آراء حول رؤية هيئة التفاوض للمعارضة السورية «الاطار التنفيذي» بخصوص حقوق الشعب الكردي في سوريا.. (القسم الثالث)

القسم الثالث يتضمن مشاركات:
– ابراهيم اليوسف: كاتب وشاعر ورئيس منظمة حقوق الإنسان في سوريا-ماف
– عبدالباقي حسيني: رئيس المكتب التنفيذي للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد
– توفيق عبدالمجيد: كاتب وسياسي كردي، نائب رئيس تحرير صحيفة “بينوسا نو”
– أكرم حسين: كاتب ومحلل سياسي
– عبدو خليل: كاتب وروائي

 ابراهيم اليوسف: قرار “هيئة المفاوضات” هو قرار بعض القوى الإقليمية -الفاعلة- لاسيما -تركيا-
لم أتفاجأ البتة، بتجاهل ورقة -الإطار التنفيذي- التي أعدتها ما تسمى ب”هيئة التفاوض” لتقدمها للسيد دي مستورا وذلك انطلاقاً من اعتبارات ذاتية وموضوعية، في آن واحد. الذاتية منها تعود إلى- هشاشة-  بنية المجلس الوطني الكردي- ليس بسبب ما آل إليه. بل  بدا ذلك منذ انطلاقته، وتخبطاته لأن جملة متناقضات ساورت لحظة تشكيله. واعتمد على العقل الحزبي المحض. هذا العقل الذي لاينكر أحد نضالاته عبر عقود في أداء رسالته، ضمن ما هو متاح، وهو يسجل له. إلا أنه -في المقابل- احتكر هذا التاريخ كي يكون إلغائياً بحق من لا ينضوي ضمن- الحظيرة الحزبية- ولو عبر تشكيل حزب بأقل من” لاعبي فريق كرة قدم” في الوقت الذي بات كثيرون يبحثون عن موطئ عضوية لهم في حزب ما لداع ذاتي غير نضالي، على الأغلب..!.
وكان طبيعياً أن هذا الجسد غير المتجانس حول رؤية واحدة أن ينشطر -تدريجياً- في أكثر من محطة” امتحانية. ولا أدافع هنا عن الأخطاء التي كانت وراء ابتعاد بعض الأحزاب عن جسد المجلس ولا أطوب لأخطاء بعضهم في المجلس التي أدت إلى نفور هؤلاء لاسيما أمام عقل عشائري يقول:min  peyva xwe da û ez jê  (“vena”gerim)
هذا بالنسبة إلى المجلس- و مازلت أرى أن أكثر من انشطروا عنه ليس لدواع انتهازية كما هو شأن من التحقوا ب” تف دم” وحقيقة هم ممن انضموا إلى” ب ي د” أجل. ما زلت أرى أن المجلس وأكثر من تركوه أنهم من يمثلون الخط الكردي الصحيح. وكانوا ولايزالون-الأكثر- حرصاً على الكرد، ولا مستقبل إلا لهم، ما داموا قد أكدوا ابتعادهم عن عقلية المغامرة بدم الكرد . اما بالنسبة إلى “الاتحاد الديمقراطي” فقد أحدث قطيعة بينه وشعبنا، هيهات له أن يردم الهوة المتشكلة، لأنه كبده ضريبة كبرى، وسيظل شعبنا يدفع فاتوراته المترتبة التي بدأت مع “منبعه” منذ ثمانينيات القرن الماضي، وبلغت أوجها مع بدء الثورة السورية .
لا شك أن “تنمر” أو” استذئاب” ب ي د- وأتحدث هنا عن رؤوسه- الاستذئاب  الذي تم وبدأه بحفلات دم  ترويعية معلنة، بل وتهديدات لبعض الكتاب والناشطين جاء نتيجة عدم أداء المجلس لدوره. إذ تبين- على حين غرة- أن معظم -قياداته- وأكاد أقول أكثر من ذلك- قياداته التي قدمت نفسها فعلت ذلك من أجل مواقعها في حالة ما بعد الثورة التي لم تقدم أوراقها- النضالية الثبوتية- فيها وإن دافعنا عنهم- أحياناً- لأن رفاق بعضهم كانوا من ضمن الحراك، أو لأن بعضهم انضم لتظاهراتها “رصيفياً” أو” حماسياً”  . وهذا ما أدى إلى سرقة كل شيء منهم من قبل طرف لاحق له في لعب الدور الذي يؤديه.
