تركيا: مخاوف فعلية من فشل عملية الانفتاح على الأكراد

  محمد نور الدين

يبدو أن خطة الانفتاح الكردي التي أعلنت الحكومة التركية أنها تريد المضي بها من اجل حل المشكلة الكردية في تركيا تواجه عثرات من أكثر من جهة.


ومع أن مجلس الأمن القومي التركي أعطى دفعا للخطة بتأييده لها، إلا أن الأحزاب التي كانت تحسب على المؤسسة العسكرية، ومنها حزب الحركة القومية وحزب الشعب الجمهوري، لا تزال تشن اعنف الحملات على الخطة، إلى درجة استدعت موقفا من احد نواب حزب العدالة والتنمية بأن حزب الحركة القومية ليس إلا واجهة للولايات المتحدة، كما لو أن واشنطن تضع العصي في دواليب الحل.


فردا على اتهام زعيم حزب الحركة القومية دولت باهتشلي لحزب العدالة والتنمية بأنه، بخطته الكردية، يخدم مشروعا أميركيا، قال رئيس كتلة العدالة والتنمية البرلمانية بكير بوزداغ إن المشروع الأميركي هو الذي يخدم الانقسام وهو الذي أنقذ زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان من حبل المشنقة، وكان حزب الحركة القومية شريكا في الائتلاف الحكومي حينها.

وأضاف بوزداغ أن خطة الحكومة هي مشروع وطني يريد وقف إراقة الدم وذرف الدموع، وقد تبناها مجلس الأمن القومي بالإجماع.

وتابع «يبدو أن البعض لا يمكن أن يعيش إلا في ظل استثارة وتأجيج النوازع المتطرفة فيما الحل يشكل إزعاجا له».


وتوقف المعلقون الأتراك أمام الحضور القوي لاوجلان في المشهد السياسي الراهن.

ورأى بعضهم انه قد يكون مساعدا وقد يكون العكس، وهو ما خلص إليه الكاتب قدري يوكسيل في صحيفة «ميللييت».


ويقول يوكسيل إن الانطباع العام السائد أن الرأي العام التركي لا يقف ضد حصول الأكراد على حقوق ثقافية فردية، لكن الاعتراض أو الخوف من أن تؤدي هذه الطريق في النهاية إلى انفصالهم عن تركيا وان يكون أوجلان هو المخاطب في النهاية لدى الدولة التركية.


ويتابع يوكسيل انه من الواضح أن أوجلان تحول إلى «لاعب سياسي» والى «موضوع النقاشات» في الوقت ذاته.

وينقل الكاتب عن محامي أوجلان، الذين التقاهم، أن زعيم حزب العمال الكردستاني يرى أنه من الخطوات التي يرى أنها تعكس تصميما من الدولة التركية على الحل، تحسين ظروف اعتقاله أولا ومن ثم وقف العمليات العسكرية ثانيا.

ويشكو أوجلان من نقص مصادر المعلومات لديه حيث لا يستطيع أن يتابع سوى محطة التلفزيون التركية الرسمية، وهذا يعني أن أوجلان لا يعرف بدقة النقاشات التي تحصل منذ مدة عن المسألة الكردية.


ويتساءل يوكسيل عما يحصل إذا تحسنت ظروف اعتقال أوجلان.

ويقول انه «من المحتمل أن يساهم أكثر في مناخ الحل.

ولعل أكثر ما يثير الخشية أن يبدو أوجلان محاورا للدولة بالواسطة عبر حزب المجتمع الديموقراطي الكردي، وهذا ما يثير خوف الحكومة، بل إن اتخاذ حزب المجتمع الديموقراطي الكردي كمحاور تجاه الدولة سيكون أمرا مرعبا في ظل تلاشي المسافات بين هذا الحزب واوجلان، بل انتحار سياسي لحزب العدالة والتنمية».


ويرى الكاتب انه من غير الممكن البحث في عملية حل من دون البحث في إصدار عفو عام عن المقاتلين في الجبال، وعندما تبدأ العملية السلمية ويعلن حزب العمال الكردستاني إنهاء العنف يمكن البحث في وضع أوجلان.


وأطلق الروائي ياشار كمال دعوة جديدة للحل، بالقول إن على الجميع المساهمة فيه لأن التاريخ لن يغفر للمعرقلين، في خشية واضحة من تعرقل العملية الحالية.

ويتوقف الجميع عند الصورة التي لأوجلان لدى الرأي العام، وهي الصورة الدموية، لكن احد محامي أوجلان عمر غونيش يقول إن الزعيم الكردي قد يكون عامل توحيد لا انقسام في هذه المرحلة، فيما يقول احد قادة حزب المجتمع الديموقراطي انه من الضروري أن تقدم صورة أوجلان بصورة أفضل للرأي العام، صورة المحب للسلام.


نقاشات تبدأ ولا تنتهي في ظل عدم وضوح أي خطة، لا من قبل الحكومة ولا من قبل الأكراد، هذا إذا كان من خطط فعلية.


—-

السفير

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…