زيور العمر
الحالة السياسية الكردية في سوريا بما تنطوي من تردي و سلبية و عبثية , تستفز , في كثير من الأحيان , المتابع السياسي الجاد .
و الكاتب الصحفي عادة ما يجد نفسه في مواجهة هذه الحالة, خارج عن إرادته , مشحونا ًً بمشاعر الإستهجان و الإستنكار , قبل أن يتخذ موقفاً أو يتبنى فكرة نقدية إزاءها .
فالإستدلال على تردي المشهد السياسي الكردي في سوريا لا يتم من خلال كشف حالة الإنقسام و التشرزم المزمنة فحسب , و إنما يمكن ملاحظتها و مشاهدتها في الخطاب السياسي الذي تتبناه معظم الأحزاب الكردية في سوريا.
الحالة السياسية الكردية في سوريا بما تنطوي من تردي و سلبية و عبثية , تستفز , في كثير من الأحيان , المتابع السياسي الجاد .
و الكاتب الصحفي عادة ما يجد نفسه في مواجهة هذه الحالة, خارج عن إرادته , مشحونا ًً بمشاعر الإستهجان و الإستنكار , قبل أن يتخذ موقفاً أو يتبنى فكرة نقدية إزاءها .
فالإستدلال على تردي المشهد السياسي الكردي في سوريا لا يتم من خلال كشف حالة الإنقسام و التشرزم المزمنة فحسب , و إنما يمكن ملاحظتها و مشاهدتها في الخطاب السياسي الذي تتبناه معظم الأحزاب الكردية في سوريا.
فقد نشرت في الأونة الأخيرة عدة مقالات بتوقيع مسؤولين في الأحزاب الكردية , و أخرى كمقالات إفتتاحية في صدر النشرات الحزبية الكردية تعبر عن موقف الأحزاب الصادرة لها , حول حملة التصعيد القمعي من قبل السلطات السورية بحق الشعب الكردي , و التي إشتدت حدتها , و إزدات وتيرتها فيالفترة الأخيرة , سواءا ً من خلال الإجراءات التعسفية و العنصرية بحق الشعب الكردي , أومن خلال ملاحقة و إعتقال النشطاء السياسيين .
و بالرغم من التشابه بين كل الأراء , و ذلك لأن مصدرها هي أحزاب لا تختلف فيما بينها في أي شئ .
و مع ذلك إستوقفتني أكثر مقالة الدكتور عبد الحكيم بشار تحت عنوان (التصعيد ضد الكرد ..
لماذا ؟) التي نشرت في العديد من المواقع الكردية على الإنترنت , لأنها الأقرب الى الخطاب السياسي الحزبوي الكردي , التقليدي , الذي لم يتبدل و لم يطرأ عليه أي تغيير , بالرغم من المتغيرات العميقة و الجذرية التي حدثت دوليا ً و إقليميا ً ، ناهيك عن المنعطفات الخطيرة في الداخل السوري , و خاصة في الشأن الكردي.
المقال من وجهة نظر الكاتب , و هي تشكل موقف حزبه , باعتباره يحتل الموقع الأول , لم ينحرف , قطً , عن مرتكزات الرؤية التقليدية للأحزاب الكردية تجاه قضية شعبها , بل جاءت لتؤكد إستمرار المسير السياسي الكردي في نفس الإتجاه الذي إختارته لنفسها لأكتر من أربعة عقود .
فالأحزاب الكردية ما تزال تجد نفسها في حالة من الحيرة و الدهشة من تصعيد النظام لممارساته القمعية ضد الشعب الكردي , و لا تجد لها أي تفسير أو مبرر ! و كأنها لم تكن حتى مجرد شواهد عيان على التطورات التي حصلت قبل خمس أعوام في المناطق الكردية , عندما إنتفض الشعب الكردي عن بكرة أبيه , في وجه الإستهداف العنصري و الشوفيني له , أي في 12 آذار 2004 .
فالقيادات الكردية تتصرف , فعلياً , كما لو أن تلك الأحداث و الإنتفاضة الشعبية كانت حدثا ً عاديا ً , و أنه سيمر مرور الكرام , دون أن يلقى الشعب الكردي العقاب.
و هو عقاب للشعب الذي تجراً على القول كفى للإستبداد و سياسة الإنكار , و ليس بحق الأحزاب الكردية و قياداتها , لأن النظام عرف في حينه , وهو على اليقين اليوم أيضاً , ان تلك الفورة الشعبية العارمة لم تكن من صنع الأحزاب الكردية , لأنها أبعد من أن تستطيع تحريك شارع , فناهيك عن شعب بكامله .
