احذروا من فخ المصطلحات العامة المبهمة (3 والأخيرة)

شادي  حاجي 
بعد أن تناولت في المقالتين السابقتين عدة مصطلحات وحاولت تسليط الضوء عليها كونها مصطلحات عامة ومبهمة عند الاكتفاء بتدوينها في الدستور دون التوضيح والتوسع في معانيها ومفاهيمها بمواد وبنود محددة لجهة حقوق الشعب الكردي وخصوصيته تبقى لا قيمة لها وهذه المرة سأتناول مصطلح الديمقراطية ،بالطبع أنا هنا لست في معرض سرد تاريخي وممل لمفهوم الديمقراطية وأشكالها فالكتب والإنترنت تزخر بمثل هذه المعلومات والمفاهيم الأكاديمية لكني أعتقد أن الإحاطة بمفهوم الديمقراطية وشروطها أصبح أمراً ضرورياً في وقتنا الحالي والسوريين والشعب الكردي في سوريا على أبواب محاولات كتابة دستور من خلال تشكيل لجنة أو الجمعية الدستورية التأسيسية .حيث أنني أرى أن الجميع بلا استثناء، وأخص بالذكر ممثلي القوى السياسية العربية في سوريا بما فيها مسؤولي سلطة الأمر الواقع(ادارة العمليات العسكرية) في دمشق يحاول استغلال العمومية التي يكتنفها مفهوم الديمقراطية ،بكلمات وجمل وعبارات فضفاضة مبهمة تحتمل أكثر من تفسير وتأويل ليؤسس لمفاهيم غريبة وشاذة وبالأخص لجهة حقوق الشعب الكردي في سوريا. أما عن الديمقراطية والنظام الديمقراطي بأنه الحل الأمثل لكل قضايا الهوية في العالم العربي ومنها سوريا، هنا أستشهد بما خلص عياض بن عاشور فى خاتمة كتابه «السياسة والدين والقانون في العالم العربى» بقوله: «إن الديمقراطية الممنوحة للشعوب العربية ليست إلا فخاً جُعل لخداع الأبرياء» وفي هذه المرحلة يحاول البعض أن يكون فخاً لخداع الشعب الكردي. صحيح أن الديمقراطية توفر بيئة تحترم حقوق الإنسان والحريات الأساسية ويتم فيها ممارسة إرادة الشعب التي يعبر عنها بحرية فان للناس رأي في القرارات ويمكنهم محاسبة صناع القرار وأن للنساء والرجال حقوق متساوية وجميع الناس في مأمن من التمييز ولكن الديمقراطية كما أفهمها وعايشتها في غربتي في أوروبا، وكتبت عنها أكثر من مرة أنها ليست حقنة تعطى للشخص ليصبح ديمقراطياً وليست لصقة تلصق على الجبين ليصبح الشخص ديمقراطياً وليست تسمية تطلق على الأحزاب والدول لتصبح الأحزاب والدول ديمقراطية بل هي علم وفن وممارسة في البيت والمدرسة والعمل والعلاقات المجتمعية والسياسية والثقافية وضمن الحزب وفيما بينها، وهذا يتطلب من صناع القرار السياسي الكردي في سوريا أن يكونوا حذرين ودقيقين وأن يسموا الأشياء بأسمائها من حيث حقوق الشعب الكردي السياسية والثقافية والاقتصادية والتاريخية والجغرافية وأن لا ينغروا ببعض المصطلحات الجذابة وأن يعلموا أن هناك أمر مهم للغاية وهو أنه في عالم الشرق الأوسط بشكل عام وسوريا بشكل خاص وفي ظل غياب الثقافة الديمقراطية وسيادة القانون واحترام مبادئ حقوق الانسان هناك من يريد أن يكتفي بتدوين بعض المصطلحات كالتي أشرت إليها أعلاه في الدستور وهم أنفسهم تأبى أن تكون ديمقراطية فكيف بتطبيقها على أناس وأحزاب ومنظمات وجماعات لا يقبلون بها وبمضامينها وأخص بالذكر وأكرر لجهة حقوق الشعب الكردي في سوريا، لذلك أرى أن الطريق مازال طويلاً حتى يفهم المجتمع السوري بشكل عام وبعض المثقفين العروبيين والمسؤولين الذين يتحكمون بمفاصل القرار في دمشق حالياً بشكل خاص الديمقراطية وحتى تنتشر الثقافة الديمقراطية، وتترسّخ مبادئها في منطقتنا، وقد يحتاج الى أكثر من نصف قرن من الزمن ،لذلك بالنسبة لي ومن وجهة نظري ككردي سوري وقد لا يعجب الكثيرين عرباً وكرداً وآخرين وهو وضع النقاط على الحروف وتسمية الأشياء بأسمائها بكل جرأة وصراحة وهو الاعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي وحقه في تقرير مصيره كما يشاء، وكما يراه مناسباً وما يترتب على ذلك من حقوق سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية وبمواد فوق الدستورية، إذ دون هذه الخطوة يبقى كل ما عداه فاشلاً وغير مُجدٍ. الديمقراطية لا تكون بانكار وجود شعب وخصوصيته القومية وهضم حقوقه وصهره وسحقه من خلال تهجيره وتشريده وتغيير ديمغرافيته وجغرافيته السياسية، لأنه لابد من الاطار القانوني لحل القضية الكردية وبانعدام الحماية القانونية والضمانة في الدستور لا تتمتع أية عملية لحل القضية الكردية بمصداقية .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…