المحامي إبراهيم حسين
قد تصاب بالغثيان أحياناً وأنت تقرأ بعض المقالات التي تستفز مشاعرك وكيانك للدخول في حالة من الأسى ..
لا لأن هذه المقالات تختلف مع تفكيرك أو مبادئك بل لأن كتابها يستهترون بكل القيم الإنسانية حين يوغلون في الإساءة إلى أنفسهم قبل أن يسيئوا إلى الآخرين عبر خربشات لا يلقون لها بالاً في استمرار لمسيرة اللامسؤولية التي تميز كتاباتهم في مواقع مختلفة من مواقع الانترنت..
أقول هذا الكلام لأنني مؤمن بأن الإنسان مسؤول عن كل كلمة أو موقف مصداقاً لقول ربنا عزوجل (تحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم) وأقوله لأني أرى البعض ممن ينتسبون إلى بني قومي وقد أمعنوا في غيهم وابتعادهم عن روح المسؤولية التي نحن أحرى بالوقوف عندها ..
والمناسبة هذه المرة غزة ..
لا لأن هذه المقالات تختلف مع تفكيرك أو مبادئك بل لأن كتابها يستهترون بكل القيم الإنسانية حين يوغلون في الإساءة إلى أنفسهم قبل أن يسيئوا إلى الآخرين عبر خربشات لا يلقون لها بالاً في استمرار لمسيرة اللامسؤولية التي تميز كتاباتهم في مواقع مختلفة من مواقع الانترنت..
أقول هذا الكلام لأنني مؤمن بأن الإنسان مسؤول عن كل كلمة أو موقف مصداقاً لقول ربنا عزوجل (تحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم) وأقوله لأني أرى البعض ممن ينتسبون إلى بني قومي وقد أمعنوا في غيهم وابتعادهم عن روح المسؤولية التي نحن أحرى بالوقوف عندها ..
والمناسبة هذه المرة غزة ..
فهؤلاء لم يتركوا كلمة سوء إلا وربطوها بالمقاومة الإسلامية في فلسطين ولست أفهم حتى الآن ما الذي ارتكبته حماس بحق شعبنا الكردي حتى ينبري البعض ويسمها بأقذع الصفات بل ولم افهم كيف انتشرت بين أكراد سوريا بالذات مقولات مقرفة منسوبة لقيادات مختلفة في حماس من قبيل أن الشيخ أحمد ياسين رحمه الله قد بارك لصدام فعلته بحلبجة ورد على منتقديه بالقول (وهل كانوا ينتظرون أن يرشهم بالورود) وهي نفس المقولة التي نسبها البعض لعرفات وآخرون لحنان عشراوي أو صائب عريقات وحتى الشهيد عبد العزيز الرنتيسي لم يبرئ منها ..
وأنا هنا لن أدافع عن مدى مصداقية هذا الكلام لأني أنتظر أن يستقر أصحابنا من المروجين على المتهم حتى نتبين الخيط الأبيض من الأسود ..
علماً أن الذي يسجل لحماس هو الاعتذار العلني الذي قدمه اسماعيل هنية عندما أخطأ في ذكر كلمة البشمركة في سياق مسيء ولما نبهه البعض من الأكراد إلى معنى كلمة بيشمركة بعث برسالة اعتذار إلى القيادات الكردية في كردستان العراق وصرح في خطبة جمعة أنه هو وشعبه أيضاً بيشمركة بعد أن فهم معناها ..
ويقع منتقدو حماس في جملة من التناقضات حين يأخذون عليها إطلاقها للصواريخ أو الفتاشات كما يحلو للبعض أن يقول وحين يتحدثون عن المساكين الضحايا الذين يقعون في غزة وكل ذنبهم كما يقول كتابنا أنهم أسرى في غزة من قبل حماس وعقليات قياداتها العفنة متناسين أن كل هذه الضحايا هي من العائلات التي تنتمي إلى حماس التي فازت بالانتخابات التشريعية الفلسطينية بأصواتهم ثم انقلب عليها عباس وجماعة فتح التي يدافع عنها البعض فأقالوا الحكومة الشرعية دون سند في القانون أو الدستور وعينوا حكومة بديلة لم تنل حتى يومنا هذا مباركة المجلس الوطني الفلسطيني ..
