طالباني قبيل انتهاء ولايته: رغبتي الشخصية عدم الترشح ثانية إلا إذا كلفتني الكتل السياسية

   قال الرئيس العراقي جلال طالباني إن رغبته الشخصية هي عدم ترشيح نفسه لفترة رئاسية أخرى إلا إذا تم تكليفه من قبل الكتل السياسية العراقية الرئيسية، كونه يريد التفرغ للاتحاد الوطني الكردستاني وكتابة مذكراته، مضيفا: «لكنني سأتنازل عن رغباتي الشخصية من أجل المصالح العامة كما كنت وما زلت أفعل طوال سنوات حياتي» على حد قوله.

الرئيس طالباني، الذي ما إن ينهي مشاغله السياسية كرئيس لجمهورية العراق في بغداد حتى ينتقل إلى السليمانية ليبدأ مهماته الحزبية كأمين عام الاتحاد الوطني الكردستاني، خص «الشرق الأوسط» بحديث سياسي هو الأول لمطبوعة عربية قبيل انتهاء مهامه كرئيس للعراق بعد اجتماعه الثنائي مع مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان الأسبوع الماضي في منتجع دوكان قرب السليمانية.

وتحدث الرئيس طالباني عن تجربته في الرئاسة وعن الحكومة العراقية، كما أسهب في الحديث وللمرة الأولى عن انشقاق نوشيروان مصطفى، القيادي السابق في الاتحاد، حيث وصفه بـ«المعادي للاتحاد والمعارض والمعادي لحكومة إقليم كردستان».

وفيما يلي نص الحديث:

* كيف تقيمون فترة رئاستكم التي هي على أبواب الانتهاء؟

– أعتقد أنها كانت ناجحة، فقد لعبنا فيها دور المنسق والموفق في العملية السياسية العراقية واستطعنا أن نحقق علاقات خارجية جيدة، حيث عززنا علاقاتنا مع أشقائنا في العالم العربي، خاصة مع شقيقتنا الكبرى مصر، ومع أخينا فخامة الرئيس محمد حسني مبارك وإقامة علاقة استراتيجية، وكذلك مع الشقيقة السعودية والأردن والكويت ودولة الإمارات العربية، ومع جارتنا تركيا، حيث وضعنا أسس التحالف الاستراتيجي بين البلدين، وطورنا علاقاتنا مع الدول المهمة التي زرناها مثل الصين وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، كما منحنا زخما لاستمرارية هذه العلاقات من خلال لقاءاتنا الشهرية التي كنت أعقدها مع السفراء العرب والأجانب المعتمدين لدى العراق، وعملنا على تسيير أمور الدولة التي يترأس حكومتها الأخ نوري المالكي.



* هل تعتقدون أن دوركم كان سيصبح مؤثرا بصورة أكبر فيما لو كنتم تتمتعون بصلاحيات أوسع؟

– دعني أصحح لك أمرا مهما، وهو أن صلاحيات رئيس الجمهورية واسعة أصلا وكما أقرها الدستور العراقي، وهي صلاحيات مؤثرة ومهمة، وعلى ما يبدو هناك سوء فهم أو عدم اطلاع أعمق على هذه الصلاحيات، أو أن الناس سمعوا ببعض التصريحات الإعلامية التي يرددها البعض عن أن صلاحيات رئيس الجمهورية هي صلاحيات تشريفية، وهذا ليس صحيحا.



* استنادا إلى ما ذكرتم، هل قمتم باستخدام صلاحياتكم الكاملة التي خوَّلكم الدستور إياها؟

نعم استخدمناها في كل ما يتعلق بالحفاظ على المصالح العليا للعراق والعراقيين، وفي كل ما يتعلق بالسياسة العليا والسياسة الخارجية، وكان لنا قرار حاسم على أن نكون الساهرين على سلامة الدستور وتنفيذه.

