الضغط الدولي يتصاعد: هل ستستجيب إيران لمطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟

سعید عابد

في الحادي عشر من سبتمبر 2024، أدلت السيدة كورين كيتسل OBE، السفيرة والممثلة الدائمة للمملكة المتحدة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ببيان مشترك نيابة عن فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة (الرباعية) إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن امتثال النظام الإيراني لالتزاماته بموجب اتفاقية الضمانات بموجب معاهدة منع الانتشار النووي. وسلط البيان، الذي أدلى به أمام مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الضوء على مخاوف كبيرة بشأن افتقار إيران إلى التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وفشلها في معالجة القضايا العالقة المتعلقة ببرنامجها النووي.

إشادة بالوكالة الدولية للطاقة الذرية والمدير العام جروسي

بدأت كيتسل بتوجيه الشكر إلى المدير العام رافائيل جروسي وأمانة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على جهودهما المستمرة للتحقق من امتثال إيران بالتزاماتها بموجب معاهدة منع الانتشار النووي. وأكدت على احترافية واستقلال وحياد الوكالة الدولية للطاقة الذرية في عملها، وخاصة في طلب التوضيح من إيران بشأن “صحة واكتمال” إعلاناتها.
وعلى الرغم من هذه الجهود، أشارت كيتسل إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا تزال غير قادرة على ضمان أن البرنامج النووي الإيراني سلمي بحت بسبب فشل إيران الطويل الأمد في حل القضايا الرئيسية.

لا تقدم في القضايا طويلة الأمد

أعرب البيان عن قلقه العميق إزاء رفض إيران المستمر تقديم تفسيرات موثوقة للمواد والأنشطة النووية غير المعلنة في موقعين محددين – توركوز آباد وفارامين. وأشارت كيتسل إلى أن تصرفات إيران تتناقض مع التزاماتها القانونية بموجب اتفاقية ضمانات معاهدة حظر الانتشار النووي والتزاماتها بموجب البيان المشترك الصادر في مارس 2023.

رفض إيران تطبيق الكود المعدل 3.1

كانت إحدى القضايا الرئيسية التي أثيرت هي رفض إيران المستمر لتطبيق الكود المعدل 3.1 كجزء من اتفاقية الضمانات الشاملة. ولا يجوز لإيران تعليق أو تعديل هذا الالتزام القانوني من جانب واحد. وأوضح كيتسل أن الرفض يمنع الوكالة من الحصول على معلومات التصميم المبكر للمنشآت النووية الجديدة، وهو أمر بالغ الأهمية لإعداد الضمانات. ونظراً لتاريخ إيران في المنشآت النووية غير المعلنة والأسئلة التي لم تُحَل حول نواياها النووية، فإن هذا الرفض يغذي المزيد من الشكوك حول الطبيعة السلمية للأنشطة النووية الإيرانية.
فيما يتعلق بالنتائج المتعلقة بالتناقضات في اليورانيوم
واصل كيتسل تسليط الضوء على المخاوف الإضافية التي أثارها تقرير المدير العام، بما في ذلك التناقضات في مادة اليورانيوم. فقد اكتشفت الوكالة أن كمية اليورانيوم الموجودة في النفايات المرسلة من مختبر جابر بن حيان متعدد الأغراض إلى منشأة تحويل اليورانيوم في أصفهان كانت أقل مما أعلنته إيران في الفترة 2003-2004. وعلاوة على ذلك، وجدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تناقضات في كمية المواد النووية غير المسجلة أثناء تجارب معدن اليورانيوم التي أجريت في JHL بين عامي 1995 و2000. وأشادت كيتسل باجتهاد الوكالة الدولية للطاقة الذرية في التحقيق في هذه التناقضات وحثت إيران على التعاون الكامل لحل هذه المسألة.

إلغاء تعيين مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية

كما أدانت الرباعية قرار إيران بعدم التراجع عن إلغاء تعيين العديد من أكثر مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية خبرة، على الرغم من الطلبات المتكررة. وأشارت كيتسل إلى أن هذا القرار يقوض قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على إجراء أنشطة تحقق فعالة في إيران، مما يجعل عملها الفني المستقل خاضعًا للتفسير السياسي. وقالت إن هذا الإجراء يتعارض مع رغبة إيران المعلنة في التعامل الإيجابي مع الوكالة، كما تم الاتفاق عليه في البيان المشترك الصادر في مارس 2023.

الدعوة إلى الامتثال الكامل

وأكدت كيتسل أن إيران يجب أن تنفذ التزاماتها المتعلقة بالضمانات بالكامل ودون تأخير. وحذرت من أن استمرار وجود قضايا لم يتم حلها يلقي بظلال من الشك على الطبيعة السلمية للأنشطة النووية الإيرانية ويهدد بتقويض هيكل منع الانتشار العالمي الأوسع.
وأعربت الرباعية عن إحباطها إزاء نمط عدم التعاون الذي انتهجته إيران لمدة خمس سنوات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذكرت مجلس المحافظين بأنه تم تمرير أربعة قرارات منذ عام 2020، وأحدثها في يونيو 2024، تدعو إيران إلى الانخراط بحسن نية.

صبر مجلس المحافظين ينفد

وأوضح كيتسل أن صبر مجلس المحافظين ينفد. وإذا استمرت إيران في عرقلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فقد يكون من الضروري اتخاذ مزيد من الإجراءات. وقد يشمل ذلك طلبًا من المدير العام لإعداد تقرير شامل لتقييم جميع المعلومات ذات الصلة، مما قد يؤدي إلى اتخاذ خطوات أخرى، بما في ذلك الاستعانة بالمادة 19 من اتفاقية الضمانات الشاملة لإيران.
ومع ذلك، أكد كيتسل أنه لا يزال من الممكن تجنب هذا الإجراء إذا اختارت إيران التعاون الكامل والواضح مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

*سعيد عابد عضو لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية؛ ناشط في مجال حقوق الإنسان، وخبير في شؤون إيران والشرق الأوسط*

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…

صالح جانكو حينما يتوهم القائمون على سلطة الأمر الواقع المؤقتة بأنهم قد شكلوا دولة من خلال هذه الهيكلية الكرتونية، بل الكاريكاتورية المضحكة المبكية المتمثلة في تلك الحكومة التي تم تفصيلها وفقاً لرغبة وتوجهات ( رئيس الدولة المؤقت للمرحلة الانتقالية)وعلى مقاسه والذي احتكر كل المناصب والسلطات و الوزارات السيادية لنفسه ولجماعته من هيئة تحرير الشام ، أما باقي الوزارات تم تسليمها…

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…

ريزان شيخموس بعد سقوط نظام بشار الأسد، تدخل سوريا فصلًا جديدًا من تاريخها المعاصر، عنوانه الانتقال نحو دولة عادلة تتّسع لكلّ مكوّناتها، وتؤسّس لعقد اجتماعي جديد يعكس تطلعات السوريين وآلامهم وتضحياتهم. ومع تشكيل إدارة انتقالية، يُفتح الباب أمام كتابة دستور يُعبّر عن التعدد القومي والديني والثقافي في سوريا، ويضمن مشاركة الجميع في صياغة مستقبل البلاد، لا كضيوف على مائدة الوطن،…