فبالرغم من ما حدث في الشارع الكردي من أعلى درجات الإحتقان السياسي تجاه سياسات الدولة , و أدى الى ما جرى في آذار 2004 , ما يزال هناك من يسأل عن الخطاً الذي حدث من قبل الأحزاب الكردية حتى تقوم السلطة بتصعيد سياساتها القمعية بحق الكرد , و كأن الشعب الكردي هنا , كما أفهم ما بين السطور , ضحية قياداته ! و بالرغم من صحة مبدأ الفكرة التي أتصورها على لسان الدكتور بشار , و التي قد لا يعنيها , فإني أفترض أن يكافئ الشعب الكردي , لا أن يعاقب , نظراً لأن الأحزاب الكردية لا تفعل ما يغضب النظام , و هي لم تغير موقفها بشكل نوعي منه ـ كما عبر عن ذلك الدكتور نفسه في معرض سؤاله عن أسباب التصعيد بحق الكرد .
الإجراءات التعسفية التي تتوالى ضد الشعب الكردي في سوريا و تزداد حددتها مع مرور الوقت , لا تستهدف الحركة الكردية , و ليس المقصود منها إنهاء أو تصفية الأحزاب الكردية , لأنها , بإختصار , لا تشكل خطراً على النظام القائم , و لا تقود الشارع الكردي , و تعيش ظروفا ً سيئة من حيث الإنقسام و التفكك , فضلاً عن أنها ً لا تتخذ موقفاً صارماً ضد السلطة السورية.
فالأحزاب الكردية , كما أكد الدكتور بشار , عندما لا تجد مبررا ً للتصعيد الأمني السلطوي ضد الشعب الكردي , طالما إنها إنتهجت الطرق السلمية الديمقراطية , عبر إعتمادها لعقود من الزمن , لوسيلة المطالبة من خلال الجرائد و البيانات و الرسائل , قبل أن تقدم على الإحتجاجات الشعبية السلمية التي سرعان ما تراجعت حتى أضحت مجرد تجمعات صغيرة على مقابر الشهداء.
الدكتور بشار أكد على حقيقة أن وجهة الحركة الكردية كانت دائماً و ما تزال تسير في إتجاه أبواب السلطة و النظام , على أمل أن تفضي الى منفذ للحوار , و إيجاد شكل من أشكال الحل , و يلوم النظام ضمناً على خدمة كردية سابقة له , في شكل دعم سياسي و جماهيري ضد جماعة الإخوان المسلمين , من دون أن يؤدي ذلك الى أي تغير في إستراتيجية النظام تجاه الكرد !
فالخطاب الكردي كان دائماً مركزا ً على النظام , دون غيره , من حيث قابلية تحقيق أو تلبية الحقوق الكردية أو بعضها .
و لم تفقد الأحزاب الكردية في يوم الأيام الأمل في النظام البعثي , فكانت دائماً تتجنب إزعاجه و إغضابه , من خلال مخاطبته بوسائل اللين , مع الإعتقاد و اليقين الذين حاولت مرارا ً و تكراراً أن تكرسهما لدى دوائر صنع القرار السلطوي على أن الكرد و جماعة السلطة في سفينة واحدة و يواجهون مصيرا ً واحدا ً, في إشارة الى خطر القوى الأخرى المتربصة بهما , و خاصة جماعة الإخوان المسلمين منها .
حذر كاتب هذه الأسطر في مناسبات سابقة من مغبة سعي الأحزاب الكردية و قياداتها الى إفراغ 12 آّذار 2004 من مضمونها.
و في مقالته يثبت الدكتور بشار هذه الحقيقة عندما يجعل منها مجرد حلقة من حلقات القتل , ومجرد محطة في سياسة التصعيد الخطيرة بحق الكرد , ناسياً عن قصد أو بسبب عدم الإنسجام السياسي و الفكري, أن هذا التصعيد الأمني المركز و الشامل بحق الكرد , كانت نتيجة لما حدث في 12 آذار 2004 و ما بعده من تطورات درماتيكية , و لم يكن تلك اللإنتفاضة من تداعيات التصعيد و إنما العكس صحيح.
فالنظام الذي لم يواجه تحدياً في حجم إنتفاضة الكرد في 12 آذار 2004 منذ أحداث حماة في بداية الثمانينات من القرن الماضي , ما كان ليسمح أن يمر الحدث مرور الكرام , فعمد الى مراجعة سياساته بحق الكرد , و توصل الى قناعة أن الشارع الكردي و جمهوره العريض في واد , و الأحزاب الكردي في وادي أخر , و أن هذه الأحزاب ليس لها أي تأثير على مجريات الأحداث عندما تنفلت , فما كان منها إلا أن تتخذ جملة من الإجراءات و ثلة من القرارات , يمكن تصنيفها على مستويين : الأول على مستوى الشعب الكردي , حيث عمدت السلطة الى معاقبته, لتجراًه على الإنتفاض و الوقوف في وجه الظلم و الإستبداد السلطوي في 12 آذار 2004 , فحاربته في حق السكن و العمل , من خلال إنتهاج سياسة التجويع و الإفقار , بهدف إجباره على ترك مناطقه و الهجرة الى عمق السوري , لإلهاءه و إشغاله بمتاعب الحياة و إبعاده عن ساحته الإعتيادية .
