بين المثقف والمثقف وبين السياسي..!

دهام حسن 
من المعلوم أن مثقف السلطة سواء تمثلت السلطة بنظام حكم قائم، أو بحزب سياسي متنفذ، أو بدوائر ومؤسسات المجتمع المدني أو الأهلي، فإنك  تراه بارعا في تشويه الحقائق، وطمس الواقع الحقيقي، بخلاف المثقف العضوي المهموم بقضايا مجتمعه، وفي مناصرته لحقوق المرأة، ومؤازرة حقوق الأقليات القومية ، والوقوف إلى جانب النقابات في قضايا العاملين المطلبية من حقوقية وسياسية، وسائر المكونات  البشرية على تنوعها..
حقيقية إن الثقافة تغني الفرد باكتساب المعرفة، وتنمي لديه الحسّ والذوق النقديين، والمثقف في هذه الحال عليه أن يكون ثوريا أو لا يكون بتعبير مهدي عامل المفكر اللبناني الذي راح ضحيّة أفكاره التي كان يؤمن به من قيم ومبادئ ومواقف..
 إن الثقافة مهمة بالنسبة للفرد في نضاله السياسي، حيث تمدّه بالوعي والزاد المعرفي، وتنمّي لديه الإرادة الإنسانية، وتغنيه بثقافة مفعمة بروح التسامح الديني والقومي، وتقوّي عنده روح المساواة، فضلا عمّا ترفده بالسلاح المعرفي، إن جدوى الثقافة، أو فلنقل غايتها هي المعرفة بتعبير فرانسيس بيكون، حيث يحسن بنا أن نقول أن المثقف العضوي، أعني الملتحم بقضايا مجتمعه لابد أن يقرّ بحقوق القوميات، لكن عليه بالمقابل ألاّ يزاحم القوميين في مواقفهم، وعليه بالتالي (رؤية الجانبين الإيجابي والسلبي للقومية..) حتى لمسنا في بعض الحالات –والمهم أنها غير فعالة- ارتداد الإنسان الكردي لولائه العائلي العشائري. ومن المؤسف، أو من المضحك المبكي أن يحدث هذا في مؤتمر اتحاد الكتاب الكرد حيث ينبري أحدهم لينقل إلى المؤتمرين مباركة عشيرته بالاسم، وآخر في مناسبة أخرى يشيد هو الآخر بعشيرته انتماء، وتكبر المصيبة إذا علمنا أنه يقود حزبا سياسيا تأسس ليقول وداعا للحالة القبلية والعشائرية، وهنا دعنا نتحاور.. كيف تطالب بالديمقراطية وأنت كسياسي تقود حزبا كبيرا ثم تحلم بعودة أمجاد قبيلتك.؟! أي العودة بنا إلى الوراء إلى عهود الإقطاع والآغوات، ألا تعلم أن عقارب الساعة دوما إلى أمام، وهنا أعاتب أعضاء الحزب كيف تستمرؤون مثل هذا المنحى من أن يتحول قادة أحزابكم بعد نضال واستبسال إلى أمراء وآغوات..
إن المثقف الذي كان يناصر الأنظمة الاستبدادية وإن تظاهر أنه انقلب عليها عند انهيارها لحسابات خاصة شخصية على ما يرجح، سيعود حتما ليقف مع هذه الرؤية الظلامية والعودة إلى القهقرى من جديد فلا سبيل لها سوى العوم في الظلام من جديد ليعوم في قارب آخر يعود لقبطان آخر بخنوع من جديد ..
إن المطلوب من المثقف أن يكون تقدميا في رؤيته النضالية، فالماضي لن يعود، فلنتآزر لنشدان مستقبل زاهر تختفي في تلافيفها سائر الطوباويات الظلامية، وبالتالي فعلى عاتق المثقفين تقع مسؤولية تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود ونشدان جادة الصواب في مسلكه، ولم يعد للحلم في عودة الماضي من جدوى، فالماضي لن يعود كما قلنا، وعلينا بالتالي أن نحلم ونسعى في بناء مستقبل زاه يختفي في تلافيفه كل هذه الأضغاث..!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…