مقابلة مع الأستاذ بشار أمين عضو اللجنة السياسية لحزب آزادي الكوردي في سوريا

أجرى الحوار عبد الرحمن آﭙو:

سؤال 1 :  أهلاً وسهلاً بكم في منبرنا – جريدة آزادي – بدايةً حبّذا لو تكرّمتم بنبذةٍ موجزة عن شخصية ( بشار أمين ), الاجتماعية والسياسية.؟

الجواب : أهلا بكم ، أنا سليل عائلة تنتمي إلى التشكيلة الزراعية فئة ( صغار الملاكين ) ، تعاطيت العمل الحزبي في صفوف الحركة الكردية منذ ريعان شبابي وما زلت ، وأميل في الاهتمام إلى الجانب المعرفي ( الثقافي ) أكثر منه إلى الجانب السياسي رغم أن العلاقة بين الجانبين – برأيي – علاقة جدلية ، أرى الأول أساسا للثاني وكذلك الثاني يكون حافزا للارتقاء بالأول وهكذا دواليك ، فالسياسة من غير أسس معرفية لا معنى لها ، والثقافة غير الموجهة سياسيا أو من دون أهداف  أيضا أرى أنها تبقى غير فاعلة
 ويظل العمل السياسي وخصوصا في مراحل التطور الأولى- برأيي – يمتاز بالصعوبة والتعقيد على الصعيدين النظري كما ذكرنا ، والعملي ذلك لما يواجهها الإنسان من صراعات شتى وما يفرض عليه من التعاطي مع مختلف الشرائح والانتماءات والعقليات في المجتمع ، وما ينبغي عليه من الحفاظ على الذات وتوازنه ، وأن يكون الموقع القيادي أي المسؤولية عبئا عليه وليست ميزة له ، وأن يستطيع التوفيق بين أن يكون مبدئيا من غير الوقوع في متاهات المغالاة ، وبين الثقة بالنفس من غير الوقوع في ضلال الغرور ، لأن السياسي الناجح هو ذاك الذي يمتاز بالرأي السديد والموقف الموضوعي والواثق من نفسه بإمكانية المعرفة والأداء السياسي ، ومع ذلك يعلم جيدا أنه لا يمتلك ناصية الحقيقة كلها ، ويرى ضرورة أن يكون صدره واسعا للنقد والتقييم ، وعليه قلما تجد مسئولا من غير أخطاء أو عثرات ، لكنه ينبغي ألا يخشى الاعتراف بها ويتحمل بجرأة مسئولية ما يترتب عليها من إجراءات إن اقتضت الضرورة ، وعليه فإن المرء عبر مراحل عمله الحزبي يتعرض للكثير من النقد بسبب العديد من الأخطاء والهفوات التي يتعثر بسببها ، ولا أعفي نفسي قطعا من الوقوع مرارا في كبواتها ..

وعلى العموم ، أرى اليوم أن العمل السياسي (ولا أقول بالضرورة الحزبي) هو مثابة الزاد اليومي للإنسان السوري بشكل عام والكردي بشكل خاص ويكاد – برأيي – يكون “فرض عين ” على هذا الأخير، ذلك لما يعانيه السوري من وطأة الاستبداد واحتكاره للثروة والسلطة وممارسته للقمع والتعسف ، أما الكردي فإنه يعاني الأمّرين ، مرة إسوة بكل السوريين ، وأخرى مرارة معاناته ككردي وحرمانه من أبسط حقوقه القومية ، إلى جانب المشاريع والقوانين العنصرية وسياسة التعريب التي تطال مختلف مجالاته الحياتية والتي تطبق بحقه لعقود خلت ، تلك التي تستمد من الدراسة السيئة الصيت لضابط الأمن المدعو محمد طلب هلال ، لدرجة غدت ( هذه الدراسة ) مثابة منهج عمل للأنظمة والحكومات المتعاقبة على دست السلطة في سوريا منذ مطلع ستينيات القرن الماضي وحتى الآن ..