قد تكون الحكومة لم تقدر دور رئاسة الجمهورية، وقد حدثت خلافات بسبب ذلك، ومع هذا لا ننكر أن رئيس الوزراء كان يستشير رئيس الجمهورية في كثير من القضايا وكان يسعى للتنسيق معنا، لكن عندما تكون هناك خلافات بين رئاسة الوزراء ومجلس رئاسة الجمهورية فإن كل واحد يمشي بمساره.



*هل وجدتم تجربة مجلس الرئاسة ناجحة؟

– لأكن صريحا معكم، تجربة مجلس الرئاسة ناجحة وفاشلة، مثل كل الجوانب في الحياة لها سلبياتها وإيجابياتها، من إيجابياتها أنها تجسد رغبة جميع الكيانات الرئيسية التي يتكون منها المجتمع العراقي، وهي العرب السنة والعرب الشيعة والكرد، وهذا شيء مهم في المرحلة التي نمر بها حتى تتثبت ديمقراطيتنا والمؤسسات الدستورية وإلى أن تستقر الأوضاع في العراق حتى نصل إلى مرحلة أن تقوم الأكثرية البرلمانية بحكم البلاد، ففي هذه المرحلة – دعنا نسميها انتقالية – نعتبر التجربة ناجحة، لكن من سلبياتها أن اعتراض عضو واحد في مجلس الرئاسة يستطيع أن يعرقل سير الأمور والقوانين والمقترحات اللازمة، وهذه العرقلة التي تأتي من عضو في المجلس قد تؤدي إلى عرقلة أمور الدولة.



* هل ستتكرر تجربة مجلس الرئاسة في المرحلة القادمة بعد الانتخابات النيابية؟

– أنا لا أعرف ذلك، فهذا من صلاحيات البرلمان.

وحسب الدستور، فإن مجلس الرئاسة انتهت مهمته، وحصل هذا لمرة واحدة، وملحق الدستور يقول إن مجلس الرئاسة لدورة برلمانية واحدة وقد انتهت هذه الدورة «حل تعبير مجلس الرئاسة بدلا من رئيس الجمهورية أينما ورد في هذا الدستور ويعاد العمل بأحكام رئيس الجمهورية بعد مرور دورة واحدة» وهذا يعني أنه في الدورة البرلمانية القادمة ينبغي أن يكون هناك رئيس جمهورية وينتهي دور مجلس الرئاسة.



* بناء على تجربتكم، هل سترشح نفسك لرئاسة الجمهورية في الدورة القادمة؟

– دعني أكن صريحا معكم؛ إذا كان الأمر يعود إلى رغبتي الشخصية فلا، لن أرشح نفسي لرئاسة الجمهورية مرة أخرى، ذلك لأنني بحاجة إلى التفرغ والعمل أكثر في الاتحاد الوطني الكردستاني، وإلى عائلتي والاستراحة لكتابة مذكراتي، ولكن إذا كان هناك تكليف من الكتل البرلمانية والسياسية الرئيسية في العراق فلن أخيب آمالهم ولن أرفض هذا التكليف.



* وهل تتنازلون عن رغبتكم الشخصية؟

– إي والله، كما تنازلت كل سنوات حياتي عن رغباتي الشخصية لحساب المصلحة العامة والعراق والعراقيين.



* هل تعتقدون أن المعادلة السياسية سوف تتغير إذا تم اختيار رئيس للجمهورية من العرب الشيعة أو السنة؟

– لا، لن تتغير لأن الدستور موجود ولن يحدث هناك أي تغير.



* هل تعتقدون أن رئاسة البرلمان أفضل للأكراد من رئاسة الجمهورية؟

– هذا يعتمد على الظروف.

في الظروف الحالية، رئاسة الجمهورية أفضل للأكراد من رئاسة البرلمان، أما في الظروف الاعتيادية فإن رئاسة البرلمان هي الأفضل للأكراد.

ولا تنس أنه في الظروف الاعتيادية لن تعود هناك محاصصات بحيث يكون هذا المنصب من حصة الأكراد وذاك من حصة العرب الشيعة أو السنة، لأن الدستور لم يمنح أية امتيازات لأي مكون من مكونات الشعب العراقي.



