متى ما وضعت الكرد سلاحهم يا فخامة الرئيس فاعلم أن السيف سيطال رقابكم جميعاً

خليل كالو

في خبر نشر على موقع welate me منسوب لفخامة الرئيس مام جلال طالباني يدعو فيه الحزب العمال الكردستاني لإلقاء السلاح متزامنا مع أصوات من داخل النخب الحاكمة في الدولة التركية لن نعلق على الخبر كثيراً بقدر ما نقول إن مثل هذا الكلام قد تكرر كثيراً ونذكر الكرد وأصحاب الشأن عن حقيقة يعيشونها ألا وهي الاغتراب عن الذات مهما علا بهم الشأن وتغير بهم الأحوال و كذلك مقابل ماذا يلقون السلاح ؟ من أجل عفو وكفى نعلم أن وراء كل عفو مجازر رهيبة أما مثل هذه التصريحات الغزلية غير المفيدة باسم الدبلوماسية فإن فيها استهتار لمشاعر الكرد قاطبة ولن يستطيع أحد إرضاء السياسة التركية الحالية وعلى المدى المنظور مهما بلغ أحدهم من فن المناورة الحنكة السياسية المزعومة.
سنختصر من الكلام ولن نزيد أكثر في هذا المجال.

فما زالت الكرد تحترمك يا فخامة الرئيس وتذكر أنك ما زلت زعيم كردي ولكن في نفس الوقت نقول للنخب التركية الحاكمة لقد أخطأتم هذه المرة يا أبناء ياووز الآن فإذا ما أحببتم التفاوض سوف تتفاوضون مع القوة وليس مع الضعف كما كان ولا نقول مع حقوق الكرد كونكم لا تعترفون بها ولن تعترفوا بحسن خاطر وطيبة قلب لا أنتم ولا غيركم و ونعلم جيداً أن مسالة الديمقراطية التي تنادون بها هي كذبة كبرى وخداع من الأقوياء وفخ للضعفاء فهل سيكون الذئب ديمقراطياً مع الحمل والثعلب مع الدجاجة والقط مع الفأر دون امتلاك الأطراف الضعيفة القوة والمبادرة فلا نعتقد أن عاقلا سوف يصدق هذا الكلام فمثل الأتراك ومن يدور في فلكهم كمثل الذي يود أن يمسك الأرنب بالدف (عربانة) وفي وضخ النهار كما يقول الكرد في أمثالهم وفي الوقت الذي يدرون جيداً أن القوة تجلب الحق فلا حق بدون قوة والقوة هي من صفات الآلهة والرجال الذين صنعوا التاريخ فحتى الآلهة لم تستطع تحقيق إلوهيتهم إلا بالقوة بعدما امتهنت فنون الحرب وامتلكت القوة وأصبح كل إله من الطراز الرفيع فالقوة سنة من سنن الطبيعة تعطي الاحترام والديمومة لمالكها هذا ما يذكرنا به تاريخ تطور البشرية وتاريخها السياسي أولاً .

