ديـــار ســـليمان
الخط البياني لجرائم قتل الشباب الكورد أثناء تأديتهم الخدمة العسكرية الإلزاميـة في سوريا في تصاعـد سريع ومخيف، لم يعد أحدٌ يطمئن الى عودة إبنه من هذه الخدمة حيـآ، والسبب لا يعود الى أن الجيش السوري يخوض حربـآ ما أو ينفذ مشاريع قتالية بإستثناء طبعآ الحروب الكلامية الساخنة التي تخوضها قيادته على غير جبهة وهي حروب لا أكلاف ملموسة لها حتى الآن ولا تستدعي حتى تحريك حجر شطرنج، فهو إذآ من جهة الحروب بمعناها المعروف عسكريآ في حالة سلم يغـط نتيجتها في سـبات عميق لم يُعكـره إعتداءات متكررة على السيادة السورية بخرق حرمة أجواءٍ وأراضٍ وميـاهٍ سورية في غير زمانٍ ومـكان و كان الرد على كل ذلك الإعلان وعقب كل إعتداء عن ضبط النفس وترحيـل حق الرد الى زمان ومكان آخـر غير معلوم..
الخط البياني لجرائم قتل الشباب الكورد أثناء تأديتهم الخدمة العسكرية الإلزاميـة في سوريا في تصاعـد سريع ومخيف، لم يعد أحدٌ يطمئن الى عودة إبنه من هذه الخدمة حيـآ، والسبب لا يعود الى أن الجيش السوري يخوض حربـآ ما أو ينفذ مشاريع قتالية بإستثناء طبعآ الحروب الكلامية الساخنة التي تخوضها قيادته على غير جبهة وهي حروب لا أكلاف ملموسة لها حتى الآن ولا تستدعي حتى تحريك حجر شطرنج، فهو إذآ من جهة الحروب بمعناها المعروف عسكريآ في حالة سلم يغـط نتيجتها في سـبات عميق لم يُعكـره إعتداءات متكررة على السيادة السورية بخرق حرمة أجواءٍ وأراضٍ وميـاهٍ سورية في غير زمانٍ ومـكان و كان الرد على كل ذلك الإعلان وعقب كل إعتداء عن ضبط النفس وترحيـل حق الرد الى زمان ومكان آخـر غير معلوم..
مما يعني عمليآ وبعد سلبه واجبه في الحفاظ على أمن المواطنين سقوط واجب الدفاع عن الوطن من أجندته، إلى حد وصل معه الحال أخـيرآ بهذا الجيش الى تحـوله الى مؤسسة خيرية أقصى ما تمكن أفراده من القيام به هو التبرع ـ أو تم إقتطـاع ـ مبلغ من مرتباتهم الشهرية دعمـآ لإهالـي غـزة في ذروة الإعتداء الإسرائيلي عليها!؟ شأنهم في ذلك شأن أفراد الجمعيات الخيرية والنقابات المهنية والموطنين المدنيين العزل.
وقد شهدت أثناء خدمتي الإلزامية جريمة قتل أحد المجندين..
نعم رأيت ذلك بعيني، ويحضرني المشهد المأساوي دائمآ وبخاصة كلما تلقيت نبأً مرعبآ عن مقتل أحد المجندين الكورد، إذ تتحفـز كل حواسي وتنقلني الى صـور اللحظات الأخيرة ـ المتشابهة ربما ـ التي تسبق إزهاق تلك الأرواح البريئة وكأن المشهد ذاته يتكرر كل مـرة، وكأن كل واحدٌ منهم يتكـور على نفسه مثل ذلك المسكين وسـط غابة من القبضات و الأحزمة والأحذية العسكرية التي كانت تنهال عليه دون رحمة بعد إضافة البندقية الى وسائل القتل.
