روني علي
لعل السمة البارزة للأطر الحزبية التي تصدت لمهام التحرر في منطقتنا، واستمرت بهدف تحقيق ما تصبوا إليها، بغض النظر عما إذا حققت أهدافها أو أخفقت فيها، هي إصابتها بداء الشيخوخة، وإن كانت تدعي التغيير والتجديد في أدائها وآلياتها، كون غالبيتها من نتاج عقود، طغت عليها أشكال وأصناف من الصراع والتصارع، بين ما هو سياسي أو إيديولوجي أو قومي، شوهت الغاية من وجودها وبعثرت طاقاتها وإمكاناتها، فضلاً عن أنها رسخت، باعتمادها لأنظمة داخلية “شبه عسكرية” قائمة على تهميش دور القاعدة واعتبار القيادة “نخبة واعية” استناداً إلى مبدأ “المركزية الديمقراطية”، مقومات التبعية وتأليه الرمز، وتالياً جعل الإطار بمثابة “مشيخة” فردية أو حكراً على فئة بعينها، يخضع لمشيئة نزواتها ونزعاتها في البناء والقرار
وعليه أصبح التداخل طاغياً ومتحكماً بين الرمز والإطار، فهو الذي يدير وهو الذي يقرر وهو الذي يوزع المكتسبات والغنائم، لا بل يكون عمر الإطار نفسه مرهون باستمراريته، وكل محاولة للخروج من هذه المعضلة، دخول في متاهات الانكسار والانشطار والتشظي، ناهيكم عن حالات التناحر والتنافر والقسمة، بين الأقطاب، فيما لو غاب “الرمز” عن الساحة لأي سبب كان، كون المبدأ المعمول به وفق “الثقافة السائدة” هو : إلى الأبد للقائد، وإلا ..؟.
ولكوننا بصدد الحديث عن أزمة الاتحاد الوطني الكردستاني، والخلافات الناشبة بين أقطابه، حول مسائل الإصلاح والتغيير والامتيازات، لا بد من القول، أن جوهر الأزمة يعود إلى سمة “الشيخوخة” التي نخرت في جسمه، كما حال غالبية الأحزاب الكردية، إن لم نقل أغلبها، التي بقيت أسيرة نموذج سياسي/تنظيمي، أقرب ما يكون إلى التركيبة والتراتبية العشائريتين، سواء في تعاملها مع خياراتها، أو في تعاطيها مع استحقاقات المرحلة، بالرغم من الانقلابات الحادة التي طرأت على المفاهيم، كنتيجة عوامل عدة، من بينها انهيار المنظومات الفكرية إثر سقوط المعسكر الاشتراكي، والتحولات التي أخذت مجراها في بعض القيم السياسية والمجتمعية، بحيث لم تعد معها مفهوم “النخبة الواعية” أو “القائدة” هو المعمول به في الممارسة الحزبية، وأن القاعدة الحزبية لم تبق أسيرة المقولات المتداولة، أيام كانت الأمية متفشية والمرء طوع إرادة “المتعلم” ..إلخ، كون المرحلة، وما تجتاحها من ثورات علمية وتواصل بين الثقافات، فرضت استحقاقاتها من الشفافية والوضوح، تتناقض إلى درجة القطيعة مع لغة القسر والطاعة العمياء، حتى لو جاء ذلك تحت عباءة النضال والأهداف النبيلة، خاصةً وأن مرحلة الثورة وما تتطلبها من قانون “نفذ ثم اعترض” قد ولت بالنسبة للاتحاد الوطني، بعد خروجه من حالة حزب معارض، تتطلب نوعاً من قوانين الصرامة، إلى جهة سلطوية، مهمته التأسيس لمرتكزات الانفتاح والديمقراطية، إضافةً إلى انهيار تلك الواجهة التي كانت تتم الاحتماء بها، وتبرر مكامن الخلل والنواقص من خلالها، وهي حالة المواجهة مع الخصم التقليدي “الديمقراطي الكردستاني” بعد أن أصبح شريكاً معه في السلطة والقرار .