سؤال2 : كيف تقرؤون مستجدّات الوضع السياسي الدولي عامة..؟ وكيف تقرؤون السياسة الأمريكية الراهنة في عهد الديمقراطيين بقيادة الرئيس (( باراك أوباما )) في المنطقة والعالم , و ما مدى التغيير الذي طرأ على السياسة الأمريكية, وهل سيكون له انعكاسات إيجابية على القضية الكوردية بشكل عام؟

الجواب : أرى أن الوضع الدولي يتسم بمعادلة “الثابت والمتحول” هناك ثبات على نهج التغيير المستمر الذي أخذ شكل شبه مشروع كوني دائم ، وثبات على مبدأ التوافق الدولي ولاسيما بين الدول الصناعية الثمانية ومعها بقية دول الاتحاد الأوربي وهيئة الأمم المتحدة ومؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان وكل قوى الحرية والديمقراطية في العالم ، والثابت بنتيجة هذا التوافق هو الاهتمام بالقضايا ذات الشأن المشترك مثال الأزمة المالية والاقتصادية الدولية ، الحد من الرؤوس النووية بين أقطاب المجتمع الدولي ، مكافحة أسلحة الدمار الشامل بكل أنواعها ،  محاربة الإرهاب بكل أشكاله ومسمياته ، محاربة الأنظمة الاستبدادية والدكتاتورية ، مناصرة الشعوب وحقوق الإنسان في كل مكان ، العمل من أجل تنمية القدرات البشرية والموارد الاقتصادية ، بناء الحياة السياسية وفق المبادئ الديمقراطية ..الخ ، أما المتحول فهو أسلوب التعاطي مع جهة ما أو لحالة خاصة أو ظرف موضوعي مختلف ، بمعنى أن الأسلوب هو المتبدل بحسب الحالة السياسية وبحسب الظرف وبحسب كل منطقة ، فقد حصل التغيير في الاتحاد السوفيتي السابق من داخل مؤسسات النظام ومن داخل مؤسسات الحزب الحاكم , وقد حصل في دول أوربا الشرقية تحت ضغط شعوبها ، وحصل في أفغانستان والعراق بمواجهة عسكرية وتدخل خارجي مباشر، وقد يحصل اليوم في إيران من داخل مؤسسات النظام الحاكم ..الخ
أما السياسة الأمريكية ومنها الراهنة فهي الأخرى – برأيي – تأتي في ثباتها من جزء هام ومتقدم من عموم الوضع الدولي ، وهي بالتالي دولة المؤسسات وليست دولة أمزجة وأهواء الأفراد ، والخطوط العريضة للإستراتيجية الأمريكية واضحة لمن يقودها ، وتطرأ عليها التعديلات اللازمة – كما نعلم – قبيل كل انتخابات جديدة وعبر تلك المؤسسات ، أما المتغير فهو في أسلوب العمل والتعاطي السياسي ، ولئن بدا أن الرئيس المنتخب باراك أوباما يميل إلى الحوار والعمل السلمي بدل أسلوب المواجهة العسكرية فهذا لا يعني بأي حال تخليه النهائي عن ذاك الأسلوب والعودة إلى تقرير بيكر- هاملتون ، أو مهادنة الإرهاب والأنظمة الدكتاتورية ، لاسيما وأنه قد أبقى على القوة العسكرية في كل من العراق وأفغانستان بل وعززها في هذه الأخيرة ، كما تم بموافقته تمديد بقاء قوات اليونيفيل لمدة سنة أخرى في الساحل اللبناني ، ومن المحتمل أن ينقل الدرع الصاروخي إلى كل من تركيا وإسرائيل بحجة الخطر الإيراني ، وفي هذا دليل واضح على أن خيار القوة ما يزال قائما ، بل يزداد ضرورة إذا لم يكن الخيار السلمي مجديا ..
أما عن مدى الانعكاسات الايجابية لتلك السياسة على القضية الكردية ، فلا شك أن السياسة الأمريكية بحكم دورها الريادي في السياسة الدولية بشكل عام والتي لها تأثيرها المباشر في معظم الأحوال على مختلف القضايا ومن بينها القضية الكردية التي هي الأخرى أخذت تحقق تقدما ملموسا وخط بياني في تصاعد ، بحكم عاملين أساسيين الأول النضال المتواصل للشعب الكردي ولحركته السياسية، والثاني استفادته من الظروف السياسية والمتغيرات التي حصلت في العالم والمنطقة ، سواء في العراق أو في تركيا اليوم وإلى حد ما في إيران وحتى في سوريا مستقبلا ..

