دهام حسن
الديمقراطية من أهم المسائل في الحقول السياسية، هي تجسيد لمفاهيم وقيم إنسانية من حرية وعدالة ومساواة، هي من أهم القضايا في الحكم وإدارة السلطة، سواء تمثلت السلطة بدولة أو بحزب ما، هي نفي لمقولة القديس أغسطين من أن (السلطة القائمة معطاة من الله، فمن يعصاها إنما يعصى الله ويجلب على نفسه اللعنة)..
الديمقراطية تجربة إنسانية، وليست هبة من أحد، هي صيغة من صيغ الحكم، هي المساواة في الحقوق والواجبات، هي ليست سلطة أبدية تمنح من كائن متخيل، هي سلطة تمنح من الشعب، من الناس من العباد، وبعضنا قد مرّ معه قول الخليفة الراشدي عثمان بن عفان عندما اشتدت الدعوة لعزله عن الخلافة حيث التأبت عليه الأمصار، لكنه ردّ عليهم بقوله: (لن أخلع قميصا ألبسنيه الله)..
تزايد الاهتمام بالديمقراطية بعد تضافر أسباب عديدة في مقدمتها التحولات الكبيرة التي شهدتها الساحة العالمية في ميادين السياسة والاقتصاد والثقافة بالترافق مع التقدم العلمي، مع وعي جماهيري واسع، التغيير والتجديد اللذان مسّا بنية الأنظمة الشمولية، تشير إحصائية أنه في غضون عشرين عاما، مابين عام 1974-1994 تحولت ستون دولة من أنظمة شمولية إلى أنظمة ديمقراطية،، كما غدا مستهجنا نظام حكم الحزب الواحد، نظام أو ديمقراطية الحزب الواحد، فالديمقراطية لمن يفكر بشكل مختلف بتعبير روزا لكسمبورغ.. وأيضا لابد الانفكاك عن الارتهان بالمطلق، فلا ديمقراطية بالتالي بدون علمانية.
إن الديمقراطية بكلمات قليلة تتمثّل باحترام حقوق الإنسان الأساسية والمساواة التامة في المواطنة والاعتراف بالتنوع، والعلمنة، من ركائز الديمقراطية أيضا الصفة التمثيلية للقوى المتنافسة على السلطة، حيث تتاح لها فرص تداول السلطة لدى حصولها على الأغلبية.. المحكومون وحدهم يعرفون قيمة الديمقراطية ويقدرونها، لأنهم وحدهم يعانون ويشكون، يقول أحد الأثينيين (الإسكافي يصنع الحذاء، لكن منتعله وحده يعرف أين يضايقه.!)
وأخيرا يجدر بنا أن نختم تعريف الديمقراطية بعبارة بسيطة قالها أبراهام لنكولن رئيس أمريكي أسبق:(إنني لم أكن أرغب في أن أكون عبدا، كما لا أرغب أن أكون سيدا، هذا هو مفهومي للديمقراطية…)