تعليقا على مقالة الأستاذ صلاح بدرالدين بعنوان: المؤتمر الكوردي السوري مصدر شرعية التمثيل والمنشور على موقع ولاتى مه.

شكري  بكر
في مستهل تعليقي هذا أقول بأن القارئ والمتتبع للشأن السياسي الكوردي في سوريا يرى بأنه في غاية التعقيد ، لأن أفرادا  وأحزابا يرفضون الأطر السياسية والأطر السياسية بدورها الأطر الموجودة ترفض تلك الأفراد والأحزاب . مع إحترامي للجميع فرادا كان أم أحزابا .
فمع بدايات الثورة السورية كان المجلس الوطني الكوردي هو الإطار السياسي الشرعي في تمثيل الكورد ، وطيلة فترة الثورة السورية التي دخلت عامها الرابع عشر ضربت موجة إنشقاقات بصفوف أحزاب المجلس الوطني الكوردي ولم ينجو منه أي حزب ، وبعضها تعرضت لأكثر من إنشقاق .
وجميع هذه الإنشقاقات غير مشروعة لأنها ليس إلا هي عملية تمرد الأقلية ضد الأكثرية ، وكل منشق بدوره قام بتشكيل حزب ، هذا كان السبب في تجاوز عدد الأحزاب الكوردية لأكثر من 35 حزبا جميعها أحزاب صغيرة وبعضها لا وجود لها إلا بالمناسبات ، في  هذه الأثناء قام النظام بدفع بعض الشخصيات الكوردية وتشجيعهم لتشكيل أحزاب جديدة على غرار الأحزاب الأساسية ذات الإرث التاريخي  بهدف تمييع السياسة الكوردية وبث الخلافات في صفوف أحزاب المجلس الوطني الكوردي لغاية بات ندركها جميعا ، وبعد تسلم المناطق الكوردية في سوريا إلى ال pyd الجناح السوري لحزب العمال الكوردستاني وبموجب إتفاقية إستلام وتسليم ، عمد ال pyd إلى ممارسة الكثير من الضغوط على أطراف المجلس الوطني الكوردي ترغيبا وتخويفا لدفع بعض أحزابها إما بالخروج منه أو نحو الإنشقاق بهدف إضعاف دور المجلس الوطني في سوريا من جهة ، ومن جهة أخرى الإلتفاف على المجلس لإسقاط الشرعية الذي كان قد إكتسبته عند إنطلاقته .
يجدر بي الإشارة هنا إلى أن كلٌ من  النظام وال pyd حققا بعض الأهداف من ترسيخ الخلاف الكوردي الكوردي عبر إلصاق بعض التهم الباطلة للمجلس ، إلى أنهما لم يفلحا في مآربهما تماما بإقصاء دوره ، لكنه لحقا به بعض الأذى ، كمقولة أن المجلس الوطني فقد شرعيته لوجود كم هائل من الأحزاب الكوردية  خارج المجلس ، لكن تناسون أن هذه الأحزاب قد تم تشكليهم بعد إنعقاد المؤتمر القومي الكوردي الشامل وإنبثاق  المجلس الوطني عنه ، فالمفروض وطنيا وقوميا وأخلاقيا على كل حزب تشكل بعد إنطلاقة المجلس الوطني الكوردي أن يتقدم بطلب إنضمام إلى المجلس ، هناك بعض الأحزاب فعلت ذلك وتم قبول طلباتهم وإنضموا إلى المجلس .
في هذه الحالة من المستفيد ؟.  المستفيد الوحيد هو بطبيعة الحال  النظام وحليفه pyd وإلى جانهما من ساهم في تشكيل أحزاب كوردية من الوسط السياسي الكوردي وفي المقدمة منهم الذين قاموا بشق أحزابهم .
هنا يمكن أن أطرح السؤال التالي :
هل الأحزاب والحركات التي نشأت بعد إنطلاقة المجلس الوطني هي أحزاب شرعية ، أم أنهم أصبحوا أدوات لتفتيت البيت الكوردي أم  لدفع الحركة الكوردية نحو الأفضل أم نحو الأسوء ؟.
فيما بعد تبين مواقف غالبية تلك الأحزاب أنها جاءت لتعطيل سير عمل المجلس الوطني الكوردي لإنشغاله بمحيطه الكوردي بهدف توسيع هوة الخلاف بينه وبين الشارع الكوردي في سوريا ، حتى لا يتمكن المجلس الوطني إلتحاقه بالثورة السورية وعدم الإنخراط فيها بهدف عزل الشارع الكوردي ولحاقه بالثورة .