سؤال3 : حصل انفراج نسبي في بعض قضايا الوضع الإقليمي, وعادت من جديد إلى التأزّم كما في الوضع الفلسطيني على سبيل المثال والوضع في إيران وخاصّةً بعد الانتخابات الأخيرة, وبروز قوى معارضة قوية من صلب النظام ورموزه البارزين السابقين واستقطابها لشريحة واسعة من الجيل الشاب الإيراني وخاصّةً الطلابي, وكذلك شريحة النساء ….

ما دلالات تلك الحالة برأيكم, وإلام ستؤدي ؟, وكيف ستنعكس على وضع شعبنا الكوردي في شرق كوردستان (إيران )؟..وكيف تقيّمون الوضع في العراق الفيدرالي عامةً, والوضع في جنوب كوردستان خاصةً, ولا سيما بعد نجاح العملية الانتخابية الديمقراطية والحرّة الرئاسية والتشريعية هناك, والتي تمخّضت عن فوز إرادة شعب كوردستان و إعادة انتخاب الرئيس المناضل الأخ مسعود البارزاني ؟

الجواب : الواقع أن الوضع الإقليمي مرتبط بشكل أو بآخر بالوضع الدولي والتأثير متبادل، ويتأرجح الوضع الإقليمي بين المد والجزر باستمرار ، وقد جاء الانفراج النسبي مباشرة عقب التأزم الشديد من ضغوط دولية تجاه المنطقة وتشكيل المحكمة الخاصة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحرير ..الخ ، وظهر هذا الانفراج بوضوح بعد اتفاق دوحة في دولة قطر بخصوص لبنان ، وبالتزامن مع الإعلان عن وساطة تركية لمفاوضات غير مباشرة بين سوريا وإسرائيل وبروز الدور الفرنسي في المنطقة ..

الخ ، وبالفعل ما حصل كان مبعث ارتياح لدى شعوب المنطقة ، وقد احتلت قضية السلام بين العرب وإسرائيل مقدمة اهتمامات الجانب الدولي ذلك لما لها من أهمية في تشكيل دور أساسي لحل عموم معضلات المنطقة ، وقد تأزم الوضع من جديد ، نتجت عنه الحرب الطاحنة على غزة ، ذلك مؤشر واضح على أن هناك قوى متضررة من وضع الحلول لمشاكل المنطقة منها الاتجاهات السياسية المتزمتة وتلك المتعصبة دينيا في الجانب الإسرائيلي ، وأخرى القوى المتطرفة في مواجهة إسرائيل ومن يسندها إقليميا في الجانب الآخر وفي المقدمة منها إيران التي تطلع نحو طموحات إقليمية ودولية كبيرة على شاكلة إمبراطوريتها في العصور الغابرة ، ولشدة اهتماماتها الخارجية ونشرها للتشيّع وشغفها بتخصيب اليورانيوم كل ذلك حمّلها أعباء ثقيلة ونفقات باهظة تكلفها مليارات الدولارات دوريا ، وعلى حساب وضعها الداخلي وما يعانيه قسم كبير من المجتمع الإيراني من الانحطاط المعيشي والفقر المدقع الذي يطال ما يزيد عن  40 % من ذاك المجتمع ، فضلا عن القمع السياسي للقوى والأحزاب القومية والعلمانية هناك ، الأمر الذي أدى إلى خلق حالة رفض شديدة من داخل وخارج النظام الديني القائم ، وقد التقت الاتجاهات الإيرانية الرافضة وكل بحسب مصالحها بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي زادت من حدة الأزمة والاحتقان الداخلي الذي يصعب تجاوزه في الآفاق المنظورة ، وقد يؤدي هذا الوضع إلى تحولات هامة في حياة البلاد ، تنعكس بالتأكيد إيجابا على الحياة السياسية وعلى الشعوب الإيرانية قاطبة بما فيها الشعب الكردي هناك ..
أما عن الوضع في العراق فعلى الرغم من تفاقمه الأمني بين الحين والآخر سواء لجهة قضايا الخلاف الداخلية أو لجهة التدخلات الخارجية ذات المصلحة في تعكير أجواء الحياة السياسية العراقية ، نقول رغم كل ذلك فإنه اليوم ماض في التصدي للعمليات الإرهابية من جهة وفي السعي الحثيث لتحقيق مصالحة وطنية شاملة من جهة أخرى ، والجهود ما تزال مستمرة بخصوص المادة 140 من الدستور العراقي بشأن النزاع على مدينة كركوك ، كما أن العراق على أعتاب مرحلة جديدة من الحياة الديمقراطية وبناء تحالفات سياسية في استعداد لانتخابات عامة قريبة ، مستفيدا من تجارب الشعوب في العالم ومن تجربة كردستان العراق بشكل خاص ، وليس هناك ما يشير إلى التراجع في العراق بل العكس كل الدلائل تشير إلى تعميق التجربة الفيدرالية والحياة الديمقراطية في عموم البلاد ..
أما بخصوص إقليم كردستان العراق الذي شهد خلال الفترة القريبة الماضية منافسة ديمقراطية بحضور آلاف المراقبين الدوليين والإقليميين والمحليين ، وقد شهد له القاصي والداني بنزاهة الانتخابات تلك التي أسفرت عن تشكيل برلمان إقليمي برئاسة الأخ الدكتور كمال كركوكي ومؤتلف من مختلف مكونات الإقليم القومية منها والسياسية ، وظهر بوضوح أهمية القائمة الكردستانية الناتجة عن التحالف بين الحزبين الرئيسيين : الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني وفوزها بنسبة تزيد عن 57 % من مقاعد البرلمان الـ 111 مقعدا ، وفوز الأخ المناضل مسعود البارزاني على منافسيه بنسبة تزيد عن 69 % من أصوات الناخبين ، وقد ظهر بوضوح نمو ملموس للمعارضة في الإقليم مما يعني نموا للوعي السياسي وتقدما للحياة الديمقراطية ، ولاشك أن اختيار مجتمع الإقليم لأعضاء برلمانه من كل مكوناته ينم عن حس عال بالمسئولية التاريخية ، واختياره لشخص المناضل مسعود البارزاني لولاية رئاسية ثانية إنما هو دليل إدراكه العميق لطبيعة المرحلة وتطوراتها ، ذلك لما يرى في شخصه الأمين ما يؤهله دون منازع لقيادة هذه المرحلة بكل تداخلاتها وتعقيداتها ، وتشهد ساحة الإقليم اليوم حراكا بخصوص تشكيل حكومة جديدة برئاسة الدكتور برهم صالح خلفا لحكومة السيد نيجيرفان البارزاني ، وتكليف السيد فؤاد معصوم بمنصب نائب رئيس الوزراء العراقي بدلا من د.

