د .
صلاح درويش
تشكل أول تنظيم سياسي كردي في سوريا عام 1957 بهدف التفاعل و التواصل مع الساحة السياسية في البلاد حيث طرح قضية الكرد في سوريا كقضية وطنية سورية تحتاج إلى حل وطني ، و هذا ما بدا واضحا في برنامجه السياسي الأول الذي طبع عام 1956 قبل الإعلان عن تشكيل الحزب حين ربط حل مسألة الكرد في سوريا بمجمل القضايا الوطنية في البلاد من خلال خطاب سياسي واضح و شفاف.
و إذا كان نشوء هذا الحزب و خطابه خطوة في الاتجاه الصحيح فإن ما تلا ذلك من أحداث و تفاعلات على الساحة الوطنية بشكل عام و الكردية بشكل خاص و خاصة قبل و بعد الانشقاق الأول في الحزب عام 1965 قد غير إلى حد كبير من مجرى الحياة السياسية بين الأكراد ، فظهرت اتجاهات و آراء تناقض هذا الخطاب و تتهمه بالمساومة و طرحت خطب جديدة من قبل الأحزاب الجديدة تبنت الشعارات و الرغبات و تاهت بين ما هو حق للأكراد و ما هو ممكن تحقيقه
صلاح درويش
تشكل أول تنظيم سياسي كردي في سوريا عام 1957 بهدف التفاعل و التواصل مع الساحة السياسية في البلاد حيث طرح قضية الكرد في سوريا كقضية وطنية سورية تحتاج إلى حل وطني ، و هذا ما بدا واضحا في برنامجه السياسي الأول الذي طبع عام 1956 قبل الإعلان عن تشكيل الحزب حين ربط حل مسألة الكرد في سوريا بمجمل القضايا الوطنية في البلاد من خلال خطاب سياسي واضح و شفاف.
و إذا كان نشوء هذا الحزب و خطابه خطوة في الاتجاه الصحيح فإن ما تلا ذلك من أحداث و تفاعلات على الساحة الوطنية بشكل عام و الكردية بشكل خاص و خاصة قبل و بعد الانشقاق الأول في الحزب عام 1965 قد غير إلى حد كبير من مجرى الحياة السياسية بين الأكراد ، فظهرت اتجاهات و آراء تناقض هذا الخطاب و تتهمه بالمساومة و طرحت خطب جديدة من قبل الأحزاب الجديدة تبنت الشعارات و الرغبات و تاهت بين ما هو حق للأكراد و ما هو ممكن تحقيقه
و أخذت تلك الخطب طابعا ضبابيا تبدلت و تلونت حسب الجهة الموجهة إليها الخطاب بسبب غياب برامج سياسية واضحة لديها ، فظهر ضمن الحزب الواحد خطاب موجه إلى السلطة و خطاب آخر مختلف إلى الجماهير العربية و آخر إلى الجماهير الكردية و خطاب إلى الأعضاء الحزبيين حصرا ثم خطاب مختلف عن الكل موجه إلى خارج الوطن.
كل هذا وضع الكرد في حالة حرجة و عرضه للتضليل و التشويش و وضع ابناء الشعب السوري عامة في صورة ضبابية عن الأكراد ، حيث بات الأكراد حائرين في معرفة مطلبهم و فهمه ، و بات العرب يتساءلون ما هو المطلب الحقيقي للأكراد.
و هكذا و إلى يومنا هذا لا زلنا في بداية الطريق بعد اثنين و خمسين عاما من التأسيس ، خطوة في الاتجاه الصحيح و أخرى تلاحقها للإجهاز عليها و الأحداث الكثيرة خير شاهد على ذلك ، و كل هذا يتم نتيجة منافسة حزبية غير مسؤولة لا تعير اهتماما إلى مصلحة الشعب بقدر ما تهتم بكسب عطف الشارع عبر دغدغة مشاعره المهيجة أصلا نتيجة سياسات الاضطهاد و بالتالي يبعده عن التأني و التفكير و يوجهه إلى ما لا مصلحة له فيه.