أما ثانياً وبالتأكيد لا نعتقد أن التاريخ سيعيد نفسه ككل المرات السابقة بسخافة وسذاجة فإن تكرر سيكون مصيبة ما بعده مصيبة فإذا كانت الدولة التركية والعنصرية الطورانية قد انتهزت كل الفرص على مر التاريخ الماضي في ظل غياب القيادة والثقافة القومية وفكر الكردايتي بسبب طغيان الثقافة الروحية وإرهاب السيف وفتاوى التكفير للنخب الداعية إلى التخلص من نير وسلطة الترك واتهامهم بالزندقة والإلحاد مستغلة سذاجة الكردي في هذه الناحية بتواطئ من رجال دين بلا دين من الكرد وعبر عدد كبير من التكايا التي كانت منتشرة في مجمل أنحاء كردستان والتي بلغت حتى بداية القرن العشرين حوالي 350 مدرسة وبالإضافة إلى تعاون النخب الاجتماعية الكردية العميلة على مر تاريخ الدولة العثمانية والدولة التركية الحديثة تبقى تلك المراحل عيب وعار كبيرين من تاريخ الكرد فنحن نعتقد الآن ونجزم أن تلك الأزمنة قد ولت وبدون رجعة بعد أن تنامي الفكر وحضور السياسة والقيادة المضحية على الساحة الكردية هناك بشكل قوي لذا فما يثار منذ مدة من أقوال وتصريحات بأن يقوم المقاتلين الكرد بإلقاء السلاح و يتم العفو عنهم قبل أي تسوية وحل للمسالة الكردية وما هو مشابه لهذا الكلام السخيف الذي هو استعلائي عنصري و استهتار سافر بحقوق وإنسانية الكرد من قبل الدولة التركية في الوقت الذي نحن على دراية تامة بأن هذا السلوك غير غريب ومعاد ومكرر في التاريخ فكل ما تسعى إليه النخب التركية الآن هو إيجاد وسائل جديدة لتصفية المسالة الكردية بعد أن جربت وأفرغت جرابها من الوسائل القديمة من القتل والتدمير والترهيب والترغيب واستخدام ثقافة الخيانة وعلاقاتها الدبلوماسية ونفوذها الإقليمي والدولي إلى أن وصلت بهم الحال إلى الطريق المسدود وفرضت المسالة الكردية ذاتها بقوة على السياسة التركية وخاصة في الانتخابات الأخيرة وأصبحت السياسة الكردية ذات زخم جماهيري كبير على طول البلاد وعرضها في كردستان وتركيا وفي الخارج ولم يعد الأمر خفياً على أحد من صغيرهم إلى كبيرهم وقد صرح بذلك علناً السيد أردوغان عشية خسارته الفادحة في معاقله بولاية سيرت وووان عندما سئل في مؤتمر صحفي في أنقرة لقد فقدت معاقلك الأساسية بالرغم كنت تسعى إلى استحواذ الأصوات في ديار بكر وشرنخ حينها قال أن الشعب هناك تقترب من المسائل سياسياً لا خدمياً وبهوية ثقافية فقد كان هذا أول إقرار من زعيم تركي بعد قرن من الصراع الدامي مع القومية الكردية لتعلن الدولة والسياسة ارتباكها هذه المرة بعدم استطاعتها القضاء على الشخصية الكردية التي استعادت عافيتها من تبعات وتأثير الفكر والثقافة البالية والتي زرعت في وجدانه منذ قرون والآن عمر الحركة النضالية العسكرية (بيشمركايتي) وصل إلى مراحل متقدمة ولم يستطع جيش أحفاد جنكيز الذي لا يقهر من تحقيق أهدافه في القضاء على أحفاد الشيخ سعيد بل على العكس وقد تجلى ذلك في حملة الزاب الكبيرة بعد أن حشد أكثر من مائة ألف مهمدجيك لها وكانت النتيجة هو انتصار حفنة من المقاتلين الأشداء لم تبلغ نسبتهم 1/50 مقارنة مع أحفاد جنكيز على الأرض ما عدا مناصرة الآلة العسكرية بكل صنوفها والأحزاب السياسية والدعم اللوجستي الضخم الذي كلفتهم مليارات الدولارات ومع مساندة كامل أركان الدولة ومع الشعب التركي والحكومة ناهيك عن الإمبراطورية الإعلامية الهائلة التي كانت تؤازره ولكنهم جرو ورائهم أذناب الخيبة والهزيمة.

الآن تبحث الدولة التركية بكل أركانها عن سبيل آخر للتضليل بعد ان ضاقت به الأمور ذرعاً وأفلست في سياساتها تجاه الكرد وخاصة في كردستان الجنوبية باستمالة القيادة الكردية هناك إلى جانبها وعدم مسايرة الحكومة الأمريكية الجديدة لسياسات الترك تجاه الكرد وقد بدا من لقاء الرئيس الأمريكي أوباما مع ممثلية الكرد من قيادة حزب الشعب الديمقراطي في زيارته الأخيرة إلى تركيا ومع صعوبة المفاوضات التركية للدخول إلى الاتحاد الأوربي صارت تفتش النخب التركية ـ مثل اليهودي عندما يفلس ـ عن دفاترها القديمة لتخلع جلد الذئب وتلبس جلد الثعلب فهم لم ينطقوا حتى هذا اليوم بكلام مغاير وغير مألوف بشأن حل صحيح وشفاف فهذا هو سلوكهم المعتاد كما تربوا عليه تجاه الكرد وهم عاجزين للإتيان بحل جذري للمسألة سوى إتباعهم منهج وحيد تقليداً لأسلافهم بتوظيف سياسة الإعفاءات العامة وقصقصة الاجنحة لتبدأ بعدها سلسلة من الإعدامات الرهيبة بحق النخب الكردية فقد فعلها سلطان مراد بحق عفدال خان البدليسي منذ أكثر من قرنين من الزمان وبدأ التاريخ يعيد نفسه على ذلك المنوال فقضوا على بدرخان ويزدان شير وجيهان بك والشيخ عبيد الله النهري والشيخ عبد السلام البارزاني والشيخ سعيد بيران وثوار آرارات وزعماء عشائر حسنا وحيدرا والشيخ سيد رظا وعشرات الآلاف من المعفين عنهم من النخب الاجتماعية والروحية والثقافية وبنفس الطريقة والأسلوب التقليدي.