برهم الذي استقال لهذا السبب ..
سؤال 4 : لنأتي إلى الوضع الداخلي,…النظام البعثي يشدّد قبضته على الوضع الداخلي ويزيد من ممارساته القمعية والعدائية, ما مدى فائدة تلك السياسة لخدمة النظام.؟

الجواب : من الموضوعي أن تكون تلك السياسة ضارة به ، تسيء إليه تمسه في الجانب الحضاري ، هذا في الحالة الاعتيادية الطبيعية ، أما حالة النظام فإنها استثنائية وسياسته استثنائية والاستثناء قاعدة لديه ، والقاعدة عنده استثناء ، ومن هنا فإن تركيبة النظام قائمة على القبضة الأمنية والعسكرية ، ولذلك فإن هذه السياسة هي طبيعته وتلك هي التي تضفي عليه سمة حكم الاستبداد والقوة ، كان لزاما عليه أن يستقطب الجماهير الشعبية ويتحاور مع مختلف القوى السياسية من المجتمع السوري الذي يمتاز بالتعددية القومية والسياسية والدينية ، ويسعى إلى كسب ودها ما أكن وذلك بحل مشاكلها وقضاياها بما فيها القضية الكردية بدل تأزمها أو العداء لها ، أما الذي يفعله هو العكس تماما وكأنه يؤلب هذه القوى والجماهير ضد ذاته وبدون استثناء لأحد ، فهو لا يعرف الآخر بل لا يريد حتى أن يرى الآخر المخالف وبأي شكل كان ، سواء كان هذا الآخر عربيا أو كرديا أو سريانيا أو إسلاميا أو مسيحيا ..الخ ومهما كان اتجاهه السياسي طالما أنه يمثل الآخر المخالف ..