فماذا ينتظر رفاقنا أن تفعل حماس ؟ هل كان عليها أن تسكت على جرائم دحلان العميل الصهيوني الذي أعدم أكثر من ستمائة فلسطيني من مناصري حماس في يوم واحد ؟ هل تسكت على الاحتلال ؟ هل تحني رأسها للصهاينة ؟ هل توافق على محاصرتها من إسرائيل والخونة من الأعراب ؟ هل تسكت على خروقات اسرائيل للهدنة والتي بلغت أكثر من خمسمائة عملية خرق أودت بحياة العشرات من الفلسطينيين في غزة خلال ستة أشهر ؟ هل تريدون أن يسكت الرجال وهم يرون أطفالهم يموتون من الجوع أمام أعينهم جراء الحصار الصهيوني المصري المشترك ؟ عجيب أن تكون هذه المطالب صادرة عن منتمين إلى شعب مناضل قضى معظم تاريخه في مكافحة الظلم والدفاع عن وجوده وأصالته ..
ولعل هذه التساؤلات التي يثيرها بعض كتابنا التقدميين والموغلين في علمانيتهم لدرجة أنهم بزوا أقرانهم من الغربيين والفرنجة تجد في واقعنا الكردي نفسه ما يرد عليها ..
مثلاً هل علينا أن نقول لأحزابنا الكردية كفوا عن النضال لأنكم لا تستطيعون أن تواجهوا النظام السوري ؟ وهل علينا أن نعتب على الأحزاب لأن العشرات من شبابنا دخلوا المعتقلات والنساء تعرضن للإهانة في أحداث القامشلي ومظاهرة الشيخ معشوق ؟ وعندما منحت الحكومة العراقية لأكراد العراق حكماً ذاتياً هل كان يجب على أكرادنا أن يدخلوا في مرحلة الخضوع لحكم صدام ؟؟ هل كان عليهم أن يقبلوا بالوضع الراهن آنذاك ؟ وهل كان على الرمز الكردي مصطفى البرزاني أن يقول لشعبه لقد حصلنا على ما نريد فلنوقف نضالنا ؟ وهل علينا الآن أن نصب جام غضبنا على الرئيس مسعود البرزاني لأنه لم يمنع استشهاد مئات الآلاف من عائلته وشعبه في أنفال صدام ؟ حاشا لله فهؤلاء المناضلين دافعوا عن حقوقهم بالطريقة التي رأوها مناسبة ..
وهذا ما يفعله قادة حماس الذين نشؤوا من رحم المعاناة في فلسطين المحتلة ويرفضون القبول بالحل الذي فرضته عليهم إسرائيل والذي لا يسمن ولا يغني من جوع ..
إن حماس تقاتل دفاعاً عن عقيدة ومبدأ تؤمن بهما وهي ليست في وارد تنفيذ أجندات خارجية كما يحلو للبعض أن يقول وحجتهم وجود قادة حماس في رحاب دمشق فهل وجود هؤلاء القادة في دمشق عيب ؟ لو كان كذلك فإن الموضوعية تفرض علينا أن نعيب على الرئيس جلال الطالباني كل تلك الفترة التي قضاها في ربوع سوريا والتي لا يزال يسردها بفخر وعلينا أن نطعن في مصداقية القائد عبد الله أوجلان لأنه بقي في دمشق معظم فترات النضال التي قادها هو وحزب العمال الكردستاني، وبنفس المنطق كان علينا أن ننظر بخجل إلى تاريخ المجاهدين الأفغان الذين استفادوا من دعم الولايات المتحدة بلاد جورج بوش ( أبو آزاد ) في الثمانينات ودحروا المحتلين ، إن كل هؤلاء كانوا يستفيدون في نضالهم من دعم الآخرين دون التنازل عن مبادئهم وحماس لا تختلف عنهم..
إن الذي يبدو ظاهراً لي هو أن الرفاق التقدميين الذين كانوا يعيروننا ونحن ننتقد الفكر الشيوعي بأننا إمبرياليون أصبحوا اليوم ينظرون بكل قرف إلى كل من يقف خارج حدود المعسكر الإمبريالي الأمريكي أو أنهم ينظرون باشمئزاز إلى كل شيء يرتبط بالإسلام الذي هو دين الغالبية المطلقة للشعب الكردي ..
