سقوط الأسد: لحظة “سور برلين” للجمهورية الإسلامية؟

الكاتب: مجيد حقي
الترجمة الى العربية: بوتان زيباري
قد يمثّل الانهيار المحتمل لنظام الأسد في سوريا لحظة فارقة بالنسبة للجمهورية الإسلامية في إيران، تُشبه سقوط جدار برلين بالنسبة للاتحاد السوفييتي. وكما كان جدار برلين رمزًا لانهيار الشيوعية السوفييتية، قد يُشير سقوط الأسد إلى بداية أفول أيديولوجية “محور المقاومة” الإيراني. هذا الحدث لن يعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط فحسب، بل سيؤثر أيضًا بشكل عميق على السياسة الخارجية الإيرانية، الديناميكيات الداخلية، وحتى شرعية النظام الحاكم.
سوريا: حجر الزاوية في القوة الإقليمية الإيرانية
منذ الثورة الإيرانية عام 1979، اتبعت إيران سياسة خارجية توسعية في الشرق الأوسط. كانت سوريا حليفًا رئيسيًا في هذه الاستراتيجية، حيث شكّلت جسرًا حيويًا لدعم إيران لحزب الله في لبنان، مما مكّنها من توسيع نفوذها حتى البحر الأبيض المتوسط.
كان نظام الأسد حجر الأساس في “محور المقاومة” الإيراني، وهو شبكة من الحلفاء تضم حزب الله وحماس وجماعات أخرى، صُمّمت لمواجهة النفوذ الإسرائيلي والغربي. هذا التحالف، الذي تم تعزيزه من خلال استثمارات إيرانية ضخمة تشمل مليارات الدولارات من المساعدات المالية والعسكرية، ونشر القوات الإيرانية والميليشيات الحليفة، شكّل جزءًا رئيسيًا من السياسة الخارجية الإيرانية.
مقامرة مكلفة بعوائد متناقصة
لكن الحفاظ على نظام الأسد جاء بتكلفة باهظة. فالاستثمار الكبير في سوريا، الذي استنزف الموارد الإيرانية، أدى إلى تصاعد الاستياء الشعبي داخل إيران. كما أدى تحويل الموارد نحو الحرب في سوريا إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والاضطرابات الاجتماعية.
تفكك المحور:
سيؤدي سقوط الأسد إلى إضعاف محور المقاومة بشكل كبير:
  • هشاشة حزب الله:كانت سوريا ممرًا حيويًا للأسلحة الإيرانية المتجهة إلى حزب الله. فقدان هذا الممر سيقلل بشكل كبير من قدرات حزب الله العسكرية ويزعزع استقراره في لبنان.
  • تآكل النفوذ المتوسطي:سيؤدي فقدان سوريا إلى إضعاف قدرة إيران على التأثير العسكري والاستراتيجي في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
  • تآكل الشرعية الأيديولوجية:كان “محور المقاومة” ركيزة أساسية في أيديولوجية النظام الإيراني. انهياره سيقوض ادعاءات النظام بقيادة حركة المقاومة ضد الغرب وإسرائيل.
لحظة “جدار برلين” بالنسبة لإيران؟ كما أشار سقوط جدار برلين إلى بداية انهيار الاتحاد السوفييتي، قد يُشكل سقوط الأسد نقطة تحول مماثلة بالنسبة لإيران. سيثبت ذلك حدود قدرة إيران على فرض نفوذها وفشل طموحاتها الإقليمية المكلفة.
التداعيات الداخلية:
  • تصاعد الضغوط الداخلية:قد يرى الإيرانيون، الذين يعانون بالفعل من المصاعب الاقتصادية والقمع السياسي، في سقوط الأسد فرصة للمطالبة بإنهاء المغامرات الخارجية المكلفة والتركيز على القضايا المحلية.
  • إضعاف النخبة الحاكمة:قد تؤدي فشل سياسة إيران في سوريا إلى تعميق الانقسامات داخل النخبة السياسية الإيرانية وتقويض تماسك النظام الداخلي.
  • عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي:قد يؤدي فقدان الاستثمارات في سوريا وفرض عقوبات اقتصادية محتملة إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار الاقتصادي وتغذية المزيد من الاضطرابات الاجتماعية.
الخاتمة: يُشكل السقوط المحتمل لنظام الأسد مفترق طرق حاسم للجمهورية الإسلامية. قد يمثل نقطة تحول تُجبر إيران على إعادة تقييم سياستها الخارجية، ومعالجة تحدياتها الداخلية، والتأقلم مع مشهد إقليمي متغير. من المرجح أن تكون العواقب على إيران عميقة وبعيدة المدى، مع تأثير محتمل على استقرار النظام ومكانته على الساحة العالمية.
إخلاء المسؤولية: يقدم هذا المقال سيناريو محتملًا وتداعياته المحتملة. الوضع في سوريا معقد، وقد تختلف النتائج الفعلية بشكل كبير
’.
تنويه: يقدم هذا المقال سيناريو محتملاً وتداعياته المحتملة. الوضع في سوريا معقد، وقد تختلف النتائج الفعلية بشكل كبير.

تهدف هذه النسخة المنقحة إلى:
  • تحسين الوضوح والإيجاز:تبسيط اللغة وهيكل الجمل لتحسين القراءة.
  • تعزيز الانسيابية والترابط:تحسين التدفق المنطقي للحجج والانتقالات بين الفقرات.
  • الحفاظ على الموضوعية:مع الاعتراف بالتداعيات المحتملة، يسعى المقال إلى الحفاظ على نغمة حيادية وموضوعية.
  • تعزيز التحليل:تقديم تحليل أعمق لتأثير الوضع على الديناميكيات الداخلية لإيران ومكانتها الإقليمية.
سقوط جدار برلين الخاص بالجمهورية الإسلامية
يمكن أن يُعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا أحد أبرز التحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط. يُشبّه تأثيره على إيران بسقوط جدار برلين عام 1989، والذي رمز إلى هزيمة الأيديولوجية الشيوعية ونهاية الحرب الباردة. وبالمثل، قد يشير سقوط الأسد إلى بداية تراجع أيديولوجيا “محور المقاومة” التي تتبناها الجمهورية الإسلامية الإيرانية. يحمل هذا الحدث القدرة على إعادة تشكيل الخريطة الجيوسياسية للمنطقة، وزعزعة أسس السياسة الخارجية لإيران، والتأثير على بنيتها السياسية الداخلية.
سوريا: العمود الفقري الاستراتيجي للجمهورية الإسلامية
منذ ثورة عام 1979، اتبعت الجمهورية الإسلامية سياسة توسع نفوذها في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وكانت سوريا، الحليف الأقرب لإيران في العالم العربي، جزءًا مركزيًا في هذه الاستراتيجية. إذ مثّلت جسرًا يصل إلى حزب الله في لبنان، ما أتاح لإيران توسيع نفوذها حتى البحر المتوسط.
من خلال هذا التحالف، أسست إيران “محور المقاومة”، الذي يضم إيران وحزب الله وجماعات فلسطينية مثل حماس، لموازنة النفوذ الإسرائيلي والأمريكي في المنطقة. سقوط الأسد سيؤدي إلى تفكيك هذا الجسر الاستراتيجي، ما سيُضعف بشكل جوهري هذا المحور.
كلفة دعم الأسد
كان الحفاظ على نظام الأسد أحد أولويات الجمهورية الإسلامية. لتحقيق ذلك، استثمرت إيران مليارات الدولارات في الدعم المالي والعسكري، ونشرت قوات من الحرس الثوري الإيراني في سوريا، وحشدت ميليشيات شيعية من مختلف أنحاء المنطقة. وقد أُنفقت هذه الموارد من الأموال العامة، ما زاد من حدة الاستياء الشعبي تجاه السياسة الخارجية الإيرانية.
