سوريا بين الفيدرالية والسلفية ج4

زاكروس عثمان

 

حقوق المواطنة وما ادراك ما حقوق المواطنة

اعتقد بعض الكورد ان سقوط نظام الاسد فتح الطريق امامهم لنيل حقوقهم المشروعة، فاحتفلوا بدخول هتش إلى دمشق و تولي زعيمها ابو محمد الجولاني الحكم في سوريا، وسرعان ما صُدِمَ الكورد حين سمعوا حكام سوريا الجدد يقدمون نسخة طبق الاصل من سياسة النظام البائد تجاه الكورد، سياسة قائمة على حصر الحق الكوردي في حقوق المواطنة، وهي في الحقيقة تعني تجريد الشعب الكوردي من كل الحقوق.

حين يرددون موال حقوق المواطنة انما يريدون بها خداع المفاوض الكوردي و دفعه إلى التخلي عن مطلب الفيدرالية / الحكم الذاتي او نظام الكانتون والقبول بحقوق المواطنة وهنا تكون الطامة الكبرى لان فهم الكورد لحقوق المواطنة شيء وفهم العرب لها شيء آخر، الكورد يفهمون الصيغة السويسرية لحقوق المواطنة على انها ضمان حقوق متساوية في كافة المجالات لجميع مواطني الدولة متعددة القوميات، خاصة الحقوق السياسية، إذ تمتلك الكانتونات دستورها الخاص مع برلمان وحكومة تتمتع بحكم ذاتي واسع الصلاحيات، ويمتلك كل كانتون نظام تعليمي مستقل خاص به، يتيح لكل قومية استخدام لغتها الخاصة في التعامل اليومي وفي المؤسسات العامة والخاصة و وسائل الاعلام والتعليم.

بينما الاطراف السياسية السورية المكون العربي فأنها تنظر إلى حقوق المواطنة بالصيغة الامريكية والتركية اي من منظار قانون “الغلبة” القومية الغالبة تستولي على الارض و تستعبد سكانها وتمارس بحق القومية المغلوبة سياسة التطهير العرقي بعمليات الابادة الجماعية و الصهر القومي من خلال فرض هوية و لغة وثقافة ودين القومية الغالبة على القومية المغلوبة، إلى ان يتم ابادة وانقراض شعوب بالكامل، ولا يُحرَج السلفيون والشوفينيون العرب من المطالبة بتطبيق التجربة الامريكية والتركية لحقوق المواطنة على الكورد، كما احتل الاتراك اسيا الصغرى وفرضوا اللغة التركية والاسلام على شعوبها الاصليين، او كما الانكليزي حين سيطروا على امريكا قاموا بفرض لغتهم على سكانها الاصليين وعلى المهاجرين اليها، هذه بالذات حقوق المواطنة التي يريد حكام سوريا منحها للكورد، فرض اللغة والهوية القومية العربية على المواطن الكوردي، وصولا إلى تذويب القومية الكوردية، لهذا يجب على المفاوض الكوردي توخي الحذر ورفض اي مشروع حل يتحدث عن حقوق المواطنة، لان حقوق المواطنة ما هو إلا غلاف ناعم لسياسة التطهير العرقي.

يتصور بعض الكورد ان حقوق المواطنة تستجيب بما فيه الكفاية للحقوق القومية السياسية والمدنية للقوميات و الاثنيات الخاضعة لسيطرة دولة تحكمها قومية غالبة، هذا ممكن إلى حد ما في دول تمتلك دساتير ديمقراطية، دول قائمة على اساس الانتماء للأرض وليس على اساس عرقي، ماذا يجني الكوردي من حقوق المواطنة اذا حرموه من التعلم بلغته الام، اذا رفضوا ان تكون له حكومة محلية تحميه من تعدي الاكثريات على الاقليات، اذا فرضوا عليه دستور مركزي لا يراعي ثقافته عاداته تقاليده، ان حقوق المواطنة التي تسوق لها الابواق التركية والسورية مجرد عبارات عاطفية جوفاء, مصطلحات ضبابية، مقولات في جوفها فخاخ وكمائن. 

  تعريف المواطنة

 يختلف مفهوم المواطنة من بلد إلى آخر، ويرجع سبب هذا الاختلاف إلى الثقافة، والتاريخ، والأيدولوجيات الخاصة بكل بلد، ويمكن اطلاق مصطلح مواطن على أي شخص يقيم ضمن حدود دولة معينة، ويستفيد من امتيازات المواطنين فيها، ويتمتع بكافة الحقوق الاجتماعية والسياسية، وتمنح كل دولة لمواطنيها مجموعة من الحقوق الأساسية والرئيسية مثل الحقوق السياسية، الدينية الاقتصادية والاجتماعية، وتختلف هذه الحقوق حسب قوانين كل دولة، المواطن في أي دولة يجب أن يتمتع بثلاثة أنواع من الحقوق بغض النظر عن عرقه  لونه لغته.

ـ الحقوق المدنية والسياسية: ترتبط بالحرية بكافة أشكالها، الحق في الحياة الآمنة والمستقرة وعدم تهديد الحياة بالخطر أو التعرض لأي نوع من أنواع التعذيب والاستغلال، الحق في المشاركة السياسية وحرية التعبير عن الرأي والتفكير والاشتراك في الجمعيات، الحق في التملك الخاص، وحرية التنقل واختيار مكان الإقامة في أي مكان داخل حدود الدولة، الحق في الشعور بالأمان وعدم التعرض للاعتقال أو التوقيف التعسفي، حقِ عدم التدخل في الخصوصية وكل ما يتعلق بشؤون الأسرة أو المراسلات الشخصية.

ـ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية: تتضمن الأمن بمختلف جوانبه، الحق في العمل، الحق في السكن، الحق في التعليم، الحق في الحصول على الرعاية الصحية والتأمين الصحي، الحق في اللجوء للقضاء والحصول على محاكمة عادلة والحماية القانونية.

ـ الحقوق البيئية والثقافية والتنموية: تتمثل في حق المواطن في العيش في بيئة غير ملوثة ونظيفة وآمنة غير مزعزعة، الحق في ممارسة التنمية السياسية والاقتصادية والثقافية، الحق بالعيش في سلام داخل مجتمع متضامن اجتماعيا، الحق في اعتناق الأديان وأداء العبادات الخاصة بها.

يتبع ج5

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…