عنايت ديكو
– مَنْ ينظر الى قاع المشهد السياسي واللوجستي لإقليم كوردستان العراق وتَحرّك سفرائه السياسيين، ؟. سيُشاهد بأن دبلوماسيته تنشط كخلية نحل بالتوازي مع الانتصارات الكبيرة التي تحققها وحققتها البيشمركة على جبهات التحرير ورسمها للحدود، والقضاء على داعش .
ففي 04.12.2016 وبتنظيمٍ وتحضير من الأخوة في الحزب الديمقراطي الكوردستاني- العراق في مقاطعة دويسلدورف بألمانيا ، وبحضور كوردستاني كثيف ، كان لنا موعدٌ كوردستاني كبير مع الدبلوماسي الشاب ” هيمن هورامي ” مسؤول العلاقات الخارجية في الـ KDP- IRAQ .
– فالحضور كان كبيراً ومميزاً لأصحاب الشأن السياسي والثقافي والاجتماعي ومن كل أطراف كوردستان ، من “سنه” الى مهاباد ، ومن هولير إلى قامشلو ، ومن عفرين الى آمـد.
– هنا … ومن خلال نشاطاتنا الثقافية والإعلامية حاولت أن أنقل لكم قراءتي لذاك المشهد الجميل الذي جَمَعَنا بشخصية دبلوماسية كبيرة ومن هذا العيار مثل السيد ” هيمن هورامي “.
– قبل كل شيء أنا ممتنٍ لمَنْ هيأ لنا هذا اللقاء. وفخور جداً بهذه الدرجات التي وصلت اليها الدبلوماسية الكوردستانية من الوعي والقراءة الناضجة للأحداث والحدس السليم . وسعيدٌ أنا أيضاْ لمدى استقرار هذه الدبلوماسية وامتلاكها لهامشٍ كبير من المناورة والاحتفاظ بالكثير من الأوراق السياسية العامة والمصيرية. ولفخورٌ أيضاً حين أرى جيلاً شاباً يافعاً ومثقفاً أنيقاً يظهر في كوردستان. يخرج من بين ركام الماضي، مدافعاً و رافعاً مطالب وأهداف بني قومه الكوردستانيين، وراكباً قطار العصر مع الأمم الأخرى نحو المستقبل وآفاقه. .
أجل … هذا ما شاهدناه في جعبة السيد ” هيمن هورامي ” واستخدامه الجميل للأدوات السياسية والمعرفية والدبلوماسية التي كان يمتلكها ، إلى جانب إتقانه الكبير لمفاتن وجمال الفكر الكوردواري وتطويع الزوايا السياسية الحادة في خدمة رسمِ قوسٍ كوردستاني كبير .
لقد رسم لنا السيد ” هيمن هورامي ” لوحة كبيرة وجميلة لكوردستان بحرفية ومهارة وانسجامية عالية المستوىٰ، واستخدم فيها كل المهارات السياسية والدبلوماسية والفكرية. وخاصة عند مخاطبته الرأي العام الكوردستاني وإلى درجة مرموقة جداً. فتصورتُ بأننا اليوم نجلس في قاعةٍ لمعهد التحليل والدراسات السياسية والاستراتيجية.
– فكانت ندوة ترتقي في خطابها إلى مصاف الندوات الفكرية والدبلوماسية الراقية. طبعاً هنا أقصد المضمون والمحتوى والرسالة السياسية التي حملها لنا السيد ” هيمن هورامي ” من حكومة إقليم كوردستان إلى الجالية الكوردستانية في الخارج والالتقاء بأصحاب الشأن الفكري والثقافي والسياسي الكوردستاني هنا في ألمانيا .
* فماذا تضمنت هذه الرسالة الهورامية ؟
– تَعرف حكومة إقليم كوردستان، وضعها ووزنها وحجمها في لعبة التوازنات والمعادلات الإقليمية والدولية. وتدرك جيداً دورها الريادي في محاربة التنظيمات الإرهابية. وتعرف أيضاً حجم التناقضات الداخلية والخارجية التي حيكت وتُحاك ضدها كل يوم ، وتعي أيضا ما هي المتطلبات والمستلزمات الواجب توافرها شعبياً وإنسانياً وداخلياً وخارجياً، من أجل القيام بها للوصول الى الهدف المنشود.