سيمثل سقوط الأسد فشلًا لهذه الاستراتيجية المكلفة، وقد يزيد من تأجيج السخط الشعبي داخل إيران، مسلطًا الضوء على أوجه القصور والهدر في تخصيص الموارد الحكومية.
تأثير على محور المقاومة
يُعد محور المقاومة—أحد أهم الأدوات الأيديولوجية والاستراتيجية لإيران—على وشك الانهيار في حال سقوط نظام الأسد. يعتمد هذا المحور على ثلاثة أعمدة رئيسية: سوريا كجسر لوجستي، وحزب الله كذراع عسكري، وإيران كراعٍ مالي وسياسي. تشمل النتائج:
  1. إضعاف حزب الله:تُعد سوريا المسار الرئيسي لنقل الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله. فقدان هذا المسار سيُضعف قدرة حزب الله على مواجهة إسرائيل ويزعزع موقعه في لبنان.
  1. فقدان النفوذ في المتوسط:بدون سوريا، ستتقلص قدرة إيران على إسقاط قوتها في البحر المتوسط، مما سيؤثر على استراتيجيتها العسكرية ومدى انتشار أيديولوجيتها.
  1. تآكل ادعاءات القيادة:نصّبت الجمهورية الإسلامية نفسها قائدًا للمقاومة ضد إسرائيل والغرب. سقوط الأسد سيقوّض هذا السرد، ويضعف الشرعية الأيديولوجية لإيران.
سقوط جدار برلين للجمهورية الإسلامية
رمز انهيار جدار برلين إلى عجز الاتحاد السوفيتي عن الحفاظ على أنظمته الحليفة. وبالمثل، سيكشف سقوط الأسد هشاشة السياسة الخارجية الإيرانية وافتقارها للقدرة على حماية حلفائها الإقليميين. وكما أدى انهيار الكتلة الشرقية إلى تأجيج المعارضة الداخلية في الاتحاد السوفيتي، قد يشجع سقوط الأسد على اندلاع احتجاجات داخل إيران.
المواطنون الإيرانيون، الذين أرهقهم الفساد والقمع السياسي والصعوبات الاقتصادية، قد يرون في سقوط الأسد إشارة على تراجع نفوذ الجمهورية الإسلامية الإقليمي. من شأن هذا التصور أن يعزز الدعوات إلى التغيير الجذري للنظام.
العواقب الداخلية على الجمهورية الإسلامية
  1. تزايد الضغوط الشعبية:من المرجح أن يكثّف المحتجون الإيرانيون، الذين رفعوا شعارات مثل “لا غزة، لا لبنان، أضحي بحياتي من أجل إيران”، مطالبهم بالتركيز على القضايا الداخلية.
  1. إضعاف النخب:قد تؤدي الإطاحة بالأسد إلى تفاقم الانقسامات بين الفصائل الحاكمة في إيران، مما يفضح فشل السياسات الخارجية العامة للنظام.
  1. تآكل الشرعية الأيديولوجية:إن انهيار محور المقاومة سيؤدي بشكل كبير إلى تقويض المكانة الأيديولوجية للجمهورية الإسلامية على الصعيدين المحلي والدولي.
  1. خسارة الاستثمارات:يمكن أن تصبح الاستثمارات المالية الضخمة التي ضختها إيران في البنية التحتية والقطاعات العسكرية في سوريا عديمة الجدوى، مما سيجبر طهران على إعادة تقييم استراتيجياتها الاقتصادية.
  1. زيادة الإنفاق العسكري:لتعويض خسارة سوريا، قد تزيد إيران من نفقاتها العسكرية للحفاظ على نفوذها الإقليمي، مما سيشكل عبئًا إضافيًا على ميزانيتها العامة.
  1. تصاعد العقوبات:قد يشجع سقوط الأسد القوى الغربية والإقليمية على فرض مزيد من العقوبات على إيران، مما سيؤدي إلى تفاقم عزلتها الاقتصادية.
