عمر كوجري
يعود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحكم الولايات المتحدة و(العالم) من جديد بعد فترة حكم سابقة، يعود بثقة الرئيس الذي حلم دائماً لجعل أمريكا إمبراطورية كبرى بعد زوال زمن الإمبراطوريات، وبسبب مواقفه وتصريحاته الغريبة وحركاته التي تفتقر للأداء الدبلوماسي نسف نمط ونموذج تعامل الرئيس كوظيفة إلى غايات ومقاصد أخرى.
قبل أيام اشتعلت القنوات الإعلامية، وصفحات التواصل الاجتماعي باستقبال الرئيس ترامب للرئيس الأوكراني زيلنسكي القادم من منصات الفنون والرقص والذي أصبح بطلاً شعبياً بقيادته مقاومة شعبه للغزو الروسي على بلاده منذ ثلاث سنوات، هذه الحرب التي دمّرت روسيا وأوكرانيا معاً.
فقد حدثت مشادة كلامية بين الرئيسين، وساهم نائب الرئيس الأمريكي في تعمّد الإساءة للضيف، ومن جرائها شد الضيف رحاله إلى كييف، ولم يبتهج الصحفيون بإلقاء أسئلتهم الملغمة على الرئيسين، فقد تبخر مع المشادة الكلامية.. المؤتمر الصحفي أيضاً.
ما يجب أن يُقال إنه لولا المساعدات الأمريكية في زمن الرئيس بايدن لكييف لسقطت خلال أيام كما زعم بوتين، فقد قدمت أمريكا وحدها لأوكرانيا منذ بدء الحرب في شباط 2022 بقيمة تجاوزت 119 مليار دولار، بينما الاتحاد الأوروبي دفعت 52 مليار دولار، لكن الرئيس الجديد يريد أن يقول للعالم إن أمريكا ليست جمعية خيرية، ومصالحها فوق كل اعتبار، وهذا أمر محق، كما أن ترامب قدم مبادرة لإنهاء الحرب بين موسكو وكييف، وهو الشخص الذي يحظى بصداقة الدولتين المتحاربتين، وهذه المبادرة لم تلقَ الاستحسان من الاتحاد الأوروبي التي رأت في مبادرة ترامب استفراداً، وتدخلاً من طرف واحد.
والبارحة، كان تعنيف ترامب ونائبه للضيف في هذا الجانب، وبالأصل كانت زيارة الزائر «المطرود» للتوقيع على توريد أوكرانيا المعادن لأمريكا.
الواقع أن هذا هو أسلوب ترامب مع ضيوفه، ويقوم بحركات وإيماءات بعيدة عن طقوس العرف الدبلوماسي المتعارف عليها دولياً، لذا ليس من المستغرب أن تدلي موظفة في الطاقم الرئاسي الأمريكي لعل من حظ زيلنسكي أنه لم يتعرّض للضرب من ترامب..!!
ولأن المحتاج ضعيف، إن لم نقل «ذليل» فقد خرج من الاجتماع متوجهاً إلى المطار دون توديع رسمي نادماً على الانفعال الذي ناله، وبدأ بالاعتذارات العلنية، وبدأ يغرّد، ويستسمح راغباً العودة لواشنطن لتوقيع صفقة المعادن وسط رفض الرئيس الأمريكي، وقد بلغ الأمر تعقيداً إلى حد أن بعض المسؤولين في حكومته عاتبوه على توتره وانفعاله، ومشادته الكلامية مع صاحب البيت الأبيض الذي تعوّد على التعامل بهذا الأسلوب مع العديد من القادة ورؤساء العالم، وله رسائله التي يريد توجيهها بطريقته البعيدة عن التقدير والاحترام وثقافة أقوى دولة في العالم.
يبقى الحق على الضعيف الذي كان من ينبغي أن يعرف كيف يتعامل مع رئيس متغطرس لا يرى أمامه بشراً وهو يخاطبهم، وكان عليه أن يكون أكثر توازاناً ولا يفقد أعصابه.
وبكل الأحوال واشنطن ليست مستعدة أن تتحمل عصبية شخص جاء يستجدي المزيد من المعونات لاستمرار رحى حرب دمّرت بلده، كما دمّرت روسيا.