في تأبين الرفيق الذي علمني الحرف الاول في التنظيم

  علي شمدين

في عام 1973 ، وبينما كنت في الصف الثالث الاعدادي بمدرسة فائز منصور ببلدة تربسبية (قبورالبيض آنذاك / القحطانية بعد التعريب) ، وكنت مستأجرا في بيت للمرحوم محمد شريف حاجو ،  ورغم صغر سني استقبلت حركة مكثفة من الضيوف الذين جاؤوا الى البلدة من المناطق المجاورة لاستخراج الهويات الشخصية ونقل الموطن وغيرها من الاجراءات اللازمة استعدادا للانتخابات البرلمانية التي كان الاستاذ عبد الحميد درويش مرشحا لها انذاك ، وبالرغم من صغر سني وعدم ادراكي لتفاصيل تلك الامور الا انني كنت مطلعا على جزء منها من خلال والدي (محمد صالح شمدين) الذي كان احد الكوادر الحزبية النشطة آنذاك في منطقة السنجق التابعة للجراح .
 في هذه الفترة بالضبط اتصل بي شاب من الصف الثالث الثانوي كان يرتدي لباس الفتوة ، وعرفني بنفسه بانه  رفيق من الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (حيث لم تكن كلمة التقدمي قد اضيفت الى اسم الحزب بعد) ، وقال بانه معروف من قبل والدي  ومكلفا بالاتصال معي من اجل تنظيمي بين صفوف الحزب ، وسالني بان كنت ارغب  في الانضمام الى الحزب والالتزام ببرنامجه ونظامه الداخلي باعتباري من مؤيدي الحزب ومن المطلعين على نشاطاته ..

 

فسالته ان يعرفني بنفسه ، فاجاب : اسمي عبداللطيف رسول من قرية عابرة وطالب في الصف الثالث الثانوي ، ساكن بالاجرة في بيت قاسمو ، وعضو في المنظمة الطلابية للحزب في تربسبيي ، وهكذا وبعد لقاءات عديدة قدمت اليه طلبي للانضمام الى صفوف الحزب ، واصبح هو اول مسؤول حزبي قام بتنظيمي في فرقة حزبية ضمت كلا من: الرفيق عبدالرحمن محمد عبدالعزيز (الذي حصل فيما بعد على منحة دراسية في موسكو وهو مايزال يقيم هناك وحاصل على شهادة الدكتوراة في العلوم الاقتصادية)، وجلال عباس فندي (يقيم في صوفيا وهو يعمل في المجال التجاري)، وعبدالحميد خليل (يعمل في سلك التربية معتزلا العمل التنظيمي والسياسي بين صفوف الحركة الكردية) ..
ومن هنا فانيي صدمت كثيرا اثر قرائتي لنعوة الرفيق (عبداللطيف ابو كاوى) المنشورة في جريدة (الديمقراطي) كما يلي : بتاريخ 6/3/2009 توفي الرفيق محمد لطيف رسول في دمشق ، ووري جثمانه الثرى في قريته عابرة (ناحية جل آغا) بمشاركة جمع من الأهل والأصدقاء ، حيث ولد ابو كاوى عام 1955 في قرية عابرة وانضم للحزب في بداية السبعينات ، وعمل في الفرقة الفولكلورية (كليستان) ، وبقي يعمل مع رفاقه في الحزب إلى أن ألم به مرض عضال استمر فترة طويلة حال دون  مشاركته في العمل التنظيمي ..) .
لقد اعادتني هذه النعوة (36) عاما الى الوراء، تذكرت معها اول لقاء لي مع هذا الرفيق المناضل الذي كان له الفضل في انضمامي الى صفوف الحركة الكردية في سوريا، وانتابني شعور الطالب تجاه معلمه الذي علمه الحرف الاول في التنظيم في ظروف كانت قاسية بكل المقاييس والمعايير ، ووفاء لذكرى هذا الرفيق  كتبت هذه الكلمات القلية ..
الخلود للفقيد، والصبر والسلوان لاهله ورفاق دربه ..

السليمانية 29/3/2009

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في عالم السياسة، كما في الحياة اليومية عندما نقود آلية ونسير في الشوارع والطرقات ، ويصادفنا منعطف اونسعى إلى العودة لاي سبب ، هناك من يلتزم المسار بهدوء ، وهناك من “يكوّع” فجأة عند أول منعطف دون سابق إنذار. فالتكويع مصطلح شعبي مشتق من سلوك السائق الذي ينحرف بشكل مفاجئ دون إعطاء إشارة، لكنه في السياسة يكتسب…

إبراهيم اليوسف توطئة واستعادة: لا تظهر الحقائق كما هي، في الأزمنة والمراحل العصيبةٍ، بل تُدارُ-عادة- وعلى ضوء التجربة، بمنطق المؤامرة والتضليل، إذ أنه بعد زيارتنا لأوروبا عام 2004، أخذ التهديد ضدنا: الشهيد مشعل التمو وأنا طابعًا أكثر خبثًا، وأكثر استهدافًا وإجراماً إرهابياً. لم أكن ممن يعلن عن ذلك سريعاً، بل كنت أتحين التوقيت المناسب، حين يزول الخطر وتنجلي…

خوشناف سليمان ديبو بعد غياب امتدّ ثلاثة وأربعين عاماً، زرتُ أخيراً مسقط رأسي في “روجآفاي كُردستان”. كانت زيارة أشبه بلقاءٍ بين ذاكرة قديمة وواقع بدا كأن الزمن مرّ بجانبه دون أن يلامسه. خلال هذه السنوات الطويلة، تبدّلت الخرائط وتغيّرت الأمكنة والوجوه؛ ومع ذلك، ظلت الشوارع والأزقة والمباني على حالها كما كانت، بل بدت أشد قتامة وكآبة. البيوت هي ذاتها،…

اكرم حسين في المشهد السياسي الكردي السوري، الذي يتسم غالباً بالحذر والتردد في الإقرار بالأخطاء، تأتي رسالة عضو الهيئة الرئاسية للمجلس الوطني الكردي، السيد سليمان أوسو، حيث نشرها على صفحته الشخصية ، بعد انعقاد “كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي “، كموقف إيجابي ، يستحق التقدير. فقد حملت رسالته اعتذاراً صريحاً لمجموعة واسعة من المثقفين والأكاديميين والشخصيات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني،…