صلاح بدرالدين
طبعا لم يصدق سورييوا الثورة ولو للحظة أن معارضي كل من ( المجلس الوطني والائتلاف ) على أساس – أنهم أحسن الموجودين – يمثلونهم أو يعبرون عن طموحاتهم أو مؤتمنون على تحقيق أهدافهم الرئيسية في اسقاط نظام الاستبداد واجراء التغيير الديموقراطي وبناء سوريا الجديدة المنشودة لأنهم ببساطة بكل أحزابهم التقليدية وتياراتهم ( القومية والاسلامية واليسارية ) وشخوصهم لم يخرجوا من صفوف الانتفاضة الثورية المندلعة منذ آذار 2011 والتي اكتملت شروط انتقالها الى مرحلة الثورة الوطنية بعد تفاعل واندماج الحراك الثوري الشبابي الوطني العام مع أولى موجات الجيش الحر .
لقد وفدوا بعد مضي أشهر عديدة ولم يكونوامهيئين لمواجهة النظام وفاجأتهم الانتفاضة على حين غرة فلابرامج للتغيير ولاتحضيرات فقط – الاخوان المسلمون – رأوا فيها فرصة ذهبية لاستثمارها في سبيل تحقيق أهدافها المبيتة خاصة بعد ميلان الكفة لصالح – اخوان مصر وتونس – وبعد قرار قطر بالدعم المالي لعملية – أخونة ثورات الربيع – وقبول تركيا للرعاية جغرافيا والاحتضان وتقديم التسهيلات وقد تسللوا الى صفوف الانتفاضة ليس لأن لهم تنظيمات سرية فاعلة في الداخل السوري أو أن الحراك الثوري الشبابي يتبع لهم أو أن الضباط الأحرار الملتحقين بصفوف الشعب كانوا من خطوطهم المائلة ليس بسبب كل ذلك بل فقط كوسطاء يتم من خلالهم التمويل وقواعد الانطلاق والتموين والتسليح .
كلنا نتذكر معاناة ضباط وأفراد الجيش الحر وماتعرضوا له من حصار مالي وتسليحي لأنهم فقط رفضوا الانتساب الى حركة الاخوان المسلمين كما نتذكر كيف حوربت تنسيقيات الشباب وحوصر الناشطون الذين كانوا يقودون فعليا التظاهرات الاحتجاجية في مختلف المناطق السورية لأنهم ببساطة كانوا مستقلين أحرار غير منتسبين للأحزاب وغير خاضعين لآيديولوجياتها فبدأوا بتفريق صفوفهم وشراء الضمائر الضعيفة خلسة وتأليبهم على البعض الآخر كما كلفوا أشخاصا لاعلان أسماء تنسيقيات جديدة لاقواعد لها كما نشروا في الاعلام أسماء منظمات وهمية ( تحت يافطات ثورية ووطنية ) وبذلك فككوا الجسم الأساسي لقاعدة الانتفاضة الثورية بل شوهوا سمعة البعض الآخر وأصبح هؤلاء المناضلين الناشطين بين نارين : السلطة من جهة والمعارضة من الجهة الأخرى .
كل ذلك كان يحصل تحت ظل ادعاء ( التمثيل الشرعي الوحيد ) للشعب والثورة من دون الحصول على تخويلهما عبر مؤتمرات وطنية مثلا أو حتى جزء من تشكيلات الثورة والحراك الوطني العام وقد كانت النتائج كارثية : تراجع الوطنيين والديموقراطيين والعلمانيين وانحسار نفوذ الجيش الحر وانقسام تشكيلاته العسكرية وتفتتها لمصلحة صعود المنظمات الاسلامية المسلحة وكان ومازال جزءا أساسيا منها يتبع مباشرة أو بصورة ملتوية الى حركة الاخوان المسلمين التي حققت القسم الأكبر من اهدافها بسرقة الثورة وتغيير جوهرها الحقيقي وحرفها عن النهج الوطني الديموقراطي ومساعدة النظام في تحقيق خطته التي عمل من أجلها وهي اظهار الثورة للرأي العام كحركة اسلامية مسلحة ارهابية مقسمة للصفوف في مجتمع متعدد الأقوام والأديان والمذاهب .
كرديا وعلى نفس المنوال اجتمعت الأحزاب الكردية السورية بالقامشلي بعد ثمانية أشهر على الانتفاضة بدعم واشراف رئيس العراق آنذاك الذي نسق مع الأسد وتمخض عنها( المجلس الوطني الكردي ) وكان قرار مؤتمره التأسيسي الوقوف على الحياد مسميا نفسه أيضا ( بالممثل الشرعي الوحيد للشعب الكردي ) ومتجاهلا تنسيقيات الشباب الكرد وحركاتهم الواسعة التي قادت الانتفاضة السلمية في المناطق الكردية بل بدأ بمحاربتهم الى درجة أن نسق بعضهم مع السلطات ثم انتقل – المجلس الكردي – تماما مثل نظيره السوري الى اختلاق تنسيقيات وشراء البعض وجماعات مستقلة بأسماء شتى حتى يثبت ولو نظريا أنه ( الممثل الشرعي الوحيد ) .
المجلس السوري ثم الائتلاف ومن بعدهما مؤتمروا الرياض وتحت ظل ( تمثيلهم الشرعي الوحيد ) لم يخفقوا في تحقيق ولو بند صغير من اهداف الثورة فحسب بل أجهضوها وفي هذه الأيام على وشك انهائها وكانوا ومازالوا شهود زور على قتل السوريين وتدمير بلادهم ومحو مدنهم ومعالم تاريخهم وهم من ضربوا أهداف الثورة عرض الحائط قبل الآخرين وشرعنوا النظام وتحاوروا معه وزاروا موسكو أفواجا كمباركة غير مباشرة لتدخل الروس وعدوانهم وكذبوا على شعبنا ثم قالوا : الأمريكان ضحكوا علينا .
في عهد ( تمثيلهم الشرعي الميمون ) راحت مناطق الثورة وعادت الى حضن النظام من القصير الى القلمون الى الغوطة الى حوران ومن حمص الى حماة الى حلب وصولا الى الحدود التركية والبحر المتوسط أما في زمن ( تمثيل المجلس الكردي الشرعي الوحيد ) فبعد حربه غير المقدسة على تنسيقيات الشباب والمستقلين قام بتسليم كل المناطق والمدن والبلدات من ديريك الى راجو لحزب ( ب ي د ) الذي عزز عليها سلطته الأمر واقعية بدعم واسناد من سلطة نظام الأسد أما مابقي من ( المجلس ) فمحظور وممنوع التواجد ومعظم قياداته لاجئون في اقليم كردستان العراق .
أليس من حق الشعب محاكمة ( ممثليه ) ؟ اما على حجم الأذية والضرر بدون حساب ان كانوا شرعيين أو على جرم التزوير وتقمص حالة غير موجودة حيث يحاكم عليه القانون .