دلدار بدرخان
– تعددت الأقوال وتشعبت الأحاديث في الآونة الأخيرة حول دعوات جديدة لحل سلمي يضع نهاية للقضية الكوردية في تركيا، و يُقال إن الدولة التركية تطرح إطلاق سراح عبد الله أوجلان على الطاولة، وتدعوه لمخاطبة حزبه من خلال قبة البرلمان التركي لدعوته إلى إلقاء السلاح وإعلان نهاية الكفاح المسلح.
غير أنني أرى وأعتقد أن حزب العمال الكُردستاني “PKK” قد نأى بنفسه عن أوجلان منذ عهد بعيد، ولم يعد يهتم بكلماته وأوامره، فقد وعى هذا الحزب مآلات الأمور لذلك يتعامل مع أوجلان لا بوصفه زعيماً قائداً، بل رمزاً يحرك به الجماهير ويستدر عطف المؤيدين، و يعتبرونه أيقونة بين قضبان السجن لتعزيز مكانة الحزب امام قاعدته الجماهيرية وكسب مزيد من الدعم، و إذا خرج أوجلان وتم هذا الأمر كما يتحدثون، أو في حال أبرم اتفاقاً مع الدولة التركية فباعتقادي لن يتردد الحزب في التنصل منه، وقد ينسب إليه الجنون أو يزعم أنه فقد رشده بفعل سنوات السجن الطويلة أو أنه أُجبر من قِبل الأتراك على تناول حبوب الذهان لتسقط شرعيته في أعين أنصاره.
– وإن صحت هذه الفرضيات فلا أستبعد أن يقدم الحزب أو من يحركه على التخلص من أوجلان وتصفيته، لأن أوجلان بالنسبة لحزبه صار عبئاً ثقيلاً أكثر من كونه رصيداً حتى بالنسبة للقوى الكبرى التي لطالما استفادت من الفوضى والتوتر في هذه البقاع، فلا مصلحة لتلك القوى في إحلال سلام شامل بين تركيا والكورد، إذ إن استمرار النزاع يغذي مشاريعهم ويحقق مصالحهم في المنطقة.
– أما تركيا فهي تدرك التغيرات السياسية التي تجري في المنطقة، وتعي أن التحولات مقبلة لا محالة، لذلك تستبق الأمور وتسعى لإعادة سيناريوهات قديمة، مثلما فعلت مع معاهدة لوزان التي استقطبت بعض التيارات الكوردية وقامت بتخديرها تحت وعود كاذبة، ويبدو أن تركيا تحاول استباق أي تطورات دولية قادمة قد تؤدي إلى تغييرات في خريطة المنطقة، وتسعى من خلال هذه التحركات لقطع الطريق أمام أي سيناريوهات مشابهة قد تُفرض عليها مجدداً.
– وفي كلا الحالتين ارى أن تركيا غير جادة في اطروحاتها وما يتناهى الى مسامعنا مجرد سياسة جديدة تدخل ضمن اطار المصالح الحزبية ، ولا أرى في هذه الوعود سوى دخان يغطي نوايا خفية، فكم من سلام ظاهري يخفي وراءه نية الطعن والمكر، وما أكثر ما شهدت هذه الأرض من محاولات تسوية ما لبثت أن تحولت إلى المزيد من الاقتتال والدمار.