* هل لمستم من العراقيين تأييدا لجلال طالباني كرئيس للعراق باعتباره الشخصي أم كونه كرديا؟

– أنا طوال عمري ناضلت في صفوف الثورة الكردية والقضية العراقية من أجل عراق ديمقراطي ودافعت عن حقوق الأكراد ضمن هذا العراق..

وأنا أفتخر بأن علاقاتي مع القوى التقدمية العراقية والعربية كانت دائما جيدة، ومنذ أن كنت طالبا في كلية الحقوق بجامعة بغداد بذلت جهودا طيبة لأن تكون علاقاتنا جيدة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي كنت في قيادته وبين جميع الأحزاب الوطنية العراقية، مثل الحزب الشيوعي والحزب الوطني الديمقراطي وحزب الاستقلال وحزب البعث وغيرهم، أما عربيا، فأنا أيضا أفتخر بأنني أول كردي قيادي من الحزب الديمقراطي الكردستاني سافر إلى سورية وأقام علاقات مع الأحزاب السورية آنذاك حيث التقيت مع أكرم الحوراني وميشال عفلق وغيرهم، وأنا أول كردي اتصل بالرئيس جمال عبد الناصر وقابلته لمرات عدة وأقمت علاقات طيبة مع الناصريين، وهذا ما يخولني لأكون عراقيا جيدا.

وأنا عندما تم تكليفي برئاسة الجمهورية التقيت قبلها بجميع الكتل السياسية الرئيسية في العراق، التي أجمعت على موافقتها على هذا التكليف، وقلت للإخوة في المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني إنني عندما أذهب إلى بغداد كرئيس للجمهورية سوف أخلع ملابسي الكردية وأرتدي العباءة العراقية لأتصرف كعراقي ورئيس لكل العراقيين.



* لكن العراقيين عاتبون على رئيسهم – ربما هو عتاب المحبة – بأن الرئيس طالباني لم يزرهم في محافظاتهم الجنوبية مثل البصرة أو العمارة أو الناصرية، فهل هذا لأسباب صحية أم أمنية؟

– مع محبتي لكل العراقيين فهذه نصف الحقيقة لأنني قمت بزيارة كربلاء والنجف الأشرف والحلة وزرت السماوة، لكنني لم أزر المدن الأخرى لأسباب عديدة منها أن المناطق العربية السنية كانت قلقة وغير مستقرة أمنيا وغير قابلة للزيارة وكان علي أن أوفق بين زياراتي للمناطق العربية السنية والشيعية وإلا فسوف تفسر زياراتي بشكل آخر وغير صحيح.

السبب الآخر هو أن الأوضاع الأمنية عندما تحسنت في جنوب العراق، في البصرة مثلا فإنها (الأوضاع الأمنية) لم تتحسن في مدينة الموصل، وإذا قمت بزيارة البصرة فيجب زيارة الموصل كون المدينتين تشكلان قطبين مهمين في العراق، فهذا العتاب نصفه صحيح وأنا أقبل به.



* كيف تقيمون الأوضاع الأمنية في ظل التفجيرات الأخيرة وعمل الأخيرة ببغداد وغيرها، وعمل الأجهزة الأمنية؟

– أنا أعتقد أن الحكومة الحالية استطاعت أن تلعب دورا مهما لفرض الأمن والاستقرار وفي تحرير المناطق غير المستقرة من الإرهابيين والميليشيات، فقبل فترة ليست بعيدة كانت محافظة الأنبار تحت سيطرة الإرهابيين والبصرة تحت سيطرة الميليشيات، وكانت الطرق الأساسية الموصلة بين مناطق العراق في خطر وغير قابلة للاستعمال، أما اليوم فقد تحررت الأنبار من الإرهابيين والبصرة من الميليشيات، وتم تأمين الطرق بين بغداد وسائر مدن العراق وفرض الأمن في العديد من المناطق؛ في بغداد وكربلاء والنجف والحلة وسامراء وتكريت، نعم هناك خلايا إرهابية، لكن هذه الخلايا موجودة في باكستان والجزائر أيضا، هناك فرق بين وجود خلايا إرهابية سرية تقوم بالتفجيرات وبين وجود مناطق بأكملها تحت سيطرة الإرهابيين كما هي الحال في أفغانستان، إذن حكومة الوحدة الوطنية حققت النجاح في هذا المجال، لكنها لم تتمكن من القضاء المبرم على الإرهابيين، وهذا له أسبابه، فالأجهزة الأمنية لعبت دورا مهما وقدمت المئات من الشهداء وعلينا أن نقدر دورها وتضحياتها، ولكن هل توجد نواقص في هذه الأجهزة؟ نعم توجد نواقص في الأجهزة الأمنية وتوجد أيضا ادعاءات بتسلل الإرهابيين والبعثيين إلى هذه الأجهزة بما يسهل عمل الإرهابيين، فلا نستطيع أن ننكر الإنجازات، وفي الوقت ذاته لا ننكر وجود السلبيات مثل وجود النواقص في الخطة الأمنية وفي العناصر التي تتولى تنفيذ هذه الخطة.

