الحوار والقرار

د.زارا صالح
بديهي ان يكون الحوار السبيل الانجع للوصول إلى اتفاق او حلول مشتركة فيما يخص القضايا المصيرية و التي تعتبر فوق المصالح الحزبية وتتجاوز ها وهذا بطبيعة الحال يفرض لغة وخطابا مرنا يمهد الطريق السلمي والامن لتكون بداية لاشارات انجاحها وهذا متعارف عليه في عرف المصالحة ونية الجدية لدى الطرفين. 
كما هو الحال فان مقدمات الجلوس على الطاولة الواحدة بحاجة لخطاب تمهيدي ثم بوادر حسن نية عملية لإعادة الثقة خاصة اذا كان احد الاطراف يمتلك سلطة ويقوم بممارسات كانت سبباً من اسباب الخلاف ( مثل اطلاق سراح المعتقلين يكون متعارفا في احيان عدة او الغاء قوانين تمس الحياة السياسية وفئات اخرى) ، والتركيز على كل ماهو مشترك ويجمع الطرفين. في الحالة الكردية في كردستان سوريا الموضوع واضح ولايحتاج لتاويلات كثيرة لان الاغلبية المطلقة من الكرد لديهم طموح واحد في حقوق قومية قد تكون الفيدرالية احداها والاستقلال خيارا اخرا حسب تطورات الأزمة في سوريا والمنطقة.
المسؤولية تكمن لدى الجهات السياسية في فهم لغة المصالح واستراتيجية التغيير القادمة ومحاولة البحث عن موقع قدم في سياقها كي تتقاطع مع لغة الكبار، لان القضية الكردية في سوريا هي قضية شعب ومعاناة ذو ابعاد كردستانية و اقليمية ودولية و احدى اجندات دول القرار في اعادة الرسم وايجاد نوع من الاستقرار في المنطقة ورغم صعوبة المعضلة في بعدها الاقليمي وكذلك امكانية جمع كل التناقضات الا ان المهمة و المسؤولية تقع اولا على اصحاب القضية في هذا الجزء وحتى قبل الاشقاء في الجوار لاسيما وان التحولات والتغيير في التفاهمات والمحاور ليس في صالحنا تشرذما ورغم كل ذلك والتهديدات التي تواجه مصير الكرد هنا وجوداً وجغرافية و ديمغرافية لم يرتقي الخطاب والدعوة لإعلان النفير للتحضير لها ومواجهة التحديات القادمة ومحاولة فهم المعادلة الدولية ولغتها للوصول إلى الطموح الكردي. مازلنا في المربع الأول والوقت يمر بسرعة و قد يحمل معه مفاجأة غير سارة. 
الكل مطالب بتحمل مسؤولياته،  يبدأ من الحد من الخطاب التصعيدي مع خطوات عملية ومباشرة في قضية المعتقلين وقضايا اخرى تسهل وتسرع وتيرة الوصول لتوافق حقيقي. 
هنا لابد من الإشارة ومن خلال التجربة الكردية في بعدها السيكولوجي الى الحاجة والضرورة لنجاح فعلي هو أن يكون برعاية جهة او اكثر من طرف دولي ضامن للإشراف على ديمومتها ونجاحها ولن يكون ذلك صعباً اذا توافرت النيات والإرادة الجدية من اجل مصلحة كورد سوريا اولا واخيراً. 
لم يعد الانتظار مجديا في لحظة الاستحقاق والخطر ولن تكون هناك انصاف حلول بعد أن عانى الكرد من تبعات معاهدات في بداية القرن الماضي من سايكس-بيكو و ما تلاها لتكون الفرصة التاريخية والتي ننتظرها جميعاً اليوم والمنطقة بكل تأكيد مقبلة على تحولات مفصلية وسيكون للكورد حصة استعادة الحق المسلوب وامكانية اقامة دولته المستقلة، وعدا ذلك فقد نحتاج قرونا اخرى وقد لا تتكرر الفرصة ثانية وفي الحالة الثانية سيتوجب علينا دخول ارشيف الديناصورات او بقايا المستحاثات في علوم البيولوجيا وتاريخ الانسان.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري   يا سوريا، يا رعشة التاريخ حين يختلج على شَفَة المصير، ويا لُغزَ الهوية حين تُذبح على مذبح الشرعية، ما بين سراديب القهر وأعمدة الطموح المتداعية. أنتي ليستِ وطناً فقط، بل أسطورةٌ تمشي على أطرافِ الجراح، تهمس للحاضر بلغةٍ من دمٍ، وتُنادي المستقبل بنداءٍ مختنقٍ بين الركام. أيُّ قدرٍ هذا الذي يجعل من أرض العقيق محرابًا للدم، ومن…

نتابع، في الشبكة الكردية لحقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، بقلق بالغ تصاعد حالات اختطاف الأطفال القُصَّر، خاصة الفتيات، من قبل ما تُسمى بـ”منظمة جوانين شورشكر” أو “الشبيبة الثورية”. حيث يُنتزع هؤلاء الأطفال من أحضان عائلاتهم ويُخفَون في أماكن مجهولة، دون تقديم أية معلومات لأسرهم عن مصيرهم. لقد حصلنا على قوائم بأسماء عدد من القاصرين والقاصرات الذين تم اختطافهم…

إبراهيم اليوسف   مرت مئة يوم منذ سقوط النظام، وشهدت البلاد تحولًا سريعًا- يشبه ما يحدث في الخيال العلمي- وكأنها عاشتها على مدى قرن بل قرون. هذه الفترة القصيرة كانت مليئة بالأحداث الجسيمة التي بدت وكأنها تحولات تاريخية، رغم قصر الوقت. ومع كل هذه التغيرات، تبقى الحقيقة المرة أن السوريين يواجهون تحديات أكبر من أي وقت مضى. بدأت المرحلة الجديدة…

نظام مير محمدي*   في خطبته التي ألقاها الولي الفقيه علي خامنئي بمناسبة عيد الفطر قال وهو يشير الى التهديدات المحدقة بالنظام الإيراني: “يهددوننا بالشر. لسنا على يقين بأن الشر سيأتي من الخارج، ولكن إن حصل، فسيتلقون ضربة قاسية. وإذا سعوا لإشعال الفتنة في الداخل، فإن الشعب الإيراني سيتولى الرد”، وفي کلامه هذا الکثير من الضبابية وعدم الوضوح لأن…