وقد تبين أن الحراك الثوري-في جزء منه- لم يكن جاداً. وإنما  كان “استعراضياً” وفي هذا ما فاقم  في”انهيار” المشهد الكردي. إذ سرعان ما تم”تذويبه” و”تبديده” إن ضمن -المجلس- عبر بعض -الإغراءات- أو -في المجلس الوطني السوري- إذ تم شراء ذمم “بعضهم” وقام ب ي د بتشويه من تبقى، واستهدافه، وتهجيره عبر استخدام -العنف- مقابل” استخدام- اللين- من قبل” المجلسين”..!.
أمام هذا التفكيك للوحة، فإن المعارضة السورية- التي استقوت على الكردي وانقلبت عليه بسلوك  مقامر بل مافيوي رخيص- وهي في خمسة وتسعين بالمئة من قياداتها لا تختلف عن النظام، أو مع النظام، إلا على “كرسيه”. إذ إن نظرتها تجاه الآخر، لم تنبن على أي حس وطني، أو ثوري، أو “تشاركي” وإنما تتصرف بعقلية – اللص- أو -رجل السلطة ربيب البعث-ماعدا هاتيك الاستثناءات، تنسيقاً كان أم ائتلافاً، أم ما بينهما من “فراطات” لا فرق. لذلك فإن هذه المعارضة التي تقرأ عن كثب هجرة الكردي من دياره، وتغير ديموغرافيا منطقته وحالة تمزق قواه السياسية، وتبعثرها، وتناحرها فإنها لا يمكن لها -في أعماقها- أن تنظر إلى الكردي بإنصاف..
انسحاب الكردي من الائتلاف، أو انسحابه -السابق- من هيئة التنسيق لا يقدم ولا يؤخر البتة لأنه لم يتحرك في لحظة الثورة الأولى كي يكون هو ومكانه مهاد- المعارضة في تكونها الجديد- وعمودها الفقري. إن يتكاتف الكرد حول بعضهم بعضاً -وهنا أقصد العامة- لا تلك القيادات التي يجب أن تقدم مستقبلاً للمحاكمات لأنها فرطت بشعبنا: وجوداً، ودماً، وقضية. بهذا الشكل أو ذلك، لأن العامة بدوا مغررين بهم، لاحول لهم و لا قوة أمام ماي جري. باستثناء قلة منتفعة- هي في الأصل ليست من بين هؤلاء.
الحل الآن، في أن يعلن الاتحاد الديمقراطي-لأنه فشل في مهمة قيادة شعبنا- حل نفسه ووضع كل شيء تحت تصرف حالة كردية جديدة يكون لها ثقلها. حالة باسم شامل جديد، مبنية على أسس غير أيديولوجية ولا علاقة لها بكل من قدمونا إلى -النطع- تحت اسم حمايتنا. هذا إن أردنا أن يكون لنا ثقلنا على المدى القريب. وإن كنت أرى -في الحقيقة- أن قرار “هيئة المفاوضات” هو قرار بعض القوى الإقليمية -الفاعلة- لاسيما -تركيا- التي لها دورها الكبير في تقهقر الثورة، وتضعضعها. ومن ثم انحرافها، وتعويمها، وتشويهها. بالإضافة إلى -إيران- والبيادق التابعة لها: هنا وهناك. من دون أن ننسى الدور الروسي -القذر- مقابل التواطؤ الأمريكي -هذا بالنسبة إلى الثورة السورية عامة- وإن كانت روسيا تنفذ ما تتوخاه أمريكا على أرض الواقع..!.

 عبدالباقي حسيني: يهمش الكورد لعدم وجود مشروعهم القومي الموحد
صحيح ان هيئة التفاوض اعلنت في (22) صفحة و ثيقة تحت اسم “الإطار التنفيذي” تبين فيها رؤيتها للحل في سورية، لكن هذه الوثيقة ليست منزلة، فهي قابلة للنقاش ويمكن التعديل فيها لاحقا،. وبالتالي هي “وجهة نظر” يمكن القبول بها أو رفضها. مع الأسف الوثيقة كتبت بلغة إنشائية فيها الكثير من العبارات و التعابير المستخدمة في عهد البعث، فهي لا تختلف كثيراً عن وجهة نظر النظام حيال القضايا الوطنية الكبرى.