أصبح الرفاق ( وهم كثر بين مثقفي أكراد سوريا ) يوجهون بوصلتهم في الحكم على الأمور إلى واشنطن بدلاً من موسكو وإلا متى كان شعبنا الكردي ومثقفيه معجباً بحسني مبارك لنرى البعض ينبري للدفاع عن موقفه ؟ أنسي هؤلاء أن حسني مبارك نفسه كان الحليف الرئيسي لصدام حسين عندما نفذ جريمة حلبجة ؟ لماذا نعيب على ياسر عرفات أنه زار صدام بعد حلبجة ولا نعيب على مبارك وملك الأردن وحكام الخليج دعمهم اللا محدود له في حربه ضد إيران وضد الأكراد آنذاك ؟؟ إن الإنسان الموضوعي لا يزن الأمور بمكيالين مختلفين بل ينطلق من إنسانيته للحكم على أي حدث وهذه الإنسانية تفرض علينا أن نقف مع الضحية والمظلوم كائناً من كان وأن نرفض الظلم بكل الوسائل المتاحة فإن لم نتمكن من رده فعلى الأقل لا نقف معه ولا نبرره وعلينا أن لا نكون مثل أولئك الذين لم يرف لهم جفن وهم يشاهدون الملايين من الشعب الكردي المسلم يتعرض للظلم في أرضهم التي يعيشون فيها..
وهذا الموقف المطلوب تجاه الشعب المسلم في فلسطين هو واجب إنساني وديني يجب ألا يقف عند حدود مقولات دارجة من قبيل : ولماذا لم يستنكر الفلسطينيون ما فعله بنا طغاة الدول التي قسمت أوربا الأكراد أرضاً وشعباً فيما بينها ؟..
إذ حتى لو كان ذلك صحيحاً ( مع رفضنا طبعاً للغة التعميم إذ هناك الكثير من أصدقاء شعبنا بين الأخوة في الكثير من بلاد العرب وبالذات في فلسطين ) فإننا أيضاً نعرض أنفسنا للكثير من الانتقاد على نفس المبدأ لأننا لم نستنكر ما فعله صدام بعلماء المسلمين في العراق وبرفاقه البعثيين قبل أن يدير أسلحته الغاشمة تجاه الشعب الكردي ..
ولأننا وقفنا موقف المتفرج تجاه أحداث حماه وحلب لدرجة أن أبناء تلك المدن يتهموننا بأننا وقفنا مع النظام ضدهم ( بغض النظر طبعاً عن رأينا في تلك الأحداث وفي مواقف الإخوان ومدى أحقيتها أو بطلانها ) ..
وقبل ذلك كله يحملنا الأخوة الأرمن والسريان مسؤولية المجازر التي ارتكبت بحقهم في القرنين التاسع عشر والعشرين ..
إن المواقف الإنسانية لا تكون على سبيل المنحة أو الهدية حتى نردها في المناسبات بل هي مواقف صادقة مستندة على منطق واعي ومبادئ ثابتة نطبقها في نظرتنا إلى العدو قبل الصديق وإلى الصديق قبل الشقيق ..
أقول كل هذا الكلام دون أن أعمم طبعاً لكن يؤسفني أن المقالات التي دبجها البعض ضد حماس كانت صادرة عن مثقفين من الأكراد السوريين فقط على عكس الكثير من الأخوة من أكراد العراق وتركيا الذين وقفوا مواقف مغايرة ولعل أبرزهم الأخ محسن جوامير فجزاه الله خيرا مع العلم أن المقالات لو اقتصرت على إبراز حق الاختلاف في النهج السياسي مع حماس لما اعترضنا لأن المفكر من حقه أن يدلي بدلوه ويناقش ما يريد لكن الاعتراض فقط على لغة التشفي أو تسفيه أصحاب المبادئ سواءاً اتفقنا معهم أو اختلفنا .
وأنا هنا لن أدافع عن مدى مصداقية هذا الكلام لأني أنتظر أن يستقر أصحابنا من المروجين على المتهم حتى نتبين الخيط الأبيض من الأسود ..
علماً أن الذي يسجل لحماس هو الاعتذار العلني الذي قدمه اسماعيل هنية عندما أخطأ في ذكر كلمة البشمركة في سياق مسيء ولما نبهه البعض من الأكراد إلى معنى كلمة بيشمركة بعث برسالة اعتذار إلى القيادات الكردية في كردستان العراق وصرح في خطبة جمعة أنه هو وشعبه أيضاً بيشمركة بعد أن فهم معناها ..
ويقع منتقدو حماس في جملة من التناقضات حين يأخذون عليها إطلاقها للصواريخ أو الفتاشات كما يحلو للبعض أن يقول وحين يتحدثون عن المساكين الضحايا الذين يقعون في غزة وكل ذنبهم كما يقول كتابنا أنهم أسرى في غزة من قبل حماس وعقليات قياداتها العفنة متناسين أن كل هذه الضحايا هي من العائلات التي تنتمي إلى حماس التي فازت بالانتخابات التشريعية الفلسطينية بأصواتهم ثم انقلب عليها عباس وجماعة فتح التي يدافع عنها البعض فأقالوا الحكومة الشرعية دون سند في القانون أو الدستور وعينوا حكومة بديلة لم تنل حتى يومنا هذا مباركة المجلس الوطني الفلسطيني ..
