الوظيفة الجديدة المحتملة للإئتلاف الوطني السوري

فرحان كلش
على مدار كل هذه السنوات من الحراك السوري العسكري والسياسي، كان الإئتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة يلعب دوره كممثل شرعي ووحيد للشعب السوري.
وبعد سقوط النظام بطريقة كوميدية كسقوط كل الأنظمة الديكتاتورية بطبيعة الحال على اختلاف العناوين، وبروز مجموعة هيئة تحرير الشام حيث اعتبرها الكثير من الإئتلافيين بأنها جزء من الثورة رغم وجود قادتها على قائمة الإرهاب الدولي، تداخلت وتشعبت وتقلبت أدوار كل العاملين على التراب السوري.
وهذا السقوط وشكله أدخل الإئتلاف في مأزق حقيقي، حيث كان يحلم بأنه القوة الوحيدة القادرة على إدارة البلد بعد سقوط النظام، ففقد الدعم الدولي ولم تمنحه الإدارة الجديدة صك الغفران عن ممارسات وتصورات قواه.
إن الإئتلاف في بحث دائم عن موضع قدم له، خاصة بعد أن أعلن أحمد الشرع أنه لن يقبل بكتل في الحوار الوطني بل كأفراد.
وحتى جناحه العسكري مجهول المصير إلى اللحظة رغم أنه يقوم بالوظيفة الأخير خدمة للأجندات التركية وهي مهاجمة قسد لتقليص نفوذها واضعاف أوراقها التفاوضية.
في هذا الدور الوظائفي يمكننا أن نبحث عن ماهية الدور الذي سيقوم به الإئتلاف، ويمكن تلخيص هذا الدور في تغيير الانتقال من مهمة اسقاط النظام إلى القيام بمهمة المعارضة للإدارة الجديدة، هذه المهمة منوطة بحالة الصراع التي نشهده بين الأتراك والدول العربية ومحاولة كل طرف جر قدم الشرع إلى فخاخها، ولكن ماذا يمتلك كل طرف من أوراق القوة ليقوم بمهمته بنجاح؟
الدول العربية تمتلك ورقة تمويل عملية الإعمار، وهذه الورقة حاسمة في مستقبل الإدارة الجديدة ما لهذه العملية من خلق موثوقية قدرة الإدارة على وضع سوريا على سكة العودة.
وكذلك تمتلك هذه الدول امتداد اجتماعي – عشائري في سوريا، يمكن أن يكون له تأثير على شعبية ومساحة الحاضنة الإجتماعية لهذه الإدارة.
بالإضافة إلى الوزن الاقتصادي -السياسي الذي تملكها ويمكن استغلاله في صراعها مع تركيا على الورقة السورية.
فيما تركيا تمتلك شبكة عملاء رهيبة وكتلة بشرية لا يُستهان بها ضمن الحاضنة الإجتماعية للإدارة الحالية والتي سُميت اصطلاحاً بالسوركيين، زائداً دورها في تحريك بيادق مهمة اسقاط النظام ضمن هيئة التحرير ذاتها، وطبعاً قد تعطي أدواراً لمرتزقتها المتمثلة عسكرياً بمجموعة فصائل ما يُسمى بالجيش الوطني ذات المهام القذرة داخل وخارج سوريا.
ويبقى الإئتلاف و قواه المتضررة من انفلات السلطة من بين اصابعها في غفلة منهم، الوجه السياسي القابل للإستغلال وتحويله إلى معارضة ولو خارجية في تموضعها الأساسي إن شعرت تركيا بحدوث ميل من إدارة الشرع نحو محيطه العربي، وربما هذا ما يفسر عدم إعلان الأتراك رسمياً عن انتهاء مهمة الإئتلاف الوطني بعد سقوط النظام في دمشق.
تبدو اللعبة مفتوحة على كل الإحتمالات، فالقوى المتصارعة على الكعكة السورية ستستعمل كل أوراقها للحصول على حصتها، كل له مارده الذي سيصيح افتح ياسمسم لتكسير باب مغارة علي بابا السورية ونهبها لتدوير كارثة قرن من التدمير والنهب.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…