أما المستوى الأخر فتمثل في الإجراءات التي طالت الأحزاب الكردية , من خلال إعتقال بعض رموزها و كوادرها , وكان الهدف منه مجرد تخويف الشارع الكردي و جمهوره من جهة , و تلميع صور القيادات الكردية , و رفع شأنهم بعد أن فقدوا الإحترام بين الشعب الكردي بسبب إستهتارهم و عدم إحساسهم بالمسؤولية .
لذا فمن المستغرب الحديث عن مبررات التصعيد و خلفياته , لأنها واضحة , كرؤية الشمس في وضح النهار , و إنما الأهم هو كيف يمكن مجابهته , و الحركةالسياسية الكردية تعيش أسوأ حالاتها في ظل الأحزاب الكردية الراهنة.
و مع ذلك إستوقفتني أكثر مقالة الدكتور عبد الحكيم بشار تحت عنوان (التصعيد ضد الكرد ..
لماذا ؟) التي نشرت في العديد من المواقع الكردية على الإنترنت , لأنها الأقرب الى الخطاب السياسي الحزبوي الكردي , التقليدي , الذي لم يتبدل و لم يطرأ عليه أي تغيير , بالرغم من المتغيرات العميقة و الجذرية التي حدثت دوليا ً و إقليميا ً ، ناهيك عن المنعطفات الخطيرة في الداخل السوري , و خاصة في الشأن الكردي.
المقال من وجهة نظر الكاتب , و هي تشكل موقف حزبه , باعتباره يحتل الموقع الأول , لم ينحرف , قطً , عن مرتكزات الرؤية التقليدية للأحزاب الكردية تجاه قضية شعبها , بل جاءت لتؤكد إستمرار المسير السياسي الكردي في نفس الإتجاه الذي إختارته لنفسها لأكتر من أربعة عقود .
فالأحزاب الكردية ما تزال تجد نفسها في حالة من الحيرة و الدهشة من تصعيد النظام لممارساته القمعية ضد الشعب الكردي , و لا تجد لها أي تفسير أو مبرر ! و كأنها لم تكن حتى مجرد شواهد عيان على التطورات التي حصلت قبل خمس أعوام في المناطق الكردية , عندما إنتفض الشعب الكردي عن بكرة أبيه , في وجه الإستهداف العنصري و الشوفيني له , أي في 12 آذار 2004 .
فالقيادات الكردية تتصرف , فعلياً , كما لو أن تلك الأحداث و الإنتفاضة الشعبية كانت حدثا ً عاديا ً , و أنه سيمر مرور الكرام , دون أن يلقى الشعب الكردي العقاب.
و هو عقاب للشعب الذي تجراً على القول كفى للإستبداد و سياسة الإنكار , و ليس بحق الأحزاب الكردية و قياداتها , لأن النظام عرف في حينه , وهو على اليقين اليوم أيضاً , ان تلك الفورة الشعبية العارمة لم تكن من صنع الأحزاب الكردية , لأنها أبعد من أن تستطيع تحريك شارع , فناهيك عن شعب بكامله .
فبالرغم من ما حدث في الشارع الكردي من أعلى درجات الإحتقان السياسي تجاه سياسات الدولة , و أدى الى ما جرى في آذار 2004 , ما يزال هناك من يسأل عن الخطاً الذي حدث من قبل الأحزاب الكردية حتى تقوم السلطة بتصعيد سياساتها القمعية بحق الكرد , و كأن الشعب الكردي هنا , كما أفهم ما بين السطور , ضحية قياداته ! و بالرغم من صحة مبدأ الفكرة التي أتصورها على لسان الدكتور بشار , و التي قد لا يعنيها , فإني أفترض أن يكافئ الشعب الكردي , لا أن يعاقب , نظراً لأن الأحزاب الكردية لا تفعل ما يغضب النظام , و هي لم تغير موقفها بشكل نوعي منه ـ كما عبر عن ذلك الدكتور نفسه في معرض سؤاله عن أسباب التصعيد بحق الكرد .
الإجراءات التعسفية التي تتوالى ضد الشعب الكردي في سوريا و تزداد حددتها مع مرور الوقت , لا تستهدف الحركة الكردية , و ليس المقصود منها إنهاء أو تصفية الأحزاب الكردية , لأنها , بإختصار , لا تشكل خطراً على النظام القائم , و لا تقود الشارع الكردي , و تعيش ظروفا ً سيئة من حيث الإنقسام و التفكك , فضلاً عن أنها ً لا تتخذ موقفاً صارماً ضد السلطة السورية.
