مهدي كاكەيي
- في البداية يجب القول بأنّ هذه الاتفاقية هي غير متكافئة، وهي لصالح تركيا وحكومة المرحلة الانتقالية في سوريا، بل يمكن القول بأنّه نوع من الاستسلام من قِبل الإدارة الذاتية للإقليم. كما أنّ الاتفاقية تتألف من خطاب عام، تفتقد الى التفاصيل.
- من المؤكد أن إبرام الإدارة الذاتية لهذه الاتفاقية جاء نتيجة ظروف قاهرة أجبرتها على توقيعها وهناك عامل أو أكثر يكون قد ساهم في اضطرار الإدارة الذاتية لإبرام الإتفاقية وهذه العوامل هي:
أ. ابلاغ الإدارة الذاتية بإنسحاب القوات الأمريكية من الإقليم في المستقبل القريب أو تعرّض الإدارة الذاتية لضغوط أمريكية ولضغوط بقية أعضاء التحالف الدولي لإبرام الإتفاقية، حيث أنّ هذه الاتفاقية تمت بمباركة أمريكا ورحبت بها وزارة الخارجية الأمريكية.
ب. الضغط العسكري التركي من خلال الهجمات التركية وهجمات مرتزقة النظام التركي.
ت. اعتراف الحكومات العربية والتركية بشرعية النظام السياسي السوري الجديد وكذلك رغبة الاتحاد الأوروپي برفع العقوبات عن سوريا. هذا يكون بِدوره قد ساهم في قبول الإدارة الذاتية بهذه الاتفاقية.
ث. قد تكون هناك خلافات بين أعضاء حزب الاتحاد الديمقراطي فيما يتعلق بمستقبل الإقليم والموقف من النظام السوري الجديد. كذلك قد يكون وجود خلافات بين الكورد من جهة والعرب والمكونات العرقية الأخرى العائشة في الإقليم من جهة أخرى والتي أجبرت الإدارة الذاتية أن توقع هذه الاتفاقية الإستسلامية.
ج. قد تكون الإدارة الذاتية نفّذت أوامر أوجلان بإلقاء السلاح. هنا أود أن أذكر بأن السيد عبد الله أوجلان هو أسير عند النظام التركي، وهو غير حرّ وبدون إرادة، لذلك كان من الواجب على قيادة حزب العمال الكوردستاني انتخاب رئيس جديد أو قيادة سياسية مشتركة للحزب بعد اختطاف أوجلان وعدم ربط مصير الحزب وشعب كوردستان بزعيمٍ مسجون لا إرادة له، بل جعله قائداً رمزياً بدون صلاحيات الى أن يتحرر من الأسر. الآن أيضاً الوقت ليس متأخراً أن يستقل حزب العمال الكوردستاني عن تأثيرات وأوامر أوجلان ويرسم استراتيجياته بنفسه وأن ينبذ أفكار أوجلان التي ظهرت في السنين الأخيرة والتي تلغي القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية وتتبنى مشروع “الأمة الديمقراطية” التي لا يمكن نجاحه خلال مئات السنين بل ربما آلاف السنين القادمة ولذلك يُشكّل هذا المشروع كارثة كبرى لشعب كوردستان ونضاله في سبيل التحرر والاستقلال وهذه الأفكار تسببت في تسميم عقول كثير من الشباب الكورد وابعادهم عن الفكر الوطني الكوردستاني والفكر القومي الكوردي.
- لا يمكن الثقة بالإرهابيين الإسلاميين الذين استولوا على الحكم في سوريا. كما أن هؤلاء غير مؤهلين للحُكم، إنهم إسلاميون متوحشون، عصرنا يرفض أفكارهم الظلامية المتخلفة. يتألف هؤلاء من ميليشيات سورية الى جانب مرتزقة شيشانية وتركمانية وأوزبكستانية وتركية وغيرها وهذه ميليشيات غير منسجمة وسوف تتحارب فیما بینها وتخلق فوضى وعدم استقرار في سوريا.
- ينبغي أن تعرف القيادة الكوردستانية في إقليم غرب كوردستان بأنّ سوريا لا تستطيع أن تبقى دولة موحدة، بل تصبح كانتونات قومية ودينية ومذهبية، حيث يصبح الدروز في جنوب سوريا تحت السيطرة الإسرائيلية، وقد تصبح مناطق العلويين تحت النفوذ والحماية الروسية، حيث أنّ إسرائيل تريد بقاء القواعد الروسية في سوريا لتحجيم النفوذ التركي في سوريا. أمريكا وإسرائيل لا تسمحان مطلقاً لتركيا أن تسيطر على سوريا وتعيد تأسيس الدولة العثمانية. المناطق العربية السُنيّة ستكون تحت نفوذ الحكومات العربية السعودية والقطرية والمصرية، بينما يكون إقليم غرب كوردستان حليفاً لإسرائيل وأمريكا والدول الغربية الأخرى. ولذلك على إقليم كوردستان المناورة والاحتفاظ بقواتها وأسلحتها، حيث ستحصل تغيرات وتطورات كبرى خلال هذه السنة وتكون بالتأكيد لصالح شعب كوردستان.
- إنّ مشروع إعادة رسم الخريطة السياسية لمنطقة الشرق الأوسط الجاري سيكون لمصلحة إسرائيل وكوردستان وأمريكا والدول الغربية الأخرى وسيؤدي الى ضعف وتقسيم كل من إيران وتركيا والاضرار بالمصالح الروسية والصينية في المنطقة.
- إن شعب كوردستان هو الحليف الاستراتيجي الوحيد للشعب الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط وأنّ إسرائيل تعرف أن تأسيس دولة كوردستان هو الضمان الوحيد لبقاء إسرائيل كدولة ولذلك ليطمئن شعب كوردستان بأن دولة كوردستان قادمة وستلعب دوراً محورياً في المنطقة ودوراً مؤثراً في السياسة العالمية.
- تصل نفوس الكورد أكثر من نصف نفوس سكان سوريا، حيث على سبيل المثال هناك 700000 سبعمائة ألف كوردي في محافظة حماه لوحدها والذين يفتخرون بكورديتهم. لذلك على الكورد حل جميع أحزابهم في الإقليم وتأسيس حزب جديد يضم كورد سوريا جميعاً. كما يجب التحالف مع الدروز والمسيحيين وبذلك يستطيع الكورد حُكم سوريا التي هي تاريخياً جزء من كوردستان وحينذاك يصبح الكورد والإسرائيليون جيراناً ويبرمون حلفاً استراتيجياً معاً ويُغيّرون وجه الشرق الأوسط ويقضون على الأفكار الظلامية والعنصرية لتعيش شعوب المنطقة في سلام ووئام وتعاون ورفاهية.
- الانتكاسات الكوردستانية التي قد تحصل ستكون على المدى القصير، بينما في المدى البعيد، ستظهر ملامح دولة كوردستان خلال بلورة ملامح مشروع إعادة رسم خريطة منطقة الشرق الأوسط التي بدأت منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لذلك على مواطني كوردستان ألا تنكسر ارادتهم وتهبط معنوياتهم وأن يعرفوا بأننا نعيش في عصر النهضة الكوردستانية وأن شمس الحرية والاستقلال ستشرق في سماء كوردستان قريباً.