ولكوننا بصدد الحديث عن أزمة الاتحاد الوطني الكردستاني، والخلافات الناشبة بين أقطابه، حول مسائل الإصلاح والتغيير والامتيازات، لا بد من القول، أن جوهر الأزمة يعود إلى سمة “الشيخوخة” التي نخرت في جسمه، كما حال غالبية الأحزاب الكردية، إن لم نقل أغلبها، التي بقيت أسيرة نموذج سياسي/تنظيمي، أقرب ما يكون إلى التركيبة والتراتبية العشائريتين، سواء في تعاملها مع خياراتها، أو في تعاطيها مع استحقاقات المرحلة، بالرغم من الانقلابات الحادة التي طرأت على المفاهيم، كنتيجة عوامل عدة، من بينها انهيار المنظومات الفكرية إثر سقوط المعسكر الاشتراكي، والتحولات التي أخذت مجراها في بعض القيم السياسية والمجتمعية، بحيث لم تعد معها مفهوم “النخبة الواعية” أو “القائدة” هو المعمول به في الممارسة الحزبية، وأن القاعدة الحزبية لم تبق أسيرة المقولات المتداولة، أيام كانت الأمية متفشية والمرء طوع إرادة “المتعلم” ..إلخ، كون المرحلة، وما تجتاحها من ثورات علمية وتواصل بين الثقافات، فرضت استحقاقاتها من الشفافية والوضوح، تتناقض إلى درجة القطيعة مع لغة القسر والطاعة العمياء، حتى لو جاء ذلك تحت عباءة النضال والأهداف النبيلة، خاصةً وأن مرحلة الثورة وما تتطلبها من قانون “نفذ ثم اعترض” قد ولت بالنسبة للاتحاد الوطني، بعد خروجه من حالة حزب معارض، تتطلب نوعاً من قوانين الصرامة، إلى جهة سلطوية، مهمته التأسيس لمرتكزات الانفتاح والديمقراطية، إضافةً إلى انهيار تلك الواجهة التي كانت تتم الاحتماء بها، وتبرر مكامن الخلل والنواقص من خلالها، وهي حالة المواجهة مع الخصم التقليدي “الديمقراطي الكردستاني” بعد أن أصبح شريكاً معه في السلطة والقرار .
ما يهمنا القول هو أن الاتحاد الوطني في أزمة، وإن جاءت التصريحات بتجاوزها، وهذه الأزمة لها أسبابها، وستبقى مهيمنة على أدائه ما لم يتم التعامل معها بروحية القطع مع مورثات مرحلة “الثورة”، بتوازناتها وامتيازاتها واصطفافاتها، وإذا ما استفحلت، فإن تأثيراتها لن تتوقف على داخل الاتحاد وحده، وإنما ستمتد لتشمل الخارطة السياسية العراقية ككل، وبالأخص وضع الإقليم والتوازنات السياسية فيه، إذا ما أخذنا في الاعتبار، أن التجربة الكردية ما زالت فتية ومستهدفة من أكثر من جهة، سواء من دول الجوار، أو المتضررين منها في الداخل، إضافةً إلى ما يحاك ضدها في المركز، كتحصيل حاصل للمخططات الإقليمية، من تجييش للقوى الشوفينية وشركاء الأمس في العملية السياسية، في محاولة للعودة بالعراق إلى النظام المركزي ونسف الفيدرالية، عبر الدعوة إلى تعديل الدستور وتقليص صلاحيات الإقليم التي تحققت بفضل الدماء والتضحيات.
فما تم تجسيده على الأرض في المعارك الانتخابية لمجالس المحافظات، بتداعياتها وامتداداتها، ومحاولات البعض شد الظهر بمجالس الإسناد العشائرية، وحتى تشكيلات النظام السابق، أو البعض الآخر بإعادة اللحمة إلى القطبين المتناقضين (السنة والشيعة) على القاسم المشترك، عروبة العراق، والطعن في المادة 140 المتعلقة بكركوك والمناطق المتنازعة عليها، أو التنصل منها، كامتداد لثقافة الإقصاء التي تم التعبير عنها في أكثر من موقع ومجال، تحيلنا إلى فهم أكيد بأن التجربة الكردية ستعيش مخاضات مقلقة برحيل القوات الأجنبية عن العراق، كما ذهب إليه السيد رئيس حكومة الإقليم نيجرفان البارزاني .