سؤال 5 : ضمن حملة الاعتقالات العشوائية, والتي طالت المئات من أبناء شعبنا الكوردي, و العديد من القيادات الكوردية وكوادرها المتقدّمة, وبالأخص قيادة حزب آزادي ( الأستاذ مصطفى جمعة القائم بأعمال السكرتير, والأستاذ سعدون شيخو أبو خناف, والأستاذ محمّد سعيد العمر أبو عصام, حيث حوكموا في جلسةٍ علنية 16/8/ 2009 , وصدر من قبلُ أحكام قاسية ولمددٍ طويلة بحقّ أربعة من كوادر ورفاق حزب آزادي ( الأستاذ جهاد عبدو, وعبدالقادر سيدو, وحسين محمّد, وصالح عبدو ) بتاريخ 30/3/2009 من قبل محكمة أمن الدولة العليا غير الشرعية في دمشق, والذين اعتقلوا في مدينة عفرين بتاريخ 19/8/2007 , برأيكم ما هي دلالات تلك الأحكام القاسية..؟ وهل هناك استهداف فعلي من قبل النظام لوجود الشعب الكوردي, وحركته الوطنية, وبالأخص حزب آزادي حسب ما يروّج ..؟

الجواب :  إن حملات الاعتقالات مستمرة على شعبنا الكردي وحركته السياسية منذ مطلع ستينيات القرن الماضي وحتى الآن وقد تعرض عبرها المناضلون لأشد أنواع القمع والسجن ولمدد طويلة ، وكان كلما ازدادت شراسة الحملات كان إيذانا بمشروع أو قانون شوفيني جديد يتم تطبيقه أو ممارسته على الشعب الكردي ، فقد تزامنت مع قانون الإحصاء الاستثنائي في بداية الستينيات وكذلك مع فكرة الحزام العربي في عام 1966 ومع تنفيذ الحزام العربي عام 1973 و1974 وهكذا دواليك ، واليوم وقد ازدادت  هذه الحملات شراسة مع المرسوم التشريعي 49 تاريخ 10 / 9 /  2008 الخاص بالعقارات ، لكن من الملاحظ أن وتيرة الاعتقالات هذه في تصاعد وتطال بعضا من فصائل الحركة الوطنية وأخرى من الحركة الكردية وبنسب مختلفة ، ومع أن الموقف الرسمي من الشعب الكردي وحركته السياسية عامة هو واضح للعيان ولعقود خلت ، إلا أن الأهداف المرحلية للنظام تبدو مختلفة إلى حد ما، فهو يركز في هذا الظرف على أحزاب معينة منها حزبنا ، الذي غدا مشروعا وحدويا امتاز بالتوسع الحزبي والالتفاف الجماهيري مما أثار حفيظة النظام وأجهزته القمعية ، بمعنى أن آزادي في هذه المرحلة من بين الأحزاب المستهدفة من قبل النظام فينبغي على رفاق حزبنا الحيطة والحذر والوقوف بهمة وثبات بغية إسقاط الرهان على آزادي والمضي في تعزيز دوره السياسي والتنظيمي والجماهيري ليواصل تحقيق مهامه بقوة واقتدار ، وعن هذه الأحكام الجائرة ولآماد طويلة بحق المعتقلين السياسيين عموما وبحق رفاقنا الأربعة الذين ذكرتهم خصوصا فإنها تحمل نوعا من التشفي مما يوحي بالضغينة من النظام تجاه الآخر المخالف ، أما المحاكم العلنية فإنها أشبه بالمهازل ، محاكم تعتبر الرأي المخالف من الجنايات ، وتعتبر من يدافع عن المظلومين مجرمين يحاكمون لسنوات ، يتعامى القاضي عن حقيقة الوضع السوري القائم على المآسي ووضع الشعب الكردي الذي يرثى له من الظلم والاضطهاد جراء المشاريع والقوانين العنصرية الظالمة وسياسة الحرمان من الحقوق ..الخ وترى هذه المحاكم العلنية أن الدفاع عن هؤلاء إنما يندرج – برأيه- تحت بنود الجرائم الجنائية ينبغي أن يعاقب عليها القانون ..

إنها حقا مهازل !!