ولكن تم تحقيق إنجازات ضخمة في هذا المجال.



* ولكن بعد أربع سنوات من عمر هذه الحكومة هناك تدهور في الوضع الأمني والأوضاع الاقتصادية سيئة..

هناك غياب للخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء والخدمات البلدية؟

– دعني أخالفك في ذلك، لماذا التدهور؟ انظر إلى خارطة العراق ستجد أن الأوضاع الأمنية في الجنوب آمنة وفي إقليم كردستان كذلك آمنة، وفي معظم مناطق البلد، هناك نشاط للإرهابيين في محافظة نينوى وبغداد، بينما في السابق كانت لديهم نشاطات وسيطرة على معظم مناطق العراق، إذن ليس هناك تدهور أمني، بل هناك عدم إنجاز كامل لفرض الأمن، وهذه العمليات الإرهابية تحدث في الجزائر وفي المملكة العربية السعودية وفي بلدان أخرى.

إذن يجب أن نقدر الأمور على حقيقتها.

بالنسبة للوضع الاقتصادي، فهناك تحسن في هذا الجانب، فمستوى المعيشة ارتفع كثيرا مقارنة بالعهد الصدّامي (نسبة إلى الرئيس العراقي السابق صدام حسين)، والأوضاع الاقتصادية تحسنت، لكننا لم نصل إلى ما ننشده في هذا المجال لأسباب عدة، منها عدم القضاء على الإرهاب وعدم تنفيذ خطة خمسية أو رباعية، وعدم الوصول إلى مستوى مطلوب من الإنتاج النفطي لتنفيذ المشروعات المخطط لها.



* هل هذا يعني أنكم راضون عن أداء الحكومة؟

– لا.

أنا راض عن جوانب وعندي ملاحظات على جوانب أخرى من أداء الحكومة، لكن عموما، ومثلما يقول العراقيون «شي على شي»، نعم أنا راض، لكن هناك نواقص في الخطة الخمسية وفي السياسة النفطية التي بدأت في الأيام الأخيرة تتحسن وتكون صائبة وجيدة وفي خدمة العراق، ونهنئ القائمين على هذه الخطوة، وما حدث في موضوع إبرام العقود مع الشركات النفطية كان يجب أن يحدث قبل ثلاث سنوات أو سنتين.

نعم هناك إنجازات وهناك نواقص، ويجب أن نذكرها كلها، وليس هناك كمال في الأعمال إلا لله تعالى جل جلاله.



* ولكن هناك خلافات بينكم وبين رئيس الحكومة مثلما حصل في تمثيل العراق في القمة العربية التي عقدت في قطر وإصرار المالكي على حضور القمة بدلا منكم..

 – هذا تم بموافقتي وأنا من أبلغت الأخ أمير قطر بأن رئيس الحكومة سيمثل العراق في القمة العربية ولم يكن بإلحاح منه، ولكن كانت عنده رغبة في ذلك واستشارنا في الموضوع ولم يفرض نفسه، بل نحن وافقنا على أن يمثل العراق في القمة العربية.



