سبع أحزاب موزعة بين المحاور الكردية , لبت الدعوة .
إستغرق الإجتماع يومين من المناقشات و تبادل الآراء , و بعد إنتهاءه أصدرت الأحزاب الكردية بياناً للراي العام , أقل ما يمكن أن يقال عنه و عن الإجتماع نفسه : ليته لم ينعقد , و لم يصدر البيان .
بعد عودة هذه الأحزاب , حاولت كل منها , أن توحي للجمهور الكردي أنها هي من أفحمت , و أحسنت , و دافعت ووو , عكس الأخرين , و بدت من أحاديثها كما لو أنها كانت في مؤتمر دولي تحتضره أطراف مختلفة في الأهداف و المصالح , يستوجب تقريب وجهات النظر و البحث عن النقاط المشتركة , وجود طرف ثالث .
و ما يزيد من شر البلاء هو أن هؤلاء (المتبارزون الأبطال) في الأحزاب الكردية , وهم يجرون خلفهم إذيال الخيبة و الشؤم الى داخل الوطن , حاولوا دونما خجل إدعاء تحقيق إنتصارات كانت في حقيقتها دنكشوتية , لا أساس لها سوى في مخيلة المصابين بالشيزوفرينيا السياسية.
فالأحزاب المشاركة في المؤتمر لم تظهر أي توافق لمدعويهم , و لا حتى الحد الأدنى من المشتركات بينها , و لم يكن في حسبانها و محط إهتمامها , أهمية نزع الغطاء عن الفكرة التي تقول ان الكرد منقسمين مشرزمين في إراداتهم و طروحاتهم و مواقفهم .
فقد إرتجل مسؤولو الأحزاب الكردية في مؤتمر القاهرة , كل على طريقته , في إثبات إختلاف حزبه مع الأحزاب الكردية الأخرى إزاء المحاور المطروحة للنقاش.
و بالرغم من عدم المعرفة بأسباب هذا المؤتمر , و المغزى من إنعقاده , و ما يمكن أن يسفر عنه من نتائج على مستقبل القضية الكردية في سوريا , فإنه كان من المفيد على قيادة الأحزاب الكردية أن تعتذر عن الحضور , من منطلق أن أية جهة ليست بوسعها أن تقرب بين الأحزاب الكردية , و تقلص فجوة الإختلافات فيما بينها , في ظل غياب الإرادة السياسية , و القرار المستقل , و الشعور بالمسؤولية لدى قياداتها , بإعتبارهم يتحملون المسؤولية , اولاً و أخيراً , عن الإنقسامات الحاصلة في الحالة السياسية الكردية , و عن فشل الحوارات الساعية الى توحيد الطبقة السياسية الكردية , و من خلفها الجماهير الكردية.
فكل تحرك , أو موقف من شأنه تعكير المزاج العام , المتعكر أساساً , في المزيد من الأخفاقات و الإنتكاسات , يجب أن يواجه بمزيد من الإستنكار و الإحتجاج , لأنه يبقى الوسيلة الوحيدة في أيدينا , لمواجهة حالة الإنحدار السياسي و الأخلاقي لدى الأحزاب الكردية , و قياداتها .
المغزى من حضور المؤتمرات , و خاصة تلك التي ترعاها منظمات دولية مهتمة بالشعوب المقهورة , هو التعريف بحقيقة القضية الكردية , و التحذير من بقاءها دونما حل , و تأمين الدعم و المساندة لمشروعيتها و عدالتها , و أهمية حلها في قضية الأمن و السلام .
و لا يمكن بالتالي تحقيق هذه الأهداف النبيلة في ظل الإنقسام الكردي , و إختلاف الأحزاب الكردية في مواقفها و تصوراتها , حيال رؤية الحل .
و إذا حدث إن إشتركت أحزاب كردية في مثل هذه الإجتماعات أو المؤتمرات , كما حدث في القاهرة , فإن من الضروري الفهم على أنها تفعل ذلك من منطلق حزبوي , تمليه إعتبارات لا أخلاقية .
لذلك فإن مؤتمر القاهرة فشل , و سيلقى أي مؤتمر أخر نفس المصير , طالما بقيت الحالة السياسية الكردية في سوريا بالمستوى الراهن من السوء و الرداءة.