كان ذلك أثناء طابور الصباح، فبعد أن تلقى ـ وكالعادة ـ والدينا، أشقائنا وشقيقاتنا، أعمامنا وعماتنا، أخوالنا وخالاتنا وكل من يمت لنا بصلة قرابة أو معرفة سـيلآ من أقذر الشتائم الوطنية من أحد الأقزام الذين لا عائلة عرفوا ولا جدرانآ ألِفـوا، صدر الأمر بالجري حول الساحة الرئيسية، وبسبب شـدة البرد والوقوف الطويل دون حراك في ذلك الجو القارس فقد تجمد الدم في عروقنا وكأننا أصبنا بالشلل، وكان الأمر يحتاج الى شبه معجزة لنخطو خطوتنا الأولى، أقترب ثلـة من مسؤولي المعسكر من أحد الزملاء القريبين مني والذي كان منهارآ وتكالبوا عليه وإنهالوا عليه صفعآ ولكمآ ورفسآ وشتمآ وكل ما ملكت أيمانهم وهم يأمرونه بالنهوض والجري في حين بالكاد كان يسمع له صوتآ وهو يتوسل إليهم أنه لا يستطيع، وبعد أن فقد الوعي ـ وربما كان قد مات حينها ـ قاموا بسـحله الى خارج الساحة، بعد قليل علمنا إنه قد فارق الحيـاة مدعين أنه ربما كان يعاني سابقآ من مشاكل صحية، ولم يشرح أحدهم لماذا يتواجد مثل ذلك المريض ـ في حال صحة التبرير ـ في الخدمة، وهل كانت طريقة (العلاج) التي اتبعها هؤلاء الجلاوزة هي الاسلوب الحضاري الناجع لمعالجة مشكلته الصحية، لقد بقيت هذه الصور لا تفارقني مع أسئلة كثيرة منها ما يتعلق بكيفية قيام هؤلاء المجرمين بإبلاغ أهل الضحية عن مقتل إبنهم والكذبة التي يكونون قد نسجوها، وفيما لو كان قد قدر لهؤلاء الأهل المساكين رؤية المشهد الأخـير لابنهم بين أقدام من يفترض أن يكون في عهدتهم يحمونه ويحرصون عليه ويقومون بتدريبه ليصنعوا منه عسكريآ مهيئآ للدفاع عن الوطن و تحرير أراضيه.
لقد بلغ تعداد الشبان الكورد المغدور بهم في الخدمة العسكرية رقمآ مرعبآ لم يعد مجديآ السكوت عنه، فحجة الإنتحار أو القتل الخطأ لم تعودا تنطليان على أي عاقل وهما مردودتان على أصحابها، فحتى لو كان الإنتحار صحيحآ بالنسبة الى واحد في المائة من الضحايا فيتحمل مسؤوليته القائمون على شؤون هؤلاء العسكر الذين يهيـؤون الأجواء التي تشجع على الإنهيار المعنـوي من خلال الإهانات المتواصلة وعمليات الإبتزاز وكأن العسكري هو مجـرد مشروع إقتصادي مربح يتم إستثماره خلال سنين خدمته سواءٌ في الخدمات الشخصية الخاصة بأنواعها أو الحصول منه على رشاوي مقابل الحصول على أجازات أو مقابل سلامة العودة الى الأهل في نهاية الخدمة دون تمديدها بعقوبات تستند الى حجج واهية.
لكن الحال قد تجاوز هذه المسائل المادية ـ رغم عدم بساطتها ـ الى جرائم تشير كل الدلائل الى أنها متعمـدة ترتكب بدمٍ بـارد.