هذا وإذا كان هدف أحزاب خارج إطار المجلسين هو مصلحة الشعب الكوردي ، فلماذا إذاً إنشقوا عن أحزابهم ؟.
هذه الأحزاب تحولوا لأداة في إفتعال أزمة في الحركة الكوردية لا إلى أداة للجم الأزمة وحل القضية الكوردية وإنتزاع حقوق الشعب الكوردي في تقرير مصيره ، هنا إذا أرنا أن نجري قراءة سريعة في الواقع الكوردي الراهن نرى بأن جميع الأحزاب الكوردية أينما كان موقعهم متقاربة شكلا وتنظيما ، وكذلك لا خلاف في الرؤى السياسية لا سوريا ولا كورديا ، أي ليس هناك فوارق كبير سوى بالأسماء وبعضها ذو أسماء متكررة لا يمكن التعرف عليه إلا عن طريق السكرتارية ، إذا كان تشكيل هذه الأحزاب من أجل القضية الكوردية وصيانة مصلحة الشعب الكوردي في سوريا ، يتطلب منهم إجراء مراجعة ذاتية لتصحيح مساراتهم السياسية وإتخاذهم القرار الصائب عبر عودة كل منشق إلى حزبه ، أو الإقدام على عمليات الدمج بين الأحزاب المتقاربة فكريا وسياسيا ، عندها سيتضاءل عدد الأحزاب الكوردية كثيرا ، والمتبقي عليه تقديم طلب الإنضمام  إلى أحد  المجلسين ، بهذا يكون قد تغلبنا على جزء كبير من الأزمة التي عصفت بالمجلس الوطني الكوردي .
يقول مثل عربي مفاده : من كثرة الطباخين تحترق الطبخة ، وهذا ما حصل مع  الأحزاب الكوردية في سوريا ، فكلما زادت القيادات تزداد التعقيدات وتتعمق .
فعندما إنطلق المؤتمر القومي الكوردي في 26 /10 / 2011 الذي كاد أن يكون شاملا لو لا خروج ال pyd من الإجماع الكوردي ، فخروج ال pyd جاء بطلب من النظام ولا خلاف في ذلك ، لجعله بديلا عن المجلس الوطني الكوردي ، وما ذهابه نحو تشكيل مجلس أحادي وبإسم مجلس سوريا الديمقراطية إلا تأكيدا على قلت ، المجرد من أي مشروع كوردي حتى جرد نفسه من كلمة كوردي.
ما يحدث الآن في الشارع الكوردي هو إلتفاف على عدالة القضية الكوردية وإقصاءٌ لدور المجلس الوطني الكوردي الذي أثبت صحة موقفه السياسي ضمن صفوف المعارضة السورية ، بالمقابل فشل مجلس سوريا الديمقراطية ومن لف لفه من الأحزاب الكوردية ، لهذا عمد كل من  النظام وال pyd ببث الخلافات في صفوف أحزاب المجلس الوطني وفتح الباب أمام بعض ضعاف النفوس والدفع بهم نحو منفعة شخصية أو طمعا بمنصب عبر تشكيل أحزاب حيث تجاوز عدد الأحزاب الكوردية في الأونة الأخيرة إلى ثمانون حزبا وطرفا .
هنا سؤال يطرح نفسه :
ما أوجه الإختلاف بين تلك الأحزاب الثمانون والمجلس الوطني الكوردي ؟.
يمكنني القول أن هذا الكم الهائل من الأحزاب ، وكل قيادي من قياداته يعمل من أجل الإستحواذ على منصب في المعادلة السياسية في سوريا المستقبل ، وإلا ماذا هناك ؟.
وعلى الأغلب ليس لدى هذه الأحزاب أي مشروع إنقاذي ولا لديهم لديهم مشروع لتجاوز العقبات التي تعترض مسار تطور الحركة الكوردية في سوريا .
فقط حراك بزاف لديها مشروع سياسي وبعيد المنال .
يدعوا هذا الحراك إلى عقد مؤتمر كوردي شامل على نحو التالي :
منح المستقلين نسبة 60 % من مندوبي المؤتمر .
و 30 % للمجلسين ، و 10 % لمنظمات المجتمع المدني والحراك الشبابي والمرأة .
أخيرا وحسب إعتقادي أن النظام المخلوع بالإضافة لحزب الإتحاد الديمقراطي وجميع الأحزاب التي تشكلت بعد إنطلاقة الثورة السورية