* ومخالفتكم للمالكي في اتهاماته لسورية بضلوعها في التفجيرات الأخيرة ببغداد؟

– هنا نقطة مهمة دعني أوضحها؛ أنا لي وضع خاص مع سورية ومع الإخوة السوريين، فأنا قلت مرارا إنني أدين وطنيا وشخصيا وأخلاقيا لعائلة الأسد الكريمة، فأنا لا أنسى ما قدمه لنا الرئيس حافظ الأسد من دعم ومساعدات في ظروف صعبة للغاية، في ظروف لم تتمكن دول عربية عديدة منحنا تأشيرة دخول (فيزا) لزيارتها، وهذه العلاقة أنا أعتز بها وأتفهم دوافعها، لهذا أنا قلت مرارا إن سورية هي بلدي الأول المكرر، العراق بلدي الأول وسورية بلدي الأول المكرر، ثم إن فلسفتي في العمل وحل المشكلات تعتمد الدبلوماسية الهادئة، وأحيانا الدبلوماسية المخفية، وأنا لا أفضل حل المشكلات بالتصريحات المتشددة والتصعيد الإعلامي والمهاترات، أنا دائما أفضل حل المشكلات بين الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة بطريقة ودية ودبلوماسية وسرية بعيدا عن إثارة المشكلات، لهذا أنا كنت أعتقد، وبغض النظر عن الادعاءات حول سورية، أن حل المشكلات كان يجب أن يتم بلقاءات عراقية سورية، سواء عن طريق لجنة أمنية مشتركة أو عن طريق الوسطاء الذين تم تكليفهم من قبلنا.



* الحديث يدور اليوم عن الانتخابات النيابية القادمة؛ هي فاصلة ومهمة، فهل تعتقدون أنها كذلك؟

– نعم أعتقد أنها انتخابات فاصلة ومصيرية وستؤدي إما إلى انتكاسة العملية الديمقراطية أو استمرارها.



* وما قراءتكم المستقبلية لنتائج هذه الانتخابات؟

– قراءتنا تؤكد أنها ستكون ناجحة وداعمة لاستمرار المسيرة الديمقراطية وتطويرها.



* هل تعتقدون أنه سيكون هناك تغيير في العملية السياسية؟

– في الأشخاص قد يكون هناك تغيير، مثلا قد ينتخب رئيس للجمهورية غير جلال طالباني، أو أن ينتخب شخص آخر لرئاسة الوزارة أو رئاسة البرلمان.

نحن يجب أن نكون واثقين من أن المسيرة الديمقراطية ستستمر، وسنعمل على تشكيل جبهة وطنية قوامها التشكيلات السياسية الرئيسية الفائزة في الانتخابات لتشكيل وحدة وطنية قوية ومتماسكة ومنسجمة وتشكيل كتلة برلمانية متماسكة ومنسجمة وقوية تساعد الحكومة في عملها وتسيير القوانين.



* على هذا الأساس هل ستكون تحالفاتكم «ككتلة كردستانية» هي نفسها التي جرت في الدورة السابقة، هل ستتحالفون مع التيار ذاته الذي تحالفتم معه؟

– سياستنا دائما هي أن نتحالف مع الجميع، ففي السنوات الأربع الماضية تحالفنا مع الائتلاف العراقي الموحد والموسوم بالشيعي، ومع الحزب الإسلامي، وكانت لنا تحالفات جيدة استمرت لفترة من الفترات مع الأخ إياد علاوي والوفاق الوطني، ولنا اليوم علاقات جيدة مع الائتلاف ومع دولة القانون ومع الأخ جواد البولاني ومع القائمة العراقية ومع الحزب الإسلامي ومع الحزب الشيوعي، نحن لا نقصر علاقاتنا وتحالفاتنا مع جهة واحدة أو نحصرها في جهة معينة، سياستنا هي التحالف مع الجميع.



* جرى الحديث عن مشاركتكم في الانتخابات بقائمة وطنية عراقية، ما مدى صحة ذلك؟

– الظروف الحالية غير مواتية للمشاركة في قائمة وطنية عراقية، وإن شاء الله سنشارك في الانتخابات القادمة بمثل هذه القائمة.