سؤال 6 : نحن الآن على أعتاب الذكرى الثانية لاعتقال كوكبة من كوادرو رفاق حزب آزادي في جبل الكورد ( عفرين ) 19/8/2007, بهذه المناسبة هل من كلمة توجّهونها لأبناء شعبنا الكوردي ولرفاق حزب آزادي, وأهالي المعتقلين ؟

الجواب :  أقول إن من يمارس العمل السياسي وتدفعه الغيرة إلى الدفاع عن المظلومين وعن قضية شعبه المضطهد فلاشك أنه يحسب للاعتقال والسجن والتعذيب وحتى للاستشهاد كل حساب ، وأننا جميعا معرضون لمثل ما تعرضوا هم له ، وثقتنا عالية برفاقنا ، لأن الأحكام الجائرة هذه ليست إلا نتيجة لمواقفهم المبدئية ودفاعهم الجريء عن قضية شعبهم وعن القضايا الوطنية ، فهم مبعث فخرنا وبأمثالهم نعتز ويتم تحقيق الأهداف والمبادئ ، نقول لذويهم إنهم لنا مثلما لكم ويعنونا مثلما يعنونكم ، ومن واجبنا جميعا أن نقف لهم سندا وأن نواصل العمل من بعدهم بهمة وعزيمة ، ولتعلم أجهزة السلطة القمعية أن تلك الإجراءات الجائرة لن تثني من عزيمة المناضلين على مواصلة العمل ، وأن طريق الحل لقضايا الشعوب والمجتمع ومجمل القضايا الوطنية ليس القمع والجور ، وإنما بالحوار الموضوعي المتكافئ لأنه سمة العصر وعنوان الحضارة ..

سؤال 7 : بعد انتفاضة آذار 2004 ظهرت حالة خطيرة أقلقت شعبنا الكوردي عامةً, وأبناءنا الشباب خاصّةً إلى حدٍّ كبير؛ ألا وهي ظاهرة مقتل أبناءنا الشباب الكورد الذين يؤدون الخدمة الإلزامية في الجيش السوري, والذي بلغ عددهم حتّى تاريخ 15/8/2009 ( 27 جندياً ), وقد نشرنا أسماؤهم بالكامل في العدد الماضي من جريدة ( آزادي العدد 412 ), ويوعز النظام أسباب الوفاة في الغالب إلى الانتحار..! ما رأيكم بتلك الظاهرة..؟

الجواب : معلوم أن مسألة القتل المباشر للأفراد عند النظام وأجهزته أمر طبيعي اعتادوا عليه ، خلاف ما يحصل عند العالم المتحضر من أن عقوبة الإعدام أو القتل ملغية نهائيا من دساتيرها وقوانينها ، أما في البلدان التي تعمل بهذه العقوبة فإنما يحتاج الأمر إلى تنفيذه بعد العديد من المحاكم وبعد صدور حكم الإعدام بقرار مبرم لا يتم التنفيذ إلا بعد التوقيع من أعلى سلطة حاكمة وفي أغلب الأحيان يكون رئيس الجمهورية ، أما ما يحصل على يد أجهزة السلطة فهي أشبه بالمحاكم الميدانية أو سلطة المائة السود أيام قياصرة الروس ، وما يحصل اليوم بحق هؤلاء الشباب الذين يؤدون الواجب الوطني واجب الخدمة العسكرية لا شك ناتج عن موقف النظام العنصري من الشعب الكردي الذي يشكل الحافز لدى النفوس الشوفينية الضعيفة لارتكاب هذه الجرائم بين الحين والآخر ، وعموما لا تختلف هذه الجرائم عن سابقاتها ، مثلما حصل في البدء وكانت الضحية الأولى الشهيد سليمان آدي في نوروز دمشق عام 1986 ، ومن ثم شهداء آذار 2004 والشيخ الشهيد محمد معشوق الخزنوي في أواخر أيار 2005 والشهداء الثلاثة محمد ومحمد ومحمد ليلة نوروز في القامشلي عام 2008 وحتى الآن ..

سؤال 8 : المرسوم التشريعي رقم/49/ تاريخ 10/9/2008 , لم يلق الارتياح من لدن أوساط المواطنين الساكنين في المناطق الحدودية المعنية عامة؛ لكن لماذا أقلق الجانب الكوردي إلى حدٍّ كبير؟

الجواب : إنك لو سألت أي إنسان في المناطق المشمولة بالمرسوم عن موقفه سيكون الجواب أن كل المكون المجتمعي عربا وكردا وسريانا ..

