الجلاء في ذاكرة الشعب السوري

  افتتاحية صوت الأكراد *

عندما ناضل الشعب السوري عامة والكردي خاصة ، وقارع الاستعمار الفرنسي وقدم التضحيات لم يكن لأن الاستعمار يتكلم الفرنسية ( او أي لغة أجنبية ) ولم يكن لأن اسمه غير مستساغ ، أو ان دماء أبنائه كانت رخيصة ، بل لأن الاستعمار يعمد إلى مصادرة إرادة الشعوب ( الشعب السوري ) وحريته وينهب خيراته ويفرق بين ابناء الوطن الواحد ، وبغية استعادة الحرية والإرادة واستثمار الثروات وتوزيعها على الشعب ، وبغية تحقيق العدالة والمساواة فقد ناضل الشعب السوري بكافة مكوناته وكان للشعب الكردي الدور الأبرز في مقارعة الاستعمار وقيادة الثورات والانتفاضات وتقديم التضحيات والشهداء .

والآن ونحن نحتفل بالذكرى الثانية والخمسين لجلاء المستعمر الفرنسي ، فإن إرادة الشعب السوري مكبلة بقيود قاسية وحريته مصادرة بكافة أشكالها من خلال الأحكام العرفية وحالة الطوارئ ، وهناك نهب منظم في ثروات البلاد من قبل القائمين على إدارة البلاد ، وسياسة التمييز بين ابناء الوطن هي القاعدة .
نحن نحتفل بهذه الذكرى والشعب الكردي الذي ساهم بفعالية في صناعة الاستقلال الوطني محروم من كل حقوقه سواء كانت الإنسانية أو الوطنية أو القومية ، فالشعب الكردي الذي قاد العديد من الثورات غير موجود في الدستور السوري والقاموس السياسي للسلطة والشعب الكردي يتعرض لسياسة شوفينية مقيتة قل نظيرها فلم تكتف السلطة بتجريد الآلاف من ابنائه من الجنسية الوطنية والذين يربو عددهم على الـ (300) الف نسمة ولم تكتفي بتطبيق الحزام العربي العنصري الشوفيني بل بتصعيد اعمال القمع والتنكيل ضد الشعب الكردي يوماً بعد يوم من خلال سلسلة من المراسيم والمشاريع والسياسات الشوفينية الهادفة إلى صهره أو تشريده من مناطقه إلى مختلف المناطق السورية بعد تجريده من كل أسباب الدفاع عن النفس والعيش الآمن الكريم ،  وموجة الاعتقالات غير المبررة واستمرار الملاحقات الأمنية والنقل التعسفي لعشرات الموظفين الكرد وخاصة المدرسين ، وانهيار الوضع الاقتصادي في المناطق الكردية بسبب غلاء المازوت وغيره من مستلزمات الإنتاج الزراعي ، وحرمان مناطقه من أية مصانع ومنشآت تساهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي ، ومن ثم المرسوم (49) الذي ألحق شللاً شبه كامل في قطاع العقارات ، كلها عوامل أدت إلى انتشار البطالة بشكل مرعب ، وانهيار شبه كامل في الحياة الاقتصادية للمناطق الكردية ، الأمر الذي فرض حالة من الهجرة والتشتت لأبناء شعبنا .
نعم أيها السادة ونحن نستذكر الجلاء وحياة ابناء شعبنا السوري عامة والشعب الكردي خاصة مثقلة بهموم وآلام وأحزان أفقدت الجلاء طعمه ولم يعد للأعياد بأفراحها طعم في حياة هذا الشعب البائس ، فعذراً وعفواً ايها الجلاء ، إذا كان الشعب السوري قد نسي الاحتفال بك.

* الجريدة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي ) العدد (413) نيسان 20089

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…