يدورون في حلقة مفرغة .
هنا أريد أن أشير إلى نقطة سلبية وقع فيه المجلس الوطني وهي عندما تشكل المجلس الوطني الكوردي تشكل على أساس حزبي لا على أساس جداول تنظيمية ، حيث جاء تمثيل كل حزب بثماني قيادات من كبيره الى صغيره ، وكان هذا خطئأ كبير ، لأننا لم نتنازل عن أنانيتنا وفوقيتنا ، فإن السلوك الطاغي في ذهنية بعض الأفراد وبعض القيادات هي مشبعة بذهنية لأنانية وضيق الأفق الحزبي والمنفعة الشخصية .
الأستاذ صلاح بدرالدين يعي تماما ما أقول ، لكونه كان أحد أقطاب الخلاف في الحركة ، وكان له دور في إنشقاق الحزب الديمقراطي الكوردستاني ـ سوريا بحجة تمرير الفكر اليساري الماركسي إلى داخل الحركة الكوردية الذي سببا في تقسيم المجتمع الكوردي فكريا وطبقيا وإلى حد ما دينيا ، وكذلك هوأول من تحالف مع الإخوان المسلمين وشقيق رأس النظام رفعت الأسد وإعلانهم لجبهة الإنقاذ .
لذلك فإن صلاح بدرالدين يتحمل جزء كبير من مسؤولية ما آلت إليه حركة التحرر الوطني الكوردية في سوريا، مما زاد الطينة بلة.
هناك نقطة وقد ناقشت هذه النقطة مع الأستاذ صلاح بدرالدين المتعلقة بأحزاب  خارج المجلسين ، ووجهت لجنابه بالسؤال ، وقلت له بالحرف دعك من أحزاب المجلسين ، وكن مساهما في إنحاز إطار ثالث ، وكان نص سؤالي هو : لماذا لا تعمل بهذا الإتجاه ؟.
قلت كن مبادرا بطرح مشروع سياسي وطرحه على جميع  الأحزاب الكوردية ممن هم خارج المجلسين للمناقشة . ثم دعوة هذه الأحزاب لمؤتمر يضم جميع تلك الأحزاب والخروج بإطار ثالث ، وكون مساهم كإطار بتقريب المجلسين
وكن فاعل خير في المستقبل .
لكن لن يحدث ذلك لأسباب عديدة باتت معروفة للجميع .
فبدلا من خلط الأوراق مجددا ، أن تقوم هذه الأحزاب الذين هم خارج إطار المجلسين القيام بمراجعة ذاتية لمجمل سياساتهم ، عبر وضع مصلحة الشعب الكوردي في سوريا بالأولوية ، وتقييم سياسة المجلسين المختلفين سياسيا وجميع تلك الأطراف يدركون تماما الخلاف القائم بين المجلسين ، وجوهر هذا الخلاف يكمن في حزب الإتحاد الديمقراطي السوري الذي يتخذ أوامره من قادة حزب العمال الكوردستاني التركي وهذا مفتاح الخلاف والحل بآن واحد في الحركة الكوردية في سوريا ، لنعمل معا بإتجاه ممارسة بعض الضغوط على حزب الإتحاد الديمقراطي السوري بضرورة قطع علاقاته مع حزب العمال الكوردستاني التركي المصنف ضمن قوائم الإرهاب دوليا .
وجعل من نفسه حزبا كورديا من عداد الأحزاب الكوردية في سوريا ، بهذا يكون قد قطعنا شوطا كبيرا في إخراج الحركة الكوردية من أزمتها ، ثم الذهاب  نحو مؤتمر قومي كوردي شامل يتضمن جميع الأحزاب الكوردية من جهة والمجلس الوطني الكوردي من جهة أخرى ، هكذا نتمكن من ضع النقاط على الحروف ، لا بالشكل الذي يتم طرحه من هنا وهناك ، من هذا الطرف أو ذاك ، وأغلب هذه الأطروحات تأتي بجهود فردية وليست بجهود جماعية .
وأخيرا بقي لي أن أسأل السؤال الأكثر أهمية :
هل التمثيل الكوردي يشترط بضرورة ضم جميع الأحزاب الكوردية إليه دون إستثناء ؟.
أعتقد أن هذا بالأمر مستحيل ، لأن هناك حزب لا يُعرف هويته لا وطنيا سوريا ولا كورديا ، ويتلقى أوامره من قنديل .

