لقد عشنا – نحن – عبر تاريخ العراق الحديث في حالة إنكار , و ما أقصده من كلمة – نحن – هو الشعب الكوردي الذي يشكل ربع الوطن العراقي, العرب و القوميات الأخرى تشكل ما تبقى و هي ما كان أصدقائنا في العالم يأملون أن نكوّن معاً وطناً تعددياً فعالاً في يوم ما .
دولة العراق التي بنيت على أنقاض الامبراطورية العثمانية هي فكرة فاشلة, فقد أجبرت شعوباً غير منسجمة للمشاركة في مستقبل مجهول . لقد ان الأوان أن نعترف أن التجربة قد فشلت . العراق دولة فاشلة و بقائنا فيها يعني البقاء في صراع و عداوة الى ما لا نهاية .
تحيط بنا الاضطرابات , ففي صيف 2014 , سيطر الدولة الاسلامية الارهابية داعش على ثلث أراضي الدولة إضافة الى جزء كبير من حدودها مع سوريا لأن المؤسسة التي يفترض الوثوق بها على الأرض – الجيش – قد فشل في الدفاع عنها . بعد إحدى عشر عاماً على انتهاء عهد الطاغية صدام حسين , انكشف الوجه الحقيقي للعراق : الدولة التي لا تستطيع حماية شعبها أو تحديد مصالحها .
لقد فشل الإلحاق القسري , لذا فإن اقليم كوردستان سيجري استفتاءً لتأسيس دولة مستقلة , بعد أن نعلن الانفصال عن بغداد و نؤمّن المنطقة التي نسيطر عليها كموطن للشعب الكوردي . هذه الخطوة لن تمنح الأمل للكورد فحسب , بل ستجلب الاستقرار لمنطقة منقسمة . فقد أثبتنا , منذ سقوط صدام حسين , أننا حلفاء صادقين للعديد من جيراننا , أننا نشكل القوة الرئيسية في الحرب على الارهاب , نستضيف جيوش العشرات من الدول , كما و قدمنا تضحيات جسام لتحرير المناطق العربية من ذلك الجبروت الذي يهددنا جميعاً . نقف على أبواب الموصل , نأمل في لعب دور جوهري لإخراج الدولة الاسلامية من ثاني أكبر مدينة عراقية . لقد فتحنا أبواب الاقليم لمئات الاف اللاجئين , خلال العامين المنصرمين , و كذلك خلال أيام الحرب الطائفية المقيتة التي ضربت الوسط و الجنوب . يعتبر اقليم كوردستان الان ملجئً للطائفة المسيحية الكبيرة و المزدهرة بعد فرارهم من الموصل و بغداد لأن الحكومة لم تستطع توفير مأوى لهم .
باختصار فقد أثبتنا ثقلنا , لقد حاولنا أن نكون عموميين , كما اتسم موقفنا بالصبر , لكن الحكومة أصرت بشكل متتابع على عدم تنفيذ الاتفاقيات الاقتصادية التي ضمنت حقنا و ضربتها عرض الحائط . وفقاً للاتفاقيات المتكررة فقد التزمنا بواجباتنا تجاه العراق الذي نشكل جزء منه , لكننا لم نحصل على حقوقنا . كل من استلم السلطة في بغداد , أخلف وعوده و أنكر التزاماته رغم أن معظمها كانت دستورية . حتى لو ظهر قائداً ذو نوايا حسنة تجاهنا , فانه لم ينجح بالتغلب على ( السيستم ) الذي يعرقل تحقيق حقوقنا . إننا مرؤوسين , و لسنا مواطنين . ببساطة لم يعد هناك ثقة بيننا و بين الحكومة المركزية فالعلاقة غير قابلة للإصلاح . لقد جربنا كل الاحتمالات مع بغداد و فشلنا و لم يبقى إلا خياراً واحداً و هو الانفصال . نريد أن نمضي قدماً نحو استفتاء على الاستقلال , لكن علينا أولاً العمل مع بغداد لإيجاد طريق للانفصال يضمن مصالح كلينا الحيوية . لقد كسبنا دعماً من غالبية الأطراف الكوردية , و سنجري محادثات مع كل من تركيا و ايران لشرح وجهة نظرنا في أن هكذا خطوة لن تسبب اضطرابات على حدودهما . نعتقد و بقوة أن هذه الجهود ستعيد الاستقرار للمنطقة لمصلحة أصدقائنا كما لنا . لقد فعلنا كل ما بوسعنا ما قد عرّضنا للمخاطر . انّ عراق خال مما تصفه بغداد بـ ( المشكلة الكوردية ) , سيحرر كلينا من التوافقات التي نستاء منها على السواء كما و يضمن مصالحنا الاقتصادية .
اضافة الى ذلك فان كوردستان مستقلة – مع حصولنا على الاسلحة التي نحتاج لحماية انفسنا – سيحقق مصالح حلفائنا و شعوب المنطقة . أن علاقتنا مع بغداد قد ورّطنا في هذا القتال , لا نحصل على الأسلحة التي نحتاج لأنها يجب أن تصلنا عبر الحكومة المركزية . إنّ استقلالنا سيسمح لنا بعقد اتفاقيات طويلة الأمد في السوق الدولية لتصدير النفط و الغاز بأسعار تنافسية للتغلب على مصاعبنا الاقتصادية .
من الغباء البقاء ضمن دولة أثبتت فشلها بشكل متكرر و بوضوح و قد حان وقت الاعتراف بذلك . إنّ شعب الاقليم بتضحياته قد وضع أساس دولة مزدهرة ناجحة . لقد كسبنا حقنا في إدارة انفسنا بأنفسنا , و اثبتنا ذلك . حتى بدون كيان مستقل , فإننا نعتبر عنصراً متوازناً في المجتمع الدولي في الوقت الذي يعاني حلفائنا في المنطقة من الاضطرابات . إننا نستعد بثبات و سرعة للانضمام الى مجموعة الأمم .
نشر المقال في صحيفة ( Washington Post ) عدد 5 أيار 2016 باللغة الانكليزية
ترجمه من الانكليزية لقمان شرف