افتتاحية جريدة آزادي*
بقلم: رئيس التحرير
بقلم: رئيس التحرير
تلتقي آراء معظم علماء الاجتماع والسياسة على أن الدستور هو حصيلة تطور المجتمعات وترقيتها بأعرافها وتقاليدها ونظمها الخاصة عبر التاريخ ، والدستور- برأيهم – ليس سوى عقد اجتماعي بين أفراد المجتمع يتنازل بموجبه كل فرد عن جزء من أو كل حقوقه لصالح المجموع العام عبر اختيارهم للحكام ، وعلى أنهم جميعا ولدوا متساوون بالفطرة ويعيشون بالمساواة ، والدستور هو الذي ينظم الحياة العامة والحياة السياسية للمجتمع وبموجبه تتحدد طبيعة الدولة ومؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وهو الركن الأساسي للدولة ، بمعنى لا دولة من غير دستور، وعلى قدر الالتزام به تتعزز أركان الدولة
وهو أساس القوانين إذ لا يمكن أن يكون هناك قانون يخالفه ، فالتعارض يلغي ذاك القانون ..أما الدستور السوري المعمول به حاليا والذي وضع عام 1973 مع تعديلاته اللاحقة، إنما جاء ليعبر عن توجهات حزب البعث الحاكم وسياسته وتطلعاته وأهدافه بل يخضع الجميع لخدمته، يتجلى ذلك بوضوح في المقدمة ومواده 7 – 8 – 11 ..الخ فالمادة السابعة هي القسم على تحقيق شعارات الحزب ، والمادة الثامنة هي قيادة البعث للدولة والمجتمع ، والمادة 11تجعل القوات المسلحة مسؤولة عن حماية أهداف الثورة التي هي أهداف حزب البعث ..الخ .
ومع كل هذا ، فإن الدستور من جانب آخر قد أكد على الحقوق العامة للمواطنين منها : حق الإسهام في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية ، وحق الحرية وعدم التفتيش وعدم الاعتقال التعسفي وعدم التحري ، وحق العمل وفق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص ، وحق عدم التعذيب الجسدي أو المعنوي أو الإهانة ، وحق التقاضي وسلوك طريق الطعن بالأحكام ، وحق عدم دخول المسكن وتفتيشه إلا بالطرق التي رسمها القانون ، حق عدم مراقبة الرسائل أو الاتصالات الهاتفية ، حق التنقل والسفر ، حق إبداء الرأي وإبداء النقد البناء ، حق النشر بالصحف ، حق الاجتماع ، حق التظاهر السلمي ، حق إقامة التنظيمات النقابية والاجتماعية والمهنية والجمعيات ، حق الرقابة على أنظمة الحكم المادة 49 ..الخ
إن الدستور يؤسس ظاهريا لقانون عادي بكل ما فيه من مؤسسات كما ذكرنا (تشريعية ، تنفيذية ، قضائية ) ولهذه المؤسسات صلاحياتها ولها اختصاصاتها وإجراءاتها ، إلا أن الأحكام العرفية وحالة الطوارئ المعلن عنها منذ آذار 1963 هي التي تعطل الدستور ، كونها قد أخذت موقع الدستور كقاعدة ، والدستور أصبح في حكم الاستثناء ، وأطلق العنان للحاكم العرفي ونوابه إلى جانب تشكيلات أمنية وأجهزة قمعية شتى تمارس صلاحيات واسعة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية وحتى الثقافية ، وأجهزة طوارئ وشبكة سجون ومعتقلات متصلة بها، ولا تتبع إداراتها للمؤسسات القضائية بل العكس في معظم الأحوال ، ولها محاكمها الخاصة مع نيابتها العامة كمحكمة أمن الدولة العليا بدمشق ، وغالبا ما تمارس تلك الأجهزة سلطاتها بلا مساءلة، مثال ذلك جرائم القتل التي ارتكبت في بعض المناطق الكردية كانت مثابة محاكم ميدانية وأحكام فورية ومباشرة دون منازع حتى من ضمير ، فالقتل أي الإعدام يقتضي حكم قضائي مبرم غير قابل للطعن ويصادق عليه من سلطة الدولة العليا حتى يتم التنفيذ ، وعلى صعيد المحاكم المذكورة فإنها ترى المتهم مداناً قبل محاكمته بدليل أنه يبقى مسجوناً لأشهر ولسنين دون محاكمة وأحيانا يطلق سراحه من غير أن يمتثل أمام أية جهة قضائية ، وهذا خلاف القاعدة القانونية وخلاف الدستور الذي ينص على أن كل متهم بريء حتى يدان بحكم قضائي مبرم / المادة 28 من الدستور ..
