الثالوث الخطر: أدوار مختلفة و الهدف واحد

زيور العمر

بدأت الأصوات , أخيرا ً, تتعالى , والنقاش يتسع , و ينضم مع مرور الوقت المزيد من الأخوة الى دائرة الحوار حول كيفية الخروج من النفق المظلم , و الإنطلاق الى المستقبل , بروح جديدة .

فالحالة التي وصلت إليها الأحزاب الكردية في سوريا , بلغت درجة من الخطورة على الشعب الكردي , لم يسبق لها  مثيل , جراء إصرار قيادات تلك الأحزاب على الإستمرار في نهجها التآمري و التخريبي و التواطئي ضد مصالح الشعب الكردي , وقضيته القومية العادلة و المشروعة.

و قلنا في مناسبات سابقة, و نكرره هنا أيضا ً, ان المحاور الكردية , المتمثلة في التحالف و الجبهة و لجنة التنسيق , أضحت منعكسا ً لحالة الشقاق و التشرزم , و ترجمة لها على أرض الواقع .

و هي ما تزال تحاول بكل الوسائل الممكنة, رغم إنكشاف أمرها , الإيحاء بأنها تشتغل على توحيد الصف الكردي و تأطير نضالات الشعب الكردي تحت مظلة سياسية شاملة لجميع الأحزاب و المنظمات السياسية الكردية الراهنة.
و لكن الوقائع تشير على أكثر من مستوى , و في مواقع متعددة , على أن هنالك ثلاثة أحزاب كردية رئيسية, تقود النهج التآمري , و تعمل على ترسيخه في ثقافة المجتمع الكردي , و كل منها تقود محورا ً من المحاور السالفة الذكر, و البقية الباقية تدور في فلكها, و تتفيأ بظلالها و هي : حزب يكيتي عن لجنة التنسيق , و البارتي (حكيم) عن الجبهة , و التقدمي (حميد) عن التحالف.

فالأحزاب الثلاثة , و بالرغم من إدعاءات الإختلاف فيما بينها في أمور سياسية و أخرى , من قبيل أن يكيتي يقود النهج التصعيدي ضد النظام , و البارتي من أنه يجسد نهج البارزاني في كردستان سوريا , و التقدمي على أنه يصون الشعب الكردي , و يحميه من آثار و نتائج التطرف و المغالاة الكرديين, إلا أنها تشترك فيما بينها بقاسم مشترك , يكاد يكون الأخطر الآن و هو محاربة تطلعات الشعب الكردي , من خلال بث الفرقة في صفوفه , و تأليب أبناءه على بعضهم البعض , تحت عناوين مزيفة.
  الإدعاءات و الإختلافات بين الأحزاب الأنفة الذكر و التي قد تبدو حقيقية في نظر البسطاء , من منطلق أنها تعكس التنوع السياسي و الإجتماعي , إلا أن الأيام  و التجارب المتكررة  كشفت عن زيفها , و بطلانها.

فيكيتي لم يعد ذلك الحزب الذي راهن عليه أوساط واسعة بين صفوف الجمهور الكردي , حيث أن نشاطاته تقلصت , و تنظيماته تهالكت , و عناصره يتربصون ببعضهم البعض , في إنتظار أدنى فرصة , لقيام طرف بالإجهاز على الطرف الأخر , و لعل أوضح مظاهر إنتكاسة تجربة يكيتي تتمثل في نهج المزاودة الذي يتبناه قيادة الحزب في إدارة صراعه مع الأحزاب الكردية الأخرى , و صلت إلى درجة التشكيك في وطنية جماهير الأحزاب الأخرى , كما صرح سكرتيره في إحدى المرات.

و بعد أن قلص الحزب من تحركاته , و وصالت الى حد التجمع على المقابر , التي بدورها إختفت و تلاشت , كما حدث في ذكرى الشهيد معشوق الخزنوي , و الذكرى السنوية لتطبيق الحزام العربي ,  شاهدنا كيف عاد الحزب الى النهج القديم الذي رسخته الأحزاب الكردية على إمتداد عقود و القائم على تقديم الذرائع و الحجج الكاذبة عن عدم إمكانية القيام بأي عمل سياسي في الوقت الحاضر بسبب تربص السلطة من جهة , و عدم قدرة تلك الأحزاب عن تحمل مسؤولية المعتقلين السياسيين.


كل حزب من الأحزاب الثلاثة تحاول أن تقدم الذرائع , و تبرير تهربها من مواجهة الإستحقاقات , و تتفق فيما بينها , على عدم الصراحة و المكاشفة أمام الجمهور الكردي .