– لقد هرعت واستنفرت كل الأجهزة المدنية والحكومية والشعبية والدبلوماسية في حكومة إقليم كوردستان قبيل إطلاق معركة ” تحرير الموصل ” ، وبدأت الدبلوماسية الكوردستانية برسم وتحديد الأولويات والأساسيات ووضعت الخطط والبرامج والاستراتيجيات، مع الأخذ بعين الاعتبار دور الثانويات والمكملات لكل هذه التحركات والارهاصات . إلى جانب الحفاظ على السلم الأهلي وشحذ الهمم والطاقات والمخاضات وردفها باتجاه تبني الخيار الاستراتيجي ألا وهو ” الاستقلال الكوردستاني ” . لأنها أدركت ، أي “حكومة إقليم كوردستان ” بأن كل تأخيرٍ زمني ولو لساعة واحدة ، وأن أي تراخ أو تأجيل، ما هو إلا خسارة زمانية ومكانية كبيرة للكورد وابتعادٌ عن الهدف المنشود.
ولربما يسبب هذا التأخير كارثة كاللواتي شاهدناها في كتب التاريخ ، وكيف تعامل الكورد مع الأحداث المهمة. وخاصة في المفاصل التاريخية كهذه المفصلية اليوم . وعلى ضوء هذه التفاعلات الضخمة والكبيرة وحرب التحرير ، تنشط الدبلوماسية الكوردستانية شرقاً وغرباً وتقف على النقاط الارتكازية والمحورية وترسم استراتيجيات طويلة المدى على أن تكون متقاطعة ومتناغمة مع السياسات الدولية وأهدافها الاستراتيجية.
لقد نقل لنا السيد ” هيمن هورامي ” بعض أطراف الصور من هذه الدبلوماسية النشطة وتكلم في ثلاثة محاور أساسية .
– المحور الأول : تمركز حول تحرير المناطق الكوردستانية المتبقية وإرجاعها الى حضن كوردستان .
– المحور الثاني : كان حول الدبلوماسية الكوردستانية الذكية والتي تجوب وتجول العواصم ومراكز القرار.
– المحور الثالث : كان مخصصاً للمشاكل الداخلية البينية وارتداداتها وانعكاساتها على المجتمع وبنية العلاقات التي تربط بين كل الأحزاب والكتل السياسية في كوردستان العراق. وتأثير كل هذا على المجتمع والحكومة .
– في المحور الأول :
– كشف السيد ” هيمن هورامي ” اللثام عن الكثير من الخفايا والأسرار. قائلاً : البيشمركة ولأول مرة في التاريخ تسيطر على 98 % من تراب جنوبي كوردستان ، ولن تسمح هذه البيشمركة لأية قوة عسكرية سواها أن تتحكم وتُسيطر على هذه الأراضي الكوردستانية. فالبيشمركة لن ترضى بتواجد أي عسكري غير كوردي في منطقة ” شنگال” البتة .!.
وقال أيضاً: هناك من القوى الإقليمية تريد ومن خلال بعض المرتزقة في المنطقة ، فتح ” كاريدور ” أو ممرّ بين إيران والعراق وسوريا. وذلك عبر أراضينا ، وأن تكون منطقة ” شنگال ” مرتعاً لهم ولسياساتهم ومخططاتهم!. وهذا لم نسمح به ولن يجوز أبداً . فمنطقة ” شنگال ” تحرّرت بفضل دماء ” 600 ” شهيد كوردستاني ، و لن تسمح البيشمركة بوجود أية قوة أخرى غيرها في ” شنگال ” ، مشيراً وقاصداً وحدات حماية شنكال الـ ” Y.P.Ş ” وقوات الحشد الشعبي الشيعي والمدعومَين من إيران .
