عن أي لامركزية تتحدثون

شادي حاجي
القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية  والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية  فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً يعيش على أرضه التاريخية وقومية ثانية لنسبة 15٪ من مجموع سكان سوريا ( لاشك أن الرقم هو تقريبي حيث لم يجري إحصاء نتيجة الظروف التي مرت بها سوريا ) وهذه الحالة تقتضي استحقاقات  سياسية وإدارية وقانونية ودستورية في آن واحد وهذا ماتفتقر إليه اللامركزية الإدارية لأنها ليست نظاماً سياسياً كما يروج البعض فهي آلية عاجزة وقاصرة عن حل  الصراعات القومية والثقافة والسلطة والثروة في المجتمع السوري المتعدد القوميات والأديان والطوائف  .
هناك نظام لامركزي مطروح بقوة كحل لنظام الحكم وللقضية الكردية في سوريا يعرف عند فقهاء السياسة والقانون بعدة مسميات لها نفس المعنى ( اللامركزية السياسية ، اللامركزية الدستورية ، النظام الفيدرالي ) وهو عبارة عن نظام سياسي وقانوني وإداري ديمقراطي يحظى بأقوى ضمان قانوني وهو الدستور من خلال وضع بعض المواد فوق الدستورية الذي ينظم الحياة السياسية والقانونية والادارية في الدولة الفيدرالية  .
فالذين يرون حل القضية الكردية والأزمة السورية عبر آلية اللامركية الإدارية هم واهمون ومخطئون وفي دعواهم نوع من العبث بالعقول وتسطيحاً لمدركات الإفهام فاللامركزية الإدارية ماهي إلا تكريس للمركزية هذا من جانب ومن جانب أخر اختزال لمعاناة الشعب الكردي والبلد سوريا بنفس الوقت في مشكلة أو مشاكل إدارية .
شادي حاجي – ألمانيا في 23/12/2024

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، من جديد، وعلى نحو متفاقم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، انطلاقاً من أصداء قضايا محقة وملحة، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…