شارك المقال :

One Response

  1. الوقت لايسمح بالقاء اللوم على هذا اوذاك،اوانا قلت وهو قال،الذي لايعمل لايخطئ،…
    فقط الذين على الساحة ويقفون في وجه الطغيان التركي لهم حق الحديث ،ونحن المتفرجين يجب ان لايتجاوز النصيحة عملنا ،في حدود ماهم قادمبن على عمله…أكرر واقول مظلوم عبدي ومن يراه هو، يجب ان يتحركوا بسرعة والاتصال الدائم بهيئة تحرير الشام…واذا لزم لجنة عسكرية مشتركة مع من يراه الشرع(الجولاني)،وما يراه مظلوم عبدي للإشراف على كوباني،ومناطق الخلاف وابعاد تركيا كليا لأنها أرض سورية وليس تركية على الاقل حسب الجغرافيا الحالية…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حين هدأ لهيب حرب الخليج الثانية، وانسحبت القوات العراقية إلى مناطق الجنوب والوسط وكردستان ذات الحكم الذاتي الصوري، اندلعت شرارة الانتفاضات الشعبية التي اجتاحت جنوب ووسط العراق وكردستان، وفي غضون أيام قليلة، نجحت سلطات النظام العراقي بقسوة بالغة في إخماد هذه الانتفاضة، حتى وصلت وحشيتها إلى دفن آلاف المتظاهرين من جميع الأعمار وهم أحياء في شقوق تحت الأرض،…

منذ بداية الأزمة السورية، استهدفت الدولة التركية سورية والأراضي السورية بأنواع مختلفة من الاعتداءات، وارتكبت قوى الاحتلال مختلف الخروقات والانتهاكات لمجمل القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، اثناء الغزو والاعتداء للعديد من القرى والمدن في الشمال والشمال الشرقي من سورية، الذي تم على كل من: ريف حلب الشرقي والشيخ مقصود والاشرفية والشهباء ومنبج وكوباني ” عين العرب” والرقة وريفها والطبقة وريفها…

إبراهيم اليوسف منذ عقود، كان الكرد في” روج آفا”، كما في سائر كردستان، على موعد مع معركة مستمرة ضد الأنظمة الاستبدادية التي تحاول سحق هويتهم وثقافتهم. كانت تلك المعركة في البداية محلية، لكنها سرعان ما تحولت إلى ساحة لصراع أوسع، حيث جرت محاولات لاستغلال الكرد وتحويلهم إلى أدوات في صراعات سياسية لا تتعلق بمصالحهم الحقيقية. مع ظهور حزب العمال الكردستاني”…

صلاح بدرالدين اندلعت الثورة السورية المغدورة نتيجة الانفجار الشعبي العفوي ضد الاستبداد ، خصوصا بعد تلاقي الحراك الشبابي الوطني الثوري من خلال الاحتجاجات والتظاهرات السلمية مع انتقال قسم كبير من منتسبي الجيش من الجنود ، والضباط الى صفوف الشعب ، ولم يلبث ان – تسللت – أحزاب ، ومجموعات غالبيتها إسلامية سياسية ، وسيطرت على مقاليد أمور الثورة ومن ثم…