فؤاد, بدأ أخيرا ً يغير من موقفه , فبعد أن كانت الساحة الداخلية في نظر حزبه هي الأهم و المحرك ألأساسي, ها هو يقول الآن أن الخارج هو الأهم , و يدعو الكتاب , بدلا ً من توجيه النقد الى الحركة الكردية , الى توظيف طاقاتهم في خطوات عملية من قبيل الإتصال ببرلمانيين أوروبيين, لحشد الدعم للداخل !! أما حكيم فهو ما يزال يبحث و يجهد في سبيل الوصول الى أسباب و مبررات التصعيد الأمني ضد الشعب الكردي في سوريا , حتى يعد العدة و العتاد لمواجهته , و ينبش في ميراث البارزاني الخالد لعله يجد ما يعينه على إيجاد حل أو مخرج !! أما حميد الذي ربما شعر أن أيامه الأخيرة بدأت تقترب , ما زال يصر على أنه جنب الشعب الكردي المزيد من الإجراءات و السياسات العنصرية , و لولا حكمته التي قادته الى الحوار و الإتصال مع دوائر الأمن , من أجل تهدئتهم , و إقناعهم بإن الكرد يشكلون الحصن الخلفي للنظام و سلطته , لما كان الوضع على ما هو عليه رغم سوءه !!!
الأحزاب الثلاثة (يكيتي فؤاد , بارتي حكيم , تقدمي حميد) أصبحت حجرة عثرة في طريق الشعب الكردي صوب تحقيق ذاته , و تأمين حقوقه , و حان الوقت للوقوف على هذه الحقائق المؤلمة , بجرأة و شجاعة, و لعلى أولى الخطوات الواجب القيام بها , هو القول لهم بكل صراحة : أنتم ….

, ….

, متواطئون , تدعون الإختلاف فيما بينكم , فيما تشير أفعالكم إلى وحدة أهدافكم في إضعاف شعبنا , و شل إرادته , و إبقاءه عاجزا ً , لا حول له , و لاقوة .

1/7/2009

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في عالم السياسة، كما في الحياة اليومية عندما نقود آلية ونسير في الشوارع والطرقات ، ويصادفنا منعطف اونسعى إلى العودة لاي سبب ، هناك من يلتزم المسار بهدوء ، وهناك من “يكوّع” فجأة عند أول منعطف دون سابق إنذار. فالتكويع مصطلح شعبي مشتق من سلوك السائق الذي ينحرف بشكل مفاجئ دون إعطاء إشارة، لكنه في السياسة يكتسب…

إبراهيم اليوسف توطئة واستعادة: لا تظهر الحقائق كما هي، في الأزمنة والمراحل العصيبةٍ، بل تُدارُ-عادة- وعلى ضوء التجربة، بمنطق المؤامرة والتضليل، إذ أنه بعد زيارتنا لأوروبا عام 2004، أخذ التهديد ضدنا: الشهيد مشعل التمو وأنا طابعًا أكثر خبثًا، وأكثر استهدافًا وإجراماً إرهابياً. لم أكن ممن يعلن عن ذلك سريعاً، بل كنت أتحين التوقيت المناسب، حين يزول الخطر وتنجلي…

خوشناف سليمان ديبو بعد غياب امتدّ ثلاثة وأربعين عاماً، زرتُ أخيراً مسقط رأسي في “روجآفاي كُردستان”. كانت زيارة أشبه بلقاءٍ بين ذاكرة قديمة وواقع بدا كأن الزمن مرّ بجانبه دون أن يلامسه. خلال هذه السنوات الطويلة، تبدّلت الخرائط وتغيّرت الأمكنة والوجوه؛ ومع ذلك، ظلت الشوارع والأزقة والمباني على حالها كما كانت، بل بدت أشد قتامة وكآبة. البيوت هي ذاتها،…

اكرم حسين في المشهد السياسي الكردي السوري، الذي يتسم غالباً بالحذر والتردد في الإقرار بالأخطاء، تأتي رسالة عضو الهيئة الرئاسية للمجلس الوطني الكردي، السيد سليمان أوسو، حيث نشرها على صفحته الشخصية ، بعد انعقاد “كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي “، كموقف إيجابي ، يستحق التقدير. فقد حملت رسالته اعتذاراً صريحاً لمجموعة واسعة من المثقفين والأكاديميين والشخصيات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني،…