إذ لا يوجد جيش في العالم حاله كحال الجيش السوري قُتـل هذا العدد الكبير من أفراده خلال مدة زمنية تعادل هذه التي قتل خلالها كل هذا العدد من الشبان الكورد ولمثل هذه الدوافع المعلنة دون أن يقدم على الوقوف عند هذه الظاهرة أو يعترف بهـا باعتبارها مسألة غير عادية، ثم لماذا لم تكن هذه الظاهرة موجودة في الجيش السوري إلا خلال السنين القليلة الماضية بعد تصاعد الهجمـة العنصرية على الشعب الكوردي بعد إنتفاضة قامشلو 2004؟ ولماذا لم نسمع خلال المدة ذاتها التي شهدت مقتل هذا العدد الكبير من الشبان الكورد بوفاة أحد المجندين من غير الكورد إنتحارآ أوخطأً أو حتى بحوادث سير وهم موجودون في ذات الظروف؟ ثم ما هذا الصمت المريب من مؤسسة الجيش التي تفتقد حقـآ الى روح المسؤولية، إذ يقتـل كل هذا العـدد من الشبان وهم في ريعــان شبابهم و لايتحـرك أحد لدراسة الموضوع أو لفعـل أي شئ لتجنب مثل هذه الحوادث مستقبلآ إذا فرضنا جدلآ إنها المبررات المقدمة صحيحة؟
الإجراءات العنصرية ضد الكورد في سوريا حولت المواطن الكوردي الى ما يشبه الكـرة حيث تتتقاذفـه في لعبـة المـوت دون أن يعرف هذا المواطن كيف ستنتهي هذه اللعبة و أين سيستقر به الحال، ونصف الخنـجر المغروس في ظهـر الكورد مع ما يسببه من نزيف مؤلم لم يعد كافيـآ لإرضاء شـهوة القتلة، لذلك يعملـون بتسارع على إكمـال غرس النصف المتبقي من النصل.
08.02.08
وقد شهدت أثناء خدمتي الإلزامية جريمة قتل أحد المجندين..
نعم رأيت ذلك بعيني، ويحضرني المشهد المأساوي دائمآ وبخاصة كلما تلقيت نبأً مرعبآ عن مقتل أحد المجندين الكورد، إذ تتحفـز كل حواسي وتنقلني الى صـور اللحظات الأخيرة ـ المتشابهة ربما ـ التي تسبق إزهاق تلك الأرواح البريئة وكأن المشهد ذاته يتكرر كل مـرة، وكأن كل واحدٌ منهم يتكـور على نفسه مثل ذلك المسكين وسـط غابة من القبضات و الأحزمة والأحذية العسكرية التي كانت تنهال عليه دون رحمة بعد إضافة البندقية الى وسائل القتل.
كان ذلك أثناء طابور الصباح، فبعد أن تلقى ـ وكالعادة ـ والدينا، أشقائنا وشقيقاتنا، أعمامنا وعماتنا، أخوالنا وخالاتنا وكل من يمت لنا بصلة قرابة أو معرفة سـيلآ من أقذر الشتائم الوطنية من أحد الأقزام الذين لا عائلة عرفوا ولا جدرانآ ألِفـوا، صدر الأمر بالجري حول الساحة الرئيسية، وبسبب شـدة البرد والوقوف الطويل دون حراك في ذلك الجو القارس فقد تجمد الدم في عروقنا وكأننا أصبنا بالشلل، وكان الأمر يحتاج الى شبه معجزة لنخطو خطوتنا الأولى، أقترب ثلـة من مسؤولي المعسكر من أحد الزملاء القريبين مني والذي كان منهارآ وتكالبوا عليه وإنهالوا عليه صفعآ ولكمآ ورفسآ وشتمآ وكل ما ملكت أيمانهم وهم يأمرونه بالنهوض والجري في حين بالكاد كان يسمع له صوتآ وهو يتوسل إليهم أنه لا يستطيع، وبعد أن فقد الوعي ـ وربما كان قد مات حينها ـ قاموا بسـحله الى خارج الساحة، بعد قليل علمنا إنه قد فارق الحيـاة مدعين أنه ربما كان يعاني سابقآ من مشاكل صحية، ولم يشرح أحدهم لماذا يتواجد مثل ذلك المريض ـ في حال صحة التبرير ـ في الخدمة، وهل كانت طريقة (العلاج) التي اتبعها هؤلاء الجلاوزة هي الاسلوب الحضاري الناجع لمعالجة مشكلته الصحية، لقد بقيت هذه الصور لا تفارقني مع أسئلة كثيرة منها ما يتعلق بكيفية قيام هؤلاء المجرمين بإبلاغ أهل الضحية عن مقتل إبنهم والكذبة التي يكونون قد نسجوها، وفيما لو كان قد قدر لهؤلاء الأهل المساكين رؤية المشهد الأخـير لابنهم بين أقدام من يفترض أن يكون في عهدتهم يحمونه ويحرصون عليه ويقومون بتدريبه ليصنعوا منه عسكريآ مهيئآ للدفاع عن الوطن و تحرير أراضيه.