فماذا ينتظر رفاقنا أن تفعل حماس ؟ هل كان عليها أن تسكت على جرائم دحلان العميل الصهيوني الذي أعدم أكثر من ستمائة فلسطيني من مناصري حماس في يوم واحد ؟ هل تسكت على الاحتلال ؟ هل تحني رأسها للصهاينة ؟ هل توافق على محاصرتها من إسرائيل والخونة من الأعراب ؟ هل تسكت على خروقات اسرائيل للهدنة والتي بلغت أكثر من خمسمائة عملية خرق أودت بحياة العشرات من الفلسطينيين في غزة خلال ستة أشهر ؟ هل تريدون أن يسكت الرجال وهم يرون أطفالهم يموتون من الجوع أمام أعينهم جراء الحصار الصهيوني المصري المشترك ؟ عجيب أن تكون هذه المطالب صادرة عن منتمين إلى شعب مناضل قضى معظم تاريخه في مكافحة الظلم والدفاع عن وجوده وأصالته ..
ولعل هذه التساؤلات التي يثيرها بعض كتابنا التقدميين والموغلين في علمانيتهم لدرجة أنهم بزوا أقرانهم من الغربيين والفرنجة تجد في واقعنا الكردي نفسه ما يرد عليها ..
مثلاً هل علينا أن نقول لأحزابنا الكردية كفوا عن النضال لأنكم لا تستطيعون أن تواجهوا النظام السوري ؟ وهل علينا أن نعتب على الأحزاب لأن العشرات من شبابنا دخلوا المعتقلات والنساء تعرضن للإهانة في أحداث القامشلي ومظاهرة الشيخ معشوق ؟ وعندما منحت الحكومة العراقية لأكراد العراق حكماً ذاتياً هل كان يجب على أكرادنا أن يدخلوا في مرحلة الخضوع لحكم صدام ؟؟ هل كان عليهم أن يقبلوا بالوضع الراهن آنذاك ؟ وهل كان على الرمز الكردي مصطفى البرزاني أن يقول لشعبه لقد حصلنا على ما نريد فلنوقف نضالنا ؟ وهل علينا الآن أن نصب جام غضبنا على الرئيس مسعود البرزاني لأنه لم يمنع استشهاد مئات الآلاف من عائلته وشعبه في أنفال صدام ؟ حاشا لله فهؤلاء المناضلين دافعوا عن حقوقهم بالطريقة التي رأوها مناسبة ..
وهذا ما يفعله قادة حماس الذين نشؤوا من رحم المعاناة في فلسطين المحتلة ويرفضون القبول بالحل الذي فرضته عليهم إسرائيل والذي لا يسمن ولا يغني من جوع ..
إن حماس تقاتل دفاعاً عن عقيدة ومبدأ تؤمن بهما وهي ليست في وارد تنفيذ أجندات خارجية كما يحلو للبعض أن يقول وحجتهم وجود قادة حماس في رحاب دمشق فهل وجود هؤلاء القادة في دمشق عيب ؟ لو كان كذلك فإن الموضوعية تفرض علينا أن نعيب على الرئيس جلال الطالباني كل تلك الفترة التي قضاها في ربوع سوريا والتي لا يزال يسردها بفخر وعلينا أن نطعن في مصداقية القائد عبد الله أوجلان لأنه بقي في دمشق معظم فترات النضال التي قادها هو وحزب العمال الكردستاني، وبنفس المنطق كان علينا أن ننظر بخجل إلى تاريخ المجاهدين الأفغان الذين استفادوا من دعم الولايات المتحدة بلاد جورج بوش ( أبو آزاد ) في الثمانينات ودحروا المحتلين ، إن كل هؤلاء كانوا يستفيدون في نضالهم من دعم الآخرين دون التنازل عن مبادئهم وحماس لا تختلف عنهم..
إن الذي يبدو ظاهراً لي هو أن الرفاق التقدميين الذين كانوا يعيروننا ونحن ننتقد الفكر الشيوعي بأننا إمبرياليون أصبحوا اليوم ينظرون بكل قرف إلى كل من يقف خارج حدود المعسكر الإمبريالي الأمريكي أو أنهم ينظرون باشمئزاز إلى كل شيء يرتبط بالإسلام الذي هو دين الغالبية المطلقة للشعب الكردي ..