وهكذا فإن هناك توافقا بين أصحاب الاختصاص على أن قانون الطوارئ المعمول به في بلدنا ليس دستوري ، لأن صدوره قد سبق الدستور بعشر سنوات ومن ثم فهو يخالف مواده ، ليس هذا فحسب بل كل مواطن يمارس حقوقه التي أقرها الدستور والمذكورة أعلاه ( الحق السياسي ، حق التعبير والنشر ، حق التظاهر السلمي ..الخ ) فإن هذا القانون يعرضه للمحاكم الاستثنائية وبالتالي يعاقبه على ممارسة هذا الحق الدستوري ، وهنا يكمن السؤال : من مع الدستور ومن يخالفه بل من هو ضده ؟ المواطن أي الشعب أم السلطة صاحبة قانون الطوارئ والأحكام العرفية ؟؟ ثم من يستحق العقاب ؟؟.
ومن قراءة متأنية لهذه المعادلة الصعبة تراود الأذهان أسئلة تقتضي الإجابة الدقيقة ، ترى لماذا هذه الأجهزة العرفية تدوس دستور البلاد ؟ بهذا الشكل السافر حينما تنتهك حرمة منزل ، أو تهين المواطن إما بتفتيشه أو الإساءة إليه وهو على قارعة الطريق وأمام مرأى ومسمع الناس والمارة ، أو تقمع التظاهر السلمي أو حالة احتجاج بشكل تعسفي قاهر ، ترى أين دور الرقابة الشعبية عبر مؤسساتها الدستورية ؟ وهنا تكمن هشاشة وشكلية تلك المؤسسات ..
من هنا فإن الواجب الوطني يدعو الجميع إلى لم الشمل وتضافر الجهود من أجل تحرير دستور البلاد من ربقة قانون الطوارئ وأحكامه المخالفة للدستور ومحاكمه الاستثنائية الجائرة ، وإدخال التعديلات اللازمة التي ترتقي به إلى مصاف الدساتير العصرية التي تخدم المجتمعات ، وخصوصا تلك التي تتقارب مع واقع بلدنا من حيث التعددية القومية والدينية والسياسية ، ليعمل الجميع من أجل دستور يناسب المرحلة ويكون الأساس والمنطلق نحو بناء دولة الحق والقانون دولة تمتاز بالديمقراطية وتراعي حقوق الإنسان وتنتفي بداخلها أشكال التفرقة والتمييز سواء بسبب الانتماء القومي أو الديني أو السياسي ..وتقر دستوريا وبشكل صريح بحق كل المكونات الوطنية السياسية والثقافية والاجتماعية ، وضمان حل كافة القضايا الوطنية العالقة ، ورفع الغبن عن كاهل شعبنا الكردي وحل قضيته عبر تمكينه من ممارسة حقوقه القومية والديمقراطية وذلك في إطار وحدة البلاد وبما يعزز وحدتها وبما يخدم تطورها وتقدمها ، وليعيش الجميع في وئام وأمان .
ومع كل هذا ، فإن الدستور من جانب آخر قد أكد على الحقوق العامة للمواطنين منها : حق الإسهام في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية ، وحق الحرية وعدم التفتيش وعدم الاعتقال التعسفي وعدم التحري ، وحق العمل وفق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص ، وحق عدم التعذيب الجسدي أو المعنوي أو الإهانة ، وحق التقاضي وسلوك طريق الطعن بالأحكام ، وحق عدم دخول المسكن وتفتيشه إلا بالطرق التي رسمها القانون ، حق عدم مراقبة الرسائل أو الاتصالات الهاتفية ، حق التنقل والسفر ، حق إبداء الرأي وإبداء النقد البناء ، حق النشر بالصحف ، حق الاجتماع ، حق التظاهر السلمي ، حق إقامة التنظيمات النقابية والاجتماعية والمهنية والجمعيات ، حق الرقابة على أنظمة الحكم المادة 49 ..الخ
إن الدستور يؤسس ظاهريا لقانون عادي بكل ما فيه من مؤسسات كما ذكرنا (تشريعية ، تنفيذية ، قضائية ) ولهذه المؤسسات صلاحياتها ولها اختصاصاتها وإجراءاتها ، إلا أن الأحكام العرفية وحالة الطوارئ المعلن عنها منذ آذار 1963 هي التي تعطل الدستور ، كونها قد أخذت موقع الدستور كقاعدة ، والدستور أصبح في حكم الاستثناء ، وأطلق العنان للحاكم العرفي ونوابه إلى جانب تشكيلات أمنية وأجهزة قمعية شتى تمارس صلاحيات واسعة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية وحتى الثقافية ، وأجهزة طوارئ وشبكة سجون ومعتقلات متصلة بها، ولا تتبع إداراتها للمؤسسات القضائية بل العكس في معظم الأحوال ، ولها محاكمها الخاصة مع نيابتها العامة كمحكمة أمن الدولة العليا بدمشق ، وغالبا ما تمارس تلك الأجهزة سلطاتها بلا مساءلة، مثال ذلك جرائم القتل التي ارتكبت في بعض المناطق الكردية كانت مثابة محاكم ميدانية وأحكام فورية ومباشرة دون منازع حتى من ضمير ، فالقتل أي الإعدام يقتضي حكم قضائي مبرم غير قابل للطعن ويصادق عليه من سلطة الدولة العليا حتى يتم التنفيذ ، وعلى صعيد المحاكم المذكورة فإنها ترى المتهم مداناً قبل محاكمته بدليل أنه يبقى مسجوناً لأشهر ولسنين دون محاكمة وأحيانا يطلق سراحه من غير أن يمتثل أمام أية جهة قضائية ، وهذا خلاف القاعدة القانونية وخلاف الدستور الذي ينص على أن كل متهم بريء حتى يدان بحكم قضائي مبرم / المادة 28 من الدستور ..