قد تضرروا  إلا أنه معلوم إلى أين هو موجه ؟ والمقصود هو الشعب الكردي ، والواقع أن الكل متضرر بحكم أن تجارة العقارات والعاملين في العقارات وبجميع الاختصاصات ليسوا هم الأكراد وحدهم ، لكن موضوع الشراء والترخيص والحاجة إلى منزل جديد..

فكل مثل هذه المعاملات تزداد تضيقا بشأن الكردي دون سواه ، وهنا تظهر أهدافه الواضحة من الحد من التوسع العمراني الكردي وخصوصا في مناطقهم مما يدفعهم إلى الهجرة خارجها وبذلك تتبدل الطبيعة الديمغرافية للمنطقة أولا بأول، وإذا كان كذلك فعلا أي يقلق الجميع دون تمييز فليس من حل سوى إلغاءه طالما أن كل المواطنين يتضررون من مثل هذه المراسيم ..

سؤال 9 : ما هي الوسائل المجدية برأيكم إتباعها للتعبير عن رفض المرسوم المذكور السيئ الصيت , ولاسيما بعد التظاهرة الاحتجاجية التي حصلت في دمشق الأحد 2/11 /2008 ومجابهة النظام لها وذلك باعتقال أكثر من 200 من قيادات وكوادر الحركة الوطنية الكوردية ؟ وكذلك أيضاً مجابهة النظام لأبناء شعبنا الذين خرجوا تلبيةً لنداء الحركة الوطنية الكوردية للاحتجاج على المرسوم بتاريخ 28/2/2009 السبت..؟

الجواب : الواقع أن هناك قصورا واضحا لدى مجمل الأوساط السياسية بشأن التعبير عن رفض هذا المرسوم ، فبالإضافة إلى ما ذكرت أنت أعلاه ، كان هناك حملة تواقيع واسعة تولتها لجنة ثلاثية مؤتلفة( عرب ، كرد ، مسيحية ) بلغت عشرات الآلاف من تواقيع مجمل الأوساط الشعبية المختلفة ومحاولات أخرى من جانب أوساط متخصصة أو معنية أكثر وكذلك في أوربا وغيرها ، لكن تبقى كل هذه النشاطات محدودة وغير كافية رغم أن مشاريع على هذه الشاكلة تبقى سياسية وهي ترتبط ارتباط وثيق بالإجراءات والمشاريع والقوانين الاستثنائية التي تسبقها كالإحصاء والحزام العربي والتعريب وغيرها ، لكن من المفيد أن تبقى حالة الاحتجاج مستمرة وبمختلف الوسائل السلمية لا أن تكون آنية وقتية أو مجرد أداء شكل ما من الاحتجاج من قبيل رفع العتب بل ينبغي توفير الجدية والاستمرارية من قبل مجمل أو معظم أطراف الحركة الكردية والوطنية ..

سؤال 10 : لنقترب الآن من اللوحة الكوردية, كيف تقرؤونها بعد انتفاضة آذار المجيدة 12/3/2004, وكيف تقيّمون الأداء السياسي والميداني للحركة الوطنية الديمقراطية في سوريا ( المعارضة ) بشقيّها العربي, والكوردي  وهل من أملٍ في المدى المنظور لبناء حالة تجميعية كوردية لتواكب المرحلة, واستحقاقاتها, وخاصّةً هناك الآن مبادرة مطروحة من قبل الجبهة الديمقراطية حول الخطوة الأولى – المجلس السياسي – باتجاه المرجعية الكوردية المنشودة  ؟ وهل من فرص كي يرى النور هذا الطرح وأقصد المجلس السياسي ؟.