* لننتقل إلى الاتحاد الوطني الكردستاني الذي أنتم أمينه العام، كيف تنظرون إلى تجربة رئاسة الدكتور برهم صالح لحكومة إقليم كردستان؟

– أعتقد أن هذا شيء طبيعي، وإذا رجعت إلى تاريخ الفيدرالية الكردستانية فستجد منذ البداية أنه كان هناك تناوب بيننا وبين الحزب الديمقراطي الكردستاني على رئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان.

أول وزارة تشكلت كانت برئاسة الدكتور فؤاد معصوم، ورئاسة البرلمان كانت من الديمقراطي الكردستاني، ثم تشكلت الوزارة برئاسة الأخ نيجيرفان بارزاني، ورئاسة البرلمان كانت من الاتحاد الوطني الكردستاني، ورئاسة الحكومة الحالية أسندت للدكتور برهم صالح بينما رئاسة البرلمان للديمقراطي، هذا استمرار للتحالف بين الحزبين الكرديين الرئيسيين.



* هل تلمسون عدم رضا من بعض قيادات الديمقراطي لرئاسة صالح للحكومة؟

– لا لم نلمس ذلك، اليوم أنا التقيت بالأخ مسعود بارزاني، رئيس الإقليم، وأكد دعمه الكامل ورضاه التام عن الدكتور برهم صالح.



* هل أنتم متفائلون برئاسة صالح للحكومة؟

– نعم نحن متفائلون بهذه الحكومة، فالدكتور برهم ذكي وفعال ونشط وعقله واسع، ويمتع بقدرات جيدة جدا، وأعتقد أنه سيوظفها في إنجاح المهمة الموكولة له الآن.


* أسفرت الانتخابات النيابية الكردستانية عن بروز معارضة ملموسة تتمثل في كتلة التغيير التي يترأسها نوشيروان مصطفى، كيف تقيمون هذه المعارضة؟

– هذا في الحقيقة ناجم عن انشقاق في الاتحاد الوطني الكردستاني، وكان هذا الخلاف موجود في الاتحاد ومنذ سنوات عديدة، الاختلاف في السياسة والمواقف، لكننا استطعنا المحافظة على الوحدة الداخلية للحزب عن طريق تقديم امتيازات وتنازلات ومصالحات، لكننا وصلنا إلى منطقة لا يمكن الاستمرار خلالها، فانشق عدد من قيادات الاتحاد، وأدى ذلك إلى تشكيل تيار اسمه التغيير، وفي البداية حدث نوع من التشويش والخلط للأوراق؛ فالذين انشقوا لم يقولوا إننا خارج الاتحاد، بل ادعوا أنهم الجناح الإصلاحي في الاتحاد الوطني وقدموا أنفسهم بهذا الشكل حتى أنهم أرادوا تقديمي للمحكمة لأنهم أبعدوا عن المسؤوليات القيادية في الحزب وأصدروا بيانا ضدي باسم القيادة الإصلاحية في الاتحاد، فصار نوع من التشويش في أذهان الناس الذين كانوا يريدون الإصلاح.

وإذا كان من الاتحاد فهذا أفضل، وهذا التشويش أدى إلى أن يصوت العديد من أعضاء الاتحاد لهم.

لكن بعدما ثبت عدم صحة ادعاءاتهم رجع المئات من الكوادر القيادية والآلاف من القواعد، بل إن مناطق بأكملها عادت إلى الاتحاد.

عدا ذلك، فإن شعار التغيير مغرٍ ومطلوب، ونحن لم ننكر أهمية التغيير ولكن من يستطيع القيام به؟ نحن نعتقد أن التغيير الأساسي يجب أن يقوم به الحزبان الأساسيان (الاتحاد والديمقراطي)، وغيرهما لا يستطيع التغيير، بل يستطيع الصياح (الصراخ)، وهذا ما تثبته الأيام بوضوح يوما بعد يوم.

وعموما، فهذا هو ليس الانشقاق الأول في الاتحاد الوطني الكردستاني، وهذا وضع طبيعي، ومن انشق عاد إلى الحزب.