بالنسبة للقضية الكردية في هذه الوثيقة، شخصياً لا اعتبرها تهميشا كبيراً للكورد بل خطوة نوعية من جانب المعارضة السورية، هذه المعارضة التي كانت تنكر على الدوام وجود قضية للكورد في سورية، و تتهرب من الحديث في هذا المجال، نرها الآن تدرج فقرة خاصة بهم (الفقرة السادسة) من المبادئ العامة والتي تنص على؛ ” اعتبار القضية الكردية قضية وطنية سورية، والعمل على ضمان حقوقهم القومية واللغوية والثقافية دستورياً”. هذه الفقرة، تعكس تقدما في فكر المعارضة السورية.
هذه الوثيقة تبلور رؤية الهيئة و ردة فعلهم على الحالة التي وصل إليه “الوطن” و خوفهم من التقسيم و التشتت العرقي و الديني، و بالتالي هم مقننون في منح حقوق الأقليات أو المكونات، لكي لا يتعرضوا لاحقا إلى انتقادات القوميين العرب العنصريين، بمعنى، هناك نوع من المزاودة على النظام فيما يخص “عروبة البلد”.
الوثيقة تحمل في عمومها إشارات واضحة لحقوق المواطنة والتأسيس لعقد إجتماعي جديد على مبدأ مشاركة كافة مكونات الشعب السوري، و كذلك هناك إشارة إلى قضية إعادة الجنسية للذين جردوا منها بموجب أحصاء 1962 بمحافظة الحسكة.
مازالت المعارضة (بما فيها هيئة التفاوض) تنظر إلى الكورد في سورية على انهم تلك “المجموعة” التي كان سقفها قبل 2011 لا تتعدى الاعتراف و تأمين الحقوق الثقافية واللغوية، دون ان ترى التطورات التي أحدثت خلال خمس سنوات على الساحة السورية. من ناحية أخرى غياب المشروع القومي الكردي الموحد و الهوة الشاسعة بين المجلس الوطني و مجموعة (ب ي د) يجعل من سقف مطاليب الكورد محددا.
الخيارات المطروحة أمام المجلس الوطني الكردي، بقناعتي هي؛ ان يستمر المجلس في عمله ضمن إطار الائتلاف و كذلك في هيئة التفاوض، كونه ممثل الشعب الكردي، و لكي يكون في صورة المجريات على الصعيد الوطني و القومي، وان يناضل أكثر و يكثف تواصله مع المبعوث الأممي (دي مستورا) والاتحاد الاوربي وامريكا و روسيا، وان يكون مشروعه القومي جاهزا على الدوام بجانب مشروعه الوطني. ان ترك المجلس للائتلاف و الهيئة التفاوضية سيعرضه لخسارة كبيرة على الصعيد السياسي، كون الأخ الكردي حتى الساعة لا يمد يده، ليشكلوا معا قوة لا تستهان بها و يرفعوا سقف المطاليب الكوردية إلى حدود طموحات الشعب.

