قولوا خيرا… أو اسكتوا!

صلاح عمر

 

في كل مرة تلوح فيها تباشير الأمل في أفق القضية الكردية في كردستانسوريا، تظهر إلى العلن أصوات مأزومة، تأبى إلا أن تُعيدنا إلى الوراء، أصوات لا تُتقن سوى صناعة الضجيج في وجه أي محاولة صادقة للمّ شمل البيت الكردي الممزق.

الحقد، يا سادة، ليس موقفًا سياسيًا، بل مرض نفسي.

الحقود هو إنسان معتقل من الداخل، سجين قفصه الصدري، لا يرى في الضوء إلا تهديدًا، ولا في الاتفاق إلا خيانةً لأوهامه. يعيش في حالة عداء دائم، لأن قلبه لا يعرف طُهر النوايا، ولا عقله ذاق يومًا حلاوة التوافق.

اليوم، تقف القضية الكردية في سوريا على مفترق طرق، بين من يختار الحكمة والمصالحة كطريق للنجاة،

وبين من يُفضل بقاء الانقسام، فقط ليضمن لنفسه موطئ قدم في معركة المصالح الضيقة.

الاتفاق الكردي– الكردي، مهما كانت ملاحظاتنا عليه، هو خطوة إلى الأمام، نحو تأسيس مرجعية وطنية كردية تكون ندًّا لأي طرف، وقوة تفاوض موحّدة أمام النظام والمعارضة واللاعبين الدوليين.

لكن بدل أن نرى التأييد، تفاجئنا بعض الأصوات المأجورة بتوزيع الاتهامات، وشيطنة طرف لصالح طرف، وكأن المصالحة جريمة، وكأن التفاهم مؤامرة!

هؤلاء لا يريدون لنا أن نتصالح، لأنهم يعيشون من فتات الخلاف.

إنهم يُتقنون التهجم، لا البناء.

يعرفون لغة الشتائم، لا لغة السياسة.

هم أصحاب أجندات خارجية، تسوّل لهم نفوسهم أن يُسخّروا القضية الكردية لخدمة أسيادهم، ولو على حساب دماء الشهداء ومعاناة المعتقلين.

أيها المتربّصون بالحلم الكردي…

كفّوا عن العبث!

فمن يُشعل النار في جسد البيت لا يستحق أن يُدعى ابنًا له.

ومن يرى في وحدة الصف تهديدًا، هو في الحقيقة خصمٌ لوحدة هذا الشعب لا ناطقٌ باسمه.

نحن أبناء الذين حلموا وسُجنوا، قاوموا وقُتلوا،

نحن أبناء تلك اللحظة التي أوجعت، لكن لم تقتل الأمل، ولن نسمح أن يُطفئ نيراننا العابثون بالفتنة، ولا باعة الكراهية.

نقولها بصوتٍ عالٍ:

قولوا خيرًا… أو اسكتوا.

فالوطن لا يُبنى بلغة التشكيك، بل بقلوبٍ تصدق وتُخلص… وتسامح.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…