فالأحزاب الكردية , كما أكد الدكتور بشار , عندما لا تجد مبررا ً للتصعيد الأمني السلطوي ضد الشعب الكردي , طالما إنها إنتهجت الطرق السلمية الديمقراطية , عبر إعتمادها لعقود من الزمن , لوسيلة المطالبة من خلال الجرائد و البيانات و الرسائل , قبل أن تقدم على الإحتجاجات الشعبية السلمية التي سرعان ما تراجعت حتى أضحت مجرد تجمعات صغيرة على مقابر الشهداء.
الدكتور بشار أكد على حقيقة أن وجهة الحركة الكردية كانت دائماً و ما تزال تسير في إتجاه أبواب السلطة و النظام , على أمل أن تفضي الى منفذ للحوار , و إيجاد شكل من أشكال الحل , و يلوم النظام ضمناً على خدمة كردية سابقة له , في شكل دعم سياسي و جماهيري ضد جماعة الإخوان المسلمين , من دون أن يؤدي ذلك الى أي تغير في إستراتيجية النظام تجاه الكرد !
فالخطاب الكردي كان دائماً مركزا ً على النظام , دون غيره , من حيث قابلية تحقيق أو تلبية الحقوق الكردية أو بعضها .
و لم تفقد الأحزاب الكردية في يوم الأيام الأمل في النظام البعثي , فكانت دائماً تتجنب إزعاجه و إغضابه , من خلال مخاطبته بوسائل اللين , مع الإعتقاد و اليقين الذين حاولت مرارا ً و تكراراً أن تكرسهما لدى دوائر صنع القرار السلطوي على أن الكرد و جماعة السلطة في سفينة واحدة و يواجهون مصيرا ً واحدا ً, في إشارة الى خطر القوى الأخرى المتربصة بهما , و خاصة جماعة الإخوان المسلمين منها .
حذر كاتب هذه الأسطر في مناسبات سابقة من مغبة سعي الأحزاب الكردية و قياداتها الى إفراغ 12 آّذار 2004 من مضمونها.
و في مقالته يثبت الدكتور بشار هذه الحقيقة عندما يجعل منها مجرد حلقة من حلقات القتل , ومجرد محطة في سياسة التصعيد الخطيرة بحق الكرد , ناسياً عن قصد أو بسبب عدم الإنسجام السياسي و الفكري, أن هذا التصعيد الأمني المركز و الشامل بحق الكرد , كانت نتيجة لما حدث في 12 آذار 2004 و ما بعده من تطورات درماتيكية , و لم يكن تلك اللإنتفاضة من تداعيات التصعيد و إنما العكس صحيح.
فالنظام الذي لم يواجه تحدياً في حجم إنتفاضة الكرد في 12 آذار 2004 منذ أحداث حماة في بداية الثمانينات من القرن الماضي , ما كان ليسمح أن يمر الحدث مرور الكرام , فعمد الى مراجعة سياساته بحق الكرد , و توصل الى قناعة أن الشارع الكردي و جمهوره العريض في واد , و الأحزاب الكردي في وادي أخر , و أن هذه الأحزاب ليس لها أي تأثير على مجريات الأحداث عندما تنفلت , فما كان منها إلا أن تتخذ جملة من الإجراءات و ثلة من القرارات , يمكن تصنيفها على مستويين : الأول على مستوى الشعب الكردي , حيث عمدت السلطة الى معاقبته, لتجراًه على الإنتفاض و الوقوف في وجه الظلم و الإستبداد السلطوي في 12 آذار 2004 , فحاربته في حق السكن و العمل , من خلال إنتهاج سياسة التجويع و الإفقار , بهدف إجباره على ترك مناطقه و الهجرة الى عمق السوري , لإلهاءه و إشغاله بمتاعب الحياة و إبعاده عن ساحته الإعتيادية .
أما المستوى الأخر فتمثل في الإجراءات التي طالت الأحزاب الكردية , من خلال إعتقال بعض رموزها و كوادرها , وكان الهدف منه مجرد تخويف الشارع الكردي و جمهوره من جهة , و تلميع صور القيادات الكردية , و رفع شأنهم بعد أن فقدوا الإحترام بين الشعب الكردي بسبب إستهتارهم و عدم إحساسهم بالمسؤولية .
لذا فمن المستغرب الحديث عن مبررات التصعيد و خلفياته , لأنها واضحة , كرؤية الشمس في وضح النهار , و إنما الأهم هو كيف يمكن مجابهته , و الحركةالسياسية الكردية تعيش أسوأ حالاتها في ظل الأحزاب الكردية الراهنة.
17/05/2009