 توفيق عبد المجيد: كان على المجلس الوطني الكردي أن يبدي موقفاً أكثر صلابة.. والاستمرار مع الهيئة العليا والائتلاف لازال ضرورياً 
أعتقد أن محاولات الالتفاف على البرنامج الذي اعتمده المجلس الكردي ، وبموجبه وانطلاقاً منه كان التحاور يتم مع الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية اعتمادا على تلك الوثيقة التي وقعها المجلس الوطني الكردي مع الائتلاف الوطني السوري وظهرت مقدمات هذا التنصل والتراجع عن الوثائق الموقعة واضحاً في مؤتمر الرياض بتمثيل الكرد بعضو واحد فقط في الهيئة العليا للمفاوضات ، كما تبلور الالتفاف على الوثيقة الموقعة مع الائتلاف في مشروع الإطار التنفيذي الأخير حيث استغل الإقصائيون والعنصريون حجم الحضور لتكون لهم الغلبة في تمرير مشروعهم في الإطار التنفيذي ، دون العودة إلى الوثيقة الموقعة مع الإئتلاف ، هنا كان على المجلس الوطني الكردي أن يبدي موقفاً أكثر صلابة ، سيما وأن المرحلة انعطافية حاسمة ، ويجب أن تقر الهيئة العليا للمفاوضات بحق الشعب الكردي استناداً إلى برنامج المجلس الكردي والوثائق الموقعة مع الائتلاف ، وتثبتها في مشروع الإطار التنفيذي لكن المجلس الكردي ارتأى الاستمرارية في الهيئة العليا للمفاوضات وقبل بمحاور واحد ولو على مضض ، بحجة أن الهيئة العليا للتفاوض تضم شرائح وفصائل كثيرة وتيارات سياسية مختلفة إلى درجة التعارض عدا الائتلاف الذي هو الآخر يجمع شخصيات مختلفة الرؤى حول الكرد ، ولذلك أرى أن الانسحاب قد تأخر وصار من الماضي ، وربما لن يكون له تأثير فعال على الائتلاف والهيئة العليا للتفاوض ، والاستمرار مع الهيئة العليا والائتلاف لازال ضرورياً ، ويجب ألا ننسى أن توزع الكرد على هيئة التنسيق والائتلاف  خلق انقساماً في الموقف الكردي بل ضعفاً فيه لأن المجلس الكردي بفقدانه للتواجد المسلح على الأرض ، وامتلاك الطرف الكردي الآخر المسلح هذه الخاصية مع غموض في موقفه وشكوك في ارتباطاته جعلت الآخرين يصنفونه في خانة النظام ، كان لذلك ارتدادات عكسية وسلبية على حقيقة المطالب الكردية ، ولذلك ، ولكي يكون موقف الكرد أقوى وأكثر فاعلية وفعالية في المحفلين السياسي الدبلوماسي والعسكري المسلح ، لا بديل عن توحيد الإطارين الكرديين الأنكسي والـ  ب ي د ولو مرحليا ، وأن الوثائق التي صدرت وخاصة الأخيرة ليست مقدسة ولا ثابتة يمنع التعرض لها ومناقشتها ، بل كل شيء قابل للنقاش والتعديل والتطوير نحو الأفضل ، والشعب الكردي بوحدة الصف والموقف والجهود المضنية التي لن يبخل بها كفيل بإحقاق حقوقه المشروعة .

 اكرم حسين: لا النظام اعطى الكرد شيئا ولا المعارضة ، والبديل الحقيقي يكمن في الاتفاق الكردي – الكردي
بعد ان وقع الفأس بالرأس ، لم يعد الحديث والندب مجديا ، المجلس الوطني الكردي امام استحقاق تاريخي و تحد حقيقي،  لأنه لا يمثل مكوناته فقط ، بل يمثل كل الكرد السوريين ووجوده في الائتلاف ومؤتمر الرياض وهيئة العليا للتفاوض على هذا الاساس ، لان الاتفاقية الموقعة بينه وبين الائتلاف ، تجعل التمثيل الكردي حصريا بالمجلس،  على المجلس ان يعيد تظهير الوثيقة الموقعة بينه وبين الائتلاف وتطبيق مضمونها ، وادراجها في رؤية الاطار التنفيذي عبر الضغط الداخلي والاقليمي والدولي ، والقيام بما يمكن من ضغط عبر التظاهرات او الاعلام او الدبلوماسية ، لان اليوم يشبه كثيرا اجواء لوزان -احذر من لوزان 2- واطالب المجلس الوطني الكردي بموقف واضح وصريح من الرؤية ، لان البيان لم يلبي المطلوب ، ولم ينسف الرؤية ، فالتفريط بالجزء الكردستاني الملحق بسوريا اليوم ، خيانة ما بعدها خيانة ، بعد كل هذا النضال والدماء الكردية التي اريقت ، وسقوط قادة كبار بقامة الثائر الشهيد  مشعل التمو ، على المجلس الضغط و بالتنسيق مع ممثلي الأقليات الأخرى التي هي بدورها رفضت الرؤية ، مثل المنظمة الاثورية والمكون التركماني ، واصدار مذكرات احتجاج الى الدول المعنية والامم المتحدة ، والقيام بنضالات جماهيرية ، وفي حال الوصول الى طريق واستنفاذ الخيارات يجب  عدم استبعاد خيار تعليق او تجميد العضوية في الهيئة العليا للتفاوض وحتى الائتلاف ، ونسف كل ما يصدر عنهما من اتفاقيات وذلك عندما يرفض  الائتلاف الالتزام بالوثيقة والوقوف الى جانب المجلس عبر بيان واضح وصريح .