ويبدو أن السيد رئيس الإقليم، مسعود البارزاني، قد قرأ أزمة الاتحاد بأبعادها القومية، حين أشار إلى أن أي ضرر قد يلحق بالاتحاد، هو ضرر بالوضع الكردي ككل.
وعليه فلا بد أن تتحمل قيادة الاتحاد مسؤولياتها التاريخية حيال الأزمة والتعامل معها بما فيها خدمة القضية الكردية، كون الاتحاد الوطني ضمن المعادلة العراقية وبشقيها الكردي والعربي لم يعد ملكاً للمنخرطين فيه أو القائمين عليه، وإنما بات مكتسباً نضالياً لمجموع الشعب الكردي، بعد أن ولت مرحلة المحاور الكردية واصطفافاتها الضيقة، بغض النظر عن نقاط الاتفاق أو الاختلاف معه، وعلى القيادة أيضاً تقع، بالتكاتف والتعاون مع حليفه “الديمقراطي الكردستاني”، مسؤولية الدخول في عملية ترميم حقيقية لمؤسسات الإقليم، بما تجعلها مكتسباً حقيقياً للشارع الكردستاني ككل، بدلاً من توسيعها لدائرة الأزمة الداخلية، خاصةً بعد أن أفرزت تجربة المحاصصة بين الحزبين الرئيسيين عن بعض السلبيات، وساهمت إلى حد ما في فسح المجال أمام مظاهر الفساد والاستئثار بالسلطة، والتي من شأنها أن تخلق فجوة بين التجربة والشارع الكردستاني بمختلف مكوناته وانتماءاته، خاصةً وأن هناك أصواتاً بدأت تخرج لتعبر عن استيائها من سلبيات المحاصصة ..
فما تم تجسيده على الأرض في المعارك الانتخابية لمجالس المحافظات، بتداعياتها وامتداداتها، ومحاولات البعض شد الظهر بمجالس الإسناد العشائرية، وحتى تشكيلات النظام السابق، أو البعض الآخر بإعادة اللحمة إلى القطبين المتناقضين (السنة والشيعة) على القاسم المشترك، عروبة العراق، والطعن في المادة 140 المتعلقة بكركوك والمناطق المتنازعة عليها، أو التنصل منها، كامتداد لثقافة الإقصاء التي تم التعبير عنها في أكثر من موقع ومجال، تحيلنا إلى فهم أكيد بأن التجربة الكردية ستعيش مخاضات مقلقة برحيل القوات الأجنبية عن العراق، كما ذهب إليه السيد رئيس حكومة الإقليم نيجرفان البارزاني .
ويبدو أن السيد رئيس الإقليم، مسعود البارزاني، قد قرأ أزمة الاتحاد بأبعادها القومية، حين أشار إلى أن أي ضرر قد يلحق بالاتحاد، هو ضرر بالوضع الكردي ككل.
وعليه فلا بد أن تتحمل قيادة الاتحاد مسؤولياتها التاريخية حيال الأزمة والتعامل معها بما فيها خدمة القضية الكردية، كون الاتحاد الوطني ضمن المعادلة العراقية وبشقيها الكردي والعربي لم يعد ملكاً للمنخرطين فيه أو القائمين عليه، وإنما بات مكتسباً نضالياً لمجموع الشعب الكردي، بعد أن ولت مرحلة المحاور الكردية واصطفافاتها الضيقة، بغض النظر عن نقاط الاتفاق أو الاختلاف معه، وعلى القيادة أيضاً تقع، بالتكاتف والتعاون مع حليفه “الديمقراطي الكردستاني”، مسؤولية الدخول في عملية ترميم حقيقية لمؤسسات الإقليم، بما تجعلها مكتسباً حقيقياً للشارع الكردستاني ككل، بدلاً من توسيعها لدائرة الأزمة الداخلية، خاصةً بعد أن أفرزت تجربة المحاصصة بين الحزبين الرئيسيين عن بعض السلبيات، وساهمت إلى حد ما في فسح المجال أمام مظاهر الفساد والاستئثار بالسلطة، والتي من شأنها أن تخلق فجوة بين التجربة والشارع الكردستاني بمختلف مكوناته وانتماءاته، خاصةً وأن هناك أصواتاً بدأت تخرج لتعبر عن استيائها من سلبيات المحاصصة ..