و إذا كانت الساحة السياسية الكردية في سوريا قد امتلأت خلال نصف قرن بسياسات الاضطهاد و الممارسات الشوفينية من جهة السلطات و امتلأت بالشعارات و الفوضى و الضبابية من جهة الحركة السياسية الكردية فإن ما علمتنا السنين الماضية من دروس قاسية و ما حدثت من تغييرات كبيرة في المحيطين الإقليمي و الدولي تفرض علينا القيام بخطوات تقييمية للمراحل السابقة من خلال فهم جديد ينسجم مع روح العصر و الحقائق و المعطيات الموجودة .
فإذا كانت قضيتنا عادلة فلا يعني إننا في كل ممارساتنا و وسائلنا النضالية على صواب ، و لا يعني أن كل الممارسات و الوسائل مباحة و مشروعة و يجب المضي فيها مهما كانت النتائج ، بل نحتاج قبل كل شيء إلى تأهيل سياسي و ثقافي جديد لا يتسم برد الفعل ،بل بالفعل الايجابي الذي يأخذ في الاعتبار ما هو موجود و يعطي مصلحة الشعب السوري بعربه و كرده و آشورييه الاعتبار الأكبر و تغليبها على مصلحة الأحزاب و الجماعات و الأفراد ، و أن نهيئ جماهيرنا إلى خطاب موضوعي و مشروع سياسي واضح و شفاف ، يحدد بدقة واقع الكرد في سوريا ، من هم ؟ و ماذا يريدون ؟ و ما هو موقعهم في النسيج الوطني السوري ؟ و هذا يحتاج إلى خطوات جدية و مسؤولة كما حدث أثناء التأسيس الأول و إلى جهد سياسي و ثقافي كبير يهدف إلى تعريف الجماهير الكردية و إقناعها به ، ثم توجيه خطابنا إلى الآخر المقابل ليفهم هو بدوره حقيقة مطاليب الكرد في سوريا و ما هي واجباتهم تجاه هذا المطلب ، حيث انه إذا حددنا بدقة مطاليبنا و ماهية إمكاناتنا و من هم أصحاب القرار في هذا البلد و ما هي إمكاناتهم و كذلك رؤيتهم للمسألة الكردية في سوريا، فإننا بلا شك سوف نخطو خطوات صحيحة في اتجاه تحديد الأولويات و تحديد وسائل النضال السليمة.
فإذا كان النضال السليم يتطلب منا أن نعرف ما هي حقوقنا ، فإن الواجب يقتضي أن نفهم حقوق الآخرين و نحترمها ، و إذا كنا نطرح مشروعية هواجسنا كأكراد فإن المنطق يقتضي أن نبحث عن هواجس الآخرين و نتفهمها.
و إن كنا نشكو من الآخر و نبدي مخاوفنا تجاهه ، فأن لدى الآخرين أيضا مخاوفهم ، و علينا العمل من أجل إزالتها لا توسيع مساحاتها ، و باختصار من الخطأ الوقوف عند حدود رؤيتنا إلى المسألة ، بل وأيضا معرفة و فهم كيف يفكر الآخر فينا ،علينا أن نتحمل مسؤولياتنا بجرأة ، حيث أن التهرب من المسؤولية و رميها كلها في سلة الآخر لا يعني إعفائنا منها.
كل هذا وضع الكرد في حالة حرجة و عرضه للتضليل و التشويش و وضع ابناء الشعب السوري عامة في صورة ضبابية عن الأكراد ، حيث بات الأكراد حائرين في معرفة مطلبهم و فهمه ، و بات العرب يتساءلون ما هو المطلب الحقيقي للأكراد.
و هكذا و إلى يومنا هذا لا زلنا في بداية الطريق بعد اثنين و خمسين عاما من التأسيس ، خطوة في الاتجاه الصحيح و أخرى تلاحقها للإجهاز عليها و الأحداث الكثيرة خير شاهد على ذلك ، و كل هذا يتم نتيجة منافسة حزبية غير مسؤولة لا تعير اهتماما إلى مصلحة الشعب بقدر ما تهتم بكسب عطف الشارع عبر دغدغة مشاعره المهيجة أصلا نتيجة سياسات الاضطهاد و بالتالي يبعده عن التأني و التفكير و يوجهه إلى ما لا مصلحة له فيه.