 ان ضعف المجلس وتردده كان السبب فيما وصلت اليه الامور ، لابد من العودة والالتفات الى ترتيب البيت الكردي وتحصينه بالعودة إلى الاتفاقيات الموقعة بين المجلس وحركة المجتمع الديمقراطي ، حتى لو تطلب الامر الاعتراف بالإدارة القائمة ، لكن بضمانات كردستانية وأعتقد بأن الفرصة مناسبة اليوم وليس غدا او البارحة ، فلا النظام اعطى الكرد شيئا ولا المعارضة ، والبديل الحقيقي يكمن في الاتفاق الكردي – الكردي ، والبناء على ما تحقق من مكتسبات كردية والتي ستكون  الصخرة التي تتحطم عليها كافة المؤامرات ، والحصن المنيع لهزيمة الشوفينيين والعنصرين امثال حجاب والزعبي

 عبدو خليل: العهر السياسي .. مدخل الى السياسة الكردية السورية
في ربيع عام 2004 وبعيد احداث ملعب القامشلي أستعر لهيب الانتفاضة الكردية وامتد اوارها لتطال حتى حواري المدن الكبيرة مثل حلب والعاصمة دمشق. في المقدمات الاولية لحيثيات تلك الانتفاضة العفوية. نجد ان الحركة الكردية السورية سارعت على عجل لفتح صمامات التهدئة في محاولة منها لاستيعاب الحالة قبيل دخولها مراحل معقدة من الانفلات والخروج عن السيطرة.
في حقيقة الامر نفذت كتلة الاحزاب الكردية، و دونما استئناء املاءات النظام السوري. ورضخت لأجندات حكومة اقليم كردستان العراق التي طالبت هي الاخرى بضرورة التهدئة. حتى ان برهم صالح. احد اعمدة حكومة الاقليم طالب الشعب الكردي السوري، من على قناة العربية. بضرورة التزام الهدوء وعدم اثارة الشغب. كانت تلك الكلمة. الشغب. لسان حال كل الحركة الكردية السورية والكردستانية. وهنا اريد التذكير بحديث مهم نقلاً عن قيادي كردي في حزب يكيتي الكردي صادف وجوده اثناء الانتفاضة في اقليم كردستان العراق. قال الرجل ان احد قياديي حزب الاتحاد الوطني الكردستاني قال لهم. بالحرف الواحد. ان لحافظ الاسد فضل كبير عليهم وان لدمشق خدماتها الجمة تجاههم. وطالبوا وفد يكيتي الكردي بضرورة التهدئة.
لم يتوقف الامر عند هذا الحد. حيث اخذت الحركة الكردية في تدحرجها نحو الاسفل بعد انتفاضة القامشلي. ووصلت الامور لحد ان احد سكرتارية الاحزاب الكردية وبعيد توقيفه العرفي لشهرين او ثلاثة. قال في حضرة مريديه ومناصريه الذين توافدوا لتهنئته بالخروج غانماً سالماً. ان اجهزة الامن تعاملت معه بكل رقي وحضارة. ولكم حرية تخيل رقي وحضارة اجهزة الامن السورية.
الامثلة كثيرة يصعب حشوها في متن مقالة سريعة. ولكن ما اريد الوصول اليه ان البدايات الحقيقية لمساومات الحركة الكردية السورية مع النظام العفلقي، او لنقل عمليات البيع والشراء بدأت بشكل فعلي بعد ربيع 2004 ، وتكللت بالنجاح وجني الثمار بعد انطلاقة الثورة السورية عندما أودعت اجهزة المخابرات السورية المناطق الكردية في عهدة تلك الاحزاب خاصة حزب العمال الكردستاني الذي لم ينسى بدوره افضال الاسد الاب عليهم كأقرانه في سليمانية كردستان العراق. وهذا ما يفسر وفاءه المطلق لقيادة النظام السوري. رغم كل المناوشات والاستعراضات العدائية التي تجري فيما بينهم بين الفينة والاخرى.