  1. تراجع التجارة:يمكن أن تتعطل العلاقات التجارية الوثيقة بين إيران وسوريا، مما سيؤثر سلبًا على الاقتصاد الإيراني.
  1. الاضطراب الاقتصادي:إن التأثيرات المركبة المتمثلة في خسارة الاستثمارات، وزيادة الإنفاق العسكري، وتراجع التجارة قد تفاقم الوضع الاقتصادي الإيراني المتأزم بالفعل.
الخاتمة: إن سقوط نظام بشار الأسد يمثل نقطة تحول حاسمة بالنسبة للجمهورية الإسلامية الإيرانية. فهو يهدد بتفكيك نفوذها الإقليمي، وتقويض أسسها الأيديولوجية، وزيادة حدة السخط الداخلي. بالنسبة للقيادة الإيرانية، لا يعد انهيار الأسد مجرد خسارة جيوسياسية، بل هو رمز لفشل النظام ككل. ستحدد السنوات المقبلة ما إذا كانت الجمهورية الإسلامية قادرة على التكيف مع هذه التحديات أم أنها ستواجه مصيرًا مشابهًا للأنظمة التي سعت يومًا لموازنتها.
…………………………………………..
الكاتب: مجيد حقي
الدكتور مجيد حقي هو كاتب وناشط سياسي ومدافع عن حق تقرير المصير الكردي من كردستان الشرقية (إيران). وهو عضو في المركز الوطني لكردستان الشرقية (NNRK) ويشغل منصب رئيس تحرير موقع Jinamedia.net. يقيم الدكتور حقي حالياً في فنلندا.
*الترجمة الى العربية: بوتان زيباري
كاتب وسياسي كوردي يقيم زيباري حالياً في السويد.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف الثورة بين المفهوم والواقع لا يختلف اثنان على أن الثورة الحقيقية، في جوهرها، هي تعبير عن إرادة الشعوب الطامحة إلى التغيير الجذري في الأنظمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تسلب حقوقها وحرياتها. إنها حركة تنبع من شعور عميق بالظلم والقهر، تهدف إلى تأسيس واقع أكثر عدلًا وإنصافًا. بهذا المعنى المثالي، كانت الثورة السورية في بداياتها-…

د. محمود عباس الأنظمة الدكتاتورية غالبًا ما تبرر تجاوزاتها وجرائمها، رغم إدراكها التام لمصيرها المحتوم. تستفيد هذه الأنظمة من دراسة تجارب مشابهة، لكن الغطرسة تعميها عن رؤية الحقائق. تركيا تُعد مثالًا على ذلك؛ فعلى الرغم من تبجحها بنظام ديمقراطي برلماني وانتخابات حرة، إلا أنها محكومة بدستور يغرق في العنصرية ومنهجية التفوق التركي. تتجاهل تركيا ردود الفعل الأمريكية تجاه دعمها للمنظمات…

أزاد خليل* في خضم العواصف السياسية وخطابات الكراهية التي تهبُّ على سوريا، يبقى الكورد راسخين على أرضهم، متمسكين بجذورهم وهويتهم التي عمرها آلاف السنين. من كوباني إلى عفرين، ومن قامشلو إلى حي الشيخ مقصود، يواصل الكورد الدفاع عن وجودهم، رغم كل محاولات التهميش والشيطنة. شركاء في الوطن لا عابرون فيه يُصرُّ البعض على وصف الكورد بأنهم غرباء أو ضيوف…

إبراهيم اليوسف التناقض بين المظهر والمخبر: إنه من المفارقات الغريبة أن يكون بيت بشار الأسد “العادي” موضع نقاش، في حين أن الواقع يعج بالقصص عن ثرواته الهائلة التي تتجاوز حدود التصور. بيت الرئيس السوري، الذي حكم البلاد بقبضة من حديد، لا يعكس نمط حياة قادة استبداديين آخرين عاشوا وسط القصور الفارهة. لماذا بدا بيته عادياً مقارنةً بثروات المليارات التي…