذاته، أي (إعـدام ثقافي) يصب في طاحونة الإبـادة القوميـة، إذ يبدو أن هناك مرسومآ عشوائيآ صادرآ عن عقلية عشوائية بنقلهم عشوائيآ ليس لتنشيط السياحة الداخلية ولكن لضرب إستقرارهم العائلي والنفسي الذي يؤدي الى خلق إرباكات لهم بشكل يمنعهم من الإقتراب من الهـم العـام، وإلا فما هو التفسير لهذا التكثيف في قرارت النقل حيث لا تكلف الجهة مصدرة القرار نفسها بالجلوس الى هؤلاء ومناقشة الأمر معهم والحصول على موافقتهم قبل إصدار قرارها مع تعويضهم تعويضآ عادلآ في هذه الحالة من قبيل منحهم أجـور النقل وتعويضات حسب الساعات التي يقضونها في الوصول الى الدائرة المنقولين إليها وكذلك حسب بُعـد تلك الدائرة عن أماكان سكناهم وذلك وفـق الأصول المعمول بها في جميع دول العالم.
وهنا أقول بأنه إذا كانت الطبقة المثقفة تعجز عن التحرك لإيجاد حل لهذه المعضلة و تكتفي مثل أكياس التدريب بالتأرجح وهي تتلقى اللكمات فلا عتب إذآ على بقية فئـات المواطنين.
ما هو الخـبر السـئ التالي؟ هناك إشـارات تقول أن هناك إعتداءات على المجندين الكورد بسبب تحدثهم باللغة الكوردية أثناء الخدمة، يبدو أن هذا الموضوع هو عنوان الحلقة القادمة في سلسلة إجراءات التمييز العنصري ضد الكورد، ماذا أعددنا للدفاع للتصدي للموضوع، لا شئ سوى إحصاء حالات الإعتداء بانتظار الإنتقال الى خرق جديد لآدميتنـا وتهميشنا الى ما بعد بعد جنوب الـرد.
أصبحت كل الجهات جنوب الرد، وأصبح جنوب الرد في كل الإتجاهات كخطوط الطول والعرض والإرتفاع! أي الى مـا وراء الشمس أيضآ إذا ما أقتضت المصلحة العامة، كما أصبح لكل مواطن خط للـرد، لـرده الى جادة الصواب، يخرج المواطن من بيته صباحآ ولا يعلم إذا ما كان سيعود إليه في نهاية النهار أم سينتقل الى إحدى جهات الرد، إذ لا يكاد يمر يوم إلا ويكون هناك منفيـون جدد، وكله بناءً على مقتضيات المصلحة العامة.
تلقيت مؤخرآ خبرآ من الأستاذ محمد غانم ومفاده أنه بناءً على مقتضيات المصلحة العامة تم نقله من مدرسة جميلة بوحيرد في الرقة حيث يعمل الى المجمع التربوي في قرية معدان على بعد 70 كم، مع تفصيلات أخرى عن قدمه الوظيفي الذي يزيد على الأربع والثلاثين عامآ والساعتين والنصف يوميآ اللتان سيستغرقهما الذهاب والأياب الى (جنـوب رده) والمائتي ليرة أجرة الطريق يوميآ، ومع أن الغانم سـمى القرار (إعدام وظيفي)، ومع الإحترام لمقتضيات المصلحة العامة والتي هي هنا رفـد خزينة الدولة يوميآ بمائتي ليرة سورية من (فائـض) راتب السيد غانم، إلا أن لي في المسألة رأي آخر وهو أنه محاولة لفرملة المعلم ومنعه من (أن يكون رسـولا) لشـعبه، وتحجيمه كـ(ألف بائجـي) فقط مثله مثل شيخ الكتاب.
لكن ماذا عن معلمينـا وموظفينـا الكورد وقـرارات نقلهم، الحقيقة يبدو الأمر وكأنه عقوبة جماعية ومحاولة تهجير في الوقت ذاته، أي (إعـدام ثقافي) يصب في طاحونة الإبـادة القوميـة، إذ يبدو أن هناك مرسومآ عشوائيآ صادرآ عن عقلية عشوائية بنقلهم عشوائيآ ليس لتنشيط السياحة الداخلية ولكن لضرب إستقرارهم العائلي والنفسي الذي يؤدي الى خلق إرباكات لهم بشكل يمنعهم من الإقتراب من الهـم العـام، وإلا فما هو التفسير لهذا التكثيف في قرارت النقل حيث لا تكلف الجهة مصدرة القرار نفسها بالجلوس الى هؤلاء ومناقشة الأمر معهم والحصول على موافقتهم قبل إصدار قرارها مع تعويضهم تعويضآ عادلآ في هذه الحالة من قبيل منحهم أجـور النقل وتعويضات حسب الساعات التي يقضونها في الوصول الى الدائرة المنقولين إليها وكذلك حسب بُعـد تلك الدائرة عن أماكان سكناهم وذلك وفـق الأصول المعمول بها في جميع دول العالم.
وهنا أقول بأنه إذا كانت الطبقة المثقفة تعجز عن التحرك لإيجاد حل لهذه المعضلة و تكتفي مثل أكياس التدريب بالتأرجح وهي تتلقى اللكمات فلا عتب إذآ على بقية فئـات المواطنين.
ما هو الخـبر السـئ التالي؟ هناك إشـارات تقول أن هناك إعتداءات على المجندين الكورد بسبب تحدثهم باللغة الكوردية أثناء الخدمة، يبدو أن هذا الموضوع هو عنوان الحلقة القادمة في سلسلة إجراءات التمييز العنصري ضد الكورد، ماذا أعددنا للدفاع للتصدي للموضوع، لا شئ سوى إحصاء حالات الإعتداء بانتظار الإنتقال الى خرق جديد لآدميتنـا وتهميشنا الى ما بعد بعد جنوب الـرد.
09.04.2008