وبالعودة الى صيرورة الاحداث و مع تصاعد وتيرة الاحتجاجات في عموم سوريا نجد ان الحركة الكردية التفتت سريعاً الى جني الارباح. حيث افتتحت عشرات المكاتب الحزبية هنا وهناك. تلك المكاتب التي اثبتت انها ليست اكثر من مضافات عشائرية تحت مسميات حزبية. نتيجة غياب المشاريع المدنية والقومية والوطنية. مع محاولة لملمت الشارع الكردي واغراءه بمكاسب بخسة لا تتعدى عن منحة مقعد دراسي في جامعة من جامعات كردستان العراق لطالب فقد مقعده الدراسي نتيجة الحرب، وفي احسن الحالات لا تتعدى حدود موظف او مسؤول في كومونة من كومونات الامة الديمقراطية لسرقة بضعة كيلوغرامات من الطحين.
هكذا بين ليلة وضحاها تم تحويل تطلعات الشعب الكردي التواقة الى الحرية و حولته من صاحب قضية الى متسول في مزادات الاحزاب الكردية التي اعادت انتاج ديماغوجية البعث تحت مسميات وشعارات كردية. اقل ما يقال فيها انها تشبه الى حد كبير مفاهيم العروبة والمقاومة والممانعة وما الى ذلك من خدع واحابيل. يكتشف اليوم انصار هذا التيار من الاخوة العرب مدى الغبن الذي الحق بهم نتيجة ذاك التضليل المدروس والذي كان يهدف الى ديمومة النظم الشمولية المعتاشة على احلام شعوبها .
يمكن اليوم وبسهولة ملاحظة ان الخط البياني للحركة الكردية السورية ضمن صفوف المعارضة السورية لم تتجاوز حدود الصفقات الى صنع الاستراتيجيات والسياسات. تلك المهنة القذرة التي امتهنتها ايضاً المعارضة السورية خلال السنوات الخمسة الماضية. لابل تفننت فيها. نتيجة تدفق الدولار وهوس الرحلات السياحية ذات الصبغة السياسية. وهنا اريد ان اذكر البعض بصفقة دخول المجلس الوطني الكردي الى الائتلاف ولعل البعض يعرف تفصيلات تلك الصفقة التي كلفت الداعمين زهاء المليون دولار. كذلك صفقات العمال الكردستاني وفرعه السوري لحماية ابار نفط الشمال السوري لقاء مبالغ مالية كبيرة، حتى تماثيل الاسد الاب باتت في عهدة تلك الميليشيات التي تداريها كما العين الرمدة. عدا عن استنزافهم للشعب الكردي من خلال فرض الجزية والاتاوات تحت ذريعة الحماية.
بجردة قلم يمكن الوصول الى نتيجة مفادها ان الحركة الكردية تخلت عن مهامها القومية والوطنية لصالح ديمومة مصالحها الحزبية. وتحولت الى شركات مساهمة مغفلة . متصارعة فيما بينها. لكن المفارقة انها باتت لا تملك اية سلعة لتتاجر بها. لذا نراها بين الفينة والاخرى تتصيد اخطاء المعارضة السورية. تلك المعارضة التي باتت اليوم هي الاخرى محط استهزاء الشعب السوري بعد ان فقدت مصداقيتها واثبتت عقمها تجاه مجريات الاحداث . وهنا تكمن مفارقة العلاقة المتعدية بين ثنائية الحركة الكردية والمعارضة السورية التي تتبادل بين الفينة والاخرى التهم والشتائم فيما بينها في محاولة منها لتحريك الهواء الفاسد الذي كلما تراكم في غرفها المغلقة. نجدها تسارع لخلق مشاكل سبق وان تم الاتفاق عليها مراراً. كحقوق الشعب الكردي، وشكل الدولة السورية المستقبلية وما الى ذلك. لإيهام ما تبقى من جمهورها انها مازالت تدافع عن مصالحهم، ولصرف الانظار عن ترهلها، وهذا هو العهر بعينه، ولكن بلبوس سياسي . اي بربطة عنق وبدلة انيقة.
——————-
القسم الرابع يضم مشاركات:
– عبدالعزيز التمو: رئيس رابطة المستقلين الكرد السوريين
– محمد سعيد وادي: عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا
– جوان يوسف: كاتب وناشط سياسي وحقوقي
– بهزاد دياب: كاتب وناشط سياسي
– الدكتور عبدالرزاق التمو: مستشار السياسي لتيار المستقبل الكوردي في سوريا
——————


شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…