الجواب : إن اللوحة الكردية كما أسميتها تحتاج برأيي إلى مراجعة نقدية شاملة وإعادة الصياغة للعديد من المفاهيم والمواضيع بما تتناسب مع مستجدات المرحلة ومتغيراتها ، وتوفير مستلزمات تحقيق ما تصبو إليها الحركة الكردية من ضرورات مقاربة عملية في الخطاب السياسي الكردي  وتوحيد الموقف والصفوف وذلك عبر الحوار الموضوعي والتفاهم الأخوي بعيدا عن المحاور وطي صفحة الصراعات الهامشية التي أثبتت عدم جدواها- سوى للخصوم – وعلى مدى الأعوام المنصرمة من عمر الحركة الكردية ، وقد طرحت مشاريع عديدة في هذا السياق من بينها مشروع المجلس السياسي الذي طرحته الجبهة الكردية فهو الآن قيد المناقشة من لدن عدد من الأحزاب الكردية التي تضم أحزاب الجبهة ولجنة التنسيق بالإضافة إلى حزبين من التحالف وآخر هو حزب الديمقراطي الكردي السوري ، ولا تزال النقاشات مستمرة من أجل انجاز الصياغة النهائية له ، وقد أجمعت الأطراف المشاركة على أن هذا المشروع هو الخطوة العملية الممكنة باتجاه المرجعية الكردية ، ولا يشكل محورا أو إطارا ضد أحد بل يدعو باستمرار إلى استكماله بمشاركة الأطراف الأخرى كي يكون شاملا ، وتبقى الرؤية السياسية المشتركة المنجزة من قبل معظم أطراف الحركة الكردية هي الأساس البرنامجي لهذا الطرح وهذا العمل ، ونأمل أن تكتمل الجلسات ببقية الأطراف وتتكلل النقاشات بتحقيق المجلس السياسي المذكور للانتقال إلى انعقاد المؤتمر الوطني وصولا إلى المرجعية الكردية المنشودة ..

سؤال 11 : ما المطلوب من حزب آزادي الكوردي في سوريا ؟, وما دوره الراهن والمستقبلي في الحراك السياسي العام, وخاصةً هناك استحقاقات تنظيمية ( المؤتمر ) بانتظار الحزب في الأمد القريب ؟

الجواب : نقول لرفاق حزبنا آزادي ، لقد حققتم بولادة آزادي إنجازا رائعا ، حققتم الوحدة في زمن الانقسام ، واستجبتم لطموحات جماهير شعبكم بخطوتكم هذه نحو خدمة رغبتها الجامحة من أجل لم شمل الكرد ، وأضفتم جهدا متميزا باتجاه الحد من الانقسامات المتوالية في جسم الحركة الكردية التي ظلت تتآكل لعقود من الزمن ، ونقول لهم أنتم اليوم مدعوون أكثر لتجعلوا من آزادي أداة نضالية متقدمة ، خاصة وأنتم على أعتاب المؤتمر الثاني للحزب، وذلك بالاستعداد الأمثل لهذا المؤتمر بغية توفير عوامل تطويره  وتقدمه ، وليتمكن بجدارة من المساهمة في العملية النضالية نحو تحقيق تطلعات شعبنا القومية والوطنية ..

سؤال 12 : هل من كلمةٍ أخيرة تودّون توجيهها عبر جريدة ( آزادي ) إلى فعاليات المجتمع السوري عامةً, وجماهير شعبنا الكوردي؟.

الجواب :  نقول ، إن المرحلة بتفاعلاتها وتداعياتها توحي بتحولات هامة في المنطقة ، وستنعكس لا محال على مجمل دول المنطقة ومن بينها بلدنا سوريا ، لذا ينبغي المساهمة في هذه التفاعلات ، والعمل ما أمكن من أجل تسريع عجلة تقدمها ، ذلك ما يقتضي حراكا سياسيا متميزا باتجاه الحوار الوطني والتفاهم على بناء تحالفات عريضة تواكب المرحلة وآفاقها ، وتسعى جاهدة من أجل تحقيق آمال وأماني مجتمعنا السوري بكل ألوان طيفه القومي والسياسي والديني في بناء دولة الحق والقانون على أسس من العدل والديمقراطية دولة تنهي حالة الطوارئ والأحكام العرفية وتلغي المحاكم الاستثنائية وتطلق الحريات العامة وتفرج عن معتقلي الرأي والموقف السياسي وتطوي ملف الاعتقال السياسي نهائيا ، يتم عبرها بناء حياة سياسية جديدة تحقق طموحات شعبنا الكردي بضمان حقوقه القومية والديمقراطية في إطار وحدة البلاد وبما يساهم في تقدمها وتطورها ..

…..في النهاية لا يسعني إلاّ أن أتقدّم إليكم بالشكر الجزيل, ودمتم.


 9/9/2009

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…