لهذا كيف لرجال أصبح لهم عشرات السنين يناضلون في هذه الظروف الصعبة والاستثنائية من أجل حقوق مشروعة قد اغتصبت منذ زمن بعيد ولم تتبين الخيط الأسود من الخيط الأبيض بعد الوعود التركية وأين الحقوق وما الضمانات وكيف هي طريقة الحل ألا يشكل هذا الخطاب والدعوة من السياسة التركية ومن غيرها نوعاً من الإهانة والاستخفاف بحقوق الكرد وكما أن كلمة العفو والنطق بها تعني المذلة والرضوخ وقد رفضه الشيخ سعيد من أتاتورك ومصطفى البارزاني من عبد السلام عارف ومن قبله قاضي محمد من رضا بهلوي وربما قبل البعض من صدام حسين كما إن هذا المنطق يفسر بأن هناك جريمة قد وقع و هناك مجرم فاعل مارق تجاوز أسس القانون وأعراف الجماعة سيعفى عنه إحساناً وكرماً من السيد أردوغان وأركان حكومته فهل الكرد مجرمون حتى يكرمهم أردوغان وغيره من العرابين للسياسة الطورانية وليتم العفو عنهم كي يرجعوا إلى حضن الأم الكبرى الدولة التركية فما زالت نظرة الدولة التركية بكل أركانها بدء من المجلس القومي والمؤسسة العسكربة والسياسية والسلطة القضائية ووسائل الأعلام هكذا وتعتقد أن الكرد قد ارتكبوا الجريمة بحق الدولة فماذا يريد الآخرون هل السلام الحقيقي أم السلام على الطبول فإذا كانت الرؤى والنيات بهذه الخبث فمن الأحرى أن لا تعفو عن أحد لتبقى الكرد مجرمين في نظرهم بحق القومية التركية كما تزعم الأتراك علماً بأن هم زعماء ومشاهير الإجرام منذ تاريخ وجودهم في هذه المنطقة والتي لا تتجاوز ثمانية قرون وليسأل العرب ماذا فعل بهم الترك خلال خمسة قرون وكذلك البلغار وشعوب البلقان واليونان والرومان وحتى أقسام من شعوب أوروبا والشعب الأرمني دعوكم من الكرد فلهم مع الأتراك قضية وصراع مزمن ولكن ألم تقلد الأحفاد سيف الجد جنكير وهولاكو وتيمور وبنوا الدولة لشعب غازي بدون أرض دخلوا المنطقة على ظهور الخيول مدمرين كل شيء في طريقهم ولم يتركوا عدواً خلفهم وعاشوا على حساب وجماجم شعوب المنطقة وآلامها باسم الدين وما زالوا يعزفون تلك السمفونية القديمة فأكثر الشعوب دموية على وجه هذه البسيطة هم العنصر التركي فلا أحد يستطيع الدفاع عنهم ولكن القوة والمكر والمراغة والحنكة السياسية تحميهم من العقاب فإذا كانت الكرد على هذه السذاجة والسطحية لكشف ظهرهم للوعود المضللة فليفعل الآخر بهم ما يشاء وحينها على الكرد ألا يكرهوا ذاتهم ويشتكوا لأحد وسيثبتوا من جديد أنهم لا يستحقون العيش الكريم وسوف تبقى العبودية عنواناً لهويتهم.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…