لقد بلغ تعداد الشبان الكورد المغدور بهم في الخدمة العسكرية رقمآ مرعبآ لم يعد مجديآ السكوت عنه، فحجة الإنتحار أو القتل الخطأ لم تعودا تنطليان على أي عاقل وهما مردودتان على أصحابها، فحتى لو كان الإنتحار صحيحآ بالنسبة الى واحد في المائة من الضحايا فيتحمل مسؤوليته القائمون على شؤون هؤلاء العسكر الذين يهيـؤون الأجواء التي تشجع على الإنهيار المعنـوي من خلال الإهانات المتواصلة وعمليات الإبتزاز وكأن العسكري هو مجـرد مشروع إقتصادي مربح يتم إستثماره خلال سنين خدمته سواءٌ في الخدمات الشخصية الخاصة بأنواعها أو الحصول منه على رشاوي مقابل الحصول على أجازات أو مقابل سلامة العودة الى الأهل في نهاية الخدمة دون تمديدها بعقوبات تستند الى حجج واهية.
لكن الحال قد تجاوز هذه المسائل المادية ـ رغم عدم بساطتها ـ الى جرائم تشير كل الدلائل الى أنها متعمـدة ترتكب بدمٍ بـارد.
إذ لا يوجد جيش في العالم حاله كحال الجيش السوري قُتـل هذا العدد الكبير من أفراده خلال مدة زمنية تعادل هذه التي قتل خلالها كل هذا العدد من الشبان الكورد ولمثل هذه الدوافع المعلنة دون أن يقدم على الوقوف عند هذه الظاهرة أو يعترف بهـا باعتبارها مسألة غير عادية، ثم لماذا لم تكن هذه الظاهرة موجودة في الجيش السوري إلا خلال السنين القليلة الماضية بعد تصاعد الهجمـة العنصرية على الشعب الكوردي بعد إنتفاضة قامشلو 2004؟ ولماذا لم نسمع خلال المدة ذاتها التي شهدت مقتل هذا العدد الكبير من الشبان الكورد بوفاة أحد المجندين من غير الكورد إنتحارآ أوخطأً أو حتى بحوادث سير وهم موجودون في ذات الظروف؟ ثم ما هذا الصمت المريب من مؤسسة الجيش التي تفتقد حقـآ الى روح المسؤولية، إذ يقتـل كل هذا العـدد من الشبان وهم في ريعــان شبابهم و لايتحـرك أحد لدراسة الموضوع أو لفعـل أي شئ لتجنب مثل هذه الحوادث مستقبلآ إذا فرضنا جدلآ إنها المبررات المقدمة صحيحة؟
الإجراءات العنصرية ضد الكورد في سوريا حولت المواطن الكوردي الى ما يشبه الكـرة حيث تتتقاذفـه في لعبـة المـوت دون أن يعرف هذا المواطن كيف ستنتهي هذه اللعبة و أين سيستقر به الحال، ونصف الخنـجر المغروس في ظهـر الكورد مع ما يسببه من نزيف مؤلم لم يعد كافيـآ لإرضاء شـهوة القتلة، لذلك يعملـون بتسارع على إكمـال غرس النصف المتبقي من النصل.
08.02.08
diarseleman@hotmail.de