أصبح الرفاق ( وهم كثر بين مثقفي أكراد سوريا ) يوجهون بوصلتهم في الحكم على الأمور إلى واشنطن بدلاً من موسكو وإلا متى كان شعبنا الكردي ومثقفيه معجباً بحسني مبارك لنرى البعض ينبري للدفاع عن موقفه ؟ أنسي هؤلاء أن حسني مبارك نفسه كان الحليف الرئيسي لصدام حسين عندما نفذ جريمة حلبجة ؟ لماذا نعيب على ياسر عرفات أنه زار صدام بعد حلبجة ولا نعيب على مبارك وملك الأردن وحكام الخليج دعمهم اللا محدود له في حربه ضد إيران وضد الأكراد آنذاك ؟؟ إن الإنسان الموضوعي لا يزن الأمور بمكيالين مختلفين بل ينطلق من إنسانيته للحكم على أي حدث وهذه الإنسانية تفرض علينا أن نقف مع الضحية والمظلوم كائناً من كان وأن نرفض الظلم بكل الوسائل المتاحة فإن لم نتمكن من رده فعلى الأقل لا نقف معه ولا نبرره وعلينا أن لا نكون مثل أولئك الذين لم يرف لهم جفن وهم يشاهدون الملايين من الشعب الكردي المسلم يتعرض للظلم في أرضهم التي يعيشون فيها..
وهذا الموقف المطلوب تجاه الشعب المسلم في فلسطين هو واجب إنساني وديني يجب ألا يقف عند حدود مقولات دارجة من قبيل : ولماذا لم يستنكر الفلسطينيون ما فعله بنا طغاة الدول التي قسمت أوربا الأكراد أرضاً وشعباً فيما بينها ؟..
إذ حتى لو كان ذلك صحيحاً ( مع رفضنا طبعاً للغة التعميم إذ هناك الكثير من أصدقاء شعبنا بين الأخوة في الكثير من بلاد العرب وبالذات في فلسطين ) فإننا أيضاً نعرض أنفسنا للكثير من الانتقاد على نفس المبدأ لأننا لم نستنكر ما فعله صدام بعلماء المسلمين في العراق وبرفاقه البعثيين قبل أن يدير أسلحته الغاشمة تجاه الشعب الكردي ..
ولأننا وقفنا موقف المتفرج تجاه أحداث حماه وحلب لدرجة أن أبناء تلك المدن يتهموننا بأننا وقفنا مع النظام ضدهم ( بغض النظر طبعاً عن رأينا في تلك الأحداث وفي مواقف الإخوان ومدى أحقيتها أو بطلانها ) ..
وقبل ذلك كله يحملنا الأخوة الأرمن والسريان مسؤولية المجازر التي ارتكبت بحقهم في القرنين التاسع عشر والعشرين ..
إن المواقف الإنسانية لا تكون على سبيل المنحة أو الهدية حتى نردها في المناسبات بل هي مواقف صادقة مستندة على منطق واعي ومبادئ ثابتة نطبقها في نظرتنا إلى العدو قبل الصديق وإلى الصديق قبل الشقيق ..
أقول كل هذا الكلام دون أن أعمم طبعاً لكن يؤسفني أن المقالات التي دبجها البعض ضد حماس كانت صادرة عن مثقفين من الأكراد السوريين فقط على عكس الكثير من الأخوة من أكراد العراق وتركيا الذين وقفوا مواقف مغايرة ولعل أبرزهم الأخ محسن جوامير فجزاه الله خيرا مع العلم أن المقالات لو اقتصرت على إبراز حق الاختلاف في النهج السياسي مع حماس لما اعترضنا لأن المفكر من حقه أن يدلي بدلوه ويناقش ما يريد لكن الاعتراض فقط على لغة التشفي أو تسفيه أصحاب المبادئ سواءاً اتفقنا معهم أو اختلفنا .
وأختم فأقول أن الشعوب التي تعرضت للظلم هي التي تشعر بفداحة المصيبة حين يقع الظلم على الآخرين وأتمنى من محبتي وحرصي على الأخوة المثقفين أن لا يقفوا في نفس الموقع الذي يطل منه بعض الخونة من العرب على معارك غزة وهم يتحسسون كراسيهم ويدعون ليلاً نهاراً أن تسقط حماس لأن إطالة أمد المعركة وبقاء حماس يفتحان نيران التغيير في الكثير من البلاد التي ابتليت شعوبها بدكتاتوريات عفنة محاطة بسياج من الحماية من قبل أمريكا وأوربا التي تبحث عن مصالحها ولا تهتم لكرامات الشعوب والظلمات التي تحيق بهم .