وركٌز السيد ” هورامي ” على خطورة المخططات المعادية لكوردستان والقوى المتحالفة ، والتي كشفنا عن مخططاتها. من نوادر نينوى، والميليشات السنية الشمرية المتحالفة مع المالكي ووحدات حماية شنگال وحزب العمال الكوردستاني . فهؤلاء كانوا يريدون وقبل أسابيع وبالاتفاق فيما بينهم ، الاستيلاء على ” شنگال “. حيث البيشمركة منشغلة بحرب تحرير الريف الكوردستاني حول الموصل، و إن ” صناديد الشمر ” التي يقودها ” دهام الهادي الحميدي ” كانت مع قوات حزب الاتحاد الديمقراطي تستعد وتُحضّر لدخول ” شنگال ” لدعم ” عبدالرحيم الشمري ” قائد ” نوادر نينوى ” ووحدات حماية شنگال التابعة للعمال الكوردستاني و التي تتلقى رواتبها من الحشد الشعبي الشيعي . لكن مخططات كل هؤلاء باءت بالفشل .
– المحور الثاني :
– ففي هذا المحور ، تكلم السيد ” هورامي ” حول الدبلوماسية الكوردستانية النشطة وبلغة سياسية واضحة ومتزنة وواضحة المعالم . وأكد حضرته قائلاً : لقد وصلتنا دعوة من الحكومة الأمريكية الجديدة. وبالرغم من أن هذه الحكومة وهذه الإدارة الجديدة منشغلة بالأمور اللوجستية والتسليم والاستلام. إلا أن اليوم يتواجد هناك وفدٌ دبلوماسي كوردستاني عالي المستوى في العاصمة الأمريكية – واشنطن وفي مكتب الرئيس ” دونالد ترامب ” بالتحديد . ويجري الوفد الكوردستاني هناك مجموعة من المشاورات والمحادثات واللقاءات مع الحكومة الأمريكية الجديدة . لاسيما إن هذه الإدارة الجديدة وإلى اليوم لم تستقبل بعد، أي رئيس دولة. أو وفد أو شخصية في العالم. باستثناء الوفد الكوردستاني الموجود هناك.
وعن استقلال ” كوردستان ” قال السيد ” هورامي ” إن استقلال كوردستان آت لا محالة له ونحن عازمون ولا تنازل عن هذا المطلب أبداً .
– المحور الثالث :
– وفي هذا المحور تطرق السيد ” هيمن هورامي ” إلى المشاكل البينية العالقة ومسألة منصب الرئيس ووضع الأطراف الكوردستانية الأخرى والمعوقات التي تقف أمام ما تطمح اليه حكومة إقليم كوردستان . ومبادرة الرئيس البارزاني وطرحه الأخير حول الرئاسة، والدور السلبي الذي لعبته الأحزاب الأخرى مثل الاتحاد و كوران و كوملة ويك كرتو في خلق المشاكل البينية ، ودفع هذه المشاكل إلى السطح لتكون عائقاً كبيراً أمام خطط الحكومية وتحرير الأراضي الكوردستانية المتبقية .
– وعن الوضع في غرب كوردستان أكد السيد ” هيمن هورامي ” دعم حكومة إقليم كوردستان الكامل للكورد في غرب كوردستان وحراكهم وحركتهم السياسية. مندداً بحرق العلم الكوردي وإهانة رموز الكورد و مقدساتهم على يد حزب العمال الكوردستاني ووكيله ” حزب الاتحاد الديمقراطي “. موضحاً أن ” وحدات حماية الشعب ” هناك في كوردستان سوريا هي بمثابة”جنود تحت الطلب”. وأن أمريكا و روسيا والنظام البعثي يستغلونهم ويستخدمونهم كبيادقٍ ودمىٰ وأدوات دون مقابل . وخلص قوله بأن مَنْ يسيء إلى شعبنا و رموزه سيُحاسب عاجلاً أم آجلاً .
وقال أيضاً بالنسبة لنا نحن في جنوب كوردستان نرى بأن شمال كوردستان وغربها، هما العمق الاستراتيجي لكوردستان العراق. ومن يرد أن ينسف ويضرب هذه العلاقة بيننا ؟ فهو واهم بكل تأكيد .