تباينات في قراءة اتفاق الشرع – عبدي

صلاح بدرالدين

 

  مازالت ردود الفعل المحلية ، والخارجية تتواصل منذ الإعلان عن بنود الاتفاق المبرم بين الرئيس الشرع ، وقائد قوات سوريا الديموقراطية في دمشق ، وتعددت القراءات ، والتقييمات وهذا امر طبيعي في عالم الاعلام ، والسياسة خاصة في بلد مثل سوريا لم تتعافى بعد ، ولم تمضي على تحررها من الدكتاتورية والاستبداد الا اشهرا ، مازالت تشهد احداثا دامية ، وسجالات ، وصراعات سياسية حول الحاضر والمستقبل ، وسبل إعادة بناء مؤسسات الدولة في سوريا الجديدة ، اما ماهو غير طبيعي فهو سعي البعض في اخراج ذلك الاتفاق عن سياقه الموضوعي ، وقراءته ليس بناء على مضامين بنوده الثمانية الشديدة الوضوح ، بل اعتمادا على فرضيات أخرى ، وافرازات الخيالات الخصبة الممزوجة بالمشاعر الذاتية ، والتمنيات الخاصة ، مما فتح ذلك ألابواب على مصاريعها للاختلافات ، والتراشق بالكلمات الى درجة تخوين البعض الاخر ، وهو مانحن بغنى عنها في هذه الظروف الدقيقة التي احوج ماتكون الى الحوار الرصين المفيد لانجاز مهامنا القومية والوطنية .

  واذا كان الاتفاق قد نشر جوا من الارتياح والتفاؤل على الصعيد الوطني لانه عزز خيار الحوار واستبعاد اللجوء الى السلاح ، وأضاف زخما جديدا للعهد الجديد في مواجهة التحديات ، الا انه خلق شرخا جديدا عمق الخلاف بين النخب الإعلامية والسياسية في الداخل السوري وبشكل اخص في الساحة الكردية السورية ، بسبب التفسيرات المتباينة لبنود الاتفاق ، ففي دمشق اظهروا الموضوع كمسالة عسكرية وتسوية على غرار ماحصل للعديد من الفصائل العسكرية ، واعتبروه انتصارا لسوريا الموحدة ، وانجازا هاما لحل فصيل عسكري وانضمام مسلحيه الى الجيش السوري ، وقطع الطريق على تقسيم البلاد وهذا التفسير اقرب الى واقع الاتفاق، وفي الطرف الاخر فسروا الاتفاق كتجسيد للشراكة في إدارة الدولة ، وتحمل مسؤليات الحكم بمافي ذلك مواجهة فلول النظام البائد ، والايحاء بشكل مبطن بتمثيل الكرد السوريين وهو تفسير  يفتقر الى الدقة .

  اما على الصعيد الخارجي العربي ، والإقليمي ، والدولي باستثناء ايران ، وإسرائيل ، وروسيا ، فقد  استقبل الاتفاق بارتياح ، واعتباره يصب في مجرى وحدة سوريا والشعب السوري ، والحفاظ على السلم الأهلي ، ومواجهة إرهاب داعش وفلول النظام السابق .

 

قراءات ( كردية ) خاطئة في المنهج

  الخطأ المنهجي الأساسي : اعتبار الاتفاق بين رئيس الجمهورية وحكومة المركز من جهة ، وبين الكرد والحركة الكردية السورية من الجهة الأخرى ، في حين ان الطرف الاخر بالاتفاق فصيل عسكري مكون من غالبية عربية ، ومعظم بنود الاتفاق يدور حول ذلك ، وحتى مسالة الشراكة مع الحكومة ليس المقصود بها الكرد وحركتهم السياسية بل شراكة حزب – الاتحاد الديمقراطي – وسلطته كما افصح عن ذلك مسؤول العلاقات الخارجية ، مع العلم ان هذه المسالة كانت مثار خلاف مع نظام الأسد أيضا خلال المفاوضات التي دامت أعواما ، ولو صح ولو جزء بسيطا من ذلك الادعاء لتضمن مشروع الدستور الجديد الذي تسرب الى وسائل الاعلام اليوم إشارة الى وجود الكرد ، والقضية الكردية ، وسبل حلها ، فهل يعقل ان يكون الاتفاق مناقضا لدستور الدولة ؟.

  ومن هذا الخطأ المنهجي الفادح تتفرع العديد من المغالطات بين من يعاتب – قسد – انه تنازل عن حقوق الكرد المشروعة ، وكانه – قسد – مشروع قومي يهدف الى انتزاع حق تقرير المصير ، وبين من يغالي بمقاربة الاتفاق بدمشق باتفاقية الحادي عشر من آذار لعام ١٩٧٠ ببغداد  بين الزعيم الراحل مصطفى بارزاني ، والرئيس العراقي احمد حسن البكر التي نصت على تعديل الدستور العراقي ، وإقرار الحكم الذاتي لكردستان ، ووقف الاعمال الحربية ونالت دعم وتاييد المجتمع الدولي باعتبارها اول مشروع سلمي لحل القضية الكردية بالمنطقة عبر الحوار ، ثم تطور لاحقا الى الفيدرالية .

  من واجبنا اشعار القريب والبعيد بان شروط حل القضية الكردية السورية لم تتوفر بعد ، فلا الكرد السورييون مهيؤون ، ولا حركتهم السياسية موحدة ، ولا العهد الجديد بدمشق بادارته الانتقالية الراهنة على استعداد لاستيعاب هذه القضية التي تتفاعل منذ عهد الاستقلال وحتى الان ، ، ولا الجوار مشجع لذلك ، ولا البعد الخارجي مؤاتيا ، وليس امام الكرد الا مواصلة العمل من اجل ترتيب البيت الداخلي أولا ، وإعادة بناء حركتنا السياسية .

شارك المقال :

5 1 vote
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
1 Comment
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
مهند شهاب الدين
مهند شهاب الدين
8 شهور

اثق بوجه نظر الكاتب الاستاذ صلاح بدر الدين..و لكن لي ايضا وجهة نظر ..اجد ان هذا الاتفاق يصب في خانة الضغط لتقليص الدور التركي ودعما للشرع كي يتخلص من حليف الامس ..جيش العمشات والحمزات…وهذا بدى جليا ..بعد تصريحات اسرائيل بضرورة تثبيت القاعدة الروسية وضرورة الدور المستقبلي للروس…وهذا ايضا على حساب النفوذ التركي..

Last edited 8 شهور by مهند شهاب الدين
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…