و إذا كانت الساحة السياسية الكردية في سوريا قد امتلأت خلال نصف قرن بسياسات الاضطهاد و الممارسات الشوفينية من جهة السلطات و امتلأت بالشعارات و الفوضى و الضبابية من جهة الحركة السياسية الكردية فإن ما علمتنا السنين الماضية من دروس قاسية و ما حدثت من تغييرات كبيرة في المحيطين الإقليمي و الدولي تفرض علينا القيام بخطوات تقييمية للمراحل السابقة من خلال فهم جديد ينسجم مع روح العصر و الحقائق و المعطيات الموجودة .
فإذا كانت قضيتنا عادلة فلا يعني إننا في كل ممارساتنا و وسائلنا النضالية على صواب ، و لا يعني أن كل الممارسات و الوسائل مباحة و مشروعة و يجب المضي فيها مهما كانت النتائج ، بل نحتاج قبل كل شيء إلى تأهيل سياسي و ثقافي جديد لا يتسم برد الفعل ،بل بالفعل الايجابي الذي يأخذ في الاعتبار ما هو موجود و يعطي مصلحة الشعب السوري بعربه و كرده و آشورييه الاعتبار الأكبر و تغليبها على مصلحة الأحزاب و الجماعات و الأفراد ، و أن نهيئ جماهيرنا إلى خطاب موضوعي و مشروع سياسي واضح و شفاف ، يحدد بدقة واقع الكرد في سوريا ، من هم ؟ و ماذا يريدون ؟ و ما هو موقعهم في النسيج الوطني السوري ؟ و هذا يحتاج إلى خطوات جدية و مسؤولة كما حدث أثناء التأسيس الأول و إلى جهد سياسي و ثقافي كبير يهدف إلى تعريف الجماهير الكردية و إقناعها به ، ثم توجيه خطابنا إلى الآخر المقابل ليفهم هو بدوره حقيقة مطاليب الكرد في سوريا و ما هي واجباتهم تجاه هذا المطلب ، حيث انه إذا حددنا بدقة مطاليبنا و ماهية إمكاناتنا و من هم أصحاب القرار في هذا البلد و ما هي إمكاناتهم و كذلك رؤيتهم للمسألة الكردية في سوريا، فإننا بلا شك سوف نخطو خطوات صحيحة في اتجاه تحديد الأولويات و تحديد وسائل النضال السليمة.
فإذا كان النضال السليم يتطلب منا أن نعرف ما هي حقوقنا ، فإن الواجب يقتضي أن نفهم حقوق الآخرين و نحترمها ، و إذا كنا نطرح مشروعية هواجسنا كأكراد فإن المنطق يقتضي أن نبحث عن هواجس الآخرين و نتفهمها.
و إن كنا نشكو من الآخر و نبدي مخاوفنا تجاهه ، فأن لدى الآخرين أيضا مخاوفهم ، و علينا العمل من أجل إزالتها لا توسيع مساحاتها ، و باختصار من الخطأ الوقوف عند حدود رؤيتنا إلى المسألة ، بل وأيضا معرفة و فهم كيف يفكر الآخر فينا ،علينا أن نتحمل مسؤولياتنا بجرأة ، حيث أن التهرب من المسؤولية و رميها كلها في سلة الآخر لا يعني إعفائنا منها.
إن التشدد الذي تمارسه الجهات الشوفينية يجب أن لا يبعدنا عن وطنيتنا ذلك إن هذا التشدد يبحث عن تشدد آخر لدينا ليبرر بقاءه و سيطرته على الساحة السياسية السورية ، و إذا كانت قضيتنا تحل ضمن الإطار السوري و بحاجة إلى عطف و تأييد ابناء سوريا لها فحينها يجب النظر إليها بعيون سورية و ليس بعيون كردية فقط ، و عندها من الضروري ، بل و من الواجب أيضا الابتعاد عن خطاب التحدي و ممارسة خطاب الإقناع للتخفيف من وطأة السياسات الاستثنائية بحق الكرد ، و إظهار عدالة قضيتنا ، لا العمل الذي يؤدي إلى المزيد من الضغط و الكراهية تجاه شعبنا.