الأحزاب الكردية و مؤتمر القاهرة

زيور العمر

بدعوة من معهد أسبن الألماني , إنعقد في العاصمة المصرية , القاهرة , مؤتمر حول القضية الكردية في سوريا .

سبع أحزاب موزعة بين المحاور الكردية , لبت الدعوة .

إستغرق الإجتماع يومين من المناقشات و تبادل الآراء , و بعد إنتهاءه أصدرت الأحزاب الكردية بياناً للراي العام , أقل ما يمكن أن يقال عنه و عن الإجتماع نفسه : ليته لم ينعقد , و لم يصدر البيان .

 بعد عودة هذه الأحزاب , حاولت كل منها , أن توحي للجمهور الكردي أنها هي من أفحمت , و أحسنت , و دافعت ووو , عكس الأخرين , و بدت من أحاديثها كما لو أنها كانت في مؤتمر دولي تحتضره أطراف مختلفة في الأهداف و المصالح , يستوجب تقريب وجهات النظر و البحث عن النقاط المشتركة , وجود طرف ثالث .

و نظراً لأنها ليست المرة الأولى و لن تكون الأخيرة , فإن من المتوقع أن يشهد المزيد من الغرباء على فضائح المشهد السياسي الكردي , مما يسفر عن نفور و إمتعاض هؤلاء من أحوالنا و شؤوننا .

و ما يزيد من شر البلاء هو أن هؤلاء (المتبارزون الأبطال) في الأحزاب الكردية , وهم يجرون خلفهم إذيال الخيبة و الشؤم الى داخل الوطن , حاولوا دونما خجل إدعاء تحقيق إنتصارات كانت في حقيقتها دنكشوتية , لا أساس لها سوى في مخيلة المصابين بالشيزوفرينيا السياسية.

فالأحزاب المشاركة في المؤتمر لم تظهر أي توافق لمدعويهم , و لا حتى الحد الأدنى من المشتركات بينها , و لم يكن في حسبانها و محط إهتمامها , أهمية نزع الغطاء عن الفكرة التي تقول ان الكرد منقسمين مشرزمين في إراداتهم و طروحاتهم و مواقفهم .

فقد إرتجل مسؤولو الأحزاب الكردية في مؤتمر القاهرة , كل على طريقته , في إثبات إختلاف حزبه مع الأحزاب الكردية الأخرى إزاء المحاور المطروحة للنقاش.


و بالرغم من عدم المعرفة بأسباب هذا المؤتمر , و المغزى من إنعقاده , و ما يمكن أن يسفر عنه من نتائج على مستقبل القضية الكردية في سوريا , فإنه كان من المفيد على قيادة الأحزاب الكردية أن تعتذر عن الحضور , من منطلق أن أية جهة ليست بوسعها أن تقرب بين الأحزاب الكردية , و تقلص فجوة الإختلافات فيما بينها , في ظل غياب الإرادة السياسية , و القرار المستقل , و الشعور بالمسؤولية لدى قياداتها , بإعتبارهم يتحملون المسؤولية , اولاً و أخيراً , عن الإنقسامات الحاصلة في الحالة السياسية الكردية , و عن فشل الحوارات الساعية الى توحيد الطبقة السياسية الكردية , و من خلفها الجماهير الكردية.


فكل تحرك , أو موقف من شأنه تعكير المزاج العام , المتعكر أساساً , في المزيد من الأخفاقات و الإنتكاسات , يجب أن يواجه بمزيد من الإستنكار و الإحتجاج , لأنه يبقى الوسيلة الوحيدة في أيدينا , لمواجهة حالة الإنحدار السياسي و الأخلاقي لدى الأحزاب الكردية , و قياداتها .
المغزى من حضور المؤتمرات , و خاصة تلك التي ترعاها منظمات دولية مهتمة بالشعوب المقهورة , هو التعريف بحقيقة القضية الكردية , و التحذير من بقاءها دونما حل , و تأمين الدعم و المساندة لمشروعيتها و عدالتها , و أهمية حلها في قضية الأمن و السلام .

و لا يمكن بالتالي تحقيق هذه الأهداف النبيلة في ظل الإنقسام الكردي , و إختلاف الأحزاب الكردية في مواقفها و تصوراتها , حيال رؤية الحل .

و إذا حدث إن إشتركت أحزاب كردية في مثل هذه الإجتماعات أو المؤتمرات , كما حدث في القاهرة , فإن من الضروري الفهم على أنها تفعل  ذلك من منطلق حزبوي , تمليه إعتبارات لا أخلاقية .

لذلك فإن مؤتمر القاهرة فشل , و سيلقى أي مؤتمر أخر نفس المصير , طالما بقيت الحالة السياسية الكردية في سوريا بالمستوى الراهن من السوء و الرداءة.

16/02/2009

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…