وكان يدير منظمة الحزب هناك وكان داره بمثابة مقر حزبي سري ، قبل ان ينتقل الى دمشق بسبب الظروف الاقتصادية القاسية الناجمة عن سياسات النظام في المنطقة الكردية والهادفة الى تفقير الشعب الكردي كي يضطر الى الهجرة ويصبح مهمشا في المدن الكبيرة ، كانت هذه الحالة السياسية للمسؤولين الحزبيين في معظم المناطق ، لذا فان معرفتي بعائلته ام خالد والاولاد تعود الى ذلك الوقت ، عائلته التي عرفناها بحبها لقضية شعبها والاستعداد للتضحية من اجلها ، وهذا ما كان تعكسه مواقف ابو خالد.
عمل ابو خالد بعيدا عن الاضواء ، وبعيدا كل البعد عن الانانية ، ناضل بهدوء وتروي ، ساهم بتشأة جيل من الحزبيين الشباب خاصة بين الفئة المتعلمة منهم ، وعندما تقوت المنظمة واصبح لاعضائها تجارب حزبية، حدث ما هو غير مألوف لدى الحركة الكوردية عندما انسحب ابو خالد من مسؤولية التنظيم ، كان ذلك في نهاية العام 1987 .
بعد المؤتمر السادس للحزب وحسب النظام الداخلي جرت الانتخابات في جميع منظمات الحزب لاعادة تشكيل الهيئات الحزبية ، وبحكم مسؤليتي لتنظيم الحزب في الجزيرة (محافظة الحسكة) اشرفت على كونفرانسات المنظمات الحزبية.
تفاجانا انذاك بعدم ترشيح ابو خالد نفسه لمسؤلية المنظمة التي كان يديرها ، كما ان احدا من الاخرين لم يرشح نفسه ، طالب ابو خالد بضرورة ترشيح احدهم لاستلام مهام المنظمة ، لكن انظار الجميع كانت متوجهة اليه مطالبة اياه بضرورة الترشح للمنصب ، لم يرضى احدهم على ان يرشح نفسه ، ليس من باب الخوف من احد او بسبب المستوى الثقافي ، انما وفاء وتقديرا لمنزلة ابو خالد لديهم .
واخذ الوقت منا كثيرا والكل يطالبون ابو خالد بالترشح ، عندها خرج ابو خالد وكعادته المعروفة ليبدي شىء ما و بعد مقدمة جميلة وشيقة تخللتها بعض الامثلة الشعبية ، قال ان مستوى العلمي والثقافي لدي لا يسمح بادارة مسؤولية المنظمة ، اليوم يوجد بينكم الكثيرون ممن يحملون الشهادة الثانوية ، كما ان العديد منكم يحملون الشهادات الجامعية في مختلف الاختصاصات ، لذا لن اقبل لنفسي ان ابقى في منصب المسؤول الاول بين هذا الوسط المتعلم ، سوف اكون معكم ولن ادخر جهدا مثل ما عرفتموني ، لكن من الواجب ومن الضروري ان يترشح للمسؤولية احدكم ، وبهذا الشكل جرى انتخاب رفيق اخر للمنظمة .
لقد كبر ابو خالد مرة اخرى باعيننا جميعا ، وهكذا بقي كبيرا في عيني الى اخر لقاء بيني وبينه ، كنت دائما استشيره بكثير من الامور ، حتى عندما كنت في منصب سكرتير الحزب ، لكن كل شيء لا يقال ، ما اود قوله ان ابو خالد كان عزيز النفس ، كرديا وطنيا بلا حدود ، شارك في معظم نشاطات حزب يكيتي وكان في مقدمة الرفاق في المظاهرات والاعتصامات التي جرت في دمشق .
كل الاجلال لروح الرفيق ابو خالد.