* هل التقيتم نوشيروان مصطفى وتحدثتم معه قبل الانتخابات؟

– نعم التقيته وقلت له في اللقاء ما قبل الأخير: إذا كنت تريد تشكيل حزب أو تيار فنحن على استعداد لدعمك ومساعدتك وهذا من حقك، وأنا أردت أن يكون ختامها مسك، فنحن عملنا سنوات طويلة معا، وأردت أن يكون الانفصال بشكل ودي وهو أن تنسحبوا وتشكلون تنظيمكم.

فقال: لا، أنا لا أريد تشكيل حزب، بل أنا أريد الإصلاح وأنت وحدك (طالباني) تستطيع إجراء الإصلاح.

فقلت: أنا وحدي أستطيع الإصلاح؟ فقال: نعم.

قلت: إذن سأبدأ بالإصلاح وأريد تأييدك لهذه العملية.

فقال: نعم أنا أؤيدكم.

وبعثنا له بالمشروع الأول للإصلاح وأضاف عليه وصحح فيه وأعاده إلينا بعد أن وافق عليه وطرحناه على المكتب السياسي في انتظار عقد المؤتمر السياسي وهو أيد هذه الخطوات، مع الأسف في النهاية انفصلوا بشكل عدائي وركزوا هجومهم على الاتحاد الوطني وحاولوا بحساباتهم الخاطئة تدمير الاتحاد، لكن حزبنا لم يدمر، ومع كل هذا نحن ننظر إلى هذا الانشقاق كمسألة طبيعية تحدث في التنظيمات السياسية.



* باعتباركم الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني هل تعتبرون نوشيروان مصطفى معارضا أم معاديا؟

– هو معادٍ للاتحاد ومعارض ومعادٍ لحكومة الإقليم.

نوشيروان مصطفى لا يؤمن في فكره بالائتلافية، ويريد أن تكون محافظة السليمانية مستقلة، ومحافظة دهوك مستقلة، وكذلك أربيل محافظة مستقلة مرتبطة بنوع من اللامركزية ببغداد.



* ذكرتم أن هناك قيادات انشقت عن الاتحاد وعادت.

هل تعتقدون أن مصطفى سيعود إلى الحزب؟

– نحن قررنا في المؤتمر الأخير عدم عودتهم وقطع الصلة بهم لأننا عانينا الكثير منهم ومن خلافاتهم ولسنوات طويلة.



* المعروف عن زوجتكم السيدة هيرو خان عدم ظهورها كقيادية وهي تفضل العمل خلف الكواليس في منظماتها الخيرية للأطفال والنساء مع أنها كانت قد ناضلت معكم في الجبال طوال سنوات الثورة الكردية، كيف جرى اختيارها كمسؤولة عن تنظيمات الحزب في السليمانية؟

– أنا لم أتدخل في هذا الموضوع على الإطلاق، ولم أبحث هذا الموضوع معها، ولكن الرفاق في المكتب السياسي للحزب، خاصة الإخوة ملا بختيار ودلير سيد مجيد وآخرين في القيادة تحدثوا معها وأقنعوها بالقبول بهذه المهمة على الرغم من ممانعتها لكنها اقتنعت بعد الحديث معها؛ إذا ارتأت القبول بهذه المهمة استنادا للظروف التي يمر بها الاتحاد.

وحزبنا كان ولا يزال يقدم قيادات نسائية، ونحن في مقدمة الأحزاب في تعيين وزيرات ولنا وزيرة في بغداد، نرمين خان وزيرة البيئة.



* كيف تقيمون علاقاتكم مع الحزب الديمقراطي الكردستاني؟

– علاقاتنا أكثر من متميزة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني وعلاقتي مع الأخ مسعود بارزاني أكثر من ممتازة، ونحن نسعى لتعزيز هذه العلاقة ونقلها من القيادة إلى قواعد الحزبين، وقررنا مع الأخ بارزاني تشكيل لجنة للقيام بهذه المهمة قريبا.



معد فياض / الشرق الأوسط

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…