الكرد شركاء في هذا الوطن

  افتتاحية جريدة الديمقراطي *

من الأضرار  الكبرى التي خلفتها سياسة الاضطهاد القومي بحق الشعب الكردي في سوريا هو تشويه العلاقة التاريخية بين الكرد والعرب ، بالادعاء أن الأكراد انما هم دخلاء وغرباء دخلوا سوريا تسللا ،وأنهم لاجئون وأجانب ..

الخ .

وقد تأثر الرأي العام كثيرا بهذا التضليل في ظل غياب أي حرية اعلامية يمكن أن تدحض هذه المقولة وعلى مدى عقود من الزمن ترسخت مثل هذه الأفكار العنصرية التي هدفت الى عزل الكرد عن بقية مكونات المجتمع السوري تسهيلا و ممارسة وتنفيذ السياسات الاستثنائية والمشاريع العنصرية ولصهرهم وإلغاء خصائصهم القومية.
واليوم ، وبعد انكشاف الأمور، وانكسار جدران التكتيم الاعلامي وانتشار الأخبار والأفكار على نطاق واسع، وظهور الحقائق، يتبين مدى الإجحاف والظلم الذي لحق بالكرد في بلادنا، وبدأت شرائح واسعة من المجتمع السوري تدرك حقيقة أن الكرد هم مكون رئيسي وأساسي من مكونات مجتمعنا السوري ، وأنهم ليسوا بالصورة التي كانت الأوساط الشوفينية تحاول فرضها على الرأي العام ، وشيئا فشيئا يدرك الرأي العام السوري أن الأكراد ومنذ نشأة الدولة السورية لعبوا دورهم الوطني بأحسن وجه ، ولم يتخلفوا يوما عن خدمة بلادهم والدفاع عنها وكانوا دائما في مقدمة من يضحي من أجلها ، وأنهم ، رغم كل الظلم الذي لحق بهم ، لم يخضعوا لردات الفعل كما كان يتوقعه الآخرون.
فقد شارك الأكراد بنشاط في بناء الدولة السورية قبل ظهور سياسة الاضطهاد والتفرقة ، وعند تأسيس الحركة السياسية الكردية في عام 1957 كان نهجها أكثر وضوحا في تبني برنامج وطني بامتياز يدعو الى إلغاء سياسة الاضطهاد ورفع الغبن وتحقيق المساواة لكي يتمتعوا بخصوصيتهم القومية وبحقوقهم السياسية والثقافية والاجتماعية مثلهم مثل جميع مكونات المجتمع السوري ..

ورغم محاولات بعض الأوساط لحرف الحركة الكردية عن هذا النهج ورغم استمرار سياسة الاضطهاد البالغة القسوة لعقود طويلة فقد باءت تلك المحاولات بالفشل.
واليوم، وفي ظل التطورات الكبرى التي تشهدها المنطقة، فان النهج الذي اختارته الحركة الكردية والذي تثبت الأيام صحته ..

يستحق أن يكون الأساس الذي يمكن وفقه حل القضية الكردية في سوريا ، عبر التخلي عن العقلية العنصرية تجاه الكرد، واعتبارهم شركاء في الوطن.
 وما التطورات الهامة على هذا الصعيد في جوارنا سوى تأكيد على صوابية هذه الحلول الوطنية والسلمية والارتكاز الى المساواة والعدالة ، وتبني مبدأ الديمقراطية ، هذه المبادئ التي عملنا من أجلها كانت أفضل الخيارات ولا شك أنها ستكون كذلك.

* جريدة نصف شهرية يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا – العدد 531 أوائل تشرين الأول

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…