استحصال الشرعية من الخارج نحو الداخل

فرحان كلش
الملاحظ أن هناك تكالب دولي واقليمي مثير للريبة على المساهمة في تثبيت أقدام الإدارة الجديدة في دمشق، هذا الإندفاع ربما له أسبابه بالنسبة لكل دولة، فالدول الغربية تنطلق من الخطورة التي تشكلها الأحزاب اليمينية المعادية لللاجئين والتي تهدد الحكومات اليسارية واليمين الوسط الأوربي، لذلك نشهد أن هذه الحكومات تتقاطر إلى دمشق والمؤتمرات الخاصة بها بهدف التخلص من ملف اللاجئين وسحب هذه الورقة من يد اليمين المتطرف الأوربي الذي يتقدم في سلم استطلاعات الرأي بفضل مسألة اللاجئين.
فيما نشهد حراكاً خليجياً وعربياً نشطاً في احتضان الإدارة الجديدة، في ظل مخاوفها المتعددة والمتمثلة في إمكانية حصول الأتراك على الحظوة لدى هذه الإدارة وبالتالي يتمكن الأتراك من اقتطاع جزء مهم بالمعنى السياسي من الفضاء العربي، بل أن تصل حدود تركيا الجنوبية إلى مشارف الخليج في إطار الجغرافيا – السياسية وما لذلك من خطورة على مصالح الدول العربية.
هذه الصراعات المعنونة تحت يافطة إنهاء المأساة السورية تخدم الإدارة في دمشق تماماً، كما الظروف الإقليمية خدمتها في تسلم مفاتيح السلطة بأقل جهد ممكن.
و من زاوية أخرى أعتقد أن العملية تسير عكس المنطق، فشرعية أي سلطة تأتي من الداخل، من خلال برامج تخص بناء الدولة ومؤسساتها وإقامة سلطة مستمدة من الدعم الشعبي لها، غير أن ما هو مخالف للمنطق هو الذي يجري عملياً بالنسبة للوضع السوري.
الإدارة تحاول جاهدة اكتساب الشرعية الدولية من خلال رفع هتش من لوائح الإرهاب الدولية ورفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا في العهد البائد، من خلال استغلال الظروف الداخلية في الغرب الأوربي وارهاصات الصراع الاقليمي، كل ذلك دون أن تطرح ما سوف ستفعله عملياً في الداخل السوري.
إن الإنطلاق من الخارج إلى الداخل في مسألة كسب الشرعية مخالف لمعايير التعاطي السياسي المنطقي، بل وربما يثير الشك في أن الكل قد أطلق يد الإدارة الجديدة في الداخل السوري، ورغم بعض التصريحات التي نسمعها من هنا وهناك حول ضرورة مشاركة الجميع في رسم المستقبل السوري، لكن من سيمكنه من التدخل في الشؤون الداخلية لدولة معترف بها من قبل الجميع في نهاية المطاف، أي أن القوى التي تريد بناء دولة سورية لكل السوريين تضع حاجزاً قانونياً بينها وبين إمكانية التدخل في حال لم تتحقق الوعود التي يُصرح بها بين الحين والآخر والتي تصنف تحت بند التطمينات.
وفي هذا المنحى يمكن القول أن الشرعية الشعبية وإن كانت جزئية والتي تحصل عليها أية سلطة هي مهمة بحد لا تقاس بشرعية دولتية تُمنح لها لغايات وأهداف خاصة، حيث قوة السلطة المستدامة تأتي من الشعب والشعب فقط.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…