وهكذا فإن هناك توافقا بين أصحاب الاختصاص على أن قانون الطوارئ المعمول به في بلدنا ليس دستوري ، لأن صدوره قد سبق الدستور بعشر سنوات ومن ثم فهو يخالف مواده ، ليس هذا فحسب بل كل مواطن يمارس حقوقه التي أقرها الدستور والمذكورة أعلاه ( الحق السياسي ، حق التعبير والنشر ، حق التظاهر السلمي ..الخ ) فإن هذا القانون يعرضه للمحاكم الاستثنائية وبالتالي يعاقبه على ممارسة هذا الحق الدستوري ، وهنا يكمن السؤال : من مع الدستور ومن يخالفه بل من هو ضده ؟ المواطن أي الشعب أم السلطة صاحبة قانون الطوارئ والأحكام العرفية ؟؟ ثم من يستحق العقاب ؟؟.
ومن قراءة متأنية لهذه المعادلة الصعبة تراود الأذهان أسئلة تقتضي الإجابة الدقيقة ، ترى لماذا هذه الأجهزة العرفية تدوس دستور البلاد ؟ بهذا الشكل السافر حينما تنتهك حرمة منزل ، أو تهين المواطن إما بتفتيشه أو الإساءة إليه وهو على قارعة الطريق وأمام مرأى ومسمع الناس والمارة ، أو تقمع التظاهر السلمي أو حالة احتجاج بشكل تعسفي قاهر ، ترى أين دور الرقابة الشعبية عبر مؤسساتها الدستورية ؟ وهنا تكمن هشاشة وشكلية تلك المؤسسات ..
من هنا فإن الواجب الوطني يدعو الجميع إلى لم الشمل وتضافر الجهود من أجل تحرير دستور البلاد من ربقة قانون الطوارئ وأحكامه المخالفة للدستور ومحاكمه الاستثنائية الجائرة ، وإدخال التعديلات اللازمة التي ترتقي به إلى مصاف الدساتير العصرية التي تخدم المجتمعات ، وخصوصا تلك التي تتقارب مع واقع بلدنا من حيث التعددية القومية والدينية والسياسية ، ليعمل الجميع من أجل دستور يناسب المرحلة ويكون الأساس والمنطلق نحو بناء دولة الحق والقانون دولة تمتاز بالديمقراطية وتراعي حقوق الإنسان وتنتفي بداخلها أشكال التفرقة والتمييز سواء بسبب الانتماء القومي أو الديني أو السياسي ..وتقر دستوريا وبشكل صريح بحق كل المكونات الوطنية السياسية والثقافية والاجتماعية ، وضمان حل كافة القضايا الوطنية العالقة ، ورفع الغبن عن كاهل شعبنا الكردي وحل قضيته عبر تمكينه من ممارسة حقوقه القومية والديمقراطية وذلك في إطار وحدة البلاد وبما يعزز وحدتها وبما يخدم تطورها وتقدمها ، وليعيش الجميع في وئام وأمان .
جـريدة صـادرة عـن مـكـتب الثقـافـة والإعـلام المـركـزي لحــزب آزادي الكــردي في ســوريا العدد (412) آب 2009
لقراءة مواد العدد انقر هنا
لقراءة مواد العدد انقر هنا