في ضرورة زيارة مزار الخالِدَيّن…؟

اكرم حسين

مزار الخالدين في كردستان العراق – منطقة بارزان ، احدى اهم المحطات  التي تجسّد التاريخ والنضال الكرديين من أجل الهوية والحقوق ، حيث يمثّل رمزية كبيرة لأبناء الشعب الكردي، ويخلّد ذكرى شخصيات بارزة لعبت دورا رئيسياً في الكفاح من أجل الحقوق القومية .

وفي هذا الاطار تعتبر عائلة البارزاني من العائلات الكردية العريقة التي ارتبطت تاريخياً بالنضال القومي من أجل القضية الكردية. فقد برزت منذ أوائل القرن العشرين، وقاد زعماؤها حركات التحرر ضد الاستعمار والاضطهاد ، ومن أبرزهم الملا مصطفى البارزاني الذي يعتبر رمزاً للنضال القومي الكردي . حيث سعى البارزاني لتحقيق طموحات الشعب الكردي ، وواجه تحدّيات كبيرة ، ولم يتراجع عن أهدافه وطموحاته القومية .

تاريخ البارزانيين مليء بالصعوبات  والتضحيات، فقد ساهموا في تشكيل الوعي القومي الكردي ، وتعزيز روح المقاومة والنضال   .

تسترجع زيارة مزار الخالدين في الذاكرة الكردية هذه التضحيات ، وتؤكد على ضرورة استمرار النضال من أجل حقوق الشعب الكردي ، وخاصة عندما تتفقّد محتويات صرح البارزاني التذكاري ، ومقتنياته المادية المتعلقة بالأب الروحي  مصطفى البارزاني ، الذي ترك أثراً عميقاً في الذاكرة الجمعية الكردية ، وفي الوسطين الاقليمي والدولي . حيث كان  يؤمن بالحوار والتفاوض كوسيلة لحل النزاعات وانهاء الصراعات ، وقد تجلى ذلك في العديد من مواقفه السياسية والعملية ،  عندما كان يسعى دوماً الى إيجاد حلول سلمية للمشاكل والتحديات التي واجهته ، وبذلك مثّل  صوت العقل والمنطق ، من خلال تركيزه على التفاوض والتفاهم بين الأطراف المختلفة ، وهو نموذج يجب أن  تحتذي به الأطراف الكردية في وضع حد  لصراعاتها وانهاء انقساماتها الحالية…؟

وفي العصر الحديث يأتي الزعيم الكردي مسعود بارزاني، كاستمرار لهذه المدرسة النضالية القومية ، وكأحد أبرز قيادات الكرد على المستوى العالمي ، حيث تمكّن بإرادته القوية ، وصلابته المبدئية  ، وحنكته العملية  من وضع اسس الدولة الكردية عبر رؤية استراتيجية واضحة . كما قدّم نموذجاً يحتذى به في القيادة ، والتعامل مع الأزمات السياسية والاجتماعية، مما ساهم في تعزيز الأمن و الاستقرار في المنطقة.

في زيارة مزار الخالدين تتجدّد العلاقة بين المرء وتاريخه ، وتمنح الزائر فرصة للتفكير في تضحيات الأجداد واصرارهم على النضال من أجل الحقوق والقيم الكردية  ، مما يعزز الفخر بالهوية الكردية ، ويسهم في تعزيز الروح الوطنية ، وتجديد الانتماء للقضية الكردية. كما تحمل زيارة مزار الخالدين الكثير من المعاني والدروس. فهي ليست مجرد مكان للاحتفاء بالماضي فقط  ، بل فرصة لتعزيز الوعي بتاريخ الكرد وتضحياتهم ، و دعوة للتمسك بالقيم النضالية والوطنية التي دعا إليها البارزاني الخالد ، وعلى رأسها الحوار والتفاهم ، كوسيلة للتقدم وتحقيق الأهداف.

وبالتالي فان أهمية  الزيارة تتجاوز حدود الزمان والمكان ، وتبقى محفورة في الذاكرة ، لان النضال من أجل الهوية والحقوق لا ينتهي، وأن الإرث الذي تركه البارزانيون يستحق أن يُحتذى به ، ويتوارث عبر الأجيال القادمة….

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

المهندس باسل قس نصر الله ونعمٌ .. بأنني لم أقل أن كل شيء ممتاز وأن لا أحداً سيدخل حلب .. فكانوا هم أول من خَرَج ونعم .. بأنني كنتُ مستشاراً لمفتي سورية من ٢٠٠٦ حتى الغاء المنصب في عام ٢٠٢١ واستُبدل ذلك بلجان إفتاء في كل محافظة وهناك رئيس لجان افتاء لسائر المحافظات السورية. ونعم أخرى .. بأنني مسيحي وأكون…

إبراهيم اليوسف بعد الفضائح التي ارتكبها غير الطيب رجب أردوغان في احتلاله لعفرين- من أجل ديمومة كرسيه وليس لأجل مصلحة تركيا- واستعانته بقطاع طرق مرتزقة مجرمين يعيثون قتلاً وفسادًا في عفرين، حاول هذه المرة أن يعدل عن خطته السابقة. يبدو أن هناك ضوءًا أخضر من جهات دولية لتنفيذ المخطط وطرد إيران من سوريا، والإجهاز على حزب الله. لكن، وكل هذا…

نظام مير محمدي* في 26 نوفمبر/تشرين الثاني، نشرت صحيفة جمهوري إسلامي الحكومية مقالاً بعنوان “الخوف من ثورة الجماهير الجائعة”، محذرة قادة النظام: “كل يوم، تتعمق الأزمة الاقتصادية؛ يزداد الفقراء فقراً، والأغنياء ثراءً، ويصبح المستنقع غير المسبوق من النخبوية الذي يجتاح مجتمعنا أكثر انتشارًا”. وسلط المقال الضوء على أن الطبقة النخبوية الجديدة “تعيش في قصور أكثر إسرافًا من قصور الشاه…

إبراهيم اليوسف   لقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي، في وقتنا المعاصر، منصات عالمية تتيح لجميعنا التعبير عن آرائنا، مهما كانت هذه الآراء إيجابية أو سلبية. لكن هناك ظاهرة جديدة تتجسد في ما يمكن أن نسميه “إطلاق النار الاستباقي”، وهو الهجوم أو النقد في صورته المشوهة الذي يستهدف أي فكرة أو عمل قبل أن يرى النور. لا تقتصر هذه الظاهرة على…