الحوار الوطني الشامل لمصلحة جميع السوريين

 خالد بهلوي
بعد سنوات من الحرب والظلم الذي لاقاه الشعب السوري على يد نظام آل الأسد، ذلك النظام الطاغي، المتوحش، والدموي، وبعد هروب بشار الأسد، حررت هيئة تحرير الشام سوريا من النظام البائد الذي استمر 54 عامًا جاثمًا على صدور السوريين دون رحمة أو شفقة.
ولفتح صفحة جديدة لمستقبل مشرق لكل السوريين، ومن أجل بناء مجتمع يشمل جميع أبناء الوطن، أعلنت القيادة الجديدة شعار: “سوريا لكل السوريين”. ولتطبيق ذلك، من الحكمة تفعيل الحوار مع جميع القوى والمنظمات التي تمثل مختلف شرائح المجتمع، من خلال طاولة مستديرة لمناقشة أوضاع البلاد ومستقبلها.
يُعتبر الحوار السوري-السوري أحد المفاتيح الأساسية لإيجاد حل شامل ودائم للأزمة السورية التي استمرت لسنوات طويلة وأثرت على مختلف جوانب الحياة. لذلك، يبقى الحوار بين السوريين أنفسهم ضرورة ملحّة، كونه السبيل الوحيد للوصول إلى تفاهمات تعكس تطلعات جميع أطياف الشعب السوري بمختلف مكوناته التي تشكل النسيج السوري المتنوع.
لقد دفع الشعب السوري، دون استثناء، ثمن همجية آل الأسد وحاشيته المتوحشة على مدى أكثر من نصف قرن، كما يظهر في أعداد المهجرين قسرًا والضحايا الذين لقوا حتفهم في السجون تحت التعذيب. حتى المؤيدون للنظام لم يسلموا من المعاناة، إذ عاشوا في ظل الفقر وانعدام أبسط مقومات الحياة، مثل الكهرباء، الخبز، والتدفئة. ومن هنا، لا بد من محاسبة كل من قتل أو عذّب أو سهّل أو شارك في تدمير الحياة في سوريا.
لذلك، يُعتبر الحوار الوسيلة الحضارية لإعادة سوريا إلى مسارها الصحيح، وتحقيق إرادة السوريين في تقرير مصيرهم بأنفسهم، بعيدًا عن التدخلات الخارجية التي غالبًا ما تحمل أجندات خاصة. من خلال الحوار، يمكن الانتقال إلى مجتمع يسوده العدل، ويُحقق الكرامة وحرية الاعتقاد والتعبير، بما يخدم بناء مجتمع شامل يمثل جميع أطياف الشعب، ويُعيد بناء الثقة بين مختلف مكوناته.
من خلال النقاش المفتوح والشامل، يمكن التوصل إلى آليات تحقق العدالة، وتضع أسسًا للتعايش واحترام حقوق الإنسان، وتحقيق التنمية والعدالة المستدامة. ويتسم المشهد السوري بوجود أطراف متعددة، تتنوع بين قوى سياسية ومجتمعية، لكل منها رؤيتها الخاصة. لكن بالحوار، يمكن إيجاد نقاط مشتركة وتوحيد الآراء لتصب جميعها في خدمة الإنسان السوري.
إن استمرار معاناة المدنيين بسبب النزوح والدمار الاقتصادي والاجتماعي يجعل من الصعب التركيز على المسار السياسي فقط، دون معالجة الاحتياجات المعيشية والخدمية العاجلة.
ولضمان نجاح الحوار السوري-السوري، يجب أن يكون واضحًا وعلنيًا ليكسب ثقة الشعب السوري، وأن تكون المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات الشخصية أو الحزبية. من الأهمية التركيز على خطوات ملموسة لإنهاء آثار الأزمة.
كما يمكن للأمم المتحدة أو الدول الصديقة تقديم المساعدات اللازمة لإعادة بناء ما دمرته الأحداث، ولتخفيف حدة الأزمة الاقتصادية والمعيشية. فالشعب السوري يعاني من ويلات الغلاء وجشع تجار الأزمة الذين احتكروا المواد ورفعوا أسعارها بحجج واهية، كقولهم إنهم اشتروا البضائع بأسعار مرتفعة، بينما يسارعون إلى رفع الأسعار فور ارتفاع الدولار دون تردد.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…